وقفة مع آية\مّحَمّدٌ رّسُولُ اللّهِ
قال تعالى ((مّحَمّدٌ رّسُولُ اللّهِ وَالّذِينَ مَعَهُ أَشِدّآءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكّعاً سُجّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ اللّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مّنْ أَثَرِ السّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىَ عَلَىَ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزّرّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفّارَ وَعَدَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ مِنْهُم مّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً )) الفتح\29
أن الله سبحانه وتعالى يبين في هذه الآيات الكريمة الخصال الحميدة والصفات العظيمة للرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم الذين أهتدوا بهديه واستنوا بسنته وبهذه الخصال والصفات يعرف من يحب الله ورسوله ممن هو عدو الله ورسوله كما يعرف بهذه الصفات والخصال من هو على صراط مستقيم ممن هو فاجر أثيم .
يبين الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات البينات :
1ـ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام أشداء على الكفار رحماء بينهم أعزة على الكافرين أذلة على المؤمنين هكذا هم أحباب الله ورسوله إذا لقوا الذين كفروا ضربوا الرقاب ووجد الكفار فيهم غلظة وإذا لقوا الذين آمنوا قابلوهم بأطيب لقاء ووجدوا فيهم وداً ورحمةً
2ـ ثم يبين الله سبحانه وتعالى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه رضوان الله عليهم يحافظون على الصلاة لا يفترون , راكعون ساجدون خاشعون لله تعالى تعلو جباههم أنوار صلاتهم وآثار رحمة الله , فعماد الدين الصلاة وهي الفارق بين الإسلام والكفر كما يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وغيره (( العهد الذي بيننا وبينهم ترك الصلاة فمن تركها كفر )) للدلالة على عظم فضلها وعلو شأنها فتاركها جحوداً كافر وتاركها تقاعساً وكسلاً فاسق عاصٍ عذابه كبير
3ـ لقد ضرب الله سبحانه وتعالى مثل الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه رضوان الله عليهم في الكتب المنزلة السابقة , التوراة والإنجيل , فهم كمثل زرع نما واشتد وقوي بعد ضعف ثم أصبح ممتلئاً حباً عظيماً ناضجاً فكان زرعاً يدخل البهجة لمحبيه عندما يشاهدونه ويدخل الغيظ والبؤس للكفار الحاقدين وهو مثل حي محسوس للرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه حيث هم قوة في الحق كالبنيان المرصوص يحبهم ذو الفطرة السليمة والعقول الحكيمة ويمتلئ منهم غيظاً أعداء الله ورسوله , وهذا المثل خبر في معنى الطلب من المؤمنين أن يكونوا على الدوام في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد يزدادون قوة مع الأيام تمتلئ قلوبهم بالخير والرحمة لبعضهم والشدة والعظمة على الكافرين فيغبطهم بذلك أهل التقوى والصلاح ويمتلئ غيظاً منهم أهل الشر والطلاح ((ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىَ عَلَىَ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزّرّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفّارَ))
4ـ إن الله سبحانه وتعالى قد وعد عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة وأجراً عظيما , فإن الله سبحانه وتعالى لم يكرمهم فقط في الدنيا بأن جعلهم كمثل زرع أخضر ناضجاً ممتلئاً حباً , أي قوة في الحق ومصدراً للخير حيث حلّوا بل زادهم خيراً على خير في الآخرة فأكرمهم بالمغفرة والأجر العظيم وذلك هو الفوز المبين ((وَعَدَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ مِنْهُم مّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ))
نسأل الله سبحانه وتعالى أن نكون ممن آمنوا وعملوا الصالحات فيفوزوا بالعز والنصر في الدنيا ورضوان الله وجنته في الآخرة