الشعور بالتقصير يدفع صاحبه إلى المبادرة لفعل الصالحات
رقم فتوى
:52671
السؤال :
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم:
شيخنا: أنا امرأة ملتزمة بتعاليم الله سبحانه وتعالى ورسوله ولله الحمد، ولكن يراودني أحساس دائم بأني مقصرة بتعاليم الله عز وجل، فمثلاً عندما أدفع صدقة أحس بإن هذه الصدقة غير كافية وأنني مهما عملت من صلاة أو زكاة فأنني أبقى مقصرة مع الله تعالى بشيء لا أعرف ما هو، الذي زاد في خوفي أني منذ فترة قصيرة حلمت بأني مت ووضعوني في النعش وبدأوا في إنزالي في الحفرة، فبدأت أحس بذهاب كل الناس الذين كانوا حزينين علي جداً وكان أخرهم زوجي، وكان بطيئاً جداً بخطواته لا يريد تركي لعلمه بأني أخاف جداً لوحدي، المهم أني بدأت أقول لنفسي معقول انتهى كل شيء معقول أنني حتى لم أقدم لربي أي شيء كيف سأقابله ماذا أقول له ماذا عملت ليوم كهذا، أخيراً، استسلمت للأمر الواقع وبدأت أخبر نفسي كيف يقولون إن القبر ضيق أنا أراه واسعاً وكيف يقولون إن القبر مظلم أنا أراه مضيئاً ثم قلت يا ربي أنا أعلم أنه لا فائدة من الكلام الآن ولكني صادقة في قولي وأنت تعلم الغيوب كنت أتمنى أن أكون في وضع أحسن مما هو عليه الآن فجأة كأنني عدت إلى الحياة وبعدها سمعت صوت يخبرني ها قد عدت إلى الحياة أريني ماذا ستعملين، شيخنا أحسست بأن هذا إنذار من شيء معين ولكن لا أعرف ما هو، أرجو مساعدتي لأن هذا الموضوع يقلقني بجد؟ ولكم جزيل الشكر.
فتوى :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي رحمك الله أن هذا قد يكون من الخوف المحمود الذي وصف الله به أهل الإيمان، قال الله تعالى: يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {النحل:50}، وقال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ {المؤمنون:60}، قالت عائشة: يا رسول الله أهو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر ؟ قال: لا يا بنت أبي بكر أو لا يا بنت الصديق ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق وهو يخاف أن لا يقبل منه. رواه الترمذي وأحمد واللفظ له.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزلة. ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة. رواه الترمذي والحاكم في المستدرك وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
فالخوف والشعور بالتقصير يدفعان صاحبهما إلى المبادرة بالأعمال الصالحة وهذا ما كان عليه السلف الصالح، جمعوا إحساناً وخشية، أما المنافق فيجمع إساءة وأمناً، كما قال الحسن البصري، ولما نزل قوله تعالى: مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ {النساء:123}، بكى أبو بكر الصديق وقال: يا رسول الله كيف الفلاح بعد هذه الآية؟ فقال: أصلحك الله يا أبا بكر ألست تنصب ألست تحزن أليست تصيبك اللأواء؟ قال: نعم، قال: فذلك جزاؤه. رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الترغيب، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية على استقامته وتبحره في علوم الإسلام وجهاده في سبيل الله يقول: لا زلت حتى اليوم أجدد إيماني ولم أسلم بعد إسلاماً صحيحاً. وكان يقول: أنا المكدي وابن المكدي وكذلك كان أبي وجدي. انتهى.
أما ما تذكرينه من رؤيا فهي بشرى خير إن شاء الله والمعنى والله أعلم أن تقدمي المزيد من العمل الصالح والمزيد من الخوف والرجاء، والله نسأل أن يتقبل منك صالح الأعمال.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه