العودة   شبكة صدفة > المنتديات العامة > منتدى صدفة العام

منتدى صدفة العام مواضيع عامة, مقتطفات, مواضيع جديدة، معلومات عامه.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 01-09-2012, 06:56 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

Icon24 دور المرأة في تنمية المجتمع


المبحث الرابع : دور المرأة في تنمية المجتمع
تمهيـد
إن من أعظم ما تركه لنا القرن العشرون مفهوم التنمية الشاملة الذي تفاوت حظ تطبيقه بين دول العالم، ولكنه أصبح من بين الأسس الثابتة لقياس تقدم المجتمعات، ودليلاً على أن التنمية أصبحت تمثل مطلباً ملحاً وأساسياً لكل المجتمعات المعاصرة، وذلك لما تنطوي عليه من مضامين اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية هامة، وأيضاً لما ينتج عنها من نتائج حاسمة في حاضر هذه المجتمعات ومستقبلها.
وإذا كان الهدف الأساس من التنمية هو سعادة البشر وتلبية حاجاتهم، والوصول بهم إلى درجة ملائمة من التطور وتعميق إنسانيتهم، فإنها فى حد ذاتها، لا تقوم إلا بالبشر أنفسهم الذين هم أهم وسائل تحقيقها.
وفي إطار الاهتمام بقضية التنمية الشاملة، وانطلاقاً من أن التنمية ترتكز في منطلقاتها على حشد الطاقات البشرية الموجودة في المجتمع دون تمييز بين النساء والرجال، يصبح الاهتمام بالمرأة وبدورها في تنمية المجتمع جزءاً أساسياً في عملية التنمية ذاتها، بالإضافة إلى تأثيرها المباشر في النصف الآخر، ذلك أن النساء يشكلن نصف المجتمع وبالتالي نصف طاقته الإنتاجية، وقد أصبح لزاماً أن يسهمن في العملية التنموية على قدم المساواة مع الرجال، بل لقد أصبح تقدم أي مجتمع مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بمدى تقدم النساء وقدرتهن على المشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبقضاء هذا المجتمع على كافة أشكال التمييز ضدهن(1).
التعريف بدور المرأة
سطّرت المرأة في العصور القديمة والحديثة وخاصة في المجتمعات الإسلامية أسطراً من نور في جميع المجالات، حيث كانت ملكة وقاضية وشاعرة وفنانة وأديبة وفقيهة ومحاربة وراوية للأحاديث النبوية الشريفة.
وإلى الآن ما زالت المرأة في المجتمعات الإسلامية تكد وتكدح وتساهم بكل طاقاتها في رعاية بيتها وأفراد أسرتها، فهي الأم التي تقع على عاتقها مسؤولية تربية الأجيال القادمة، وهي الزوجة التي تدير البيت وتوجه اقتصادياته، وهي بنت أو أخت أو زوجة، وهذا يجعل الدور الذي تقوم به المرأة في بناء المجتمع دوراً لا يمكن إغفاله أو التقليل من خطورته.
ولكن قدرة المرأة على القيام بهذا الدور تتوقف على نوعية نظرة المجتمع إليها والاعتراف بقيمتها ودورها في المجتمع، وتمتعها بحقوقها وخاصة ما نالته من تثقيف وتأهيل وعلم ومعرفة لتنمية شخصيتها وتوسيع مداركها، ومن ثم يمكنها القيام بمسؤولياتها تجاه أسرتها، وعلى دخول ميدان العمل والمشاركة في مجال الخدمة العامة(2).
ومنذ بداية العقد العالمي للمرأة (1985-75) وحتى مؤتمر بكين 1996، بدأ الاهتمام العالمي بقضية تنمية المرأة وتمكينها من أداء أدوارها بفعالية مثل الرجل، والمشاركة في اتخاذ القرار في مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقد واكب هذا الاهتمام العالمي اهتمام كثير من الدول والهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية، وذلك من خلال عقد سلسلة من الندوات والمناقشات وأوراش العمل والمؤتمرات، كان آخرها منتدى قمة المرأة العربية بالمنامة في أبريل 2000، مروراً بمؤتمر القمة الأول للمرأة العربية "القاهرة 2000"، ومؤتمر القمة الاستثنائية للمرأة العربية بالمغرب "نوفمبر 2001"، بالإضافة إلى عدة منتديات حول المرأة والسياسة، والمرأة والمجتمع، والمرأة والإعلام، والمرأة والاقتصاد، والمرأة في بلاد المهجر، التي عقدت في عدة دول عربية.
وما هذه الدراسة حول البنى الملائمة لتعليم الفتيات والمرأة في بعض بلدان العالم الإسلامي إلا دلـيـل عـلـى اهتـمـام المنـظمـة الإسـلاميـة للتـربـية والعـلـوم والثــقافة ــ إيسيسكو ــ بدور المرأة وحرصها على تمكينها من دورها الحقيقي في المجتمع.
ولقد أكدت وأوصت جميع هذه المنتديات بكافة صورها على ضرورة دعم دور المرأة ومكانتها ومنحها حق العمل في الميادين كافة، انطلاقاً من أهمية مكانة المرأة في المجتمع ودورها في تحقيق استقرار الأسرة.
ويشير الواقع الديموغرافي لعدد السكان في بلدان العالم الإسلامي أنه يبلغ 1028751 ألف نسمة عام 2000، وتبلغ المرأة نصف هذا العدد تقريباً أي حوالي 514.751 ألـف نسـمة، والفـئة العـمرية للبـنات فـي الشـريـحة العـمــرية مـن (14-6) حوالي 91324 ألف من مجموع النساء أي بنسبة 17.8%(3).
ويلاحظ ارتفاع معدلات خصوبة المرأة في هذه البلدان، وذلك يرجع إلى العوامل الاجتماعية وعوامل ترتبط بالتراث الثقافي لهذه البلدان، وهذا الحجم المتزايد من السكان رجالاً ونساء يطرح سؤالاً : ما الأدوار التى تقوم بها هذه الجموع البشرية من النساء في حاضر المجتمعات الإسلامية وفي مستقبلها ؟ وإلى أي مدى ترتبط هذه الأدوار بما يهيئ لها من فرص الإعداد ووسائله لمواجهة الحياة حتى تتحول من دور واعد بالإمكانية إلى قوة مؤثرة بالفعل، وحتى تصبح طاقة منتجة لا عبئاً ثقيلاً ينوء المجتمع بتكاثره(4).
وللإجابة عن هذه الأسئلة المطروحة يركز هذا الفصل على الأدوار التي تقوم بها المرأة في تنمية المجتمع، وحتى يمكن تحديد هذه الأدوار لابد أولاً من تحديد المفاهيم الأساسية التي تعد من الموجهات الأساسية لهذا الفصل.
المفاهيم
مفهوم التنمية :
يعرف تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية لعام 1997 التنمية بأنها عملية زيادة الخيارات المطروحة على الناس ومستوى ما يحققونه من رخاء، وهذه الخيارات ليست نهائية أو ثابتة. وبغض النظر عن التنمية فإن عناصرها الأساسية الثلاثة تشمل القدرة على العيش حياة طويلة وفي صحة جيدة، واكتساب المعرفة، والتمتع بفرص الحصول على الموارد اللازمة لعيش حياة لائقة. ولا تقف التنمية عند هذا الحد، فالناس أيضاً يقدرون جيداً الحرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وإتاحة الفرص أمامهم للإبداع والإنتاج.
مفهوم تنمية المجتمع :
عرّفت الأمم المتحدة تنمية المجتمع بأنها العمليات التي يمكن بها توحيد جهود المواطنين والحكومة لتحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمعات ولمساعدتها على الاندماج في المجتمع والمساهمة في تقدمه بأقصى قدر مستطاع.
مفهوم الدور :
عرفت د. نادية جمال الدين الدور بأنه مجموعة من الصفات والتوقعات المحددة اجتماعياً والمرتبطة بمكانة معينة. والدور له أهمية اجتماعية لأنه يوضح أن أنشطة الأفراد محكومة اجتماعياً، وتتبع نماذج سلوكية محددة، فالمرأة في أسرتها تشغل مكانة اجتماعية معينة، ويتوقع منها القيام بمجموعة من الأنماط السلوكية تمثل الدور المطلوب منها.
وبالنسبة للمرأة فالدور المعياري لها كإمرأة وزوجة وأم، أي الدور الذي يتوقعه منها المجتمع وينتظر منها القيام به، يتفق اتفاقاً كبيراً مع دورها الفعلي إن لم يتطابق معه(5).
مفهوم الدور الاقتصادي :
هو كل نشاط اقتصادى تؤديه المرأة داخل أو خارج المنزل بهدف إشباع احتياجات الأسرة أو المجتمع من خلال تحقيق فائدة اقتصادية، بمعنى أن هذا النشاط له قيمة اقتصادية يمكن قياسها أو تقديرها.
مفهوم الدور الاجتماعي :
هو الأنشطة التي تقوم بها المرأة في نطاق أسرتها وخاصة ما يتعلق بتربية أبنائها وعلاقة أسرتها بغيرها من الأسر الأخرى خلال عملية نشاطها اليومي والاجتماعي.
مفهوم الدور الثقافي :
هو قدرة المرأة على تقييم ما تتلقاه من معارف ومعلومات من وسائل الإعلام المختلفة بما يدعم دورها في معايشة قضايا العصر والانفتاح على العالم الخارجي. ويلعب التعليم دوراً هاماً في هذا المجال حيث أنه كلما نالت المرأة قسطاً أكبر من التعليم كلما كانت أكثر فهماً وإدراكاً ومقاومة للإيحاءات والتأثيرات السلبية التي قد ينقلها الاتصال بالعالم الخارجي.
مفهوم الدور السياسي :
هو الأنشطة التي تقوم بها المرأة وتتمثل في ممارستها لحقوقها السياسية والمدنية مثل حق التصويت في الانتخابات، والترشح للمجالس الشعبية والنيابية، والمشاركة في النقابات والتنظيمات النسائية، وحرية التعبير عن الرأي، والمساواة أمام القانون.
واقع دور المرأة في تنمية المجتمع
على الرغم من وجود تباين في البنى الأساسية الاقتصادية والثقافية والسياسية لبلدان العالم الإسلامي، إلا أن الدين الإسلامي هو دين الغالبية العظمى لسكان هذه البلدان.
ولما كان الدين الإسلامى أكثر تقدماً من أي دين آخر بالنسبة لمشاركة المرأة في المجتمع، لأنه أعطى صورة متكاملة عن دور المرأة ومكانتها في المجتمع، فالقرآن والحديث والتفسير والاجتهادات المختلفة تعطي المرأة مكانة خاصة تُترجم عملياً إلى أعراف تشريعية تملي عليها حقوقها وواجباتها سواء كانت ابنة أم زوجة أم أماً، فإننا نفترض وجود تطابق إلى حد ما في الأوضاع في هذه البلدان، ولذلك تم اختيار بعض دول العالم الإسلامي كعينة مختارة ممثلة لباقي الدول لنتعرف على أدوار المرأة في تنمية هذه المجتمعات.
وحين ننظر إلى الدور الذي تقوم به المرأة في التنمية، لا بد أن ننظر إليه في إطار التنمية الشاملة بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وفي إطار التنمية المستهدفة القائمة على الأصالة والتجديد الحضاري. و تجزئة الدور في هذا الفصل إلى عدة أدوار هو بغرض التوضيح، وتفسير إلى أي مدى تستطيع المرأة أن تشارك وتساهم بفعالية في التنمية، وما العوامل التي تؤثر في معدلات إسهام المرأة في التنمية في ظل المتغيرات والتطورات التي طرأت على هذه المجتمعات ؟ وما العوامل التي تواجه المرأة للقيام بهذه الأدوار وتعوق اندماجها والتزامها بالمشاركة الحضارية الكاملة في صناعة الحياة بكل أبعادها بدءاً من حقها الطبيعى في حرية الحركة والانتقال، إلى ذروة التأثير في صنع القرار والإسهام في تحديد المسار.
أولاً : الدور الاقتصادي :
الإسلام وعمل المرأة :
تتمتع المرأة في الإسلام منذ أربعة عشر قرناً بشخصيتها الاقتصادية المستقلة وحريتها الكاملة في التصرف بأموالها دون إذن زوجها، لأنها في هذا كالرجل سواء بسواء، وكذلك لها أن تبيع وتُتاجر وتعقد الصفقات وتؤجر البيوت وترهنها، ولها الحق في أن تمتهن أي مهنة تحبها وتختارها، ولها أن تنتخب وتُنتخب في أي مجلس تشريعي أو سياسي أو اقتصادي، ولها أن تتولى القضاء بل لها أن تفتي في الناس بأحكام الشريعة إذا كانت عليمة بها، مثلما كانت السيدة عائشة أم المؤمنين تفتي الصحابة في المسائل التي عرفتها وغابت عنهم، أي أن الدين الإسلامي أجاز عمل المرأة في كافة المهن بما يصون كرامتها ولا يسيئ إلى أنوثتها، وأن الله يثني على من يتلقى أجراً نظير عمل، فالعاملون والعاملات لهم عند ربهم أجر عظيم، وفضلاً عن ذلك فإن الله يساوي بين الجنسين إذ يقول : { من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } (سورة النحل، الآية 97)، والحديث الشريف يقول : >إنما النساء شقائق الرجال<، فالمرأة في الشريعة شقيقة الرجل، لها مثل حقوقه داخل الأسرة وخارجها، ولها مثل الذي عليها بالمعروف، تلك هي بعض المعالم الرئيسة في نظرة الإسلام إلى المرأة، وهي نظرة بعيدة تماماً عن النظرة المتدنية إلى المرأة التي أفرزتها أوضاع متخلفة في تاريخ الحضارة الإسلامية اختلطت مع الزمن بتعاليم الإسلام وروح الشريعة.
معدلات مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي :
إن المعلومات والبيانات المتاحة عن عمل المرأة لا يمكن اعتبارها كاملة، وليس كل المتاح ملائماً لكل أنواع التحليل والدراسة، ومن المعروف أن دولاً كثيرة لا تتوفر لديها البيانات الضرورية عن إسهام المرأة في قوة العمل حسب التصنيفات التي تعكس هذه الإسهامات.
وتشير الإحصاءات إلى أن المرأة المسلمة تسهم في تطوير بلدها رغم أن نشاطها الاقتصادي أقل من نشاط النساء في البلدان المتقدمة وذلك لأن الإحصاءات الرسمية في البلدان الإسلامية لا تعكس إسهام المرأة الفعلي نظراً لاستناد هذه الإحصاءات إلى تقديرات، ولا تأخذ في اعتبارها إسهام المرأة الفعلي في النشاط الاقتصادي، وخاصة في المجال الزراعي والرعوي والحرفي وتهميش هذا النشاط لأنه خارج القطاع المنظم.
وتأخذ أشكال إسهامات المرأة الاقتصادية من خلال الأنشطة والأعمال التي تؤديها سواء داخل المنزل أو خارجه صوراً عديدة، منها إسهامات مباشرة وهي تبدو في شكل مادي كأجور أومرتبات تحصل عليها أو أثمان سلع ومنتجات تبيعها، أو ربح تحصل عليه من صناعة بعض المصنوعات اليدوية، أما الإسهامات غير المباشرة فتمثل قيمة المواد التي تنتجها المرأة وتستهلك داخل المنزل، وهذا يعد قيمة نقدية تساهم بها المرأة في ميزانية الأسرة وتشارك في تحسين مستوى الأسرة المعيشي.
وينبغي الإشارة إلى أن معدلات إسهام المرأة في النشاط الاقتصادي داخل قوة العمل تتباين بشكل كبير بين بلدان العالم الإسلامي، وتتباين أيضاً في الأقطار العربية في نطاق قطاعات النشاط الاقتصادي المنظم وغير المنظم، بالإضافة إلى أنها تختلف في الدول نفسها بين الحضر والريف، وبين فئات العمر، وترجع هذه الاختلافات إلى العوامل الاجتماعية والثقافية الخاصة بهذه المجتمعات.
وقد أسفرت دراسات منظمة العمل الدولية عن أن ثلث العاملين في العالم من النساء، وأن أعلى نسبة لإسهام المرأة هي سن 15 عاماً فأكثر، أما فيما يتعلق بإسهام المرأة في النشاط الاقتصادي، فقد دلت الدراسات على أنها تبلغ أقصاها في روسـيا الاتحادية 60%، وتبلغ أدناها في بعض الدول الأفريقية أقل من 10%(6).
وتشير الإحصاءات إلى أن المعدل السنوي لنمو القوى العاملة يتراوح ما بين 3% و4% في معظم البلدان العربية بين 1980 و1995، ولم يزد نصيب العاملات في القوى العاملة سوى زيادة طفيفة، فزادت بنسبة إجمالية بين 1% و2% في معظم البلدان باستثناء الأردن التي يقفز فيها نصيبهن إلى 6% منها خلال نفس الفترة البالغة خمسة عشر سنة(7).
ونجد هذه النسبة في بعض دول الخليج (قطر والإمارات) منخفضة حيث يصل نصيبهن إلى 1%، وتبلغ أعلاها فى لبنان 14.5%، بينما يبلغ نصيب النساء في القوى العاملة بمصر دون مستوى 10%(8).
أما بالنسبة لمدى إسهام المرأة في شمال أفريقيا في النشاط الاقتصادي في القطاع المنظم، فتوضح بعض الدراسات أن منطقة شمال أفريقيا ما زالت دون المستويات المقبولة، ولا سيما فيما يتعلق بعمل المرأة، إذ يعتبر مستوى نشاط المرأة الجزائرية في الفئة العاملة من السكان من أدنى المستويات في العالم، كما أن معدل زيادته منخفض 2.61% عام 1977، إذا ما قورن بمعدل عمالة المرأة في تونس 18.7% عام 1977(9).
أما بالنسبة لمعدلات مساهمة المرأة في إيران، وهي من أكبر دول العالم الإسلامي، فلقد قامت المرأة الإيرانية بعملية غزو شاملة لسوق العمل تمكنت خلالها من امتلاك 33% من حجم الوظائف في الحكومة والجهاز الإداري للدولة، وصعدت 432 إمرأة إلى منصب مدير عام، وتؤكد المرأة الإيرانية الآن أنها تسعى من خلال أجهزة الثورة لتصحيح المفاهيم الخاطئة الشائعة، لأن الإسلام لا يعارض عمل المرأة(10).
ويتركز اشتغال النساء في القطاعات المنظمة في بلدان العالم الإسلامي بصفة عامة والبلاد العربية بصفة خاصة في مجال الخدمات، بحيث تصل النسبة في عدد من دول الخليج إلى أكثر من 80%، وتتراوح في عدد كبير من البلدان الأخرى بين 15% و35%. وهناك في بعض البلدان العربية التي تنمو فيها قطاعات الإنتاج الصناعي لا تتجاوز نسبة النساء المشتغلات في قطاع الإنتاج 16%، وتبلغ أعلاها في دول العالم الإسلامي جنوب شرق آسيا، وفى مصر نجد أن المرأة تمثل نسبة تتراوح بين 15% و20% من قوة العمل الصناعية في مصر(11).
ومما ينبغى الإشارة إليه أيضاً توزيع القوى العاملة النسائية حسب الفئات العمرية، وتركيز النساء المشتغلات في الفئتين العمريتين (24-20) وبين (29-25)، وتأخذ نسبة المشتغلات في الانخفاض تدريجياً بعد ذلك في معظم بلدان العالم الإسلامي.
معدلات مساهمة المرأة في القطاع الاقتصادي غير المنظم :
من المعروف أن كثيراً من الأنشطة التي تؤديها المرأة تستثنى عادة من إحصاءات القوى العاملة والدخل القومي، وخصوصاً الأعمال التي تقوم بها المرأة في الريف وفي التجمعات البدوية والرعوية، وهي أنشطة اقتصادية تسهم في دخل الأسرة والدخل القومي، ويتراوح معدل عمل المرأة في بلدان العالم الإسلامي والدول العربية في المجال التجاري والزراعي والحرفي والرعوي، وتحضير الطعام وحفظه بين 60%، ويمثل أيضاً 70% في المشاريع الاجتماعية الصغيرة وكل الأعمال المنزلية تقريباً التي تتضمن في بعض البقاع حمل الماء والإنتاج الزراعي والحطب وغيرها من الأنشطة في القطاعات غير المنظمة(12).
هذا إلى جانب كثير من الأعمال التي تعتبر مساندة للرجل ومهيئة لظروف عمله. وتشير إحصاءات منظمة العمل العربية إلى ارتفاع نسبة المشتغلات في القطاع الزراعي والمهن الزراعية من القوى العاملة النسائية بحيث تتراوح ما بين 25% و85% في الأقطار ذات الموارد الزراعية.
وتذكر إحدى الدراسات أن نسبة النساء اللاتي تعملن في المجال الزراعي في البحرين تقل عن 1% وشأن البحرين شأن بعض دول الخليج مثل الكويت وقطر ودولة الإمارات العربية، كما أشارت الدراسة إلى أن مشاركة المرأة الريفية ما زالت موضع إهمال، كما لا يشار إليها في إحصاءات القوى العاملة في كل من الكويت والبحرين، ويعكس ذلك الوضع في دراسة إحصائية في المملكة العربية السعودية أن العمال السعوديين الذين يعملون في الزراعة لا يشكلون سوى 671.650 نسمة، وأن النساء بهذا القطاع لا يتجاوزن ما نسبته 33.2%، وترجع الدراسة هذا الوضع إلى تدفق أعداد كبيرة للعمالة الأجنبية مما أدى إلى إهمال مساهمة المرأة في القوى العاملة وجعلها مورداً غير مستغل(13).
وتبلغ نسبة مساهمة المرأة في المناطق الريفية والبدوية أعلاها فى فئة العمر العشرين فأكثر، وفئة العمر (50-40) سنة.
أما بالنسبة لمصر فهي لا تختلف كثيراً، فنسبة النساء المشتغلات في القطاع الزراعي والحرفي تمثل 27.7%، وهي في نفس الوقت تمثل 55% من مجموع النساء في المناطق الريفية(14).
أما بالنسبة لدول شمال أفريقيا، فالجزء الأكبر من عمل المرأة في مجال القطاع غير المنظم ما زال غير مرئي، كما أنه غير مسجل، وتؤكد الدراسات التي أجريت عن تونس بشأن بعض خصائص عمل المرأة تركيز الإناث على الأعمال الدنيا، وأن 49% منهن يمارسن أعمالاً يدوية، وتقوم 28% من النساء العاملات بأعمال النظافة في المنازل بتونس، وتبلغ مساهمة المرأة في الجزائر في القطاع غير المنظم 6% من المجموع الكلي للنساء، أما في المغرب فهي قرابة 38%(14).
والخلاصة أن المشتغلات من النساء تتركزن في قطاعات اقتصادية معينة ومهن محددة في قطاع الخدمات، كما أن نصيبهن من بعض الأعمال التي تدر أجراً عالياً ما زال هزيلاً وغير متساو مع أجور الرجال. وعلى وجه التحديد يتركزن في أعمال التشييد والبناء والأعمال الزراعية وأعمال النظافة في البيوت.
ويختلف إقبال المرأة على العمل أو حتى الرغبة فيه وفقاً لبعض الاعتبارات الاجتماعية والثقافية، فالمرأة غير المتزوجة قد تقبل أعمالاً لا تقبلها المرأة المتزوجة، أو بالأحرى لا يسمح لها اجتماعياً أن تمارسها، بالإضافة إلى أن الوضع الطبقي يلعب دوراً أساسياً في قبول العمل أو رفضه. وعلى الرغم من ذلك فقد أكدت الدراسات إخلاص المرأة في مجالات العمل المختلفة ومساهمتها الفعالة في التنمية.
ونظراً إلى أن المساهمة في سوق العمل ليست المقياس الوحيد لقياس مدى المساهمة في التنمية عموماً، فإننا نحتاج إلى إيجاد مفهوم مختلف تماماً لتقييم مساهمة المرأة المسلمة في الأنشطة الاقتصادية والتخطيط لمستقبلها في هذا الإطار.
ثانياً : الدور الاجتماعي والثقافي :
نظرة الإسلام لمكانة المرأة الاجتماعية :
لما كان الإسلام هو دين الغالبية العظمى من سكان دول العالم الإسلامي، وأحد العوامل الكبرى في حركة الحضارة العربية الإسلامية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، فإن الأمر يقتضي أن نركز على مكانة المرأة الاجتماعية في الإسلام، وفي هذا الصدد، فإن الإسلام قد ساوى بين الرجل والمرأة في الكرامة الإنسانية واستخلفهما معاً لعمران الكون، كما نهى القرآن عن كراهية البنت، وحرم وأدها، كما كان متبعاً في الجاهلية.
إن القرآن الكريم قد ساوى بين الرجال والنساء في الواجبات الدينية وفي المسؤولية وفي الثواب والعقاب، حيث ذكر في محكم آياته : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى } (سورة النجم، الآيات 41-39).. والإنسان هنا يشمل كلاّ من الذكور والإناث بطبيعة الحال.
كما أكدت السنة النبوية على المساواة في معاملة الذكور، فالحديث الشريف يقرر >ساووا بين أولادكم فى العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء<. والمساواة في العطاء تمتد من تربية الأطفال ورعايتهم إلى إتاحة الفرص المتكافئة لهم نمواً وعملاً ومشاركة من خلال ما يتمتعون به من حقوق وما يتحملونه من مسؤوليات، ويقرر الرسول# هذه المساواة بين الذكر والأنثى بنصيحته للنساء اللائي جئن لمبايعته يوم فتح مكة : >من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة<.
أعطت الشريعة الإسلامية المرأة حرية الاختيار والقرار وحق التعرف على من يريد أن يتزوجها، ومع أن الإسلام قد استهجن الطلاق وجعله أبغض الحلال، إلا أنه لم يقصر الحق فيه على الرجل، كما يجري الفهم القائم على تقاليد وأعراف اجتماعية، وهكذا فإن المساواة كاملة في انعقاد الزواج وفي تفريقه بين المرأة والرجل.
والخلاصة أن الإسلام يرسي قاعدة مكينة لمكانة المرأة بالنسبة لكرامتها ولمساواتها بالرجل ولحقها في المشاركة الفعلية العريضة في شؤون الحياة، كما فعلت كثير من فضليات النساء في كثير من حقب التاريخ.
مساهمة المرأة في التنمية الاجتماعية والثقافية :
يرجع اهتمامنا بالدور الاجتماعي والثقافي للمرأة إلى إيماننا بالبيئة التي يعيش فيها الطفل في السنوات الأولى من عمره، وعلى نموه مستقبلاً، فالمرأة تلعب دوراً رئيساً في تنمية الموارد البشرية الصغيرة، فالأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى لتربية الطفل وتنشئته، فيها يوضع حجر الأساس التربوي حيث يكون الطفل عجينة طيعة يتقبل التوجيه ويتعوده ويلتقط ما يدور حوله من صور وعادات وتقاليد وثقافة البيئة التي يعيش فيها، وفيها أيضاً يتعلم مبادئ الحياة الاجتماعية والمعارف والعادات الصحية السليمة.
ورعاية المرأة لأبنائها تبدأ قبل ميلادهم، وذلك من خلال اختيارها التغذية السليمة المتكاملة التي تفيد صحتها أثناء الحمل والرضاعة، وذلك وقاية وحماية للأطفال، حتى لا يتعرضون في هذه المرحلة إلى تأخر النمو أو قلة الحيوية ونقص المناعة، وزيادة القابلية للأمراض المعدية، ليعيشوا رجالاً أصحاء أقوياء.
وتنمي المرأة طاقات أبنائها عن طريق إشراكهم في ممارسة الرياضة، وكذلك تنمية الوعي الفكري والثقافي لديهم، وتوعيتهم دينياً وسياسياً حتى لا يقعوا فريسة لموجات التطرف، وترسخ فيهم القيم والسلوك والعادات الإسلامية المطلوبة، وهذه التنمية والتربية تقوم على أساس المساواة بين الذكور والإناث، فكل ما يتلقاه الطفل من عناية ورعاية وتنمية في السنوات الأولى من عمره يشكل أقصى حد ما سيكون عليه عند بلوغه. ودور المرأة لا ينحصر في ذلك فقط بل يتعداه إلى ما تقوم به من أعمال الاقتصاد المنزلي الخاصة بترتيب المنزل وتنظيفه، وتصنيع الغذاء، وتوزيع دخل الأسرة على بنود الإنفاق المنزلي، كما أنها في بعض الأحيان تتحمل المسؤولية كاملة في حالة غياب الزوج أو وفاته، هذا بالإضافة إلى عملها خارج المنزل.
وتعتمد درجة إسهامات المرأة الاجتماعية والثقافية على مدى الخدمات المقدمة من المجتمع التي تساعدها على القيام بهذه الأدوار، وتتمثل في منشآت للخدمات الاجتماعية كالوحدات الاجتماعية، ودور الحضانة، ومراكز التدريب والتكوين المهني، ومكاتب التوجيه والاستشارات الأسرية، ومراكز الخدمات الصحية المتمثلة في المستشفيات العامة ومستشفيات الولادة، ومراكز رعاية الطفولة والأمومة، والمستوصفات، ومراكز تنظيم الأسرة، ومنشآت الخدمات الثقافية التي تمثلت في وسائل الإعلام، والمكتبات، والأندية الرياضية والاجتماعية.
وليست المرأة في حاجة إلى الخدمات فقط، ولكنها في حاجة أيضاً إلى إعدادها الإعداد الجيد وتمكينها من القيام بكل هذه الإسهامات، فإذا كان المجتمع يريد الاستفادة من مساهمة النساء كاملة في التنمية، فعليه أن يساعدهن على أداء دورهن بالإعداد والإجراءات التي تساعدهن على تحمل مسؤوليتهن، ويتضمن هذا الإعداد إلمامهن بالمعلومات الكافية في النواحي الصحية والثقافية والبيئية، كما يتضمن هذا الإعداد تنمية مهاراتهن على استخدام هذه المعلومات في كل نواحي الحياة، وتدعيم اتجاهاتهن، وإيمانهن بأهمية دورهن في تنمية مجتمعهن وتنمية الوعي الثقافي لديهن لتتعرفن على ما يدور حولهن في العالم المحلي والخارجي، ولتعرفن حقوقهن وواجباتهن، وهذا لا يتأتى إلا عن طريق المزيد من الخدمات التعليمية والبرامج الثقافية المقدمة للمرأة.
تطور الأوضاع الاجتماعية والثقافية للمرأة في بلدان العالم الإسلامي :
منذ العقد العالمي للمرأة (1985-1975)، بدأت الحكومات تهتم بأوضاع المرأة في كافة المجالات وتعمل على تحسينها، وتمكين المرأة من المشاركة الفعالة في جميع مجالات الحياة، واستهدفت العقود الماضية في معظم البلدان الإسلاميةالتوسع في نطاق الخدمات الاجتماعية ومرافق البنية الأساسية وتوسيع نطاق التماسك الاجتماعي والمزيد من التحسينات في كافة جوانب الرفاه الاجتماعي.
وبذلت الحكومات المركزية في معظم هذه البلدان جهوداً كبيرة لتوسيع نطاق حصول جميع الأطفال على خدمات التعليم الأساسي، كما وسعت في الوقت نفسه فرص الحصول عليه بالمجان لجميع الأطفال، وعملت على رفع مستوى تعليم البنات لإيمان هذه المجتمعات أن تعليم البنات هو الاستثمار الوحيد الأكثر فاعلية سواء عملت المرأة خارج البيت أم لم تعمل، فهو يعود بمجموعة من المنافع الإيجابية على أفراد الأسرة وتحسين أوضاعها الصحية والغذائية، وتحسين فترات الحمل والولادة، وتخفيض معدلات وفيات الأطفال وإصابتهم بالأمراض، بالإضافة إلى تحسين مستوى تعليم الأطفال، ويؤكد هذا تقرير التنمية البشرية لعام 2000، فهو يركز على الصحة والتغذية والتعليم لا لقيمتهما فحسب، بل أيضاً لتأثيراتها الإيجابية المباشرة وغير المباشرة على رأس المال البشري والإنتاجية والقدرة على المشاركة والتفاعل الاجتماعي. ولنتأمل تأثيرات التعليم، فالعنف المنزلي لايتأثر بعدد سنوات الزواج أو عمر المرأة وترتيبات المعيشة أو تعليم الزوج، وإنما تتأثر بتعليم المرأة، فقد لوحظ في الهند إذا كانت المرأة قد نالت تعليماً ثانوياً فإن معدل حدوث هذا العنف ينخفض بأكثر من الثلثين.
ولقد حققت البلدان النامية ومعظمها من دول العالم الإسلامي الكثير فيما يتعلق بالغذاء والصحة والتعليم، ففي الفترة من عام 1980 إلى عام 1999 انخفضت نسبة سوء التغذية ونسبة الأطفال ناقصي الوزن من 37% إلى 27%، وخلال الفترة نفسها انخفض معدل الوفيات بين الأطفال بأكثر من 50%، فبعد أن كانت 168 حالة لكل ألف مولود أصبحت 93 حالة. وخلال الفترة من 1970 إلى عام 1999 زادت نسبة من يحصلون على مياه صالحة للشرب في المناطق الريفية في العالم النامي أكثر من أربع مرات، إذ ارتفعت من 13% إلى 71%(15).
واهتمت مصر بصحة المرأة وتبنت مفهوم الصحة الإنجابية، وكان هذا بناء على توصيات المؤتمر الدولي للسكان والتنمية بالقاهرة 1994 الذي نص على أن مبادئ المساواة بين الجنسين، وحق المرأة في الصحة الإنجابية حيويان للتنمية البشرية.
ويعني مفهوم الصحة الإنجابية تقديم الخدمات التى تحتاجها المرأة بين فترات الحمل والولادة، مع الاهتمام بالصحة النفسية والاجتماعية للمرأة، وهذا المفهوم يتجاوز مرحلة العمر الإنجابي ويبدأ بالطفولة ويستمر إلى المراهقة والشباب والنضج وحتى بعد انقطاع الدورة الشهرية للمرأة، وبذلك أصبحت المرأة في مصر هدفاً لمجموعة من المساعدات والخدمات الصحية والنفسية والاجتماعية في فترات عمرها المختلفة وأثناء الحمل والولادة وما بينهما، وانعكس هذا الوضع على تونس أيضاً فهي من بلدان شمال أفريقيا بالغة الاهتمام بالنهوض بالمرأة. وتجاوبت إيران مع قضايا العصر ووافقت على تنفيذ برامج واسعة لتحديد النسل في سبيل بناء دولة عصرية، وفرضت على كل المقبلين على الزواج من الجنسين ابتداء من عام 1994 ضرورة الانتظام في محاضرات ودروس تنظيم الأسرة قبل الزواج، وأصدرت فتوى تبيح تنظيم الأسرة وتعقيم النساء والرجال للحد من النسل، وحدّت من الزواج المبكر للفتيات: والجدول التالي يوضح بعض المؤشرات الصحية في بعض بلدان العالم الاسلامي.
مؤشرات الأوضاع الصحية في بعض بلدان العالم الإسلامي(*)

وبالنسبة للخدمات التعليمية، فقد انخفضت الأمية في الدول النامية بحوالي النصف، حيث زاد معدل معرفة القراءة والكتابة بين البالغين بمقدار النصف : من 48% في عام 1970 إلى 72% عام 1998، وزادت نسبة القيد الصافية في المرحلتين الابتدائية والثانوية معاً من 50% عام 1970 إلى 72% عام 1998(16).
وفي مصر ارتفعت نسبة القيد الصافي للصف الأول الابتدائي من 75.12% عــام 92/1993 إلى 86.81% عام 98/1999، وكانت نسبة القيد للإناث 45.7% عــــام 92/1993، وارتفعت إلى 48% لعام 98/1999، أي أن نسبة الملتحقات من الإناث بالصف الأول تقترب من نسبة تمثيل الإناث في المجتمع المصري 49% تقريباً حسب إحصاء عام 1996.
وهذا يعد أحد المؤشرات الهامة الدالة على تحقيق تكافؤ الفرص التعليمية وأن قضية النوع في التعليم أوشكت على الانتهاء.
أما بالنسبة للإناث البالغات، فقد انخفضت الأمية بينهن من 61.8% عام 1986 إلى 43.4% عام 1999(17).
وفي عام 1998 كانت إيران واحدة من 10 دول في العالم تخلصت من الفجوة الخطيرة في الفرق بين تعليم الأولاد والبنات، ووجدت 95% من البنات أماكن لهن في المدارس الابتدائية والإعدادية، وبلغت نسبة طالبات الجامعة حوالي 40% من حجم الطلبة في التعليم العالي، واقتصرت 30% من الكليات على البنات فقط(18).
مؤشرات الأوضاع التعليمية للمرأة في بعض بلدان العالم الاسلامي(*)

أما بالنـسبة لأوضـاع المــرأة داخــل الأســرة، فلـيـس لـديـنا أي مــؤشــرات أو إحصائيات عن دور المرأة في عملية صناعة القرار في الأسرة، إلا أن هناك بعض الدراسات عن المرأة المصرية في الريف والحضر تؤكد أن المرأة تساهم في صناعة القرارات الخاصة بأسرتها، وأن هذه المساهمة تتضح في بعض المجالات المختلفة كمشاركتها في القرارات الخاصة بتحديد مصادر الدخل، وتوزيع الميزانية على بنود الإنفاق والادخار، وزواج الأبناء وتنظيم الأسرة، وتحديد حجمها. وأوضحت الدراسات أيضاً أن قوة المرأة في صناعة القرار تتأثر بعوامل كثيرة من أهمها التعليم، ومشاركتها في قوة العمل، والمكانة الاجتماعية لأسرة النشأة التي قدمت منها.
وتـشير أيـضاً إحـدى الـدراسات عـن تنظـيم الأسـرة وسلطة المرأة في المجـتمع الحضـري بالمـملكة العربية السـعودية إلـى أن المـرأة فـي المجتمعات العـربية تتمـتع بسلـطة غيـر رسـمية، وأنها تمــارس سيطرة قوية على قرارات أقاربها الأقـربين بالنسـبة لشـؤون الزواج، وقد عزز هذه السلطة غير الرسمية للمرأة في الأسـر موضع الدراسـة، سـفرها المـتكرر للخارج، وإقامتها الطويلة بعيداً عن الوطن ودراسة أبنائها بالمدارس الأجنبية. أما الكويت فتمثل مكانة الصدارة بين بلدان الخليج فيما يتعلق بالحرية والمكانة الاجتماعية التي تتمتع بها المرأة.
أما المرأة فى منطقة شمال إفريقيا (تونس والجزائر والمغرب) فقد اكتسبت قدراً من السلطة داخل إطار الأسرة، وذلك نتيجة لدخول المرأة مجال العمل خارج البيت، ولاستقلالها الاقتصادي، وقد أسفر هذا عن تغير في الأوضاع الاجتماعية والثقافية للنساء، وتمثل ذلك في اختيارهن للزوج، وارتفاع سن الزواج، وتحديد حجم الأسرة.
وابتداء من عام 1994 تصاعدت ضغوط الحركة النسائية في إيران لتغيير قوانين العمل وحضانة الأطفال. وارتفع مستوى الوعي الثقافي للمرأة في البلدان الإسلامية، وذلك استناداً إلى التطورات والتغيرات التي طرأت على العالم بصفة عامة ،والعالم الإسلامي بصفة خاصة، من تطور تكنولوجي واتساع نطاق الاتصال بين الناس، وتحسين سبل النقل والمواصلات، كل ذلك مهد لإحداث تغير في ثقافات المرأة التي كانت تنصب على العادات والتقاليد. فارتبط مستوى الوعي الثقافي بالتعليم، حيث إن المرأة كلما نالت قسطاً أكبر من التعليم، كانت أكثر قدرة على فهم وإدراك ما تبث لها وسائل الاعلام، وأكثر وعياً بحقوقها التي شرعتها لها الدولة، وكذلك كانت أكثر وعياً بما يدور في عالمها المحلي والعالمي من تغيرات وتحولات.
ولقد وثقت دراسات كثيرة الصلات السببية بين الغذاء والتغذية والإسكان والصرف الصحي والرعاية الصحية والتعليم، فعلى سبيل المثال تقلل الصحة الجيدة الاحتياجات إلى الغذاء، وتزيد استخدامه الفعال في التغذية، كما أن التحصيل التعليمي الأعلى يكون له أثر تكميلي مماثل على التغذية، ويتضح من مجموعة كبيرة من الأدلة، أن ارتفاع مستوى تثقيف الأمهات يحسن الوضع الغذائي للأطفال، ويتبين من دراسة أجريت في جنوب آسيا، أن معدل نقص التغذية يقل بما يصل إلى 20% بين أطفال النساء اللاتي لم يتجاوز تعليمهن المرحلة الابتدائية مقارنة بأطفال الأمهات الأميات(19).
وفي هذا المجال أيضاً هناك مجموعة من العوامل تساعد في تنمية الوعي الثقافي لدى المرأة، وتتحد هذه العوامل مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تتمثل في ارتفاع مستويات الدخل، وتنوع المهن والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
كما تلعب وسائل الاتصال والإعلام ومدى اقتنائها، دوراً هاماً في زيادة انفتاح المرأة على ثقافات جديدة وفي سرعة تدفق المعلومات والمعارف كما هو موضح بالجدول التالى :
الجدول يبين أوضاع الثقافة والاتصال في بعض دول العالم الإسلامي(*)

ونستخلص أن المرأة المسلمة واسعة الثقافة هي التي تسعى إلى إحداث التغيرات في أوضاع المرأة المسلمة، وتحقيق المساواة الكاملة في الحقوق، بعد تزايد مشاركة المرأة في مختلف ميادين الحياة، وعملها خارج المنزل، بالإضافة إلى ارتفاع مستواها الاجتماعي وبروزها في عالم الأعمال يشكلان واحداً من أبرز وأهم القوى العاملة في إحداث التغيير.
ثالثاً : الدور السياسي :
الإسلام وحقوق المرأة السياسية :
أنصف الإسلام المرأة، ورفع عنها الظلم والحيف وما عانته من تمييز في العصور السابقة على نزول القرآن. وكان من أثر ذلك، الاعتراف بحقها في المشاركة في تدبير شؤون المجتمع كافة، اقتصادية واجتماعية وقانونية. وأصبح لها شأن في المجال السياسي، حيث تستشار في الأمور كلها، أكانت إدارية أو حربية، بل وتشارك إلى جنب أخيها الرجل سواء بسواء في تسيير شؤون المجتمع وتدبيرها.
واستمرت المرأة بعد ذلك تواصل إثبات وجودها داخل المجتمع، وشاركت بقوة في الحياة العامة، وساهمت في نشر الدعوة أيضاً. ويؤكد هذا الأمر الدكتور مصطفى الشكعة بقوله : >لقد حرر الإسلام المرأة أولاً ثم أقر مكانتها فأدت دورها بأكمل وجه. وأسهمت بجهدها قولاً وفكراً وعملاً وتطبيقاً، وواجهت الخلفاء والملوك بالقول الساطع البيان<.
كذلك فإن الشيخ محمد الغزالي أكد في كتابه "السنة النبوية بين أهل الفكر وأهل الحديث"، على حق المرأة في تولي القيادة، ودخولها العمل السياسي حيث يقول : يجوز أن تتولى المرأة المسلمة رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، فمسألة ولاية المرأة للحكم ليست من اختراعي وإنما قال بها من قبل عدد من الأئمة من بينهم ابن حزم وابن جرير الطبري، والدين الإسلامي لم يمانع في أن تكون المرأة زعيمة سياسية وقد أباح لها الحق تولي أمور القضاء.
في هذا المجال سوف نتوقف عند السيدة عائشة أم المؤمنين وزوجة الرسول ــ عليه الصلاة والسلام ــ ودورها السياسي كنموذج للزعامة السياسية.
فلقد تجلى الموقف السياسي للسيدة عائشة، رضي الله عنها، حين وقفت في صف معارضي الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، خليفة المسلمين بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان، رضي الله عنه. وكانت السيدة عائشة من أعلم النساء المؤمنات ببواطن الأمور، وكثيراً ما كانت تشارك بالرأي في علاج أخطر الأمور التي تعرضت لها الدولة الإسلامية، واستطاعت أن تروي أكثر من ألف حديث صحيح.
المرأة والمشاركة في الحياة العامة
قامت المرأة بأدوار نضالية من أجل استقلال بلدان العالم الإسلامي من السيطرة الأجنبية، كما أنها حملت السلاح في صفوف المقاتلين، وما زالت تقوم بدورها النضالي في الكفاح المسلح للشعب الفلسطينى من أجل استرداد حقوقه من العدو الصهيوني. وهناك صفحات مشرقة للمرأة في تاريخ الحركات الوطنية الحديثة. ومع ظهور الاتحادات النسائية والمطالبة بالحقوق السياسية، اكتسبت المرأة حق التصويت والترشح للمجالس التشريعية في العديد من الدول، وتولت في بعضها مناصب عليا في السلطة التنفيذية. ومع ذلك فإن مشاركة المرأة في الحياة السياسية في البلدان الإسلامية تتراوح بين المد والجزر، وذلك يتوقف على عدة عوامل داخلية وخارجية. وبالرغم من الستار الذي فرضته التقاليد على النساء، فقد برز عدد منهن كعائشة التيمورية التي غدت شاعرة وأديبة. وملك ناصف أو باحثة البادية التي كان لها دور بارز في ميدان المشاركة السياسية، ووضعت كتاباً بعنوان "حقوق النساء" وأهم ما أشارت إليه في هذا الكتاب حق المرأة في الانتخاب.
ونذرت نبوية موسى حياتها لتعليم المرأة، وبرهنت على قدرة المرأة على تولي المناصب العليا، حيث نجحت في الوصول إلى أرقى المناصب التربوية بوزارة المعارف، ونجحت في إصدار مجلة الفتاة الأسبوعية 1937، ولها كتاب "المرأة والعمل". وحين نسير مع نيل المرأة لحقوقها المدنية والسياسية في مطلع العصر الحديث، نتوقف عند ثورة 1919 في مصر التي شاركت فيها المرأة بنصيب كبير. ولقد ارتبطت هذه المشاركة الفعالة من جانب المرأة في الأحداث السياسية المرتبطة بثورة 1919 بالتطلع الفعلي إلى التعليم.
لقد حرصت المرأة المصرية منذ عام 1907 على المشاركة في المؤتمرات السياسية داخل مصر وخارجها، حيث حضرت السيدة انشراح شوقي مؤتمر بروكسل 1910، الذى دعا إليه الزعيم محمد فريد من أجل نصرة القضية المصرية. وسقطت أول شهيدة مصرية للثورة في العصر الحديث وهي السيدة حميدة خليل في ثورة 1919(20).
ولقد اعترف سعد زغلول زعيم الثورة في مذكراته بدور المرأة السياسي في ثورة 1919، وكانت مثالاً للمصري الذي جاهد من أجل بلاده.
كما كان دور السيدة صفية زغلول مثالاً للمرأة المصرية التي تصدت لمواصلة الثورة حتى بعد نفي زوجها سعد زغلول، لقد كانت تساند سعد زغلول في نشاطه السياسي حتى بعد نفيه خارج مصر، حيث كانت تجتمع مع زعماء الوفد في بيت الأمة.
وكما ساهمت المرأة المصرية في إشعال الثورات وعلى الأخص في ثورة 1919 مناضلة وشهيدة، كذلك ساندت المرأة السورية الثورة السورية، كما شاركت المرأة الجزائرية في ثورة الجزائر، وقبلها ساهمت المرأة العراقية بنقض معاهدة بورتسموت، ثم المرأة الفلسطينية في مقاومة الاحتلال البريطانى، ثم بعده مقاومة الاحتلال الصهيوني.
لقد ارتبط ظهور المرأة الجزائرية في الساحة السياسية بالكفاح ضد الاستعمار الفرنسي عام 1832، وخرجت في مظاهرة عام 1939، أما المرأة الفلسطينية فقد واكبت أيضاً الحركات النضالية التي قام بها الشعب الفلسطينى ضد الانتداب البريطاني ابتداء من عام 1920، ويعد عام 1929 هو بداية انطلاق المرأة الفلسطينية في عالم السياسة والمشاركة في شؤون بلادها(21).
ثم على أرض السودان حيث كافحت المرأة السودانية طويلاً في سبيل تشكيل اتحادها النسائي. كذلك المرأة على أرض اليمن التي نجحت في تكوين تنظيمها النسائي المستقل عام 1974(22).
وبانتهاء عصر الكفاح المسلح ضد الاستعمار، ما عدا في فلسطين، واصلت المرأة كفاحها، فقصدت العديد من الندوات والمؤتمرات، ففي عام 1974 عقد في بيروت مؤتمر نسائي تحت شعار "وضع المرأة العربية في دساتير الأقطار العربية" اشترك فيه ممثلون من 12 دولة، ناقش خلاله المؤتمر قضية المرأة والعمل السياسي وأصدر عدة توصيات على رأسها : ضرورة مساواة المرأة بالرجل والاعتراف بحقها في المجال النقابي والسياسي(23).
وفي عام 1975 عقد في بغداد مؤتمر حول "العمل للمرأة". وفي سوريا وبناءً على توصيات أحد المؤتمرات النسائية عام 1971، قررت الحكومة ولأول مرة منح المرأة حق الانتخاب والترشيح(24).
أما في الكويت وفي عام 1973، أعلنت الحكومة مساواة الرجل بالمرأة في أجور العمل والإجازات(25).
العوامل التي تؤثر في معدلات مشاركة المرأة في التنمية
تشير معظم البحوث والدراسات التي أجريت في هذا الصدد إلى أن عوامل عديدة تؤثر في معدلات مساهمة المرأة في عملية التنمية الشاملة، وهي عوامل مرتبطة بعدة أبعاد منها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، باعتبار أن واقع المرأة هو نتاج لتفاعل هذه الأبعاد، وأهم هذه العوامل ما يلي :
1. عوامل التشريع :
وهي كل ما تتخذه المجتمعات من سياسات وإجراءات لتطوير النظم المجتمعية التي تحدد الحقوق والواجبات، وتنظم العلاقات بين الدولة والمواطن. ويتمثل ذلك في إصدار تشريعات وقوانين تمكن المرأة وتمنحها القدرة لكي تمارس أدوارها المنوطة بها في المجتمع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، كحق المرأة في الانتخاب والترشيح، وإتاحة الفرصة أمامها كي تنضم إلى التنظيمات السياسية والجمعيات التطوعية، حتى تستطيع أن تمارس أنشطتها الاجتماعية، وإتاحة الفرصة أمامها بأن تتقلد المناصب القيادية العليا في المجتمع.
وقد بلغ عدد النساء اللاتي دخلن البرلمان المصري عام 2000، (11) سيدة، وبلغت نسبة النساء اللاتي وصلن إلى المناصب القيادية عام 1998، 9.4%(26).
ومنحت الأم المصرية التي تعمل إجازة ثلاثة شهور براتب كامل إذا وضعت مولوداً، وإجازة ست سنوات بربع مرتب لرعاية أطفالها على مدى حياتها الوظيفية.
وفى سوريا منحت المرأة حق الانتخاب والترشيح، واشتركت النساء للمرة الأولى عام 1971 في الانتخابات، ومنحت المرأة إجازة أربعين يوماً للأمومة براتب كامل، وصدر مرسوم بإنشاء الاتحاد النسائي العام للأهداف التالية :
ــ رفع المستوى الثقافي للمرأة.
ــ توفير الشروط للمرأة لتقوم بالتزاماتها، وأهمها واجب الأمومة والطفولة عن وعي وعلم، ودفعها لتقوم بالعمل في سائر المجالات كالرجل.
وفي إيران أعلنت الحكومة تأييدها لاشتراك المرأة الإيرانية في الشؤون الاجتماعية والسياسية، وبدأ صدى الحركة النسائية واضحاً في جميع مجالات الحياة، ففي المجال السياسي فازت 14 إمرأة بمقاعد نيابية في الانتخابات البرلمانية، وهو رقم يفوق عدد النساء الأعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي حالياً، وتقدمت 4 سيدات للترشيح في انتخابات الرئاسة عام 1997، ودخلن في منافسة مع السيد محمد خاتمي نفسه(27).
وإذا كانت بعض هذه التشريعات والقوانين قد أتاحت فرصاً متكافئة للرجل كما هو الحال في قوانين التعليم، وبعض قوانين العمل، إلا أن هناك بعض التشريعات الأخرى في حاجة إلى الالتزام بتطبيقها. وهذا يبدو واضحاً في التشريعات والقوانين للأحوال الشخصية وبعض قوانين العمل، فهناك هوة كبيرة بين القانون وواقع المرأة، وأيضاً يوجد تفاوت في التشريعات بين الدول الإسلامية والعربية، ويظهر هذا التفاوت في قوانين الحقوق الاجتماعية، فيما يتصل بمدة وأجر إجازة الأمومة للمرأة، وتطبيق قوانين تلزم أصحاب العمل بإنشاء دور الحضانة، وأيضاً فيما يتعلق بقانون الحصول على الطلاق. ومما لاشك فيه أن هذه التشريعات ضرورية لكي تقوم المرأة بدور فعال في إنماء المجتمع وذلك بحصولها على حقوقها السياسية والاجتماعية، وخروجها إلى مجال العمل متساوية في ذلك مع الرجل.
2. التعليم والتدريب :
لاشك أن التعليم يسهم في تغيير أوضاع المرأة بشكل كبير، ويضمن لها مستقبلاً أفضل. ويتوقف مدى إسهام المرأة في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على ما حصلت عليه من تثقيف وتأهيل، حيث يزيد التعليم والتدريب من إمكانية المرأة على العمل ورفع مستوى توقعاتها في الحياة، ويخفّض نسبة الخصوبة، ويزيح التقاليد الخاطئة، وهذا ما تبرزه الإحصائيات إذ تبين أن نسبة مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي ترتفع مع ارتفاع المؤهل العلمي الذي تحصل عليه، وأن انتشار التعليم والحاجة إلى عمال مهرة على حد سواء للاضطلاع بالمشاريع الواسعة التي يجري تنفيذها في كل البلدان الإسلامية سوف ييسران انضمام المرأة إلى قوة العمل، ففي البحرين لم تشترك المرأة بصورة فعالة في القوى العاملة، إلا بعد أن منحت فرصة التعليم ثم العمل بمهنة التدريس ثم العمل في مجال التمريض.
لذلك نجد أن معدلات تعليم البنات في دول العالم الإسلامي قد قفزت قفزات كبيرة، فقد استطاعت بعض الدول استيعاب البنات في مرحلة التعليم الابتدائي بشكل كامل، وزادت نسبة القيد الصافية في المرحلتين الابتدائية والثانوية معاً من 50% عام 1970 إلى 72% في عام 1998. إلا أن هذا التقدم كان متفاوتاً فيما بين المناطق وفيما بين فئات المجتمع في هذه البلدان(28).
فالواقع يشير إلى تفشي الأمية بين الكبار والنساء من سن 15 سنة فما فوق. والأمية من المشكلات الخطيرة التي تقف عائقاً أمام مشاركة المرأة بصورة فعالة في المجتمع، وعلى الرغم من تحسن مستويات محو الأمية تحسناً معتبراً في بعض البلدان العربية والإسلامية في الفترة من 1960 إلى 1995، حيث تجاوزت الضِّعف في كل بلد بدأ من أساس منخفض، لكن نظراً لزيادة معدلات محو الأمية بخطى أسرع في المناطق الحضرية، فإن البلدان ذات الأعداد الكبيرة من سكان المناطق الريفية (مصر، المغرب، اليمن) لديها أيضاً معدلات أدنى لمحو الأمية بين الكبار حوالي 50% وأكثر، وبما أن معدلات محو الأمية بين النساء في البلدان الإسلامية (باستثناء لبنان وإيران) على الأقل أدنى بنسبة 20%، تكون الإناث في البلدان التي تغلب فيها الأوضاع الريفية كالمغرب واليمن محرومات بشكل واضح، إذ لا تستطيع القراءة والكتابة سوى امرأة واحدة من كل 10 نساء في المغرب، وواحدة من كل تسع نساء في اليمن(29).
ويضاف إلى مشكلة الأمية مشكلة أخرى وهي التسرب، وهو رافد من روافد الأمية. وتشير الإحصاءات إلى أن معدلات تسرب الإناث أعلى من معدلات تسرب الذكور. وفي اليمن بلغت معدلات تسرب البنات في الصف الأول الابتدائي 31%، وبلغت 25% من مجمل أعداد التلاميذ المسجلين بالمدارس(30).
وزاد من حجم المشكلة أيضاً وجود تقاليد اجتماعية في ريف بعض البلدان تدعي أن تعليم البنت لا ينبغي أن يتجاوز مستوى معيناً حتى لا تجد صعوبة في الزواج مبكراً.
مما سبق يتضح أن بلدان العالم الإسلامي ما زالت في حاجة إلى مزيد من الجهود من أجل توفيرالمزيد من الفرص للإناث في التعليم، وذلك بهدف تحسين الخصائص النوعية لأهم شرائح المجتمع وأكثرها تأثيراً في الشرائح الاجتماعية الأخرى، وحتى تستطيع أن تضطلع بدورها المأمول في منظومة التنمية.
3. التحرر من التمييز والفقر، تحقيقاً للمساواة :
لا يمكن الحديث عن الرقي بوضعية المرأة بدون إزالة كل أشكال التمييز التي تحد من تمكينها وإدماجها في التنمية. وأول شكل من أشكال التمييز هو معاناة المرأة بصفة عامة، والمرأة التي تعيش في المناطق الريفية والنائية بصفة خاصة، من الغبن والحرمان والفقر، مما رسخ فكرة تأنيث الفقر باعتبار أن المرأة أكثر فئات السكان تضرراً وحرماناً وتخلفاً.
لقد أظهرت الدراسات وجود صلات سببية مهمة بين بعض الحقوق من قبيل الحق في المشاركة وحرية التعبير، والحق في التحرر من التمييز والفقر. ولا يمكن أن يكون هناك دليل على أثر هذه الصلات أفضل من أثر الحق فى حرية التعبير والمشاركة في الحياة السياسية على تجنب النكبات الاجتماعية الكبرى، وثمة مظاهر أخرى للصلات السببية بين الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاجتماعية والثقافية. فالتمييز ضد المرأة يمكن أن يسبب لها حرماناً من حيث التغذية والصحة. ويتضح من تحليل البيانات، أن الارتفاع غير العادي في مستويات سوء التغذية والمواليد ذوي الوزن المنخفض عند الولادة لا يمكن تفسيره تفسيراً كاملاً بمحددات معتادة مثل الدخل، والرعاية الصحية، وتعليم الإناث، ومعرفة الإناث بالقراءة والكتابة، وعمر الإناث عند أول زواج. فجانب من تفسير هذا الارتفاع هو التمييز ضد المرأة في توزيع الغذاء والرعاية الصحية داخل الأسرة المعيشية، وهو تمييز ناجم عن كون الحقوق الاجتماعية والثقافية في المجتمع الرجولي أضعف.
إن التمييز حسب الجنس مستمر في شتى أنحاء العالم ولا يزال جزءاً مــن حياتنا.. لماذا ؟ لأن الأعراف ربما تكون تغيرت ولكنها لا تتغير بالسرعة الكافية، فعدم التمييز والمساواة قد اعترف بهما رسمياً في القوانين، ولكن ما زال هناك تمييز في السياسات، ومن ثم يظل التمييز وانعدام المساواة متفشيين في جميع البلدان تقريباً. ففرص الحصول على المساواة في الأجر و في العمالة وفي الحصول على الخدمات، والمساواة في المشاركة السياسية قد يعترف بها رسمياً، ولكن دون إنفاذ فعال للقوانين، فتظل هناك فجوات في هذه المجالات بالنسبة للمرأة.
ولهذا يتعين تعلم الكثير بشأن الحاجة إلى التصدي لأوجه انعدام المساواة بكافة صورها، والتحرر من الفقر بالنسبة للمرأة، وينبغي على الدول أن تشجع الطبقات الفقيرة لتحسين دخلها من خلال اتباع تدابير موجهة من قبل النهوض بالمشاريع الصغيرة، واتباع تدابير، لإنهاء التمييز فى سوق العمل.
4. وسائل الإعلام والثقافة :
تلعب وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة دوراً خطيراً في تغيير الآراء والمعتقدات، وفي إعادة توجيه سلوك الأفراد خاصة في الشرائح الثقافية والطبقات الاقتصادية والاجتماعية المتوسطة، حيث يسهل التأثير والتغيير في معتقداتهم وأنماطهم القيمية والسلوكية السائدة.
وتنتشر أجهزة الإعلام والتثقيف بمختلف أنواعها في بلدان العالم الإسلامي، وتنقل هذه القنوات في برامجها وموادها وأساليب تعبيرها صوراً إيجابية وقيماً اجتماعية عن المرأة، من حيث حرصها على التماسك والاستقرار بين أفراد أسرتها، ومن حـــيث احترامها للعادات والتقاليد، إلا أننا نجد على النقيض من ذلك العديد من المواد والبرامج الإعلامية التي قد تكرس قيماً غريبة عن مجتمعاتنا الإسلامية لا تظهر من المرأة إلا صورة الأنثى، أو التي تكرس أفكار الضعف النوعي والنقص الفكري والتبعية للرجل.
فعلى سبيل المثال يلاحظ أن السياسات الإعلامية الخاصة بثقافة المرأة، تتناقض مع بعضها البعض، إذ تكرس العديد من البرامج الثقافية أفكار المساواة في الحقوق والواجبات، وتطالب المرأة بالمزيد من المشاركة في أنشطة الحياة المختلفة، بينما نجد أن العديد من البرامج الدرامية تدعو المرأة للاستكانة والرضا بما يمنحهن الرجال.
ونخلص من ذلك إلى أن وسائل الإعلام والتثقيف المسموعة والمرئية قد لا تعكس الصورة الحقيقية للواقع الثقافي والاجتماعي للمرأة، ولذلك فلابد من الاهتمام والتطوير المستمر للبرامج والمواد الإعلامية والثقافية، لأنها مسؤولة مسؤولية مباشرة في هذا المجال للقيام بمهام التحفيز وإعداد المجتمع للتغيير بإبراز أهمية المرأة، ودورها في المجتمع، وتعظيم هذا الدور من خلال الأعمال الدرامية والأفلام، حتى تكون صورة عن المرأة تكفل احترامها وتعظيم دورها، كما ينبغي أن تتغير مفاهيم الرجل عن المرأة وأن يؤمن بأهمية دورها ومشاركتها في جميع مناحي الحياة.
الخلاصة :
تأسيساً على ما سبق عرضه في المبحث الرابع، نستخلص ما يلي :
- تزايد الاهتمام العالمي بقضية تنمية المرأة وتمكينها من أداء أدوارها بفعالية من خلال عقد سلسلة من الندوات والمؤتمرات التي أكدت على ضرورة دعم دور المرأة انطلاقاً من أهمية مكانتها في المجتمع.
- أن الدين الإسلامي أعطى صورة متكاملة عن دور المرأة ومكانتها في المجتمع، فالقرآن الكريم والحديث الشريف والتفسير والاجتهادات تعطي المرأة مكانة خاصة تترجم عملياً إلى تشريعات تحدد حقوقها وواجباتها.
- تشير الإحصاءات إلى أن المرأة المسلمة تسهم في تطوير بلدها، رغم أن نشاطها الاقتصادي أقل من نشاط النساء في البلدان المتقدمة.
- استفادت المرأة في إيران، وهي من أكبر دول العالم الإسلامي، من الفرص المتاحة أمامها لدخول سوق العمل، تمكنت خلالها من امتلاك 33% من حجم الوظائف في الحكومة والجهاز الإداري للدولة، وصعدت 432 امرأة إلى منصب مدير عام.
- أن مشاركة المرأة في الحياة السياسية في الأقطار الإسلامية تتزايد يوماً بعد يوم.
- أن هناك عدة عوامل تؤثر في معدلات مساهمة المرأة في عملية التنمية الشاملة، ومنها التشريع، والتعليم والتدريب، التحرر من التمييز والفقر، ووسائل الإعلام والثقافة.
.................................
(1) رفيقة سليم حمود : المرأة المصرية ـ مشكلات الحاضر وتحديات المستقبل، دار الأمين، القاهرة، 1997، ص 21.
(2) المركز الإقليمي لتعليم الكبار : مؤتمر دور المرأة العربية في التنمية القومية من 30-24 سبتمبر 1972، سرس الليان، التقرير النهائي، ص 7.
(3) اليونسكو : تقرير عن التربية في العالم، 2000، منشورات اليونسكو، باريس، 2000.
(4) حامد عمار : بناء الانسان العربي، مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية، القاهرة، 1992.
(5) نادية جمال الدين : "المرأة الريفية وأدوارها الاجتماعية ومحدداتها"، محاضرة قدمت في ورشة العمل للقيادات النسائية في الفترة من 18 إلى 30 مارس 1995، (التقرير النهائي) المركز الاقليمي لتعليم الكبار "أسفك"، سرس الليان.
(6) منظمة العمل الدولية (المكتب الإقليمي للدول العربية) : الموارد البشرية وتحديات التنمية في جمهورية مصر العربية، الجزء الثاني 1994، ص 64.
(7) البنك الدولي : التعليم في منطقة الشرق الأوسط، استراتيجية نحو التعليم من أجل التنمية، شبكة التنمية البشرية، 1998، ص 6.
(8) منظمة العمل الدولية (المكتب الإقليمي للدول العربية) : مرجع سابق، ص 72.
(9) الدراسات الاجتماعية للمرأة في العالم العربي : المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1984.
(10) روبين رايت : الثورة العظمى الأخيرة، كتاب منشور في جريدة الجمهورية القاهرية، عرض وتقديم أحمد البرديسي، 26 أبريل، 2000.
(11) منظمة العمل الدولية (المكتب الإقليمي للدول العربية)، مرجع سابق، ص 72.
(12) المرجع السابق، ص 69.
(13) الدراسات الاجتماعية عن المرأة في العالم العربي، مرجع سابق.
(14) منظمة العمل الدولية، المكتب الإقليمي للدول العربية، مرجع سابق، ص 72.
(15) الدراسات الاجتماعية عن المرأة في العالم العربي، مرجع سابق.
(16) الأمم المتحدة : تقرير التنمية البشرية لعام 2000.
(17) الأمم المتحدة : تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية لعام 2000.
(18) المؤتمر العربي الإقليمي حول التعليم للجميع : تقييم عام 2000، القاهرة، في الفترة من 24 إلى 27/1/2000.
(19) روبين رايت : مرجع سابق.
(20) تقرير الأمم المتحدة : مرجع سابق.
(21) حنفي المحلاوي : النساء ولعبة السياسة، القاهرة 1998، ط2 ، ص 50-47.
(22)، (2)، (3)، (4) حنفي المحلاوي : مرجع سابق.
(23) حنفي المحلاوي : مرجع سابق.
(24) تقرير الأمم المتحدة : مرجع سابق.
(25) روبين رايت : الثورة العظمى الأخيرة، ثورة النساء في إيران، حلقة من كتاب منشور بجريدة الجمهورية القاهرية، عرض وتقديم أحمد البرديسي، القاهرة، 26/4/2001.
(26) الأمم المتحدة : تقرير التنمية البشرية لعام 2000، برنامج الأمم المتحدة الانمائي، ص 4.
(27) البنك الدولي : التعليم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، استراتيجية نحو التعليم من أجل التنمية، 1998، ص 10.
(28) البنك الدولي : مرجع سابق، ص 10.
جميع الحقوق محفوظة للإيسيسكو 2000 - 20






آخر مواضيعي 0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
0 اللهم فرج هم كل مهموم
0 أتركنى أسكن عينيك
0 ﻣﺎﻫﻮ ﺻﺒﺮ ﺃﻳﻮﺏ ؟
رد مع اقتباس
قديم 01-10-2012, 12:21 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
طارق سرور

الصورة الرمزية طارق سرور

إحصائية العضو







طارق سرور غير متواجد حالياً

 

افتراضي

المرأة لها دور فى المجتمع لا غنى عنه

وهى رائدة فى بعض المجالات الحيوية

طرح رائع وقيم جداااااااااااا

شكرى وتقديرى اختى نوووور







آخر مواضيعي 0 خوف
0 اسرار
0 اللهم اجعلنا من المحسنين
0 اعرف مين هى مصر
0 البقلة
رد مع اقتباس
قديم 01-10-2012, 04:28 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي

طرح رائع

وهام

وعلى كل انسان

ان يعلم جيدا دورة من اجل ان تكتمل الحياة

فالمراة لها دور والرجل لة دور

وفى النهاية الحياة تقوم على وجودهم سويا

تسلمى نور







آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:08 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator