قوامة الرجل في البيت المسلم
د.خالد الأحمد*
البيت المسلم هو الأسرة التي تطيع الـله ورسـوله في كل لحظة من حياتها ، طمعاً في رضاه عزوجل . ومن طاعة الـله ورسـوله أن تكون القـوامة للرجل لأن الـله سبحانه وتعالى قال : ( الرجال قوامون على النسـاء بما فضل الـله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الـله .... الآية ـ 34ـ من سورة النساء ، وجاء في تفسير ابن كثير يرحمه الـله : أي الرجل قيم على المرأة ، وهو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ، ومؤدبها إذا اعوجت ،لأن الرجال أفضل ( أفضلية تخصص وليس مطلقاً ) من النساء ، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال ، وكذلك الملك الأعظم لقوله صلى الله عليه وسلم ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ) رواه البخاري في كتاب المغازي رقم الحديث ( 4425)
وكذا منصب القضاء ، ولأن الرجال أنفقوا المهور والنفقات التي كلفهم الـله بها .
فالقوامة أعطاها اللـه سبحانه وتعالى للرجل للأسباب التالية :
1 ـ الأسرة وحدة اجتماعية بل هي الخلية الاجتماعية الأساسية و لابد لها من أمير ، ومن البدهي أن الأب أقدر على الإمرة من الأم .
2 ـ عموم الرجال أكثر موضوعية من عموم النساء ، وتفكير الرجل استدلالي منطقي ، بينما تفكير المرأة حدسي عاطفي ، وقد أعد الـله الرجل ليتفاعل مع الكون ( الطبيعة ) بينما أعد الـمرأة لتتفاعل مع الأطفال وتربيهم . لذلك زودها بالعاطفة أكثر من الرجل لتتمكن من مهمتها . ولايكلف الـله نفساً الإوسـعها .
3 ـ كلف الـله الرجل بالإنفاق على الأسرة بمافيها الأم ، كما يقدم مهراً للمرأة عند الزواج مقابل قوامته عليها .
4 ـ كلـف الـله ســـبحانه وتعالى المــرأة بالحمل والولادة والرضاعة ( وهناً على وهن ) ولايمكن أن تتحمل غير هذا العبء ، وتشغل نفسها بأي مهمة أخرى ، لأنها شغلت وكلفت بأسمى مهمة .
ومن المؤلم ضياع هذه الحقيقة في عالمنا المعاصر ، عند المسلمين وغيرهم ، يقول محمد قطب ( في منهج التربية الإسلامية 2/97) : ( ... من جنون الجاهلية الحديثة إثارة المرأة وإحراج صدرها من قوامة الرجل عليها وعلى الأطفال بوصفه الزوج والأب ، ولقد أكرهت هذه الجاهلية أخيراً على الاعتراف بأن أهم أسباب تشرد الأجيال الحديثة من الشباب ، وانغماسهم في انحرافات الشذوذ الجنسي والمخدرات والجريمة ؛ هو غياب سيطرة الأب ، سـواء لطغيان شخصية المرأة عليه في داخل الأسرة ، أو تفكك الأسرة وعدم وجود المجال للرجل صاحب السلطان ) .
وأود أن أهمس في أذن الأم المسـلمة المعاصرة التي ندعو الـله عزوجل أن يعينها على تربية القاعدة الصلبة للمجتمع المسلم الذي ينتظره العالم أجمع ، أن لاتنـس أن القوامة للرجل وأن رسول الـلهصلى الله عليه وسلم قال : ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ) فالأسرة التي تقودها امرأة ـ مسلمة أم غير مسلمة ، حتى ولو كانت داعية أيضاً ـ مثل هذه الأسرة لن تفلح أي لن تقدم لنا الجيل المسلم الذي ننشـده وننتظره بفارغ الصبر . ولاتنـس الأخت المسلمة أن رسول الـله صلى الله عليه وسلم قال فيما روته عنه عائشة رضي الـله عنها ( لعن رسول الـله الرجلـة من النساء ) ـ أبو داود 2/184ـ والرجلة : هي المرأة إذا تشبهت بالرجال في الرأي والمعرفة ( انظر عون المعبود 11/157).
طـاعة الزوجـة لزوجها دليل قوامته عليها:
والزوجة المسلمة تطيع زوجها في غير معصية ، وتقدم طاعة زوجها على طاعة أمها وأبيها وأخيها وابنها لو تعارضت ، وقد روى أبو داود عن رسول الـلهصلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ) رواه أيضاً الترمذي والحاكم وصححه السيوطي في الجامع الصغير، والألباني في صحيح الجامع الصغير 5/56 ) وروى ابن ماجه والترمذي وحسنه وصححه الحاكم وحسنه السيوطي في الجامع الصغير أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال : ( أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة ) .
وعن ابن عباس رضي الـله عنه قال : جاءت امرأة إلى النبيصلى الله عليه وسلم فقالت : أنا وافدة النساء إليك ــ ثم ذكرت ماأعد اللـه للرجال المجاهدين في سبيل الله من الأجر والثواب في الآخرة ــ فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: (فأبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافاً بحقه يعدل ذلك كله ، وقليل منكن من يفعل ذلك ) أخرجه الديلمي في مسند الفردوس ، لنظر الجامع الكبير ( 2/464) .
ومن طاعة الزوج أنها لاتخرج من بيتها دون إذنه ــ والإذن هو رضاه حقيقة وليس مرغماً ــ ماعدا الأحوال التالية : زيارة أو خدمة أحد أبويها إن عجز عن المجيء إليها ــ الفقه على المذاهب الأربعة ، للجزيري 5/159) .
القـوامـة والشــورى :
ومن البدهي أن قوامة الأب المسلم لاتعني الفردية والديكتاتورية وسحق الزوجة ، ولكن قوامة الأب المسلم تعني أول ماتعنيه الشـورى في البيت المسلم ، والزوجان المسلمان متعاونان ومتشاوران يسدد أحدهما الآخر ، وهذه قوامة صحيحة للرجل ، وعندما يشاور الرجل زوجته قبل إقدامه على اتخاذ القرار لايعني أنها سلبت منه القوامة ، وإنما يعني أنه أمير مسلم بكل ماتعنيه الكلمة من معنى ، والأمير المسـلم أبعد مايكون عن الفردية والتسلط . أما إذا تعارض رأيه مع رأيها في مسألة ما ـ صغيرة أو كبيرة ـ يجب أن يكون القرار له ، ويجب عليها أن تلتزم قراره وتنفذه لأنه أميرها
وقد روي عن رسول الـله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أطاعني فقد أطاع الـله ، ومن عصاني فقد عصى الــله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصا الأمير فقد عصاني ) ـ صحيح البخاري ـ في الجهاد الباب (108) .
ومن البدهي أن الفتاة التي فتحت عينيها على الدنيا لترى أمها تحكم أبيها وتسـخره كماتريد ، سـوف تحاول أن تكون مثل أمها عندما تكون زوجة ــ إلا من رحم الـله ــ وهذا تدمير للأسرة المسلمة ، وقـدوة سـيئة للبنات المسلمات .
أختي المسـلمة :
هذا الاسترجال موجود بكثرة في أسر المسلمين المعاصرة ، وهذا برأيي من أهم أسباب فشل الأسر المعاصرة في التربية ، وكم كنت أتعجب عندما أتعرف على بعض الأخوة الأتقياء الذين يصلحون أعضاء ممتازين في القاعدة الصلبة للمجتمع المسلم ، وكم أتألم عندما لاأجد أولادهم مثلهم ، بل أجد المسافة بينهم وبين أولادهم كبيرة ، فأحتار في تعليل هذه الظاهرة المتكررة في بيوتنا الإسلامية ، ثم يشاء الـله عزوجل أن يجعلني أعرف أن زوجاتهم لاتطيعهم ، وبالتالي عاش أولادهم في بيت متصدع إسلامياً ، لذلك لم يشبوا مثل والديهم .
أختي المسلمة :
إن وجد هذا في الأسر المسلمة ، أسأل الـله عزوجل أن لايوجد في أسـر الإسلاميين والدعاة وهم قـدوة لغيرهم في حياتهم الشخصية وفي بيوتهم وأولادهم وبناتهم .. والـله أسأل أن يهدينا وإياك والمسـلمين إلى طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الطاعة طاعة الأمير ، وأميرك ياأختي هو زوجــك فالزمــي غــرزه تدخلـي الجنـة .
اثم مخالفــة المـرأة لزوجهــا
عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لايقبل الـله لهم صلاة ولايرفع لهم إلى السماء حسنة ، العبد الآبق حتى يرجع إلى مواليه ، فيضع يده في أيديهم ، والمرأة الساخط عليها زوجها حتى يرضـى ، والسكران حتى يصحـو ) .
ذكره ابن حجر في فتح الباري ( 9/294) .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( لاينظر الله إلى امرأة لاتشكر لزوجها ، ولاتســتغني بـه ) . الترغيب والترهيب (4/127) .
وأخيراً الله أســأل أن يوفقنا وإياك أيتها الأخـت المســلمة إلى طـاعة الله ورسـوله ، والســلام عليكم ورحمة الله وبركاته .