سلسلة الأحاديث الصحيحة ــ المجلد الثاني
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 719
" نهى أن ينتعل الرجل قائماً " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 2 / 347 :
ورد عن جمع من الصحابة ، منهم # أبو هريرة وعبد الله بن عمر وأنس وجابر # .
1 - أما حديث أبي هريرة ، فله عنه طرق أربعة :
الأولى : عند ابن ماجه ( 2 / 380 ) : حدثنا علي بن محمد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً .
وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن محمد وهو ابن إسحاق الطنافسي وهو ثقة ، فهو إسناد صحيح إن كان الأعمش سمعه من أبي صالح ، فقد وصف بالتدليس ، ومع ذلك أخرج له الشيخان في " الصحيحين " بالعنعنة كثيراً من الأحاديث بهذا الإسناد !
الثانية : رواه الترمذي ( 1 / 328 ) والعقيلي في " الضعفاء " ( 78 ) عن الحارث بن نبهان عن معمر عن عمار بن أبي عمار عنه به .
وقال الترمذي : " هذا حديث غريب ، وروى عبد الله بن عمرو الرقي هذا الحديث عن معمر عن قتادة عن أنس ، وكلا الحديثين لا يصح عند أهل الحديث ، والحارث بن نبهان ليس عندهم بالحافظ ، ولا نعرف لحديث قتادة عن أنس أصلاً " .
وقال العقيلي بعد أن ساق عدة أحاديث للحارث هذا : " كل هذه الأحاديث لا يتابع عليها ، أسانيدها مناكير والمتون معروفة بغير هذه الأسانيد " .
قلت : والحارث هذا متروك وقد خالفه الرقي كما تقدم في كلام الترمذي ، وهو ثقة فروايته عن معمر هي الصواب ، ويأتي الكلام عليها .
الثالثة : عن سلمة بن حبيب عن عروة بن علي السهمي عنه .
أخرجه ابن مخلد في " المنتقى من أحاديثه " ( 82 / 1 ) والعقيلي في " الضعفاء " ( 331 ) وقال : " عروة مجهول بالنقل ، وسلمة نحوه " . وكذا قال الذهبي .
الرابعة : عن سعيد بن بشير عن عمر بن دارم عن سيف بن كريب عنه مرفوعاً .
أخرجه ابن الأعرابي في " المعجم " ( 18 / 1 ) .
وهذا إسناد ضعيف ، سعيد بن بشير ضعيف ، ومن فوقه لم أعرفهما .
2 - أما حديث ابن عمر ، فقال ابن ماجه : حدثنا علي بن محمد حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن دينار عنه .
قلت : وهذا إسناد صحيح ، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير علي بن محمد وهو ابن أبي الخصيب ، وهو صدوق ربما أخطأ كما قال الحافظ .
3 - وأما حديث أنس ، فيرويه سليمان بن عبيد الله الرقي حدثنا عبيد الله بن عمرو عن قتادة عنه به مرفوعاً .
أخرجه الترمذي وأبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 769 ) وعنه الضياء المقدسي في " المختارة " ( 205 / 1 ) ، والروياني في " مسنده " ( 240 / 2 ) وقال الترمذي : " هذا حديث غريب ، قال محمد بن إسماعيل : ولا يصح هذا الحديث ، ولا حديث معمر عن عمار أبي عمار عن أبي هريرة " .
قلت : ورجال هذا ثقات رجال الشيخين غير سليمان الرقي فهو صدوق ليس بالقوي كما في " التقريب " ، فمثله يصلح للاستشهاد به ، لاسيما وقد روي من غير طريقه عن أنس ، فقد أورده الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 139 ) وقال : " رواه البزار ، وفيه عنبسة بن سالم ، قال البزار : " لا نعلمه توبع على هذا " وضعفه أبو داود " .
قلت : وعنبسة هذا ليس في الطريق الأولى ، فلعله رواه بإسناد آخر عن أنس .
والله أعلم .
ثم تحقق ما رجوته ، فقد رأيته في " زوائد البزار " ( ص 171 ) من طريق عنبسة هذا عن عبيد الله بن أبي بكر عن أنس . وسائر رجاله ثقات .
4 - وأما حديث جابر ، فأخرجه أبو داود ( 2 / 187 ) من طريق أبي الزبير عنه مرفوعاً .
ورجاله ثقات فهو صحيح لولا عنعنة أبي الزبير ، على أن مسلماً قد أخرج عشرات الأحاديث من روايته عن جابر معنعنا من غير طريق الليث عنه ، فهو على كل حال شاهد جيد ، لاسيما وقد قال النووي في " رياضه " : إسناده حسن . كما نقله المناوي في " الفيض " : وخلاصة القول : أن الحديث بمجموع طرقه صحيح بلا ريب ،
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
تنبيه :
قال المناوي : " والأمر في الحديث للإرشاد ، لأن لبسها قاعداً أسهل وأمكن ، ومنه أخذ الطيبي وغيره تخصيص النهي بما في لبسه قائماً تعب ، كالتاسومة والخف ، لا كقبقاب وسرموزة " .
والله تعالى أعلم بحكم تشريعه ونواهيه .
إلى اللقاء مع الحديث القادم
تقبلوا تحياتي