أنا جاية أحارب
ــ أيوه يا ستى، أى خدمة.
ــ لو سمحت أنا جاية أتطوع.
ــ ليه؟
ــ هأحارب إسرائيل.. مش هنا مجلس الحرب؟
يرفع حاجبيه: «أيوه ».. ثم ينادى على شخص بالداخل:
ــ يا محمد، احنا عندنا حرب مع إسرائيل؟!
ــ «لأ.. مش عارف.. إسأل كده»..
«إسرائيل إيه يا آنسة إنتى عايزة إيه؟»
نظرت إليه بنفاد صبر.. يا ربى ماذا هذا العبط الذى هو عالصبح..
ــ باقولك جاية أتطوع.. أنت مش بتسمع الراديو؟
ماسمعتش إذاعة نجوم إف إم والأغانى الوطنية اللى شغالة بقالها أسبوع؟
مصر هتحارب إسرائيل وأنا لازم أروح سيناء دلوقت..
يصرخ:-
«يا خبر أسود!.. دى باين الحكاية جد يا محمد.. اطلع لم الغسيل اللى عالسطح»..
يأتى محمد مهرولا مستفسرا:
ــ يكونش حضرتك قصدك الماتش اللى فى استاد مدينة نصر؟..
أجيبه بتعجب:
«هى سيناء بقت فى مدينة نصر؟!»
ــ «سيناء إيه حضرتك.. دول هيلعبوا فى مدينة نصر ولو اتعادلوا هيلعبوا فى السودان»..
فأجيبه: «هى سيناء بقت فى السودان؟!»..
يهمس لزميله:
«دى باينها مجنونة يا محمود! احنا الأحسن نكتب لها أمر تحويل لمستشفى العباسية»..
يسمعه الساعى الذى يضع لهم القهوة فيقول:
«لا حول الله يا رب، دى لسه صغيرة الله يكون فى عون والدتها»..
وهنا تنبهت.. ماما!
أنا نسيت أسلم على ماما قبل ما أطلع عالجبهة..
يا حبيبتى يا ماما!..
لكن لأ.. دلوقت مصر هى أمى!
أكيد ماما هتقدر أن الآن لا وقت للحب ولا وقت للدموع فالرصاصة لا تزال فى جيبى..
يخرج محمد من خلف الشباك ويوقف تاكسى ثم يهمس للسائق أن يأخذنى للسرايا الصفراء..
ثم ينظر لى: «اتفضلى اركبى».
ــ «هاروح الكتيبة؟».
ــ «آه هتروحى الكتيبة».
ــ «طب ممكن آخد معايا الساندوتشات بتاعتى؟».
ــ «طبعا طبعا خدى الساندوتشات»..
فى الطريق لاحظت أن السائق يعود من طريق العروبة: -
«هى سيناء بقت عن طريق صلاح سالم؟»..
نظر لى السائق بتأثر: -
«لا حول الله يارب.. أيوه أيوه أصلهم غيروا الاتجاه»..
أسرح بفكرى: «ده أكيد بعد التطوير»..
بعد ساعة ونصف وقف السائق أمام سور حديدى عملاق وضرب كلاكس فخرج له حارس الأمن ودعانا للدخول..
وقف السائق يتحدث مع الحارس قليلا:
ــ بس دى شكلها بنت ناس ومش وش البهدلة اللى بتحصل جوه..
أقولك أحسن حاجة نكلم أهلها ييجوا يستلموها..
ثم نظر لى فى عطف وتأثر:
«ياريت تكتبى بياناتك فى الورقة دى.. وتليفون أقرب شخص ممكن نتصل به عند الضرورة»..
فكتبت ما طلب وأضفت نمرة والدى.
يهمس الحارس للسائق:
أنا هاطلب والدها ونخليها قاعدة عالدكة هنا لغاية ما ييجى يستلمها..
فأخذنى السائق فى حنان متوجها إلى دكة فى حديقة المبنى وجلسنا عليها..
وسألته:
ــ «قولى يا عم هو فين قائد الكتيبة؟».
ــ «بيكلموه فى التليفون يابنتى».
أخيرا يا مصر هتشوفى ولادك وهمه بيصدوا كيد المعتدى ويخلوا السلاح صاحى..
بس أما ييجى قائد الكتيبة!
وفى انتظار قائد الكتيبة شعرت بالجوع فأخرجت ساندويتش من الكيس وقسمته نصفين ومددت يدى للسائق:
ــ «قولى يا عم.. تاخد ساندويتش؟».
م0ن