السلام عليكم ورحمة الله
مرت علينا قبل ايام قليله ذكرى
لمجزرة المحمرة فى الاهواز
مجزرة المحمرة... صبرى وشاتيلا احوازية بأيادي صفوية
قد تحجم بعض الصحف و وسائل الإعلام أحياناً عن نشر أخبار جريمة أو مجزرة هنا أو هناك بحجة عدم علمها بالحدث أو بسبب نقص المعلومات لديها‘ وقد تغلق أفواه وتخرس اللسنة الكثير من المعلقين السياسيين عن الحديث حول جريمة سياسية وقعت ضد فئة أو طائفة في بلد ما خشية تعرضهم لضغوط أو بسبب شراء ذممهم من قبل سلطات ذلك البلد، وقد تتغافل بعض ما يسمى منظمات حقوق الإنسان وتلتزم الصمت إزاء جريمة إنسانية تقع بحق شعب أو قومية أو جماعة دينية في هذه الدولة أو تلك لأهداف وغايات سياسية معينة، إلا انه وحده التاريخ الذي لاتشترى ذمته و لا يسكته التهديد والوعيد فلا يترك حادثة تمر دون ان يسجلها في صفحات أرشيفه الذي لا يسقط من ذاكرته أمر مهما كبر أو صغر.
فوحدها ذاكرة التاريخ التي مازالت تحدثنا بصدق و أمانة عن مذبحة وقعت قبل ثلاثين عاما و راح ضحيتها أكثر من خمسمائة شهيدا، ما بين طفل و امرأة و رجل، على أيدي قوات نظام الثورة و الجمهورية الايرانية جاءت من خلف جبال زاغروس وهي محملة بضغائن وأحقاد كسروية ودخلت فجر يوم الـ 29 من مايو أيار لسنة 1979م مدينة المحمرة، عاصمة الإمارة العربية التي احتلتها إيران في سنة 1925، وفتحت نيرانها التي استمرت ثلاثة أيام بلياليها تلقي بحممها على سكان المدينة مرتكبة مجزرة لا تقل بشاعة وإجراما عن مجزرة صبر وشاتيلا الفلسطينية التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني بحق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. و قد عدت هذه المجزرة، التي عرفت فيما بعد بمجزرة " الأربعاء الأسود "، فاتحة المجازر التي دشن نظام الجمهورية الخمينية عهده بها ضد الشعوب والقوميات التي جاء على أكتافها و التي حاولت ان تمارس حقوقها وحريتها الإنسانية بناءاً على تلك الوعود التي كان الخميني قد وعد بها والتي على أساسها نال دعم تلك الشعوب والقوميات التي أيدت زعامته للثورة وصوتت لصالح الجمهورية التي اقترحها و رفع مقولة " الإسلام الجامع "، شعارا لها.
ان الخميني الذي رفع شعار" الإسلامية " لجمهوريته و وعد بحل جميع القضايا والمشاكل التي كانت السبب في ثورة الشعوب الإيرانية ضد نظام البهلوي، و أولها سياسة التمييز الطائفي والعنصري التي كان النظام الشاهنشاهي يمارسها بكل قسوة، استطاع من خلال هذا الشعار الحصول على الدعم والتأييد الشعبي من قبل جميع الأقليات القومية والدينية وهو ما قوى من شوكة سلطته التي استغلها أبشع استغلال لتوجيه ضرباته العنيفة ضد الذين وقفوا معه وناصروه لينفرد بالحكم والسلطة المطلقة التي البسها ثوبا جديدا اسماها سلطة " الولي الفقيه "، النائب للإمام المهدي الغائب الذي اعتبر الراد عليه كل الراد على الرسول صلى الله عليه وسلم، والراد على الرسول كل الراد على الله عزوجل، والراد على الله محارب كافر يعدم وان تعلق بأستار الكعبة الشريفة، وراح يمارس هذه السلطة دون رقيب أو حسيب.
و تحت شعار الدفاع عن الثورة وجمهورية " ولاية الفقيه المطلقة " فتحت النار على كل من رفع صوته مطالبا بحقه الذي كان الخميني قد وعد به. فما من قومية أو شعب أو مرجع ديني أو حزب سياسي عارض التوجه السياسي والسلوك الاستبدادية لنظام ولاية الفقيه، إلا وتعرض لمجزرة أو إعدام أو اعتقال أو حل، وكان الشعب العربي الأحوازي أول من تعرض للجرائم نظام " الولي الفقيه "الذي دشن عهده الدامي بمجزرة المحمرة " الأربعاء الأسود " لتتوالى بعد ذلك مجازر هذا النظام ضد الشعوب والقوميات في إيران. فمن مجزرة المحمرة الى محرقة النابالم ضد الأكراد في سنندج، الى مذبحة البلوش في زاهدان، ثم مجزرة كنبد كابوس ضد التركمان. و قد استمرت هذه المجازر عبر حمامات الدم و حفلات الإعدامات الجماعية التي نفذ بعضها تحت عنوان ما سمي بـ " تبييض السجون " و التي راح ضحيتها خلال شهرين فقط، أكثر من خمسة وثلاثون ألف سجين تم دفنهم في مقابر جماعية كان من أشهرها مقبرة " خاوران " الواقعة في أطراف مدينة طهران والتي ضمت جثامين الآلاف من المعدومين، هذا ناهيك عن المقابر الجماعية في المدن الأخرى.
ان اختيار نظام الملالي مدينة المحمرة، التي كانت مركز الحراك الثقافي و النشاط السياسي ومقر المرجعة الدينية والوطنية لشعب الأحوازي، لتوجيه ضربته لعرب الأحواز، لم تكن مجرد صدفة بل ان تلك المجزرة التي خطط لها عنصريو النظام وأمر بها الخميني ونفذها حاكم الإقليم آنذاك الجزار احمد مدني، كان الغاية منها تحقيق أكثر من هدف وكانت تحمل أكثر من رسالة داخلية وخارجية.
لقد كان الهدف الاول من تلك المجزرة هو إرهاب الشعب الأحوازي وإسكاته وثنيه عن المطالبة بحقوقه التي كان قد تقدم بها الى الحكومة الإيرانية عبر وفد شعبي زار طهران والتقى برئيس الحكومة حينها المهندس " مهدي بازركان" وقدم له مذكرة بتلك المطالب العادلة التي لم تكن تتجاوز الحد الأدنى من المطالب الإنسانية المشروعة وهي، رفع التمييز العنصري والطائفي عن الشعب الأحوازي و تحقيق المساواة في التعليم والتوظيف وتقسيم الثروة النفطية و إعادة الأسماء العربية للمدن والمواقع التاريخية التي جرى تفريسها في إطار السياسية العنصرية التي كان يتبعها نظام البلهوي مع العرب، بالإضافة الى بعض المطالب الأخرى التي لم تكن تتجاوز الحقوق التي كان الخميني قد وعد بها.
ام الهدف الثاني من تلك المجزرة، فهو أظهار قوت النظام وقدرته على قمع كل من يحاول رفع صوته من أبناء القوميات والشعوب غير الفارسية للمطالبة بحقوقهم المشروعة، أو كل من يحاول الخروج على سلطة " الولي الفقيه "الدكتاتورية. وهذا ما حصل بالفعل حيث شهدت إيران بعد مجزرة المحمرة مجازر و حمامات دم لم يسبق لها مثيل من قبل.
ام الرسائل الخارجية التي أرد نظام الملالي إرسالها من خلال تلك مجزرة، فكانت موجهة تحديدا الى العراق ودول الخليج العربي التي كان الخميني قد أعلن صراحة نيته تصدير ثورته لهذه الدول. ولذلك فقد تعمدت السلطات الإيرانية ألقاء العديد من جثث ضحايا مجزرة المحمرة في شط العرب لتجرفها المياه الى السواحل العراقية والكويتية وكان هذا الفعل المتعمد يحمل أكثر من أشارة تهديد لتلك الدول.
وبالفعل فقد انطلق العدوان الإيراني ضد العراق بعد مجزرة " الأربعاء الأسود " من المحمرة حينما هاجمت قوات من مليشيا الحرس الثوري القنصلية والمدرسة العراقية في هذه المدينة وقامت بحرقهما وحرق العلم العراقي. و في المحمرة تم أنشاء أول معسكر لتدريب المرتزقة والعملاء الموالون للنظام الإيراني وإعادتهم الى العراق للتنفيذ العمليات التخريبية التي كانت السبب في إشعال نيران الحرب بين البلدين.
هام
و لكن بصرف النظر عن إذا ما كان نظام الإيراني قد حقق غاياته وأهدافه من تلك المجزرة ام لا، وبغض عن تناسي الإعلام العربي و معه القوى السياسية العربية السائرة بركب النظام الإيراني، عن تلك المجزرة وتجاهلها لكل المآسي التي مرت و ما يزال يمر بها الشعب العربي الأحوازي، وبغض النظر عن كون الخميني واحمد مدني والكثير ممن خططوا و نفذوا تلك المجزرة قد ماتوا واندثروا، إلا ان كل ذلك لا يعني إننا ننسى ما حدث، فان التاريخ لم ينسى ولن ينسى وقد علمنا الخمينيون أنفسهم أنهم لم ينسوا ثاراتهم. ففي معركة البسيتين 1/12/1980 بين الجيشين العراقي والإيراني تم اسر ما يقارب الثلاثة الآف جندي عراقي اعدموا جميعا في ذات الليلة التي تم أسرهم فيها، وقد برر الإيرانيون فعلتهم تلك بأنها جاءت ثأرا لثلاثة الآف أسير من جيش كسرى زعموا ان الفاتح العربي خالد بن الوليد قد أعدمهم في معركة الحيرة.
فمن هنا يجب ان تبقى مجزرة المحمرة، شاهدا على همجية ودموية النظام الايراني، وعارا على جبين أتباع هذا النظام ومن يصفق له.
27/05/2009
شبكة البصرة