ما ان يدخل طالب كلية الطب ويبدا فى دراسته وخاصة بدء دخول معمل التشريح,ويرى الجثث الملقاه هنا وهناك وقد تغيرت معالمها تماما من كثرة الدراسة عليها وتناوبها بين المعلمين والطلاب....
حتى يسائل نفسه:
ما حكم تشريح هذه الجثث؟؟؟وحرمة الاعتداء على المسلم وعصمة دمه؟؟؟،
وهذا مما هو معلوم من الدين بالضرورة، وكذلك رعاية حرمته ميتاً كرعايتها حياً؟؟؟
، فقد أخرج أبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كسر عظم الميت ككسر عظم الحي".....
وماذا سيكون الوضع اذا وضعت نفسك مكان هذا الميت؟؟؟اترضى بان يكون هذا مصيرك....؟؟؟؟
ولكن اذا نظرنا لها من جانب اخر.....فان الفائدة من ذلك عظيمة....خاصة فى مجال الجراحة...ويؤدى الى انقاذ العديد من الانفس الحية....دعك من ان طالب الطب لا معنى له دون دراسة اعضاء الانسان ومعرفة اشكالها الحقيقية ووظائفها حتى يكون التشخيص قائما على الصواب.....
لذا فقد ظللت ابحث وابحث عن شرعية الموضوع حتى وجدت هذه الفتوى الصادرة من:
- هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في دورتها التاسعة في قرارها رقم 47 بتاريخ 1420/8/1396هـ .
2- مجمع الفقه الإسلامي بمكة في الدورة العاشرة في صفر عام 1408هـ.
3- لجنة الإفتاء بالأزهر بمصر في تاريخ 29/2/1971م.
والله أعلم.....
قال ابن حجر: يستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد الموت باقية، كما كانت في حياته. انتهى.
ولكن قواعد الشريعة تقتضي تحصيل المصالح ودرء المفاسد، ولهذا أجاز كثير من علماء المسلمين شق بطن الحامل الميتة لاستخراج جنينها الذي رجيت حياته، وأجازوا تقطيع الجنين لإنقاذ أمه، إذا غلب على الظن هلاكها بسببه، بل إن منهم من أجاز أكل لحم الآدمي الميت للمضطر، وجزم التاج ابن السبكي في ترجمة المزني بأن الصحيح في مذهب الشافعية: أن المضطر يأكل لحم الآدمي الميت.
ومما تقتضيه المصلحة تشريح جثة الميت كبيراً أو صغيراً، لغرض تعلم الطب، لأن تعلم الطبيب الجراحة يقصد منه إنقاذ حياة المرضى، وهذه مصلحة ضرورية، كما يقصد منه تارة أخرى دفع آلام المرض المضنية عن المريض، وهذه مصلحة حاجية. وأما ما يتعرض له الميت من انتهاك لحرمته، فإن هذا مدفوع بتحصيل أعظم المصلحتين. والقاعدة الشرعية: أنه إذا تعارضت مصلحتان قدم أقواهما، وإذا تعارضت مفسدتان ارتكب أخفهما تفادياً لأشدهما. ومصلحة دفع الأمراض وحصول السلامة للمجتمع عامة، ومصلحة الامتناع من تشريح الميت خاصة متعلقة به وحده، فوجب تقديم المصلحة العامة على الخاصة المرجوحة، ولا شك أيضا أن دفع الضرر عن الحي أولى من دفع الضرر عن الميت عند التعارض، بل إن تعليم الطب من الفروض الكفائية التي تجب على الأمة، وتحقيق هذا الآن متعلق بتعلم التشريح وغيره من فروع الطب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
لكن إذا وجدت جثة الميت الكافر وسدت بها الحاجة للتعليم، أو وجدت وسائل لتعليم التشريح دون انتهاك حرمة الميت، فلا يجوز استخدام جثة المسلم في التشريح، لأن الضرورة تقدر بقدرها.
والله تعالى اعلى واعلم....