اخى عادل
سؤال رائع وقيم
نجعل الله فيه الفائدة
اسمح لى بهذه الاضافة
..(( ارحمــــوا عـــزيـــز قــــوم ذل )) ..
الأستاذة : زاد المعاد
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أكمل الناس خُلقاً وأعدلهم حُكماً وعلى آله وصحبه الكرام ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين وبعد :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال "خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين والله ما قال لي أف قط ، ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا؟ وهلا فعلت كذا"
وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال: «كنت أضرب غلاماً لي فسمعت من خلفي صوتاً: اعلم أبا مسعود! لله أقدر عليك منك عليه، فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت : يا رسول الله ! هو حرٌ لوجه الله. فقال: أما لو لم تفعل، للفحتك النار، أو لمستك النار» [رواه مسلم].
وعن أبي ذر رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ممّا يأكل وليلبسه ممّا يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم» [متفق عليه]
بعد هذه المقدمة من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم قد يتضح لكم الفئة المعنية بحديثي اليوم
إن حديثي وقصصي اليوم معكم ليست من نسج الخيال
بل هي قصص واقعية
ولن أذكر من القصص إلا ما وقفت عليه بنفسي خلال عملي في أحد قطاعات الشؤون الاجتماعية والتي نتعامل فيها مع فئات وطبقات مختلفة وأبرزهم فئة المستضعفين في الأرض ألا وهم ( الخدم )
إن ما سأرويه لكم ليست قصصاً من نسيج الخيال ,, بل هي قصص تحدث وتتكرر فصولها في ديار المسلمين
الخدم
هم فئة مسلمة قدمت إلى بلادنا وتكبدت عناء الغربة ومفارقة الأهل والزوج والأبناء والديار لأجل حفنة من المال
فكم ذاقوا ولاقوا من الذل والهوان ولا يجدون بُداً إلا الصبر ولُزوم الصمــت مقابل هذا المال ولأنهم في بلاد الغربة 0 وإن كانت حكومتنا الرشيدة تضرب بيد من حديد وتُعاقب كل من يسبب الضرر لهؤلاء وغيرهم شأنها الحكم بشريعة الله ...
ولعلي أبدأ موضوعي بأبشع قصة وقفت عليها
ووالله إن القلوب لتشمئز من شدة الجرم الذي وقع بها
وإن القلوب لتتفطر حزناً لرؤيتها
إنها خادمة قدمت إلينا
أما ملامحها فلا تسألوا كيف أصبحت !!!
ولكم فقط أن تتخيلوا ماذا فعلت بها هذه الكفيلة الظالمة الطاغية
التي والله ثم والله ما أظن أن أبا جهل وأبا لهب فعلا فعلها المشين الشنيع
ولولا أننا في ديار المسلمين لظننت أنها ليست بمسلمة تخشى وتؤمن بيوم نقف فيه على عرصات القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء
أتدرون ماذا فعلت تلك الكفيلة بهذه الخادمة المستضعفة في الأرض ؟؟
يكاد شدة الجرم أن يُثنيني عن الكتابة لأني لا أقوى على تذكر ذلك الموقف
ولكن لابد من القول حتى يتعظ الغافل ويستفيق من سباته العميق قبل أن يندم ولات حين مندم
لقد قامت هذه الكفيلة
بوضع علاقة الملابس ـ المصنوعة من الحديد ـ قامت بوضعها في غضروف الأذن من الأعلى للخادمة وخرقت بها فتحة في أذنها وقامت بسحبها حتى انطبق الأذن وتشوه
ولا تسألوا عن المنظر البشع لتلك الخادمة
رأيتها وذهلت من هول المنظر
قلت في نفسي
لعلها قدمت من بلادها وهي بهذه العاهة
ولكن يوم ذهبت لملفها وقلبت أوراقها
أنظر للإقامة
فإذا سبحان من حباها بتلك الخلقة الجميلة
فُشوهت على يد طاغية من طغاة من البشر
لقد ذهلنا أشد الذهول من هذه الحالة
وأنا طيلة الشهور التي قضيتها في العمل لم أرى جريمة أبشع ولا أقبح من هذه الجريمة
وإني أكاد أجزم أن هذه الخادمة قد فقدت جزء من عقلها جراء هذا الفعل المشين
فقد كانت آمنة في بلادها معززة مكرمة
فجاءت تؤم هذه البلاد وهي مؤملة أن تجد مسلمين كعهد الصحابة يحب كل واحد منهم أخاه
وإذا بها تصحو على الفاجعة
فتعود لبلادها بهذا الشكل والمنظر
بالله عليكم
ماذا ستحمل تلك الخادمة معها من ذكريات عن هذه البلاد ؟؟!!
بالطبع سوف تعود وهي تمقت هذه الديار
وتحمل ذكريات البؤس والشقاء والعذاب
يوم رأينا مقدار الأذى الذي نالها
قلنا لها
لا تتنازلي عن حقك أبداً ... ولابد أن تطالبي بالتعويض من قبل الكفيلة ... والشرع ينصفك
وإذا بها لا تفهم جُل حديثنا
قلبنا ملفها
فوجدنا أن الكفيلة كانت أذكى من ذلك
فقد جعلتها تُحرر تنازلاً عن القضية
وتلك في بلاد الغربة
ولسان حالها
يا غريب خلك أديب
كانت تؤمل أن تعود بمبلغ من المال يعفها عن المسألة
وإذا بها تعود لتُطبب وتعالج نفسها
هذه قصة وقفت عليها من بين عشرات القصص
منها ما رأيته بأم عيني وعاصرت فصوله
ومنها ما حُكي لي ممن سبقنني في العمل
ولسان حالهم ـ حينما يرون دهشتي ـ
لا تعجبي فأنت حديثة عهد وسوف يُوريك الزمان ما رأينا هنا حتى تتأقلمي مع هذه المواقف وتتعودي عليها
ومن القصص التي ما زالت عالقة في ذاكرتي
وإني أعتذر إليكم من سرد هذه القصص الموجعة المؤلمة ولكن يقول الله عز وجل
{ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }الأعراف176
خادمة مكثت عند الكفيل قرابة التسعة أعوام
ولم تُعطى جزء كبيراً من حقها
ومكثت عندنا مدة ليست باليسيرة
فلماذا ذهبت ذات مرة تراجع في القضية في الشرطة
سألتها ـ بعد العودة ـ ماذا فعلتي اليوم ؟؟
قالت يا أبلة .... قاموا بإجباري على الركوب في باص الجوازات للترحيل
وأنا متمسكة بباب الباص
وأصرخ لن أدخل
لن أرحل
أريد مالي
لن أعود بدون حقي
يالله كم آلمتني كلماتها تلك
وما زلت أتخيل منظرها
وقد غادرت لبلادها
بُخفي حُنين
ووالله منهن من تدعو على كفيلها الذي بخسها حقها
أما يخشى هؤلاء أن تكون منهم مجابة الدعوة ؟؟؟!!!!
فيمحق الله من ماله البركة وتصيبه دعوتها
ويمكث طيلة عمره بحسرة تلك الدعوة
أما والله إني لن أنسى تلك الخادمة التي مكثت عند كفيلها 9 سنوات
فأفنت شبابها هنا
ثم بخسها الكفيل الظالم حقها
ومكثت ثمانية أشهر تنتظر أن يجود عليها ويعطيها مالها المستحق
لن أنسى ذلك اليوم
يوم رأيتها هزيلة الجسم بعد أن كانت في صحة ممتازة
فكان الجواب
يا أبلة أنا كل يوم أصوم ؟؟
قلت
في دهشة
كل يوم !!! لماذا ؟؟
قالت
علشان الكفيل يعطيني مالي
يالله
أما تخشى أن تدعو عليك ؟؟!!!
وهي صوامة قوامة
أما تخشى أن تمد يدها في جنح الظلام يارب يارب ؟؟!!!
فيخسف الله دنياك وآخرتك
أما يخشى الكفلاء أن يكون من هؤلاء مجاب الدعوة ؟؟؟!!!
وفي الحديث : (رب أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره) أو كما جاء في الحديث
سؤال
معتاد تسأله كل موظفة الخادمة كل يوم تراها فيه أما زلتي موجودة ؟؟
فيكون جواب الخادمة
الدعاء على الكفيل
ألا فليتق الله هؤلاء الكفلاء
وليعلموا أنهم موقوفون للحساب بين يدي الله
ولن أنسى منظر وكلمة تلك الخادمة يوم رأت حزننا على أن الكفيلة بخستها جزء من حقها
فقالت
خليها تأكله نار يوم القيامة
قلت
لله درك ما أفطنك
وأخرى
تقول ماذا يظن بي زوجي وماذا كنت أفعل هنا إن عدت بلا مال ؟؟!!!
وأسوء
من ذلك
التحرش الجنسي والاعتداء من الكفلاء وأبنائهم وغيرهم ـ الذي تتعرض له هؤلاء الخادمات
ومنهن من تغلق على نفسها باب الخلاء ولسان حالها
سوف أعود لبلدي شريفة كما جئت منه
والقصص ـ في هذا ـ و التي وقفت عليها كثيرة
ولا يحسن الحديث عنها أبداً
ولعل الصُحف تنبئكم من الأخبار ما فيه مزدجر
وهناك للأسف الشديد
من يكبد هؤلاء الخدم ما لا يطيقون
وفي الحديث ( هم اخوانكم وخولكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يطعم ، وليلبسه مما يلبس، ولاتكلفوهم مايغلبهم، فان كلفتوهم فأعينوهم) متفق عليه
وللأسف الشديد هناك من لا يرحم من تحت يده ( ومن لا يرحم لا يُرحم )
وأذكر أني قلت لإحدى المسؤولات ـ بحسن نية ـ أني أعطي العاملات وقتاً للراحة
قالت لي ـ وبكل قسوة ـ
لا لا تعطيها وقتاً للراحة فهي ما جاءت هنا إلا لتعمل
يالله
ألهذا الحد نزعت الرحمة من قلوبنا ؟؟!!!!
أنا أعلم أنها ما جاءت إلا لتعمل حقاً
ولكنها تعمل في مكانيين أي بمعدل 16 ساعة يومياً وفي المواسم تزيد الساعات
العاملة
تأتي مرهقة من عملها في المكان الأول أفيضرنا لو أعطيناها قسطاً من الراحة ساعة أو ساعتين أو أقل حتى تعاود نشاطها وهذا لن يؤثر في العمل ؟؟!!!
ألا أرحمها !!!!
وهي بشر مثلي مثلها
ضعيفة أحتاج من يرحمني
أتعب من العمل
ولكن الفرق بيني وبينها
أني أعود للمنزل فارتاح
وهي إما أن تذهب لمقر العمل الثاني وتبدأ رحلة الثمانية ساعات من جديد
أو تعود للسكن فتبقى بين أربعة جدران تبكي الغربة وفراق الأبناء والأحباب ,, وتكمل مستلزماتها الخاصة
فيـــا أيهــــا الكفلاء
ألا رحمة بمن تحت أيديكم
ارحموهم قبل أن تندموا ولات حين مندم
وأدوا حقوقهم قبل أن تندموا ولات حين مندم
قبل أن تودوا الحقوق من حسناتكم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
يوم يقتص الله فيه من الظالم
أدوا الحقوق قبل أن يسافر هؤلاء الخدم ولن تجدون بعد ذلك سبيلاً للوصول إليهم واستحلالهم
وارحمـــوا عــزيز قوم في بلاده ذل يوم جاء هاهنا
ومن أذل مسلماً في الدنيا
فلن يسلم من ذل النار يوم القيامة ـ إن لم يتجاوز عنه الرحمن أو يعفو صاحب الحق ـ
***
هذا غيض من فيض
وأنا لا أنكر أن هناك من يخشى الله ويخافه في هؤلاء
ولا أنكر أن هناك من الخادمات من هي شر ووبال
ولكن حديثي عن ظاهرة وقفت عليها بنفسي
ورأيت لزاماً أن أبلغ الحق ولعل هذا أقل ما ننصر به هؤلاء المستضعفين
وفي الختام
شكراً شكراً
للشؤون الإجتماعية
والتي أضافت ـ وما زالت ـ لحياتي الكثير الكثير من الخبرات
وما هذا الموضوع إلا نقطة في بحر ما تعلمته من هذه الوزارة
وشكر يعقبه دعاء
لحكومتنا الرشيدة
على ما تبذله من جهود عامة وفي وزارة الشؤون الاجتماعية خاصة
هذا قولنا
نرجو به وجه الله
ونستغفر الله ونتوب إليه من الزلل والخطأ والنسيان