ليست متأخرة .. بل متأخرة جداً
لـن أتـظـاهر بالـغباء لمجرد التعامل مع أغبياء ..
لن أرتدي قناع الذئاب للتأقلم مع ذئاب الغابة ..
لن ألقي في سلة المهملات ما لا يليق بها من بقاياهم الملوثة ..
لن أبتسم في وجوههم الباسمة لي وأنا أدرك أنها أقنعة ..
لن أدير لهم ظهري بثقة وأنا ألمح خنجر الغدر في أيديهم ..
لن أتدرب على صوت (( النباح)) كي أتفاهم مع (( الكلاب )) بلغتها ..
لن أسقي بماء صحتي شجرة ليست في أرضي .. ولن يأكل أطفالي من ثمارها ..
لن أنهك يديّ بالتصفيق .. لمجموعة من المهرجين يتراقصون على ركام قيمهم ومبادئهم ..
لن أرهق شموخ عُنقي بمتابعة تفاصيل ارتفاع الطائرات الورقية ..
لن أسمح للبالونات التي ملأتها بأنفاسي يوماً أن تنفجر في وجهي بوقاحة ..
لن أتردد في البصق في وجوه معتمة بالذنوب كي أطهرها بلعابي ..
لن أبكي على أطلال تذكرني بغبائي ذات حكاية فاشلة ومرحلة مؤلمة ..
لن أتمادى في التضحيات العظيمة في زمن تغيرت فيه مفاهيم الكثير من التسميات ..
لن أستمر في قيادة القافلة والكلاب تنبح حولي .. قبل أن ألقمها حجارة تسكتها للأبد ..
لن أخترع لغة للتعبير عن سعادتي معهم .. وأنا أدرك أن سعادتي آخر اهتماماتهم ..
لن أجرب الطيران إليهم وأنا أُدرك أن سقوطي أجمل أمانيهم ..
لن أكسر لعب الطفلة في داخلي كي أقنعهم بأنوثتي ونضجي ..
لن أتنازل عن أنوثتي لمجرد أن الرجولة باتت مهددة بالانقراض ..
لن أضحي بشموخي وأشارك في حرب نسائية قذرة من أجل رجل لا يستحقني ..
لن ألوث يدي بملامسة الذباب المتساقط على قلبه كي أفوز بقطعة الحلوى وحدي ..
لن أنزف وقتي في البحث عن رجل خرج بإرادته وفُقد بإرادته وضاع بإرادته ..
لن أتمادى في الثقة برجل لدرجة تفسير لون أحمر الشفاه على قميصه ببقعة حبر أحمر ..
لن أسمح لحسن الظن في الآخرين بأن يُضللني لدرجة اعتبار خنجرهم في ظهري خطأ رماية ..
لن أضيع صوتي في سرد حكاية قميص الذئب وبراءته في مدينة الصم..
لن أستهلك نور عيني في قراءة نصوص مسروقة وأفكار مقتبسة ..و قصائد ملطوشة ..
لن أسهر الليل أزرع الورد في طريق روح تفننت في زراعة الأشواك في قدمي قبل دربي..
لن أنادي على سفينة غافلني أصحابها وأبحروا إلى حيث لا يريدونني أن أعلم ..
لن أتنازل عن تاريخ أجدادي وعاداتهم وأصارع خُشباً مُسنّدة كي أثبت لهم أنني الأقوى ..
لن أطيل الانتظار على شاطئ البحر على أمل تكرار الزمن وعودة سفينة نوح بنصفي الآخر ..
لن أرتدي حذائي الذهبي وأراقص أمير سندريلا في زحامهم بلا خجل كي ينصبني بطلة لحكاياته وليله بلا أوراق رسمية ..
لن أقتل نفسي جوعاً كي أشرح لهم أن قضية الجوع في العالم تهمني ..
لن أرّقع ثوبي كي أبرهن لهم أن لفقراء العالم من اهتماماتي النصيب الأكبر ..
لن أغامر بالرغيف الأخير من قوتي .. كي أؤكد لهم .. أن إعطاء الخبز لغير خبازه يحرقه ويفقدنا إياه ..
لن أغدر بالسفينة كي أوضح لهم أن الثقب فيها لا يمنح النور .. بل يمنح الغرق فقط ..
لن أغلق أبوابي في وجه الريح المؤذية كي أستريح .. بل سأفتح للريح أبوابي وألقنها درساً لن تنساه ..
لن أغني على عتبة بابهم .. وأنا أعلم .. أن خلف الباب ألسنة تأكل لحمي ميتاً ..
لن أفتح للحنين أبواب ليلي وأنا أعلم أن الحنين لا يحمل لي في حقائبه إلا هدايا الحزن والألم
لن أدنّس وفائي وأتلوث بالخيانة لمجرد أن أرد لأحدهم صفعته بمثلها ..
لن أفتح الدفاتر القديمة وأنبش قبورهم .. كي أتأكد من موتهم فيّ ..
لن أتردد في البصق في البئر القديمة إذا تأكد لي أن مياهها الراكدة مسمومة ..
لن أتحسس رحمي بغباء لمجرد أن أحدهم وعدني ذات هاتف بطفل يشبهه ..
لن أتمنى الموت .. لأن أحدهم أشعرني ذات خذلان .. بأن الحياة قد انتهت ..
باختصار :
لن أنسف تاريخي الأدبي وأهين قلمي بالتواضع لكائنات كل رصيدها في عالم الكتابة جملتان وسطران وفاصلتان ..ورسائل متعوب عليها وجماهير وهمية..ونقطة في آخر السطر
كلمة للكاتبة الرائعة
يكفى ان الكل ينقل حرفك
مع الاحساس انه جزء من مشاعره
فهى تعبر عن كل قلب طيب نقى
لله درك غالية