الرسول يحكم سعد فى بنى قريظة
وأتى الرسول
بني قريظة بعد الخندق مباشرة ، وحاصرهم خمساً وعشرين ليلة ، ثم حكّم الرسول
سعد بن معاذ ببني قريظة ، فأتاه قومه ( الأوس ) فحملوه وأقبلوا معه الى الرسول
صلى الله عليه وسلم وهم يقولون ( يا أبا عمرو ، أحسن في مواليك فإن الرسول إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم ) .. حتى دنا من دورهم التفت إلى قومه فقال ( قدْ آنَ لي أن لا أبالي في الله لَوْمَةَ لائِمٍ ) ..
فلما أتوا الرسول
قال الرسول
( قوموا إلى سيدكم ) .. فقاموا إليه فقالوا ( يا أبا عمرو ، إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قد ولاك أمر مواليك لتحكم فيهم ) .. فقال سعد ( عليكم بذلك عهد الله وميثاقه أن الحكم فيهم لما حكمت ؟) .. قالوا ( نعم ) .. قال ( وعلى من هاهنا ؟) .. في الناحية التي فيها رسول الله
وهو معرض عن رسول الله إجلالا له ، فقال الرسول
( نعم ) .. قال سعد ( فإني أحكم فيهم أن تقتل الرجال ، وتقسم الأموال ، وتسبى الذراري والنساء ) .. قال الرسول
(
لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة ) .. ونفذ الرسول الكريم حكم سعد بن معاذ فيهم ..
وفاة سعد
فلما انقضى أمر بني قريظة انفجر بسعد جرحه ، واحتضنه رسول الله
فجعلت الدماء تسيل على رسول الله
، فجاء أبو بكر فقال ( وانكسارَ ظَهْراهْ ) .. فقال الرسول
( مَهْ ) .. فقال عمر ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) ..
وقد نزل جبريل إلى النبي
فقال ( يا نبيّ الله مَنْ هذا الذي فُتِحَتْ له أبواب السماء واهتزَّ له العرش ؟) .. فخرج رسول الله
مسرعاً يجرّ ثوبه ، فوجد سعداً قد قَبِضَ ..
الجنازة
فمات سعد شهيداً بعد شهر من إصابته ، ويروى أن سعدا كان رجلا بادنا ، فلما حمله الناس وجدوا له خفة فبلغ ذلك رسول الله
فقال (
إن له حملة غيركم ، والذي نفسي بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد ، واهتز له العرش ) .. وقال رسول الله
(
لقد نزل من الملائكة في جنازة سعد بن معاذ سبعون ألفاً ما وطئوا الأرض قبلُ ) .. كما يقول ( أبو سعيد الخدري ) - رضي الله عنه - ( كنت ممن حفر لسعد قبره ، وكنا كلما حفرنا طبقة من تراب ، شممنا ريح المسك حتى انتهينا الى اللحد ) ..
ولمّا انتهوا الى قبر سعد نزل فيه أربعة نفر ، ورسول الله
واقفٌ على قدميه ، فلمّا وُضع في قبره تغيّر وجه رسول الله
، وسبّح ثلاثاً ، فسبّح المسلمون ثلاثاً حتى ارتجّ البقيع ، ثم كبّر رسول الله
ثلاثاً ، وكبّر أصحابه ثلاثاً حتى ارتجّ البقيع بتكبيره ، فسُئِلَ رسول الله
عن ذلك فقيل ( يا رسول الله رأينا بوجهك تغيّراً وسبّحت ثلاثاً ؟) ... قال (
تضايق على صاحبكم قبره وضُمَّ ضمةً لو نَجا منها أحدٌ لنَجا سعدٌ منها ، ثم فرّج الله عنه )
فضل سعد
قال رسول الله عندما رأى ثوب ديباج ( والذي نفس محمد بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا ) .. وقد قال شرحبيل بن حسنة ( أخذ إنسان قبضة من تراب قبر سعد فذهب بها ثم نظر إليها بعد ذلك فإذا هي مسك !!) ..
يتبع
</B>