تستمر معاناة الشعب الفلسطيني جراء الاحتلال الذي يمنعهم من الحصول على حقوقهم الإنسانية الأساسية ويهدد الأمن الإنساني ويقف حجر عثرةٍ أمام إحراز أي تقدمٍ ملموس على صعيد التنمية البشرية. كما تَفاقم الوضع الاقتصادي جراء التفرقة المستمرة بين الضفة الغربية وغزة، وركود النمو الاقتصادي، والأزمة المالية المستمرة، وارتفاع معدلات البطالة، فضلاً عن انتشار الفقر وانعدام الأمن الغذائي.
وكان اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بفلسطين دولةً مراقبة غير عضوة (القرار رقم 67/19 تاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012) قد منح الشعب الفلسطيني دفعةً سياسية وحمل آمالاً بإحراز تقدمٍ كبير في مساعي بناء الدولة وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية. ولكن التحديات المتمثلة في تراجع مساعدات الجهات المانحة وتدني ما تدفعه إسرائيل من إيرادات المقاصة عما هو مدرجٌ في الموازنة والتوسع في بناء المستوطنات تشكل عوائق مهولة تَحول دون تنفيذ مشاريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية محددة الأهداف.
وعقب الحصول على مكاسب اقتصادية تعزى أولاً إلى انتعاش قطاع البناء المرتبط باقتصاد الأنفاق في غزة أثناء الفترة 2008-2011، ركد نمو الناتج المحلي الإجمالي. وقد أسهم ازدياد عدم الاستقرار السياسي وتلاشي أي أملٍ بتخفيف القيود الإسرائيلية المفروضة على النشاط الاقتصادي إضافةً إلى العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة عام 2012 في ارتفاع معدل البطالة من 21 في المائة عام 2011 إلى 24.5 في المائة عام 2013.
وبموازاة ذلك، وصل حجم القوى العاملة الفلسطينية إلى أكثر من 1.1 مليون عاملٍ في عام 2013. ولكن لا تزال المشاركة في القوى العاملة متدنية، إذ بلغت 43 في المائة فقط في حزيران/يونيو 2013، وهي تتسم بانخفاض معدل مشاركة المرأة الذي ارتفع قليلًا لكنه لم يتجاوز 16.6 في المائة مقارنةً مع 68.7 في المائة للرجل. كما تضرر الشباب، وخاصةً الشابات، بشدة جراء ضائقة سوق العمل.
منظمة العمل الدولية في الأرض الفلسطينية المحتلة
تنفِّذ منظمة العمل الدولية حالياً برنامجاً للتعاون الفني استناداً إلى الأولويات الواردة في خطة التنمية الوطنية للأرض الفلسطينية المحتلة دعماً لمساعي بناء الدولة وتسريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية اللازمة لتأمين غدٍ آمن ومستقر ومزهر للشعب الفلسطيني. وتبلغ موازنة برنامج التعاون الفني زهاء 1.9 مليون دولارٍ وتموله حكومة الكويت، والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، وجمعية الرفاه، ومنظمة العمل الدولية.
وفي عام 2013، وضعت منظمة العمل الدولية برنامجاً رئيسياً للعمل اللائق في الأرض الفلسطينية المحتلة مع الهيئات الثلاثية المكوِّنة لها وأصحاب المصلحة. ويُسهم البرنامج في تنفيذ خطة التنمية الوطنية، والاستراتيجية القطاعية لوزارة العمل، وإطار الأمم المتحدة الأول للمساعدات الإنمائية لدولة فلسطين (2014-2016). ويسعى برنامج العمل اللائق إلى:
- تعزيز حقوق العمال وتحسين حوكمة سوق العمل.
- تعزيز فرص العمل وسبل عيش الفلسطينيين والفلسطينيات.
- تسهيل وضع نظامٍ متكامل للضمان الاجتماعي وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية لتشمل سائر المحتاجين في الأرض الفلسطينية المحتلة.
الانتعاش الاقتصادي المحلي
يُعتبر قطاع صيد الأسماك في غزة واحداً من أكثر القطاعات تضرراً جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية والحصار المستمر منذ عام 2007. ويعمل في هذ القطاع نحو 3400 صيادٍ مسجَّل في قطاع غزة، وهو يضم صيادين يعملون لحسابهم الخاص وعمالاً (موسميين أو دائمين) يعملون على مراكب أكبر.
والصيادون الصغار وأسرهم أيضاً هم بعض الفئات الأكثر تضرراً من انعدام الأمن الغذائي في غزة. فأكثر من نصف هؤلاء الصيادين يعاني من انعدام الأمن الغذائي الذي ازداد منذ عام 2010 مقارنةً بالفئات السكانية الأخرى.
ويسعى مشروع منظمة العمل الدولية "دعم سبل العيش وفرص العمل في قطاع الأسماك" في غزة إلى تحسين سبل كسب عيش صيادي السمك. ويستخدم المشروع منهجيةً أسرية لتمكين الشباب والنساء اقتصادياً واجتماعياً. لمعرفة المزيد...
عمل الأطفال
إن ارتفاع معدلات بطالة البالغين وتراجع متوسط الأجور الحقيقة في الأرض الفلسطينية المحتلة شكَّلا ضغوطاً على الأطفال للعمل من أجل دعم أسرهم. وما زاد الطين بلةً هو ضعف النظام التعليمي وعدم وجود نظامٍ فعال وموثوق وشامل للضمان الاجتماعي، ما يزيد من مخاطر لجوء الأسرة إلى تشغيل أطفالها.
ويدعم مشروع منظمة العمل الدولية "تعزيز معارف وقدرات الشركاء الثلاثة على معالجة أسوأ أشكال عمل الأطفال في الأرض الفلسطينية المحتلة" الهدف العالمي المتمثل في القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال بحلول عام 2016 من خلال مشاريع التوعية وبناء القدرات التي تستهدف ممثلي الحكومة والعمال وأصحاب العمل والمجتمع المدني. ويمكن للشركاء الوطنيين، بتعزيز فهم عمل الأطفال ومنه أسوأ أشكاله، اتخاذ إجراءاتٍ لاعتماد أو تعديل التشريعات وتعزيز قاعدتهم المعرفية عن عمل الأطفال. لمعرفة المزيد...
تمكين النوع الاجتماعي
شهدت الأرض الفلسطينية المحتلة على مدى العقد الفائت فجوةً كبيرة ومستمرة بين الجنسين على صعيد المشاركة في القوى العاملة. ففيما بقي معدل مشاركة الرجل ثابتاً منذ عام 2000 (مسجلاً 68.7 في المائة في حزيران/يونيو 2013)، ظلَّ معدل مشاركة المرأة أدنى من ربع معدل مشاركة الرجل على الرغم من ارتفاع الأول من 13 في المائة عام 2000 إلى 16 في المائة في حزيران/يونيو 2013.
وهنالك أيضاً فجوةٌ كبيرة في الأجور بين الجنسين، إذ إن وسطي الأجر اليومي للمرأة يبلغ قرابة 84 في المائة من أجر الرجل. كما أن ضعف فرص حصول المرأة على عملٍ لائق مرده أولاً وأخيراً إلى تداعيات الاحتلال الإسرائيلي المستمر، ومحدودية فرص العمل التي يخلقها الاقتصاد الفلسطيني، والحماية الاجتماعية غير الكافية، والمعايير الاجتماعية السائدة في المجتمع الفلسطيني. لمعرفة المزيد...
الحماية الاجتماعية
تقوم جهود منظمة العمل الدولية في تحقيق الحماية الاجتماعية في الأرض الفلسطينية المحتلة على مبادرة الأمم المتحدة العالمية لتحقيق أرضية الحماية الاجتماعية الشاملة والتي تستعين بمنهجيةٍ معيارية وطنية تعزز حصول الفقراء والفئات الضعيفة على الخدمات الأساسية والإعانات الاجتماعية. ويبقى نظام الحماية الاجتماعية والسياسة الناظمة له في الأرض الفلسطينية المحتلة مجزأً وعاجزاً عن توفير أمن الدخل الفعال والرعاية الصحية لجميع الفلسطينيين.
وتعاني الأرض الفلسطينية المحتلة من عدم وجود إعاناتٍ لإصابة العمل والرعاية الصحية والبطالة والأمومة. ولا توجد أيضاً مؤسسةٌ ثلاثية فاعلة للضمان الاجتماعي تدير وتقدم إعانات الضمان الاجتماعي للعمال المشمولين وأسرهم. وفي هذا السياق، يستند مشروع منظمة العمل الدولية "إنشاء نظامٍ للضمان الاجتماعي لعمال القطاع الخاص" إلى سلسلة اجتماعاتٍ تشاورية مع الهيئات الثلاثية وخطة التنمية الوطنية لتركيز الجهود على تقديم الدعم للأرض الفلسطينية المحتلة لتعزيز وضع استراتيجيةٍ لقطاع الضمان الاجتماعي والإنشاء التدريجي لنظامٍ شامل للضمان الاجتماعي للعمال. لمعرفة المزيد...
حوكمة العمل
تستمر معاناة الأرض الفلسطينية المحتلة مع الفجوات الكبيرة في إطارها القانوني والمؤسسي الخاص بحماية العمال وضمان حوكمةٍ سليمة لسوق العمل. ولا تزال الحوكمة الرشيدة واحترام سيادة القانون وعلى وجه الخصوص إنشاء مؤسساتٍ قوية ومستقلة تحظى باحترامٍ واسع، وهو أمرٌ ضروري للانتقال إلى الدولة، تشكل تحدياتٍ كبيرة.
وتعمل منظمة العمل الدولية منذ عام 2010 مع مفتشي العمل في شتى أرجاء الأرض الفلسطينية المحتلة لتعزيز وتحسين قدراتهم على تحديد ومعالجة والإبلاغ عن قضايا من قبيل الصحة والسلامة المهنية.
واستناداً إلى المشاريع السابقة عن حوكمة سوق العمل والمشاورات مع الهيئات الثلاثية، يسعى مشروع منظمة العمل الدولية "تعزيز إدارة وتنظيم أسواق العمل في الأرض الفلسطينية المحتلة من خلال إصلاح قانون العمل وتعزيز الحوار الاجتماعي" إلى معالجة تلك المشاكل بتحديث وتحسين الإطار التشريعي لسوق العمل فضلاً عن تعزيز فعالية المؤسسات والعمليات اللازمة لعقد حوارٍ اجتماعي حقيقي وشامل. لمعرفة المزيد...
المهارات وقابلية التوظيف وريادة الأعمال
في ظل تدني مستويات التوظيف والفوارق الكبيرة بين الجنسين على صعيد المشاركة في القوى العاملة، تعمل منظمة العمل الدولية على تطوير المهارات تلبيةً لشروط سوق العمل إضافةً إلى تعزيز ريادة الأعمال في شتى أرجاء الأرض الفلسطينية المحتلة. وتحقيقاً لهذه الغاية، تعمل منظمة العمل الدولية مع المنظمات الشريكة لها في الأمم المتحدة ومع غيرها من أصحاب المصلحة الرئيسيين على تحسين قابلية توظيف الفلسطينيين. لمعرفة المزيد...
الأشخاص ذوي الإعاقة
بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في عام 2011 أكثر من 110 آلاف فلسطينيٍ أي نحو 2.7 في المائة من إجمالي عدد السكان المقيمين على الأرض الفلسطينية المحتلة. ويُعزى بعض تلك الإعاقات بشكلٍ مباشر إلى عنف المستوطنين والشرطة والجيش الإسرائيلي. وزهاء 70 في المائة من الأشخاص ذوي الإعاقة ذوي تحصيلٍ علمي متدنٍ أو معدوم، كما أن 87.3 من الأشخاص ذوي الإعاقة بعمر فوق 18 عاماً لا يعملون.
وتوخياً للتوعية بحقوقهم وتطوير القدرات على إدماجهم في التعليم والصحة والتوظيف والقطاعات الاجتماعية، عقدت منظمة العمل الدولية شراكةً مع خمسٍ من وكالات الأمم المتحدة في إطار برنامج "شراكة الأمم المتحدة لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة" الذي يسعى إلى تعزيز احترام الحقوق الإنسانية للأشخاص ذوي الإعاقة من خلال التشريعات والخدمات والتمكين الاجتماعي والاقتصادي تماشياً مع قانون المعاق الفلسطيني واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.