العودة   شبكة صدفة > المنتديات العامة > منتدى صدفة العام

منتدى صدفة العام مواضيع عامة, مقتطفات, مواضيع جديدة، معلومات عامه.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 01-28-2008, 11:38 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
بسمه أمل

الصورة الرمزية بسمه أمل

إحصائية العضو








بسمه أمل غير متواجد حالياً

 

Red face وادي الظلام


.
.
.

أكتبُ هذه الكلمات..لأهرب الى الكلمات

علّني ألقى روحي في سراب الظلام الذي يلفني ويغمض عيناي حينما يريد وكيفما يريد.

لقد هربت روحي منذ زمن بعيد والتحقت بجسدي لأبني خيالي على رفات مقابري..

حينها أعلنتُ وجودي..لأهمس لتلك الأبواب الميته..أنا عدت..فتفتح أبواب المقبرة..ويغادر من يغادر..

فأمضي أبحثُ عن ذكرياتي المحنطه..أمضي والأمطار تغسلني ويراني من يراني..

يذاع في أرجاء المدينه..لقد عادت..لقد عادت..من رحلتها الحزينه.

لحظة صمت أقفها حداداً على نفسي..أقفها عند بابك وخلف أسوارك..وأعزي نفسي فيك..

أواصل مسيري..لاأدري الى أين ؟

وعند الغروب أجمع أشلائي وما تبقى من أوراقي..وأعود..أعود روحاً بلاجسد والتراب يغطيني.

.
.
.
اليأس. ذلك اللحن الذي قتل فيني روح القصيدة..ليقاضيني كشاعره ويقاضيني كعاشقه.

اليأس..ذلك اللحن الذي ضاعت فيه بقايا عهد الشباب.

أحقاً انتهى كل شيء ؟!

أحقاً ماعاد الموج ثائر..أحقاً ماعاد الليل شاعر ؟!

لستُ أدري أي الهزائم قد انتهيتُ فيها ؟

أهي هزيمتي مع الحياة..أم هزيمتي مع القدر..أم هزيمتي معك ؟!

الظلام. والصمت يغني حزناً في المكان..هناك صوت ألم..هناك جسدُ ألم..

ماعدتُ أنطق الآه..صار الكلام فيني مقبرة تحوي داخلها آلاف الكلمات الميته..آلاف الكلمات

المحترقه. نظراتي الهادئه تغطي أرجاء المكان..لم أرَ سوى الظلام..أغمضت عيني..

حسبتُ أنني أحلم !

كان الحلم ينزفُ دماً..ويعزفُ أصواتاً غريبه ؟!

كنتُ أتألم فتارةً أحسبُ نفسي في أحضان الموت..وتارةً أدعو الله..ببقايا صوتي..

أن أغيب عن الحياة. كنتُ أتألم..بقدر مابكت عيناكِ ياأمي..كنتُ أتألم.

الظلام يجتاح تمرد العاصفة لتهدأ تارة..وأثور عنها تارة أخرى..فكلانا قد انتهى

أنا ببقايا النبض داخلي..والظلام ببقايا ضوء القمر الأخير.

لم أدرك بسرعه عندما أفقت من غيبوبتي الطويله أن هناك عشرات الأعين تنظر نحوي

عشرات الأعين تنظر نحوي وترثى لحالي.

غريب أمرهم..أأكون قد انتهيت وأنا لاأعلم ؟

لعلي الآن أعكس صورة موتي..أو لعلي أجسد الموت نفسه..

لكنني برغم جراحي أحيا..نعم أحيا وأحس بالنبض المثقل بالأحزان داخلي..

مازلت على قيد الحياة..ومازالت تلك الاعين تبكي !

_ سنرحل. سنعود غداً ان شاء الله. عبارة ميته لإنسان ميت..تعودون لماذا ؟

أتراهم يحرسون قبري..؟

لعلهم يخافون أن ترجع الروح وتعانق الجسد

عفواً أيها الأحبه دعوني أرقد بسلام

دعوني أرحل..

وان احتوتني متاهات الظلام.

_ من يسأل عني ؟

_ جسدك ياصاحبتي.

_ وماذا تريد..؟

_ أن اطمئن عليك..ليطمئن الجميع.

_ لقد ماتت..

_ من..؟!

_ صاحبتك.

_ وأنت من تكون ؟

_ مجرد صوت..لإنسان ميت..من هذه المقبره.

..اللعنه

تلك الاحلام المتطفله تعبثُ معي.

_ صباح الخير. { الممرضه}

_ هل انتهى الظلام ؟

_ نعم ؟!!

_ هل شرقت الشمس ؟

_ نعم !

_ إذن دعيني أنام.

_ ؟!!..

أتابع بصمت..سريان الألم في جسدي..في البدايه كان النزيف قد أدمى كليتي اليمنى

والآن تهديني الأقدار ألماً آخر..حيثُ واصل النزيف مسيرته وسيطرته على رئتي اليمنى

..غاب الهواء عني..وغابت أنفاسي..أيقنتُ أنه الموت..لا مفر منه.


حاولت ان أتدارك قواي..وأبحث عن بقايا صوتي المنفي..ابتسمت بهدوء..وأغمضت

عيناي استعداداً للموت. قرأت الممرضه ابتسامتي المنكسرة..أدركت الأمر..

أسعفتني بأنبوبة أكسجين..لتهدأ روحي بأمر الله تعالى.

لو كنت اعلم أين تسكن روحي..لو كنت أعلم.

وكأني أتصورها..امرأه تشبه أمي..تلبس السواد..وتذرف الدموع.

عظم الله لكِ الأجر ياروحي في مصاب جسدك.

وليساعدني الله لألبس ثوب الصبر والإيمان..وأبني بقايا الإنسان..وأعود من جديد للحياة

لقد تعبت أشواقي من إنتظارها..وتعبتُ أنا..من ألمي.

على ضفاف نهر الحياة..انتهى ضوء قمري الاخير..وسافرت نجومي الى سماء اخرى..

حل الظلام وتوقفت عقارب الوقت..وغرقت الثواني في محيط الزمن.

هناك ضوء هارب من مجازر الأحزان..

ورقه واحده لاتكفي..أحتاج الى مساحات بيضاء..لأكتب فيها حياة انسان..وعند الكتابة

اعتذرت الورقه وقالت:

أنا ورقه بيضاء..لستُ للكتابه..جئتُ لأكفن آخر كتاباتك.أدركتُ أن كتاباتي ميته فبل

كتابتها..فكانت كلماتي مرثيه لها علّها تعود.

سألتني الممرضه إن كنت أحتاج لشيء ما قبل أن تذهب ؟

وقفتُ عند سؤالها هذا..لعله الطلب الاخير لي في هذه الحياة..ماذا أريد؟

إن قلت لها انا عطشانه قالت الماء ممنوع..وإن قلت لها أن تمنحني حقنة مورفين أخرى

لتقيني شر الألم قالت ممنوع..وبعد تفكير طويل..أجبتها:

_ أريد أن أكتب روايه.

_ هل أنتِ كاتبه ؟!

_ لا أدري..أحتاج فقط لأن أكتب.

_ حسناً..سأعود بعد قليل..وسأحضر لكِ أوراق وقلم.

هل حقاً كنت أحتاج للكتابه ؟

أم أنه مجرد شعور نرجسي..أن تبقى لي ذكرى بعد رحيلي..؟!

لا أدري لم الآن أذكر تلك الرسالة التي كتبتها لي في زمن آخر حيث كانت أحلامنا

طفلاً صغيراً أرادوا قتله..كتبتي فيها:

.
.
.




تتقلبُ فيني أطياف ابتسامة..وحزن وراء عيني يقفُ متربص بها..

إن شاهدها قادمة هَلمَ بسكّينة وطعنها..لأحتضنها ميته..ابتسامةٌ عندي..ابتسامةٌ بين أحضاني..

لكنها ميته..!

مشيتُ طويلاً في هذه الطريق..لا تبدو لها أي نهاية..؟!

آخر ماتبقى عندي اشتياقات مهمله وبقايا ذكريات..لماذا أكتب..؟

ومن سيقرأ كتاباتي..ستبقى مهمله..ستبقى مهمله..لكنني لا أستطيع منع نفسي من الكتابة

شيءُ جميل وهمسٌ طويل كتاباتي..

فيها الحزن نقاط أحرف..وفيها الألم نقاط أسطر..وفيها أنا..نقطة انتهاء..!

كانت أقسى اللحظات عندما أخبرني أحد الممرضين أن كليتي اليمنى قد تدمّرت..وراح بكل هدوء


يصفها من قاموسه الشخصي أمام المرضى وعائلاتهم..قال وبصيغة الجمع:

تصوروا ياجماعه..بالون صغير ممتلىء بالماء في يدي..ورميته على الأرض بكل قوتي..ماذا يحدث؟

لا داعي للإجابه..هل فهمتي..أنتِ هكذا......

لم أحزن يوماً على نفسي هكذا..حتى عندما علمت بأن حياتي في خطر..لكن حزني هذا هو

على نفسي الغريبة..وجسدي المدمر الذي أصبح حكاية تروى على لسان هذا الممرض..!

الذي لم يكتفي بالتهكم بحالتي الصحية..بل راح يعاملني أسوأ المعاملة وكأنني قتلت ابنه ؟!

اعتدت على صوته الخشن كل صباح وهو يتعمد إيقاظي من النوم..وانتقادي بشكل دائم.

لم أكن أقوى على الحركه..وكان صوتي مازال في منفاه..فزاده صمتي حقداً علي..ولكنه في

النهاية حالة استثنائية..فالجميع هنا طيبون ويعاملونني وكأنني واحدةً منهم.

حتى عائلات المرضى المجاورين لي يزوروني بشكل دائم ومتواصل..أحسست بصفاء روحهم

ونقائها. ولأنني لستُ غريبةً عن " البحرين "..فقد سكنتُ هناك مدّه في

مدينة عيسى..حتى شاءت الظروف أن أرجع إلى حبيبتي " الخبــــــــر "

أبحثُ عن شيء.. أي شيء ..ينسيني حرمان الدراسة..!

_ سديم .. سديم .. ( الممرضة)

_ نعم.

_ماذا بكِ..هل أنتِ بخير..؟!

_ إنها الذكريات ياوفاء..إنها الذكريات.

_ سديم ..اليوم لدينا في القسم طلاب وطالبات الطب في جامعة الخليج.

_ وماذا يعني هذا..!

_ يعني أنه سيأتيكِ أحدهم ويسألكِ بعض الأسئله فقط..لاتكوني حسّاسه..!

_ حسناً..كما تريدين.

ماهي إلا دقائق معدودة حتى هجمت علي الأسئلة..ابتسمت..وربما..ضحكت !

تصورت نفسي أحد المسؤولين السياسين وكأنني كنت أعطي تصريح عن الوضع العربي.

ولكن..كان حديثي هذه المرة..عن الوضع النفسي والجسدي الخاص بي.

اتفق الطلاب والطالبات فيما بينهم..واستقر بي الحال..ان تكون إحدى الطالبات السعوديات

التي تدرس الطب في جامعة الخليج..مسؤوله عن بحث حالتي..

وكان محور بحثها عن الوضع النفسي للمريض..وبعض التفاصيل التي أثرت في مجرى حياته.

السلام عليكِ..أولاً اسمي مريم من القطيف..وثانياً هل حقاً أنتِ سعوديه كما قيل لي..؟!

_ نعم..أنا من السعودية..واسمي سديم.

_ كم عمركِ في الحياة يا سديم ؟

_ تسعة عشر عاماً.

_ هل لي ان أسألكِ سؤال..ماذا تقصدين بتلك العبارة التي كتبتِها على تلك الورقة؟

_ مجرد عبارة..

_ ( لا وجود للسعادة..ولا وجوه لها )..عبارة غريبة ؟!

ماذا يحدث عندما تكون الحياة خالية من أي سعاده..؟

_ ترينها خالية من أي حياة..تري فيها المشانق معلقة تتربص بالألوان..

_ أي ألوان..!!

_ التي تمنحنا رفات أمل..أو حتى ذرة سعادة.

_ وماذا بعد..تمضي الأيام يائسة تنتظر الموت..لكن هل الأيام تموت..؟

_ لعل موتها..يعني موت الأنسان.

_ لعلها إذن لاتموت..

_ لكي تبقى المأساة معلقة..كما الجسور التي نسيت.

_ هكذا هي الحياة دوماً..دائرة من الأفكار المغلقة..تدور وتدور حتى تذوب في مكانها..

وتذوب معها الأماني الوليدة واللحظات الجميلة والمعاني البريئة.

_ الحياة تجربة..والموت نهاية تجربة وصورة تمرد.

_ وماذا بعد..سطرٌ يقتله الذي يليه..

_ تستمر الكتابة..

_ ويزداد عدد القتلى من الأسطر..؟!

_ ستشجب الدفاتر هذا العنف.

_ ويصرح السيد القلم أنه سيقطع الحبر..!!

_ لاجدوى..لاجدوى..لقد مات الكاتب.

_ لماذا قتلتِه..؟!

_ من ؟!

_ الكاتب الذي بداخلك..؟!

_ من قال لكِ بأنني كاتبه..أنا حتى لا أجيد ترتيب الكلمات.

_ أنت كاتبه..حاولي أن تكتبي مجدداً..لأن في الكتابة حياة أخرى..

_ تقصدين الخيال.

_ بل أقصد الواقع.

ذهبت مريم..وبقت كلماتها تتردد من حولي..

لماذا نكتب..لنهرب إلى الخيال أم لنواجه الواقع..؟

سؤالٌ كتبته على تلك الورقة التي قرأت منها مريم تلك العبارة..ومازلت أبحث عن إجابة السؤال !

قال لي أخي محمد..إن أمي وجدتي وأخي سعد في الطريق إلي..

لم أكن أرغب في زيارتهم لي وأنا على هذه الحال..طلبت منه أن يخبرهم بتأجيل موعد الزيارة..

لكنهم كانوا قادمون لا محالة..

وبين الوجوه المتعبه..والوجوه التي تودع أصحابها..أشرق وجه يكسره الحزن يصحبه وجه آخر

يبادله الإنكسار..فوجه آخر..فآخر..وآخر..يبدو أن مشهد اللقاء لايبدأ إلا بحزن جديد !

انتهت الكلمات..وبقت الدموع حبر على ورق..شاهده بأن الكلمات أحياناً تتوقف..لتبدأ أحرف الشعور

الإنساني بكتابة الدموع.

أمي لم تحتمل تلك الصوره التي رأتني عليها..عفواً أيتها الأم العظيمة سأعتاد على الموت الجديد

..وإن اختلفت طرقه..فما عدت أشعر إلا بنبضات الألم.

أما جدتي..قرأت آيات من الذكر الحكيم الذي تحفظه عن ظهر قلب..واكتفى الآخرون بالصمت..

والحزن

سألتهم عن أحوالهم..وكيف هي الحياة بدوني..سألتهم عن كل قريب وصديق..

وماهي الأخبار الجديدة..وماهي الأخبار القديمة..

سألتهم عنك..لقد اشتقتُ لك..

ولستُ أدري لم غاب صوتكَ عني وأنا في أمس الحاجة إليك..؟!

سألتهم بنرجسية فتاة..هل سأل عني..؟


أمازلت تبتسم بهدوء ..؟

جائني صوتك بعد يومان من زيارة أهلي..وبعد أن أخبرت زوجة أخي أن تبلغك السلام..

لا أذكر مادار بيننا من كلمات..لكنني أذكر أنني وصفت لك مكان تلك الهديه التي ترمز لأسمك..

كنت في منزلنا..فاتّبعت صوتي المنفي..وبحثت بشموخ رجل..أبحتُ له حقيبة سفري..وزوايا

مملكتي..كانت هديتي تماماً كاسمك..وكانت رمزاً لشيء ماعدتُ أذكره..قتلته أنت ذات يوم..

بلا رحمة.

يتبــــــــــع ...


لا أدري لم الآن تعود لي ذاكرة تلك الرواية..( ذاكرة الجسد )..لأحلام مستغانمي..
والتي كنتُ أهرب إليها في أوقات الظلام..بعد أن يرحل الزوار ويهدأ المرضى..
لأبقى وحيدةً أنا وتلك الرواية..
التي كانت رسومات بطلها تشابه كلماتي..!
- الى أين تمضي..؟!
- لا أدري..
- أتبحثُ عن شيء ؟
- ربما.. ربما أبحثُ عن أحلامي !
- لكنك لن تجدها.
- لماذا ؟!
- لقد ماتت.
- ماذا عني؟!!
- أنت مازلت على قيد الحياة..أنا أحس بك.
- من أنتِ ؟
- أنا النفس التي بداخلك.
- ألم ترحلي..؟!
لم الآن تعودين..؟
- رحلت في داخلك..لأعود وأبقى معك.
- أعجزُ عن فهمك..!
- لأنني صورة منك.
- ماذا بعد الحياة ؟
- الموت !!
- وماذا بعد الموت ؟
- حياة أخرى .
- لقد تعبت..
- أحلامُك أوصتني بك.
- وأين هي الآن..؟
- هنا بجانبك..
- أين..أنا لا أراها ؟!
- هنا..بين سطور هذا الدفتر..بين كلمات ذاك الكتاب..وفي أحضان هذه الرواية.
- ألم أقل إني أعجزُ عن فهمك..!
- ألن تبقى معي..؟!
- الوداع .
- ألن تأخذني معك..؟!
- الوداع .
.
.
.
.
ورحـــــــــــل

:
:
:
:
يتبع..







آخر مواضيعي 0 الهزيمة النفسية
0 في رحاب الحبّ النبويّ
0 عرض نبينا ينتهك ؟!!.
0 أطيــاف ملونــة
0 عش مع القرآن تعش سعيدًا
رد مع اقتباس
قديم 01-28-2008, 11:55 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
بسمه أمل

الصورة الرمزية بسمه أمل

إحصائية العضو








بسمه أمل غير متواجد حالياً

 

Angry رد: وادي الظلام




كلمـــــــات على ذاك السرير الأبيض




كم سخـــــــرت من أفكاري الفارغة حينما التقيتك..! كنتُ أخطّط لهذا اللقاء منذ زمن بعيد.. وكيف لا وأنتَ الذي شاركني به القدر في ذلك الحادث الذي كان نقطة تحوّل في حياتي وربما حياتك، والآن نُصدم بحادث آخر!!!
ماهذه الأقدار المؤلمة ياحبيبي!
كنت تجلس بهدوئك الظاهر في ذلك الركن.. وكنتُ أبحث عنك بعقلية فتاة لاتعرف الصبر ولا الانتظار.. وأخيراً وجدتك ........

كان كلامنا همساً يكاد لايسمع.. وكانت يدي تحتضن يداك عندما ألقيت عليّ التحية لتعلن يداي الانسحاب
ولم تسمح لعيناي اللجوء إلى عينكَ كثيراً.. ربما كان خجلاً، وربما كان هروباً من طريق تملئه المنعطفات...


كان حديثنا بارداً كما جوّ المكان الذي تملئه الموسيقى وتملئه رائحة الحب ....

لم أستطع أن أجاوبك عندما قلتَ لي: لقد كنتِ غريبة في المكالمة الأخيرة، لم تكوني على عادتك !!!!!!!!

سألتكَ: وما وجه الغرابة؟؟؟

لكنّك اكتفيت بابتسامة وأجبـــــت: لا أدري!.

فعاودتُ السؤال بفضول فتاة وعاودتني الإجابة بذكــــــــاء رجل !!!

واكتفينا من الحديث.. فراحت الذكريات تتراقص حولنا ورحنا نبادلها الرقص.. وبعدها حلّ الصمت ذلك الضيف الثقيل.. وصار شوق الحديث واللقاء، مجرّد عقارب ساعة تمضي وتتثاءب ..
وكنتُ مازلتُ غارقةً في عينيك.. أعترف لك أنني كنتُ غريبة .. غريبة لأنني ولأول مرة منذ مايقارب السنة أحسستُ أنني اشتقتُ لك.. اشتقتُ ألاّ أكون مقيّدةً معك.. فأنا لا أحب أن يقيّدني أحد.... وهـــكذا أنت!!!!

فاعذرني لأني كنتُ غريبةً معك.. واعذرني أكثر لأنني كنتُ غريبةً بدونك
كانت أفكاري لهذا اللقاء كثيــــــرة ولكنّك لم تكن بأفضل حالاتك، فقد بدأت تخفي حزناً بداخلك.. وتوتراً بالغت في إخفــــــائه !!!!!!!!

كنت هاديء .. ومستهتر .. وكنتَ ....... وكنتَ........ هل قلت لك أنك كنتَ جميل ورائع
وهل قلتُ لك أنني تعبت من الكتابة لأني لا أعرف ماذا أكتب؟؟
يبــــــــــدو أنني أحتاج للقاءٍ آخرَ ... للكتابة .

.
.
.
.
.

إني أتذكّـــر، نعم .. عندما تجمهر الناس حول الحادث..
ولستُ أدري ماهي المتعه التي تشدّ هؤلاء الناس للتجمهر !!!!!!!!!!!!!
أذكر أنني لم أغيب عن الوعي، ولكن تناثر صوتي إثر ماتعرّضت له، وبين الآلام التي انغرست في جسدي، والأوهام التي بدت ألماً وحزناً آخر، مضى الوقت إلى أن وصلت سيارة الإسعاف..


.
.
.
.



جســــــــــدٌ من ألم ... وروحٌ من ألـــــــــــم





تحية هادئه..كهدوء جسدي عند استسلامه للمرض..!
معنى آخر للألم يرتسم لي..كم جميل هذا الألم بمعانيه..إنها حقاً تغريني على الكتابه
ولكن هيهات أن تهرب ورقة أو حتى قلم للطابق الرابع الغرفة رقم 44 من هذا المستشفى
حيثُ يرقد جسدي في عناقه الأخير لروحه..
أطياف مرت يا أبي وجسدي يستقي من تلك الأنابيب بعض حياة
أطياف مرت يا أبي وسألتها عنك..وقد قالت لي بصوت ملائكي..
إنه هناك..في مكان جميل..ينتظرك
انتظرني يا أبي..
هذه وصايا جسدي لروحي أن تبلغك السلام
ليبقى جسدي وحيداً غريباً..وتهاجر روحي إلى موطنها حيثُ أنت ياملاكي الطاهر
لاتحزن لحالي..
حطّ الألم من عزيمتي..وصار جسدي ميتاً..وصارت روحي تفوّض أمرها إلى ربها
زارتني اليوم فكره..وراحت تعانقني بحراره..وتأخذ مني وعداً كاذباً..أنني سأعود
قالت كلنا ننتظركِ..أوراقك أقلامك أفكاركِ ومعاركها و زميلاتك..
ملئت روحي من فيض أملها..كما ملئت أنبوبة الأكسجين رئتي يا أبي
السلام عليكم جميعاً..اشتقتُ لكم..وكم هي اشتياقاتي مؤلمه..
لأنها تبقى معلقه كالقلوب التي نسيت وهاجروها أصحابها
سأكمل معاركي الفكريه وسأكمل بقية كتاباتي..
قلتها ولا أدري أهي الدموع التي تذرف من عيني فكره أم من عينيك يا أبي


لماذا أعود..وقد كنتُ طيفاً..تدمرهُ قوانين الوجود

لماذا أعود..وقد كنتُ حرةً..تمردت على كل القيود

لماذا أعود..و قد احترقت حدائق قلبي و ماتت الورود

لماذا أعود..و لمن أعود..و من مات..أبداً..لا يعود

...

غرست الآهاتُ يا أبي في صوتي ألف آه

وغرس الألم في جسدي بقايا ذنوب الأرض

وغرس الحزن في روحي بكاء السماء..!

.
.
.

في تلك الزاوية المظلمة..على ذاك السرير الأبيض..كنتُ هناك

كنتُ جسداً مدمراً..وروحاً تحاول الهروب من بين أضلع ذلك الجسد..كانت الأعين تنظر نحوي تشفق لحالي وترثى لها

آهاتي كانت تقتل كل من يسمعها..حتى أنا..قتلتني.

وقتٌ للراحه أسرقه من عقارب هذا الوحش الكاسر الذي يدعى الزمن..

وقتٌ للراحة..يمضي كعادته وينتهي في زمن قياسي..وأعود من جديد لأتذوق مرارة الألم وقساوة القدر.

حتى عيناي التي اعتادت الظلام..مازالت تبحث في المكان عن ضوء هارب..يذكرني أنه مع بداية كل يوم..

مازالت هناك شمس تشرق !

يبدو أنني اعتدت على تلك الشمس التي ينيرها الظلام. لم أعد أدري بالوقت فالوقت في غرفة من مثلي معدوم..

وأي محاولة لإيجاده تنتهي بالفشل قبل أن تبدأ..فالفكرة تموت قبل ولادتها..فلماذا تبقى الحياة بمسمياتها إن كانت

المعاني ماتت أيضاً.

إذن هي مقبرة لاتعرف إلا الموت..وإن عرفت غيره..يكون الموت أيضاً. لقد اعتدت على حياتي الجديده..

عفواً أقصد مقبرتي الجديده !

حتى علامات الحياة التي اعتادت ملامحي رسمها..ماعدت قادرةً على رسمها..وتلك الأنابيب البلاستيكيه تخترق جسدي

معلنةً احتلاله..وانتظر بفارغ الألم..حقنة المورفين لتقيني شرّ الألم وتمنحني راحة وهميه..وتمنح الهدوء للمرضى في قسم " الكـــلى "

من آهاتي.

لترسم ملامحي ابتسامة مكابره..ويهرب صوتي إلى مكان آخر..وأبقى كما الصورة الفوتوغرافية بلا حركة..

جسدٌ غابت عنه روحه .

ولكن هيهات ألا تثور البراكين..
إن كان الألم..سكيناً لاترضى إلا بسماع آهاتي.

كم هو جميل هذا المشهد..مجرد آهات لجسد لايتحرك..حتى يغيب الصوت في فضاء الغيبوبة..

فسبحان الرحيم الرحمن

تعود الروح لتعانق الجسد..أتذكر ماحدث..وكيف حدث ؟!

لتتناثر حروفي وتتبخر كلماتي واكتفي بالصمت..وأتابع.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...




... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .

الموت..هل أخافُ الموت ؟

سألت نفسي حينها..أنا لا أخاف الموت..ولكن..أن تعلم بأنك سترحل عن هذه الحياة وستقابل رب الوجود..هذا أمرٌ عظيم.

عدتُ لدموع أخي محمد قلت له:

لاتقل لأمي ... وقدم لي طلب إجازة مدى الحياة..وعدت لأكمل مسيرتي مع الألم .


أين أنا..؟

وجسدُ من هذه التي تشبهني..هل هذه أنا ؟!

إن كان هذا جسدي.. فمن أكون ؟!

لعلني روحاً بلاجسد تطوفُ حول جسدها الميت !

إذن أنا..أنا..مـيـته .


أرواح غادرت سماء دفتري

وجثث الحروف على بعضها

أغمض عيني أفتحها

لاأرى إلا الظلام يغزو غرفتي

اشتقت لك

وقد آمنت أننا روحاً واحدة خلقت لجسدين

وأن أرواحنا التقت في غير هذا العالم

في عالم الذرّ

ومن يعلم..؟

علنا نلتقي في هذا العالم روحاً وجسد

يعزف الحب ألحانه

فتذرف الروح آهات أحزانها

بالأمس..

زارتني روح أبي في رداءها الأبيض

ذهلت لمارأيت

أعدت شمل صوتي من شتاته

ناديتها..

لكنها يا سادتي لم تجيب

كانت هذه الروح مستغرقة في صلاتها

كالملاك في ردائها الأبيض

سألتُ الروح عن هواها

فأجابت أنتِ

أدركت أنني غريبه

وأن روحي غريبة قبلي

فما بال الموت لا يفرقنا

ويرحم غربتنا

وأنت

آخر ما تبقى لي في هذه الحياة

منذ زمن الرفات

وآخر ماتبقى من جنودي

رائحة الموت

إني أعلّمك بأن لا جيش لدي

وأني وحيدةً في ساحة القتال

فلك الخيار

في الرحيل

أو القتال

...

بالأمس..

أهداني المرض ضربته الثانية لي

والتي كادت أن تنهيني

لولا هذه الروح

التي كتب لها..

أن ترافقني في هذه الحياة

حتى موعد الرحيل

أيقنت أن الوقت قد حان

لأن أجمع أشلائي..و أوراقي

و أعيد شمل صوتي

فلم أعتد الهزيمه

وإن هُزمت..

سأنهزم بعزة وكرامه

لا ضحايا..

لم يتبقى إلا أنتِ

أيتها الروح..

التي كتب لها أن ترافقني

وتحمل عني همومي و أحزاني

..وهذا الجسد الفاني

الحقيقة المرّه

أنا مجرد نتيجة حتمية..

لتلاقي الروح بالجسد

أنا نصفي روح..

ونصفي الآخر جسد

إذا افترقا..

انتهيت أنا

و انتهت أفكاري

..حتى كلماتي

انتهت كلماتي

هل ذبلت الروح أم مات الجسد..؟


صوتٌ بلاجسد..

يهمسُ من ظلام القبر

تعالي

لا تبالي بوحشة المكان

ألم تُدركِ يا ابنتي نهاية الزمان

- من أين أنتِ..؟

x ومن أين أنت..؟

-أنا حزن..هربت من وادٍ بعيد..

قُتل قومي..و حُرقت أرضي..و انتزعوا مني طفلي الوليد

x وأنا غريبه..

لا أذكر من أي وطنٍ أتيت..

و لا أعلم إلى أي وطن أمضي

- وطنكِ ياغريبه..موطني

قبري هو آخر القبور

x ماذا عن البقيه..؟

- يسكنها جسد..وألف روح

أتعلمي يا ابنتي .. ياغريبه

ما سرّ شقاء الروح؟

x لا علم لي يا أبتاه ..

بحق المعبود..وبحق جميع الأنبياء

أتعبتني هذه الروح..وأدمت قلبي

متى يا أبتاه يفنى جسدي وإلى ربها تعود؟

- هو يومٌ مكتوب ليس لكِ معلوم..

x وسرّ شقائها..؟

- أن تكون مثلكِ يا ابنتي.. غريبه
.
.

تلاشى الصوت..

وتغيرت ملامح القبر

عدت أدراجي..أحمل في يدي حقيبة أسفاري

وأحمل في يدي الأخرى..بقايا أوراقي

آمنت بأن الروح هي من أسرار هذا الزمن الغريب..كما النفس

كان ذلك منذ زمن بعيد..

حينما كانت جميع السفن المهاجره تغرق بأحلام أصحابها

أبحرت بقاربي الصغير..نحو بحر الظلام

وكان صوتك يا أبي آخر الأصوات التي وصلت إلى مسامعي

ورحلتَ إلى الله..

وقررت الرحيل من ورائك..

بحثاً عن روحك

..مازلتُ في كل ليله أبقي سجادة الصلاة وكتاب الله..ليكرمني الله بزيارة روحك الطاهره..

الروح تشبــــــــه أبي

نعم !!!!!!!!! كانت تلك الروح هي روح أبي

... ... ... ... ... ... ... ... ...
وانتهت حكايتي، عفواً يا سادتي,
أطلت عليكم بآلامي التي لم تنتهي


أرفع القبعة احتراماً لكم

منقول مع التعديل






آخر مواضيعي 0 الهزيمة النفسية
0 في رحاب الحبّ النبويّ
0 عرض نبينا ينتهك ؟!!.
0 أطيــاف ملونــة
0 عش مع القرآن تعش سعيدًا
رد مع اقتباس
قديم 11-15-2008, 05:08 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: وادي الظلام

بسمة امل
رووووووووووووعة مميزة للغاية
اسعدك الله حبيبتى اينما تكونى
دمت برووعة الطرح وجماله
يستحق التقييم
مودتى واحترامى







آخر مواضيعي 0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
0 اللهم فرج هم كل مهموم
0 أتركنى أسكن عينيك
0 ﻣﺎﻫﻮ ﺻﺒﺮ ﺃﻳﻮﺏ ؟
رد مع اقتباس
قديم 11-15-2008, 05:17 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: وادي الظلام




بسمة أمل ... كم هى الكلمات تعبر عن قوة الاحساس

ما أروع طرحك وما أجمله

وفقك الله بكل وقت

دعواتى لكى بالصحة والعافية






آخر مواضيعي 0 أوقات استجابة الدعاء
0 الكابينت اتخذ قرارا بالرد على هجوم إيران
0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:17 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator