الشريعة الإسلامية لم تترك صغيرة ولا كبيرة إلا ووضعت لها أسساً ومباديء تقوم عليها وتوضحها لتضع المجتمع علي الطريق الصحيح.. ولكننا نسينا هذه الأسس وتلك المباديء فضعفت قوتنا وتفككت أواصرنا وأصبح الكثير منا يلهث وراء المال حتي لو كان عن طريق الحرام.
أقول هذا الكلام بعد الهوجة المأساوية التي نشهدها حالياً في ارتفاع الأسعار بشكل أكثر من جنوني إذا صح التعبير نتيجة جشع التجار الذين امتلأت بطونهم بأموال الكادحين من متوسطي ومحدودي الدخل.
إن المغالاة في الأسعار من أشد أنواع الغش التجاري والاقتصادي فالرسول صلي الله عليه وسلم قال: "من غشنا فليس منا" والغش الذي أقصده هنا احتكار السلع وبيعها بأضعاف ثمنها أكثر من ثلاث مرات علي الأقل.. لذلك فإن ما يفعله هؤلاء التجار هو ابتزاز لخلق الله الذين اكتووا بنار الغلاء وهذا ليس من الدين في شيء.
كما أننا في الوقت نفسه لا نعيب علي التجار فقط بل نعيب علي المسلمين الأثرياء الذين يسرفون في مستلزماتهم ويبحثون عن الكماليات في الوقت الذي يبحث فيه إخوانهم الفقراء عن المستلزمات الضرورية من الطعام.
لا شك أن الله سبحانه وتعالي عندما أحل البيع والشراء في التجارة وأحل الربح الناتج عنهما وضع لهما شروطاً وقواعد لكي لا يُظلم أحد من الناس أو يستغل من قبل غيره.. وفي مقدمة هذه الشروط "الربح الحلال" وعدم استغلال الأزمات في رفع الأسعار لكننا نسينا أو تجاهلنا بمعني أصح ما أوصي به الله وفعلنا العكس فلهثنا وراء الحرام ورفعنا أسعار السلع الأساسية التي يحتاجها الناس دون مبرر.. مما جعل الكثيرين يتساءلون هل ترك الإسلام أمر تحديد السعر للتاجر لكي يستغل الناس بهذه الصورة؟
بالطبع الإسلام نهي عن كل هذا بل وحرَّم الاستغلال والجشع والطمع وكلنا يعرف ذلك لكن كما قلت تجاهلنا ما أمرنا به الله ونسينا ما قاله رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم إن التاجر الصدوق يحشر يوم القيامة مع الصديقين والشهداء.. ونسينا أيضاً قول ربنا سبحانه وتعالي: "يوم يحمي عليها في نار جهنم فتكوي بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ماكنتم تكنزون".
الغريب أن التجار المصريين عندما يسألون عن سبب ارتفاعهم للأسعار بهذا الشكل يقولون إنها سياسة عالمية تتجه نحو ارتفاع الأسعار بين فترة وأخري وإن اليات السوق وعملية العرض والطلب هي التي تحكمهم وهذا كذب فما يحدث في مصر حالياً هو نتاج للفوضي وغياب للرقابة والأهم من كل ذلك غياب للضمير وعدم الخوف من الله