امرؤ القيس الشاعر امرؤ القيس . معلومات عن الشاعر امرؤ القيس .تعرف على امرؤ القيس . شعر امرؤ القيس . قصائد امرؤ القيس . قصة امرؤ القيس . اشهر قصائد امرؤ القيس
امرؤ ألقيس هو حندج بن حجر بن الحارث الكندي. من أشهر شعراء العرب،
أبوه حجر بن الحارث ملك مملكة كندة هي إحدى الممالك العربية
القديمة قبل الإسلام في نجد وعلى أسد وغطفان، وخاله المهلهل الشاعر
-------------------------------------------
نشأته وحياته :
هو حندج بن حجر إما امرؤ ألقيس هو الاسم الذي عرف واشتهر به,فهو لقب
لًقب به ويعني الرجل الشديد. ولد امرؤ ألقيس في نجد حوالي سنه 500
م،ونشأ في أسرة ملك وسيادة وترف, فقد كان والده حجر ملكا على بني
أسد وغطفان, ودام ملكه ما يقارب ستين عاماً.
كان أصغر إخوته وعاش في كنف والده الملك, كما عاش أبناء الملوك في
ذلك الزمان ، وتعلم الفروسية ووسائل النجدة والشجاعة, وكان كثير
التردد على أخواله في بني تغلب, فتعلم الشعر من خاله الشاعر
المشهور المهلهل, الذي كان على اطلاع ومعرفة بذكائه وتوقد ذهنه
وطلاقه لسانه.
تمكن من قول الشعر وهو في عنفوان الشباب, وميعه الصبا, وأكثر من
التغزل في فتيات بني أسد والتشبيب بهن, مما أدى إلى إغضاب والده
الذي زجره، ولكنه لم يزدجر, وإنما واصل قول الشعر فيما يغضب والده
الملك، الأمر الذي أدى إلى طرده وخروجه من كنف والده ورعايته,
فالتفت حوله زمرة من الصعاليك, والشذاذ, واللصوص, وكان يغير على
إحياء العرب، ويسطون على ممتلكاتهم، ثم يتقاسمون الغنائم فيما
بينهم ويشربون الخمر ويلعبون النرد وينشدون الشعر ويتغنون القيان.
ولكن الصفاء لا يدوم والفرح لا يستمر والزمان لا يؤمن جانبه، فينما
كان غارقاً في اللذات كعادته يعاقر الخمر ويلعب النرد جاءه الخبر
بمقتل والده على يد بعض رجال بني أسد، فقال قولته المشهورة التي
حفظها الزمان في ذاكرته وهي"ضيعني أبي صغيرا, وحملني دمه كبيرا,ولا
صحو اليوم ولا سكر غدا ،اليوم خمر وغدا أمر".
نعم لقد ودع امرؤ ألقيس ذلك اليوم اللهو و والترف، وبدا بالاستعداد
للأخذ بالثار واسترجاع الملك الضائع وقد حرضه على ذلك بنو تغلب
وبكر, وأصاب ثارة من قاتل أبيه.
لقد واصل امرؤ ألقيس رحله التشرد في الحياة طلبا لمزيد من الثار
وانتهى به المطاف في القسطنطينية طالبا من القيصر جوستنياس
المساعدة لأدراك هدفه ولكن جهوده لم تتكلل بالنجاح, فعاد من عاصمة
الروم يائسا, وعندما وصل مدينه أنقرة تفشى في جسده الجدري, فسبب له
القروح التي أودت بحياته, ولما بلغ خير وفاته امر القيصر ملك
القسطنطينية بنحت له تمثال وان ينصب على ضريحه.
----------------------------------------------
شعره :
نشأ امرؤ ألقيس منذ صغره وفي أعماقه شاعرية فياضة, تسندها عاطفة
شديدة الانفعال, وظروف بيئيه أسهمت في تغذية هذه الشاعرية وتعميق
مجراها. لقد عاش امرؤ ألقيس موزعا بين فترتين مختلفتين، صنعت كل
واحدة منها شاعرا متميزاً، فقبل مقتل والده كان ذلك الشاعر اللاهي
العابث الذي انطلق مع المتع والشراب والغزل دون حدود أو ضوابط،
ولكن مقتل والده قلبَ حياته رأسا على عقب, فادى إلى انهيار الماضي
اللاهي الذي كان مسكوناً به، ليحل مكانه حاضر جديد صنع منه شاعر
العزم والبأس والثبات والصبر على الشدائد.
نعم لقد أمسى خمراً إما حاضره ومستقبله بعد مقتل والده الملك فقد
أصبح امرأ وحربا وأخذا للثار فجاء شعره في المرحلة الثانية من عمره
متسماً بصبغه الثورة والشدة.
وكما جاء شعره صدى لنوعين من الحياة: حياة اللهو والترف والعبث و
حياة الجد والعزم والثأر فقد جاء شعره صدى لنوعين من البيئة: بيئة
البداوة التي أكسبت شعره مسحه القوة والصفاء, وبيئة الحضارة التي
منحت شعره سمه الرقة واللين.
لقد قال الشعر في كل ما يحتاج إليه الشاب المترف العابث
الماجن,وقال في الخمر والنساء وفي كل أنواع المتع الجسدية وقال في
وصف الطبيعة في كل مظاهرها وصنوفها ، وقال الشعر في الحرب والثار
والتهديد واستنهاض الهمم والعزائم.
-----------------------------------------------
نهاية حياته :
لم تكن حياة امرؤ ألقيس طويلة بمقياس عدد السنين ولكنها كانت طويلة
وطويلة جدا بمقياس تراكم الإحداث وكثرة الإنتاج ونوعية الإبداع. لقد
طوف في معظم إرجاء ديار العرب وزار كثيرا من مواقع القبائل بل ذهب
بعيدا عن جزيرة العرب ووصل إلى بلاد الروم إلى القسطنطينية ونصر
واستنصر وحارب وثأر بعد حياة ملأتها في البداية باللهو والشراب ثم
توجها بالشدة والعزم إلى أن تعب جسده وأنهك وتفشى فيه وهو في ارض
الغربة داء كالجدري او هو الجدري بعينه فلقي حتفه هناك في أنقرة في
سنة لا يكاد يجمع على تحديدها المؤرخون وان كان بعضهم يعتقد أنها
سنه 540م.
لقد ترك خلفه سجلا حافلا من ذكريات الشباب وسجلا حافلا من بطولات
الفرسان وترك مع هذين السجلين ديوان شعر ضم بين دفتيه عددا من
القصائد والمقطوعات التي جسدت في تاريخ شبابه ونضاله وكفاحه, وعلى
الرغم من صغر ديوان شعره الذي يضم ألان ما يقارب من مئة قصيدة
ومقطوعة إلا انه جاء شاعرا متميزا فتح أبواب الشعر وجلا المعاني
الجديدة ونوع الإغراض واعتبره القدماء مثالا يقاس عليه ويحتكم في
التفوق أو التخلف إليه.
ولذلك فقد عني القدماء بشعره واحتفوا به نقداً ودراسة وتقليداً كما
نال إعجاب المحدثين من العرب والمستشرقين, فاقبلوا على طباعته منذ
القرن الماضي, القرن التاسع عشر في مصر وفرنسا وألمانيا وغيرها من
البلدان التي تهتم بشؤون الفكر والثقافة.
ولذلك فقد عني القدماء بشعره واحتفوا به نقداً ودراسة وتقليداً كما نال إعجاب المحدثين من العرب والمستشرقين, فاقبلوا على طباعته منذ القرن الماضي, القرن التاسع عشر في مصر وفرنسا وألمانيا وغيرها من البلدان التي تهتم بشؤون الفكر والثقافة.
معلقة امرؤ القيس
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ
بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها
لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وشَمْألِ
تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِهَـا
وَقِيْعَـانِهَا كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُــلِ
كَأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُـوا
لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ
وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُـمُ
يَقُوْلُوْنَ لاَ تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَمَّـلِ
وإِنَّ شِفـَائِي عَبْـرَةٌ مُهْرَاقَـةٌ
فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَـا
وَجَـارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَـلِ
إِذَا قَامَتَا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَـا
نَسِيْمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ
فَفَاضَتْ دُمُوْعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً
عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي مِحْمَلِي
ألاَ رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِـحٍ
وَلاَ سِيَّمَا يَوْمٍ بِدَارَةِ جُلْجُـلِ
ويَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَي مَطِيَّتِـي
فَيَا عَجَباً مِنْ كُوْرِهَا المُتَحَمَّـلِ
فَظَلَّ العَذَارَى يَرْتَمِيْنَ بِلَحْمِهَـا
وشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّـلِ
ويَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْـزَةٍ
فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاَتُ إنَّكَ مُرْجِلِي
تَقُولُ وقَدْ مَالَ الغَبِيْطُ بِنَا مَعـاً
عَقَرْتَ بَعِيْرِي يَا امْرأَ القَيْسِ فَانْزِلِ
فَقُلْتُ لَهَا سِيْرِي وأَرْخِي زِمَامَـهُ
ولاَ تُبْعـِدِيْنِي مِنْ جَنَاكِ المُعَلَّـلِ
فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِـعٍ
فَأَلْهَيْتُهَـا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْـوِلِ
إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ
بِشَـقٍّ وتَحْتِي شِقُّهَا لَمْ يُحَـوَّلِ
ويَوْماً عَلَى ظَهْرِ الكَثِيْبِ تَعَـذَّرَتْ
عَلَـيَّ وَآلَـتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّـلِ
أفاطِـمَ مَهْلاً بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّـلِ
وإِنْ كُنْتِ قَدْ أزْمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي
أغَـرَّكِ مِنِّـي أنَّ حُبَّـكِ قَاتِلِـي
وأنَّـكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَـلِ
وإِنْ تَكُ قَدْ سَـاءَتْكِ مِنِّي خَلِيقَـةٌ
فَسُلِّـي ثِيَـابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُـلِ
وَمَا ذَرَفَـتْ عَيْنَاكِ إلاَّ لِتَضْرِبِـي
بِسَهْمَيْكِ فِي أعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّـلِ
وبَيْضَـةِ خِدْرٍ لاَ يُرَامُ خِبَاؤُهَـا
تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غَيْرَ مُعْجَـلِ
تَجَاوَزْتُ أحْرَاساً إِلَيْهَا وَمَعْشَـراً
عَلَّي حِرَاصاً لَوْ يُسِرُّوْنَ مَقْتَلِـي
إِذَا مَا الثُّرَيَّا فِي السَّمَاءِ تَعَرَّضَتْ
تَعَـرُّضَ أَثْنَاءَ الوِشَاحِ المُفَصَّـلِ
فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَـا
لَـدَى السِّتْرِ إلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّـلِ
فَقَالـَتْ : يَمِيْنَ اللهِ مَا لَكَ حِيْلَةٌ
وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ الغَوَايَةَ تَنْجَلِـي
خَرَجْتُ بِهَا أَمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَـا
عَلَـى أَثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّـلِ
فَلَمَّا أجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَـى
بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقَافٍ عَقَنْقَلِ
هَصَرْتُ بِفَوْدَي رَأْسِهَا فَتَمَايَلَـتْ
عَليَّ هَضِيْمَ الكَشْحِ رَيَّا المُخَلْخَـلِ
مُهَفْهَفَـةٌ بَيْضَـاءُ غَيْرُ مُفَاضَــةٍ
تَرَائِبُهَـا مَصْقُولَةٌ كَالسَّجَنْجَــلِ
كَبِكْرِ المُقَـانَاةِ البَيَاضَ بِصُفْــرَةٍ
غَـذَاهَا نَمِيْرُ المَاءِ غَيْرُ المُحَلَّــلِ
تَـصُدُّ وتُبْدِي عَنْ أسِيْلٍ وَتَتَّقــِي
بِـنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفِـلِ
وجِـيْدٍ كَجِيْدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفَاحِـشٍ
إِذَا هِـيَ نَصَّتْـهُ وَلاَ بِمُعَطَّــلِ
وفَـرْعٍ يَزِيْنُ المَتْنَ أسْوَدَ فَاحِــمٍ
أثِيْـثٍ كَقِـنْوِ النَّخْلَةِ المُتَعَثْكِــلِ
غَـدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إلَى العُــلاَ
تَضِلُّ العِقَاصُ فِي مُثَنَّى وَمُرْسَــلِ
وكَشْحٍ لَطِيفٍ كَالجَدِيْلِ مُخَصَّــرٍ
وسَـاقٍ كَأُنْبُوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّــلِ
وتُضْحِي فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِراشِهَـا
نَئُوْمُ الضَّحَى لَمْ تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّـلِ
وتَعْطُـو بِرَخْصٍ غَيْرَ شَثْنٍ كَأَنَّــهُ
أَسَارِيْعُ ظَبْيٍ أَوْ مَسَاويْكُ إِسْحِـلِ
تُضِـيءُ الظَّلامَ بِالعِشَاءِ كَأَنَّهَــا
مَنَـارَةُ مُمْسَى رَاهِـبٍ مُتَبَتِّــلِ
إِلَى مِثْلِهَـا يَرْنُو الحَلِيْمُ صَبَابَــةً
إِذَا مَا اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْـوَلِ
تَسَلَّتْ عَمَايَاتُ الرِّجَالِ عَنْ الصِّبَـا
ولَيْـسَ فُؤَادِي عَنْ هَوَاكِ بِمُنْسَـلِ
ألاَّ رُبَّ خَصْمٍ فِيْكِ أَلْوَى رَدَدْتُـهُ
نَصِيْـحٍ عَلَى تَعْذَالِهِ غَيْرِ مُؤْتَــلِ
ولَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُوْلَــهُ
عَلَيَّ بِأَنْـوَاعِ الهُـمُوْمِ لِيَبْتَلِــي
فَقُلْـتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّـى بِصُلْبِــهِ
وأَرْدَفَ أَعْجَـازاً وَنَاءَ بِكَلْكَــلِ
ألاَ أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيْلُ ألاَ انْجَلِــي
بِصُبْحٍ وَمَا الإصْبَاحُ منِكَ بِأَمْثَــلِ
فَيَــا لَكَ مَنْ لَيْلٍ كَأنَّ نُجُومَـهُ
بِـأَمْرَاسِ كَتَّانٍ إِلَى صُمِّ جَنْــدَلِ
وقِـرْبَةِ أَقْـوَامٍ جَعَلْتُ عِصَامَهَــا
عَلَى كَاهِـلٍ مِنِّي ذَلُوْلٍ مُرَحَّــلِ
وَوَادٍ كَجَـوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُــهُ
بِـهِ الذِّئْبُ يَعْوِي كَالخَلِيْعِ المُعَيَّــلِ
فَقُلْـتُ لَهُ لَمَّا عَوَى : إِنَّ شَأْنَنَــا
قَلِيْلُ الغِنَى إِنْ كُنْتَ لَمَّا تَمَــوَّلِ
كِــلاَنَا إِذَا مَا نَالَ شَيْئَـاً أَفَاتَـهُ
ومَنْ يَحْتَرِثْ حَرْثِي وحَرْثَكَ يَهْـزَلِ
وَقَـدْ أغْتَدِي والطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِهَـا
بِمُنْجَـرِدٍ قَيْـدِ الأَوَابِدِ هَيْكَــلِ
مِكَـرٍّ مِفَـرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِـرٍ مَعــاً
كَجُلْمُوْدِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ
كَمَيْتٍ يَزِلُّ اللَّبْـدُ عَنْ حَالِ مَتْنِـهِ
كَمَا زَلَّـتِ الصَّفْـوَاءُ بِالمُتَنَـزَّلِ
عَلَى الذَّبْلِ جَيَّاشٍ كأنَّ اهْتِـزَامَهُ
إِذَا جَاشَ فِيْهِ حَمْيُهُ غَلْيُ مِرْجَـلِ
مَسْحٍ إِذَا مَا السَّابِحَاتُ عَلَى الوَنَى
أَثَرْنَ الغُبَـارَ بِالكَـدِيْدِ المُرَكَّـلِ
يُزِلُّ الغُـلاَمُ الخِفَّ عَنْ صَهَـوَاتِهِ
وَيُلْوِي بِأَثْوَابِ العَنِيْـفِ المُثَقَّـلِ
دَرِيْرٍ كَخُـذْرُوفِ الوَلِيْـدِ أمَرَّهُ
تَتَابُعُ كَفَّيْـهِ بِخَيْـطٍ مُوَصَّـلِ
لَهُ أيْطَـلا ظَبْـيٍ وَسَاقَا نَعَـامَةٍ
وإِرْخَاءُ سَرْحَانٍ وَتَقْرِيْبُ تَتْفُـلِ
ضَلِيْعٍ إِذَا اسْتَـدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَـهُ
بِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ لَيْسَ بِأَعْزَلِ
كَأَنَّ عَلَى المَتْنَيْنِ مِنْهُ إِذَا انْتَحَـى
مَدَاكَ عَرُوسٍ أَوْ صَلايَةَ حَنْظَـلِ
كَأَنَّ دِمَاءَ الهَـادِيَاتِ بِنَحْـرِهِ
عُصَارَةُ حِنَّاءٍ بِشَيْـبٍ مُرَجَّـلِ
فَعَـنَّ لَنَا سِـرْبٌ كَأَنَّ نِعَاجَـهُ
عَـذَارَى دَوَارٍ فِي مُلاءٍ مُذَبَّـلِ
فَأَدْبَرْنَ كَالجِزْعِ المُفَصَّـلِ بَيْنَـهُ
بِجِيْدٍ مُعَمٍّ فِي العَشِيْرَةِ مُخْـوَلِ
فَأَلْحَقَنَـا بِالهَـادِيَاتِ ودُوْنَـهُ
جَوَاحِـرُهَا فِي صَرَّةٍ لَمْ تُزَيَّـلِ
فَعَـادَى عِدَاءً بَيْنَ ثَوْرٍ ونَعْجَـةٍ
دِرَاكاً وَلَمْ يَنْضَحْ بِمَاءٍ فَيُغْسَـلِ
فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مِن بَيْنِ مُنْضِجٍ
صَفِيـفَ شِوَاءٍ أَوْ قَدِيْرٍ مُعَجَّـلِ
ورُحْنَا يَكَادُ الطَّرْفُ يَقْصُرُ دُوْنَـهُ
مَتَى تَـرَقَّ العَيْـنُ فِيْهِ تَسَفَّـلِ
فَبَـاتَ عَلَيْـهِ سَرْجُهُ ولِجَامُـهُ
وَبَاتَ بِعَيْنِـي قَائِماً غَيْرَ مُرْسَـلِ
أصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيْكَ وَمِيْضَـهُ
كَلَمْـعِ اليَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّـلِ
يُضِيءُ سَنَاهُ أَوْ مَصَابِيْحُ رَاهِـبٍ
أَمَالَ السَّلِيْـطَ بِالذُّبَالِ المُفَتَّـلِ
قَعَدْتُ لَهُ وصُحْبَتِي بَيْنَ ضَـارِجٍ
وبَيْنَ العـُذَيْبِ بُعْدَمَا مُتَأَمَّـلِ
عَلَى قَطَنٍ بِالشَّيْمِ أَيْمَنُ صَوْبِـهِ
وَأَيْسَـرُهُ عَلَى السِّتَارِ فَيَذْبُـلِ
فَأَضْحَى يَسُحُّ المَاءَ حَوْلَ كُتَيْفَةٍ
يَكُبُّ عَلَى الأذْقَانِ دَوْحَ الكَنَهْبَلِ
ومَـرَّ عَلَى القَنَـانِ مِنْ نَفَيَانِـهِ
فَأَنْزَلَ مِنْهُ العُصْمَ مِنْ كُلِّ مَنْـزِلِ
وتَيْمَاءَ لَمْ يَتْرُكْ بِهَا جِذْعَ نَخْلَـةٍ
وَلاَ أُطُمـاً إِلاَّ مَشِيْداً بِجِنْـدَلِ
كَأَنَّ ثَبِيْـراً فِي عَرَانِيْـنِ وَبْلِـهِ
كَبِيْـرُ أُنَاسٍ فِي بِجَـادٍ مُزَمَّـلِ
كَأَنَّ ذُرَى رَأْسِ المُجَيْمِرِ غُـدْوَةً
مِنَ السَّيْلِ وَالأَغثَاءِ فَلْكَةُ مِغْـزَلِ
وأَلْقَى بِصَحْـرَاءِ الغَبيْطِ بَعَاعَـهُ
نُزُوْلَ اليَمَانِي ذِي العِيَابِ المُحَمَّلِ
كَأَنَّ مَكَـاكِيَّ الجِـوَاءِ غُدَّبَـةً
صُبِحْنَ سُلافاً مِنْ رَحيقٍ مُفَلْفَـلِ
كَأَنَّ السِّبَـاعَ فِيْهِ غَرْقَى عَشِيَّـةً
بِأَرْجَائِهِ القُصْوَى أَنَابِيْشُ عُنْصُـلِ
شعره :-
يعتبر امرؤ القيس من أشهر الشعراء الجاهليين وذلك لكثرة ما تميّز به شعره وأعماله، فهو أول من وقف على الأطلال، وأول من وصف الليل والخيل والصيد وقال / أبو عبيدة معمّر بن المثنى : من فضله أنه أول من فتح الشعر واستوقف، وبكى الدمن ووصف ما فيه، وهو أول من شبّه الخيل بالعصا والسباع، والظباء والطير، وهو أول من قيد الأوابد في وصف الفرس، وهو أول من شبّه الثغر بشوك السيال .
الوصف :-
تعتبر معلقة امرؤ القيس من أسلم ما وجد من أعماله وفي هذه القصيدة فقد وصف امرؤ القيس كثيرًا البيئة من حوله ومن أمثلة التصوير والوصف في شعره وصفه لليل حيث يقول :-
وَلَيلٍ كَمَوجِ البَحرِ أَرخى سُدولَه
= عَلَيَّ بِأَنواعِ الهُمومِ لِيَبتَلي
فَقُلتُ لَهُ لَمّا تَمَطّى بِصُلبِهِ
= وَأَردَفَ أَعجازاً وَناءَ بِكَلكَلِ
أَلا أَيُّها اللَيلُ الطَويلُ أَلا اِنجَلي
= بِصُبحٍ وَما الإِصباحُ مِنكَ بِأَمثَلِ
فَيا لَكَ مِن لَيلٍ كَأَنَّ نُجومَهُ
= بِكُلِّ مُغارِ الفَتلِ شُدَّت بِيَذبُلِ
ومن قصائد إمرئ القيس :-
أرانا موضعين لأمر غيب
= وَنُسْحَرُ بالطَّعامِ، وَبالشَّرابِ
عَصافيرٌ، وَذُبَّانٌ، وَدودٌ،
= وأجْرأُ مِنْ مُجَلِّحَة ِ الذِّئابِ
فبعضَ اللوم عاذلتي فإني
= ستكفيني التجاربُ وانتسابي
إلى عرقِ الثرى وشجت عروقي
= وهذا الموت يسلبني شبابي
ونفسي سَوفَ يَسْلُبُها وجِرْمي
= فيلحِقني وشكا بالتراب
ألم أنض المطي بكلِّ خرق
= أمَقَ الطُّولِ، لمَّاعِ السَّرابِ
وأركبُ في اللهام المجر حتى
= أنالَ مآكِلَ القُحَمِ الرِّغابِ
وكُلُّ مَكارِمِ الأخْلاقِ صارَتْ
= إلَيْهِ هِمَّتي، وَبِهِ اكتِسابي
وقد طَوَّفْتُ في الآفاقِ، حَتى
= رضيتُ من الغنيمة بالإياب
أبعد الحارث الملكِ ابن عمرو
= وَبَعْدَ الخيرِ حُجْرٍ، ذي القِبابِ
أرجي من صروفِ الدهر ليناً
= ولم تغفل عن الصم الهضاب
وأعلَمُ أنِّني، عَمّا قَريبٍ،
= سأنشبُ في شبا ظفر وناب
كما لاقى أبي حجرٌ وجدّي
= ولا أنسي قتيلاً بالكلاب
( نظرة في بعض أبيات معلقة امرئ القيس ) :-
انظر إلى / امرئ القيس بن حجر الكندي ( الملك الضليل ) يرسم لنا صورة حية مما يقع في فصل الربيع في جزيرة العرب يصوره تصويرا دقيقا جميلا بفلم مادته الكلمات واطار صورته البديع من الحروف وهو يقول من معلقته : وهو يقعد مع صحبه بين ملح ضارج الشقة من أرض القصيم وكانت من منازل بني تميم ويسمى ملحها الى يومنا هذا ملح ضاري على لغة بني تميم التي تقلب الجيم ياءا وماء العذيب من مناهل نجد في خبوب بريدة الغربية كما ذكر الشيخ / محمد بن ناصر العبودي في معجمه وينظر إلى السحاب المركوم حين تكونه في السماء وهو ينظر شمالا إلى جبل قطن وجبلي أبانين ووادي ستارة ويصور ما يرى فيقول :-
أحار - ترى برقاً - أريك وميضه
= كلمع اليدينِ في - حبي - مُكلل
يضيءُ سناهُ أو مصابيح راهب
= أهان السليط في الذَّبال المفتَّل
قعدتُ وأصحابي له بين ضارج
= وبين - العذيب - بعد ما - مُتأمل
على قطن بالشـيم أيمنُ صوبهِ
= وأيسرهُ على - الستارِ - فيذبلِ
ويا حار منادى مرخم أي يا حارث ترى برقا كلمع اليدين أي كسرعتهما في حركتهما في الحبي المكلل أي السحاب المركوم وضؤ برقه كمصابيح الرهبان التي أكثروا فيها من الزيت على الذبال الفتائل لشدة البرق كذلك يراه وهو يقعد مع أصحابه بين ملح ضارج وماء العذيب ويتجه في نظره إلى الأفق الشمالي من مقعده فيرى ويتوقع بالشيم ( أي التوقع ) أيمنه على جبل قطن بالقصيم ولا يزال يعرف بهذا الاسم إلى يومنا هذا وأيسره على وادي الستار وهو يعرف اليوم بوادي ستاره جنوب شرق المدينة المنورة بديار سليم أي أن مطر هذا السحاب سيمتد على مساحة ما يقارب 300 كيلو متر ويمضي في رسم الصورة ويقول :-
وأضحى يسحُّ الماء عن كل فيقة
= يكبُّ على الأذقان دوحَ الكنهبل
أي أن مطره أصبح غزيرا ويكب الماء كبا أي بشدة عن كل فيقة أي أن المطر يسح مرة ويخف أخرى والفيقة هي الفترة مابين الحلبتين ومن شدة سيله أصبح يقتلع أشجار الكنهبل من جذورها ويقلبها على رؤسها ثم يمضي في رسم صورة تأثير هذا المطر على البيئة ويقول :-
كأن مكاكي - الجواء غدية
= صبحن سلافا من رحيق مفلفل
ومر على القنان من نفيانه
= فأنزل منه العصم من كل موئل
ومن روعة الجو الذي يحدث أثناء نزول المطر ترى طيور المكاكي جمع مكاء والمعرفة محليا بأم سالم في منطقة الجواء بالقصيم وتعرف اليوم بعيون الجواء من فرحتها بالمطر والجو الرائع يقفزن يمينا وشمالا وكأنهن قد شربن سلافا أي في الصباح الباكر رحيقا مفلفل ( عصير العنب المتخمر ) فأسكرهن وأصبحن يتمايلن من شدة السكر كما وأن مطره قد مر على جبل القنان وهو بالمنطقة التي حددها أيضا فأنزل منه العصم أي الوعول حيث دخل الماء عليها في كل كهف وتحت كل حجر مما اضطرها للنزول رغم عصمة أماكنها في رؤوس الجبال ويمضي قائلا :-
وتيماءَ لم يترُك - بها جِذع نخلة
= ولا أطماً إلا مشيداً - بجندل
كأنَّ أباناً في - أفانينِ ودقهِ
= كبيرُ أناسٍ - في - بجاد مزَّمل
كأن ذرى رأس المجيمر غدوةً
= من السيلِ والغثاء فلكة مغزَل
وتيماء نجد هي البعائث بلد ولد سليم من قبيلة حرب لأمرائهم اّل مطلق التابعة لمنطقة حائل حاليا وهي بنفس الاتجاه شمالا وتبعد قليلا عن المنطقة التي حددها لم يترك فيها المطر من شدته وقوة سيله نخلة إلا اقتلعها من جذورها ولا أطما أي حصنا أو قصرا إلا ما بني بحجر أما ما شيد من الطين فقد أتى عليه هذا المطر الشديد وكأن جبل أبان وهما جبلين معروفين إلى اليوم بهذا الاسم أحدهما أحمر ويسمى أبان الأحمر والأخر أسود ويسمى أبان الأسمر يقول : كأن أحدهما يرى من خلال الودق وهو حبات المطر الكبيرة يقول كأن منظر أبان من خلاله كبير أناس في بجاد مزمل أي رجلا كبيرا في السن التحف بجادا أي غطاءا مخطط أبيض من شدة البرد كما وأن رأس رجم المجيمر من السيل والزبد المتكون من المياه التي تحيط به فلكة مغزل أي رأس المغزل ( وهو أداة يغزل بها الصوف ) ثم يمضي في تصويره فيقول :-
كأنَّ سباعاً فيه غرقى غُديةً
= بأرجائِهِ القصوى أنابيشُ عنصلِ
يقول عشية انتهاء هذا السيل وتوقف الوديان تجد جثث السباع أو الذئاب التي فاجأها وهي بالأودية فأغرقها ملطخة بالوحل حتى لكأنها أنابيش عنصل وهو نبت يشبه البصل ينبشون عنه التراب فيخرج ممرغا بالطين ويعرف اليوم لدى البادية بالعناصل ثم يختم صورته هذه البديعة برسم تأثير اكتمال نبات العشب الذي نتج عن هذه الامطار والسيول التي تحدث عنها فيقول :-
وألقى بصحراء الغبيط بعاعه
= نزول اليماني ذي العياب المحمل
أي أنه القى نتاجه وهو العشب المنوع الجميل بصحراء الغبيط وهي بلاشك ضمن المنطقة التي حددها لجمال هذا العشب وتعدد ألوانه وأزهاره وأوراقه كأنه القماش الذي يأتي به باعة القماش الذين كانوا يطوفون بأقمشتهم في صرة يحملونها فاذا جاؤ الى مساكن البدو أخرجو قماشها ونشروه على الأرض لتتمكن النساء من رؤيته واختيار ما يناسبهن منه وهو من اليمن ومن حضرموت بالتحديد والعياب جمع عيبة وهي كيس من جلد الحيوان يخزن فيه البدو حاجياتهم ويحمل على ظهور الإبل وقد يخزن فيه التمر لطعامهم وهل ترى أيها القاريء الحبيب صورا أبلغ وأجمل من تلك تمعن وأنت الحكم ولا شك أن امرأ القيس صاحب ملكة شعرية فذة كيف لا وقد عده النقاد والأدباء بل والشعراء أنه " من أشعر الشعراء في الجاهلية " ومن المقدمين في طبقة الشعراء الأولى وقالوا : إن امرأ القيس صاحب النصيب الأوفر في الشعر لأن الشعر في تعبيرهم كان جملاً فنحر فأخذ امرؤ القيس رأسه ومن لطيف شعره أنه وهو عائدٌ من عند قيصر الروم وقد أشتد به المرض وأسرع السم في جسده رأى قبر امرأةً من بنات الملوك في سفح جبلٍ يقال له " عسيب " فسأل عنها فأخبر بقصتها فقال :-
أجارتنا إنّ الخطوبَ تنوبُ
= وإني مقيمٌ ما أقامَ عسيبُ
أجارتنا إنّا غريبانِ هاهنا
= وكلُ غريبٍ للغريبِ نسيبُ
فكان هذا آخر شيء تكلم به ثم مات فدفن إلى جانب المرأة وإليكم معلقة أمير الشعراء وحامل لوائهم إلى جهنم الشاعر الجاهلي / امرؤ القيس بن حجر الكندي :-
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيـبٍ ومَنْـزِلِبِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَـلِ
فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُهـالِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُـوبٍ وشَمْـألِ
رخاء تسح الريـح فـي جنباتهـاكساها الصبا سحق الملاء المذيـل
تَرَى بَعَـرَ الأرْآمِ فِـي عَرَصَاتِهَـاوَقِيْعَانِه َـا كَأنَّـهُ حَــبُّ فُلْـفُـلِ
كَأنِّي غَدَاةَ البَيْـنِ يَـوْمَ تَحَمَّلُـوالَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِـفُ حَنْظَـلِ
وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَلَّـي مَطِيَّهُـمُيَقُوْلُوْنَ لاَ تَهْلِـكْ أَسَـىً وَتَجَمَّـلِ
فدع عنك شيئاً قد مضـى لسبيلـهولكن على ماغالـك اليـوم أقبـل
وقفت بها حتـى إذا مـا تـرددتعماية محـزونٍ بشـوقٍ موكـل
وإِنَّ شِفَائِـي عَـبْـرَةٌ مُهْـرَاقَـةٌفَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِـنْ مُعَـوَّلِ
كَدَأْبِكَ مِـنْ أُمِّ الحُوَيْـرِثِ قَبْلَهَـاوَجَارَتِهَـا أُمِّ الرَّبَـابِ بِمَـأْسَـلِ
إِذَا قَامَتَا تَضَـوَّعَ المِسْـكُ مِنْهُمَـانَسِيْمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّـا القَرَنْفُـلِ
فَفَاضَتْ دُمُوْعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَابَـةًعَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي مِحْمَلِـي
ألاَ رُبَّ يَـوْمٍ لَـكَ مِنْهُـنَّ صَالِـحٍوَلاَ سِيَّمَـا يَـوْمٍ بِـدَارَةِ جُلْجُـلِ
ويَوْمَ عَقَـرْتُ لِلْعَـذَارَي مَطِيَّتِـيفَيَا عَجَباً مِـنْ كُوْرِهَـا المُتَحَمَّـلِ
فَظَلَّ العَـذَارَى يَرْتَمِيْـنَ بِلَحْمِهَـاوشَحْمٍ كَهُـدَّابِ الدِّمَقْـسِ المُفَتَّـلِ
تدار علينـا بالسديـف صحافنـاويؤتـى إلينـا بالعبيـط المثمـل
ويَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِـدْرَ عُنَيْـزَةٍفَقَالَتْ لَكَ الوَيْـلاَتُ إنَّـكَ مُرْجِلِـي
تَقُولُ وقَدْ مَالَ الغَبِيْـطُ بِنَـا مَعـاًعَقَرْتَ بَعِيْرِي يَا امْرأَ القَيْسِ فَانْزِلِ
فَقُلْتُ لَهَا سِيْرِي وأَرْخِـي زِمَامَـهُولاَ تُبْعِدِيْنِي مِـنْ جَنَـاكِ المُعَلَّـلِ
دعي البكر، لاترثي له من ردافنـاوهاتـي أذيقينـا جنـاة القرنفـل
بثغـرٍ كمثـل الأقحـوان مـنـورٍنقي الثنايـا أشنـبٍ غيـر أثعـل
فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْـتُ ومُرْضِـعٍفَأَلْهَيْتُهَا عَـنْ ذِي تَمَائِـمَ مُحْـوِلِ
إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَـهُبِشَقٍّ وتَحْتِي شِقُّهَـا لَـمْ يُحَـوَّلِ
ويَوْماً عَلَى ظَهْرِ الكَثِيْـبِ تَعَـذَّرَتْعَلَـيَّ وَآلَـتْ حَلْفَـةً لـم تَحَلَّـلِ
أفاطِمَ مَهْـلاً بَعْـضَ هَـذَا التَّدَلُّـلِوإِنْ كُنْتِ قَدْ أزْمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي
أغَـرَّكِ مِنِّـي أنَّ حُبَّـكِ قَاتِـلِـيوأنَّكِ مَهْمَا تَأْمُـرِي القَلْـبَ يَفْعَـلِ
وإِنْ تَكُ قَدْ سَاءَتْكِ مِنِّـي خَلِيقَـةٌفَسُلِّي ثِيَابِي مِـنْ ثِيَابِـكِ تَنْسُـلِ
وأنـك قسمـت الفـؤاد فنصفـهقتيـلٌ و نصـفٌ بالحديـد مكبـل
وَمَا ذَرَفَـتْ عَيْنَـاكِ إلاَّ لِتَضْرِبِـيبِسَهْمَيْكِ فِي أعْشَـارِ قَلْـبٍ مُقَتَّـلِ
وبَيْضَـةِ خِـدْرٍ لاَ يُـرَامُ خِبَاؤُهَـاتَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غَيْـرَ مُعْجَـلِ
تَجَاوَزْتُ أحْرَاساً إِلَيْهَـا وَمَعْشَـراًعَلَّي حِرَاصاً لَوْ يُسِـرُّوْنَ مَقْتَلِـي
إِذَا مَا الثُّرَيَّا فِي السَّمَاءِ تَعَرَّضَـتْتَعَرُّضَ أَثْنَـاءَ الوِشَـاحِ المُفَصَّـلِ
فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّـتْ لِنَـوْمٍ ثِيَابَهَـالَدَى السِّتْـرِ إلاَّ لِبْسَـةَ المُتَفَضِّـلِ
فَقَالَتْ : يَمِيْنَ اللهِ مَـا لَـكَ حِيْلَـةٌوَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ الغَوَايَةَ تَنْجَلِـي
خَرَجْتُ بِهَا أَمْشِي تَجُـرُّ وَرَاءَنَـاعَلَى أَثَرَيْنـا ذَيْـلَ مِـرْطٍ مُرَحَّـلِ
فَلَمَّا أجَزْنَا سَاحَةَ الحَـيِّ وانْتَحَـىبِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقَـافٍ عَقَنْقَـلِ
هَصَرْتُ بِفَوْدَي رَأْسِهَـا فَتَمَايَلَـتْعَليَّ هَضِيْمَ الكَشْحِ رَيَّا المُخَلْخَـلِ
إذا التقتت نحوي تضـوع ريحهـانسيم الصبا جاءت بريـا القرنفـل
إذا قلت هاتـي نولينـي تمايلـتعلي هضيم الكشح ريا المخلخـل
مُهَفْهَفَـةٌ بَيْضَـاءُ غَيْـرُ مُفَاضَـةٍتَرَائِبُهَـا مَصْقُولَـةٌ كَالسَّجَنْـجَـلِ
كَبِكْرِ المُقَانَـاةِ البَيَـاضَ بِصُفْـرَةٍغَذَاهَا نَمِيْرُ المَـاءِ غَيْـرُ المُحَلَّـلِ
تَصُدُّ وتُبْدِي عَـنْ أسِيْـلٍ وَتَتَّقِـيبِنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْـرَةَ مُطْفِـلِ
وجِيْدٍ كَجِيْدِ الرِّئْمِ لَيْـسَ بِفَاحِـشٍإِذَا هِـيَ نَصَّـتْـهُ وَلاَ بِمُعَـطَّـلِ
وفَرْعٍ يَزِيْنُ المَتْـنَ أسْـوَدَ فَاحِـمٍأثِيْـثٍ كَقِنْـوِ النَّخْلَـةِ المُتَعَثْكِـلِ
غَدَائِرُهُ مُسْتَشْـزِرَاتٌ إلَـى العُـلاَتَضِلُّ العِقَاصُ فِي مُثَنَّـى وَمُرْسَـلِ
وكَشْحٍ لَطِيـفٍ كَالجَدِيْـلِ مُخَصَّـرٍوسَاقٍ كَأُنْبُـوبِ السَّقِـيِّ المُذَلَّـلِ
وتُضْحِي فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِراشِهَانَئُوْمُ الضَّحَى لَمْ تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّلِ
وتَعْطُو بِرَخْصٍ غَيْرَ شَثْـنٍ كَأَنَّـهُأَسَارِيْعُ ظَبْيٍ أَوْ مَسَاويْـكُ إِسْحِـلِ
تُضِيءُ الظَّـلامَ بِالعِشَـاءِ كَأَنَّهَـامَنَـارَةُ مُمْسَـى رَاهِـبٍ مُتَبَـتِّـلِ
إِلَى مِثْلِهَا يَرْنُـو الحَلِيْـمُ صَبَابَـةًإِذَا مَا اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْـوَلِ
تَسَلَّتْ عَمَايَاتُ الرِّجَالِ عَنْ الصِّبَـاولَيْسَ فُؤَادِي عَنْ هَـوَاكِ بِمُنْسَـلِ
ألاَّ رُبَّ خَصْمٍ فِيْكِ أَلْـوَى رَدَدْتُـهُنَصِيْحٍ عَلَى تَعْذَالِـهِ غَيْـرِ مُؤْتَـلِ
ولَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَـى سُدُوْلَـهُعَلَـيَّ بِأَنْـوَاعِ الهُمُـوْمِ لِيَبْتَلِـي
فَقُلْـتُ لَـهُ لَمَّـا تَمَطَّـى بِصُلْبِـهِوأَرْدَفَ أَعْجَـازاً وَنَـاءَ بِكَلْـكَـلِ
ألاَ أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيْـلُ ألاَ انْجَلِـيبِصُبْحٍ وَمَا الإصْبَاحُ منِـكَ بِأَمْثَـلِ
فَيَا لَكَ مَـنْ لَيْـلٍ كَـأنَّ نُجُومَـهُبِأَمْرَاسِ كَتَّانٍ إِلَـى صُـمِّ جَنْـدَلِ
وقِرْبَـةِ أَقْـوَامٍ جَعَلْـتُ عِصَامَهَـاعَلَى كَاهِـلٍ مِنِّـي ذَلُـوْلٍ مُرَحَّـلِ
وَوَادٍ كَجَوْفِ العَيْـرِ قَفْـرٍ قَطَعْتُـهُبِهِ الذِّئْبُ يَعْوِي كَالخَلِيْـعِ المُعَيَّـلِ
فَقُلْتُ لَهُ لَمَّـا عَـوَى : إِنَّ شَأْنَنَـاقَلِيْلُ الغِنَى إِنْ كُنْـتَ لَمَّـا تَمَـوَّلِ
كِلاَنَا إِذَا مَـا نَـالَ شَيْئَـاً أَفَاتَـهُومَنْ يَحْتَرِثْ حَرْثِي وحَرْثَكَ يَهْـزَلِ
وَقَدْ أغْتَدِي والطَّيْرُ فِـي وُكُنَاتِهَـابِمُنْجَـرِد ٍ قَيْـدِ الأَوَابِـدِ هَيْـكَـلِ
مِكَـرٍّ مِفَـرٍّ مُقْبِـلٍ مُدْبِـرٍ مَـعـاًكَجُلْمُوْدِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ
كَمَيْتٍ يَزِلُّ اللَّبْدُ عَنْ حَـالِ مَتْنِـهِكَمَـا زَلَّـتِ الصَّفْـوَاءُ بِالمُتَنَـزَّلِ
عَلَى الذَّبْلِ جَيَّاشٍ كـأنَّ اهْتِزَامَـهُإِذَا جَاشَ فِيْهِ حَمْيُهُ غَلْـيُ مِرْجَـلِ
مَسْحٍ إِذَا مَا السَّابِحَاتُ عَلَى الوَنَـىأَثَـرْنَ الغُبَـارَ بِالكَدِيْـدِ المُرَكَّـلِ
يُزِلُّ الغُلاَمُ الخِفَّ عَـنْ صَهَوَاتِـهِوَيُلْوِي بِأَثْـوَابِ العَنِيْـفِ المُثَقَّـلِ
دَرِيْـرٍ كَخُـذْرُوفِ الوَلِيْـدِ أمَـرَّهُتَتَابُـعُ كَفَّيْـهِ بِخَيْـطٍ مُـوَصَّـلِ
لَهُ أيْطَـلا ظَبْـيٍ وَسَاقَـا نَعَامَـةٍوإِرْخَاءُ سَرْحَـانٍ وَتَقْرِيْـبُ تَتْفُـلِ
ضَلِيْعٍ إِذَا اسْتَدْبَرْتَـهُ سَـدَّ فَرْجَـهُبِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ لَيْسَ بِأَعْـزَلِ
كَأَنَّ عَلَى المَتْنَيْنِ مِنْـهُ إِذَا انْتَحَـىمَدَاكَ عَرُوسٍ أَوْ صَلايَـةَ حَنْظَـلِ
كَـأَنَّ دِمَـاءَ الهَادِيَـاتِ بِنَـحْـرِهِعُصَـارَةُ حِنَّـاءٍ بِشَيْـبٍ مُرَجَّـلِ
فَعَـنَّ لَنَـا سِـرْبٌ كَـأَنَّ نِعَاجَـهُعَـذَارَى دَوَارٍ فِـي مُـلاءٍ مُذَبَّـلِ
فَأَدْبَرْنَ كَالجِـزْعِ المُفَصَّـلِ بَيْنَـهُبِجِيْدٍ مُعَمٍّ فِـي العَشِيْـرَةِ مُخْـوَلِ
فَأَلْحَقَنَـا بِالهَـادِيَـاتِ ودُوْنَــهُجَوَاحِرُهَا فِـي صَـرَّةٍ لَـمْ تُزَيَّـلِ
فَعَادَى عِدَاءً بَيْـنَ ثَـوْرٍ ونَعْجَـةٍدِرَاكاً وَلَمْ يَنْضَـحْ بِمَـاءٍ فَيُغْسَـلِ
فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مِن بَيْنِ مُنْضِـجٍصَفِيفَ شِـوَاءٍ أَوْ قَدِيْـرٍ مُعَجَّـلِ
ورُحْنَا يَكَادُ الطَّرْفُ يَقْصُـرُ دُوْنَـهُمَتَـى تَـرَقَّ العَيْـنُ فِيْـهِ تَسَفَّـلِ
فَبَـاتَ عَلَيْـهِ سَرْجُـهُ ولِجَـامُـهُوَبَاتَ بِعَيْنِي قَائِمـاً غَيْـرَ مُرْسَـلِ
أصَاحِ تَرَى بَرْقـاً أُرِيْـكَ وَمِيْضَـهُكَلَمْعِ اليَدَيْـنِ فِـي حَبِـيٍّ مُكَلَّـلِ
يُضِيءُ سَنَاهُ أَوْ مَصَابِيْـحُ رَاهِـبٍأَمَـالَ السَّلِيْـطَ بِالذُّبَـالِ المُفَتَّـلِ
قَعَدْتُ لَهُ وصُحْبَتِي بَيْـنَ ضَـارِجٍوبَيْـنَ العُذَيْـبِ بُعْدَمَـا مُتَـأَمَّـلِ
عَلَى قَطَنٍ بِالشَّيْـمِ أَيْمَـنُ صَوْبِـهِوَأَيْسَـرُهُ عَلَـى السِّتَـارِ فَيَذْبُـلِ
فَأَضْحَى يَسُحُّ المَاءَ حَـوْلَ كُتَيْفَـةٍيَكُبُّ عَلَى الأذْقَـانِ دَوْحَ الكَنَهْبَـلِ
ومَرَّ عَلَـى القَنَـانِ مِـنْ نَفَيَانِـهِفَأَنْزَلَ مِنْهُ العُصْمَ مِنْ كُـلِّ مَنْـزِلِ
وتَيْمَاءَ لَمْ يَتْرُكْ بِهَا جِـذْعَ نَخْلَـةٍوَلاَ أُطُمـاً إِلاَّ مَشِـيْـداً بِجِـنْـدَلِ
كَأَنَّ ثَبِيْـراً فِـي عَرَانِيْـنِ وَبْلِـهِكَبِيْرُ أُنَـاسٍ فِـي بِجَـادٍ مُزَمَّـلِ
كَأَنَّ ذُرَى رَأْسِ المُجَيْمِـرِ غُـدْوَةًمِنَ السَّيْلِ وَالأَغثَاءِ فَلْكَـةُ مِغْـزَلِ
وأَلْقَى بِصَحْـرَاءِ الغَبيْـطِ بَعَاعَـهُنُزُوْلَ اليَمَانِي ذِي العِيَابِ المُحَمَّـلِ
كَـأَنَّ مَكَاكِـيَّ الجـوَاءِ غُـدَّبَـةًصُبِحْنَ سُلافاً مِنْ رَحيـقٍ مُفَلْفَـلِ
كَأَنَّ السِّبَاعَ فِيْـهِ غَرْقَـى عَشِيَّـةًبِأَرْجَائِهِ القُصْوَى أَنَابِيْشُ عُنْصُـلِ
منقول بتصرف مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .