انقلاب سوريا الأول
خريطة سوريا
1 جمادى الآخرة 1368هـ ـ 30 مارس 1949م
مفكرة الإسلام كانت بلاد سوريا الكبرى وفقًا لمعاهدة سايكس ـ بيكو الصليبية الاستعمارية من نصيب فرنسا، لذلك تفاهم الإنجليز والفرنسيون سويًا على تسهيل احتلال فرنسا لسوريا بعد الحرب العالمية الأولى، وعمدت فرنسا على تقطيع أوصال سوريا الكبرى لتخرج للوجود الكيان الطائفي الملتهب «لبنان» ثم قامت باقتطاع لواء الإسكندرونة لصالح تركيا، وثار السوريون ثورات عنيفة متكررة أخطرها ثورة جبل الدروز بقيادة سلطان باشا الأطرش، ولما قامت الحرب العالمية الثانية ووقعت فرنسا تحت الاحتلال الألماني قامت بفرنسا حكومتان؛ حكومة «فيشتي» بقيادة المارشال «بيتان» الموالي للألمان، وحكومة فرنسا الحرة بقيادة الجنرال ديجول المعادي للألمان، وتحالف ديجول مع الإنجليز والأمريكان من أجل إسقاط حكومة فيشي، ووعد ديجول سائر المستعمرات الفرنسية ومنها سوريا بالاستقلال في حالة مساعدتهم ضد الألمان وعملائهم.
وقع صدام بين إنجلترا وفرنسا، عندما اتهمت فرنسا حليفتها إنجلترا بأنها تخلت عنها في محنتها وأنها تتآمر لطردها من منطقة نفوذها في الشرق الأوسط، وهذا الصدام عجل باستقلال سوريا بعد الحرب العالمية الثانية وذلك سنة 1366 هـ ـ 1946م، وانتخب شكري القوتلي كأول رئيس لسوريا بعد الاستقلال، ورجح النفوذ الإنجليزي على النفوذ الفرنسي.
بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية، ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية كوريث للإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس كما يقولون؛ إنجلترا، بعد أن كشفت الحرب عن ضعف إنجلترا وشيخوختها، وأن العالم الغربي الصليبي لابد له من قيادة شابة فتية تقود العالم الصليبي في الحرب ضد الإسلام، فكان لابد من إحلال النفوذ الأمريكي محل النفوذ الإنجليزي، وتم تدشين أولى حلقات الإحلال في صورة الانقلاب العسكري الأول الذي وقع في سوريا في 1 جمادى الآخرة 1368هـ ـ 30 مارس 1949م، بقيادة حسني الزعيم الذي استولى على السلطة وعطل الدستور وحل المجالس النيابية، وأظهر الأمريكان أن أطماعهم ستمتد إلى العراق أيضًا مما جعل سلسلة الانقلابات تطول على أرض سوريا.