ولادة وردة مسكونة بالأمل
هل وصلنا إلى حالة من حالات الغربية الحقيقية لا المجازية للقلم والكتابة والكتاب في زمن صار يأكل الأصابع ويدوس على الأفكار ويلغي كل نسمة من نسمات الحبّ الحقيقي لإبداع يحاول أن يرفع رأسه وإن إلى حين ؟.
هل صار عدد الصيادين أكثر من عدد العصافير التي تغرد لضوء الشمس لذلك صار صعبا أن نرفع أصواتنا في صباح تخالطه العتمة ، ونور يأبى أن يكتمل كون السواد يمدّ أرجله ويجلس حتى على دواة الحبر وسنّ القلم مانعا ومطاردا كل نجمة تحاول أن تمدّ شيئا من وعدها وحنينها وصورتها الباسمة المتفائلة ؟.
كم هو صعب أن نشعر وإن للحظات أنّ الإبداع صار يتيما في زمن يتيم .. كم هو صعب أن نشعر بسقوط الموسيقى الدافئة والأغنيات الحلوة والمسرحيات العذبة والأفلام الثرية والمسلسلات المليئة بنبض الحياة والمتعة الراقية .. كم هو صعب أن نشهد أفول الزمن الجميل ، رحيله وهو يسحب ذيل الخيبة والحسرة والخوف على من ترك وراءه من غول وقت لا يريد أن يرحم صغيراً أو كبيراً ، غول وقت شرس لا يعرف كيف يخفي أنيابه وأظافره وصراخه الهائل الثقيل .. كم هو صعب أن نبحث عن أصابعنا فنجدها غارقة بالوجع ملفوفة بشاش القطيعة مبتلة بماء البكاء على كل ما هو جميل .
هل هو التشاؤم ؟؟.
هل نبالغ في الوقوف على حد السكين قبل أن يكون ذلك واقعاً بالفعل ؟؟
يا ليت .. يا ليت ذلك يكون ولنكن مخطئين بعيدين عن الحقيقة بعد السماء عن الأرض ، فأن نخطئ ونعترف ألف مرة بخطئنا خير من الوقوع بين فكي كماشة من فراغ قاتل أكل الأخضر واليابس ولم يشبع .. فيتم الإبداع يتم لا يماثله يتم !!.. كل شيء أسهل من يتم الإبداع أو مقتله وقتله على قارعة الإهمال والاستسهال والمراوغة والكذب والنفاق وتفضيل الزائف على الأصيل ، والجري نحو العبث والخزعبلات تاركين الرقيّ والمتعة الراقية .. ولا مبالغة في الأمر ، ولسنا بحاجة لأن نقدم نعياً عن موت شيء يعطينا الحياة ، لكن هناك حاجة ماسة لأن نعي بل نستغرق في فهم الدروب التي تهوي أمامنا تاركة وراءها الفراغ في تسارع لم نعرف مثيلاً له من قبل .. فالقلم في يتمه ، وفي جفاف حبره، أو في تحوله إلى خادم للسطحية والتفاهة والسفاهة يقتل حاضرنا ومستقبلنا ويفرغ أيامنا من كل معنى .. ولا نحتاج إلى كثير تفكير لنعرف ونعترف أنّ الأيام دون ثقافة حقيقية ستكون دون طعم ورائحة ولون ، ستكون أياماً باهتة تكرر نفسها مطوية على موت محقق أو ما هو أكثر من الموت .. فكسر رقبة القلم ، وهو يحدث بشكل مقزز مخيف ، يلغي كل شيء في حياتنا .
يتم القلم .. وبقية زفرات أو عبرات .. نغير إن نحن استطعنا أن نعيد الريشة إلى شيء من ألوانها الزاهية ، لكن هل عندنا القدرة على فعل ذلك ؟.
بقية من بكاء ونشيج .. نعيد البهاء للأيام إن نحن ملأنا مساكب الإبداع بزهر حقيقي لا اصطناعيّ ، لكن هل عندنا القدرة على فعل ذلك وإن بحده الأدنى؟
بقية روح من إنسانية الإنسان .. نعيد الروح كلها وضوء الشمس في بهائه إن نحن أعطينا الإبداع حياة حقيقية ونبضاً حيوياً ونفساً طويلاً يدخل فيه الهواء للرئتين بشكل صحيح صحي ..
لكن هل نحن قادرون على ذلك وكل هذه المعاول تسعى للهدم والقتل والنبش بعيداً عن البحث الجاد من أجل ولادة وردة مسكونة بالأمل ؟.
هل نحن قادرون ؟؟.. يا ليت و يا ليت .. !!..