- موتُ أو فقدانِ قريبٍ أو عزِيزٍ.
- مرضُ يُلِمُ بالإنسانِ ذاتهُ أو بعزِيِزٍ عليهِ.
- قراءه بعضُ الكتُبِ أو المقالاتِ المؤثِرةُ، أو
حتَي الاستماع لتلاوةٍ أو لمحاضرةٍ أو سماعُ قصةٍ
مؤثِرةٍ، وكلُ ما شابهَ ذلِك.
- التأثُرِ بافتضاحِ أمرٍ لذاتِ الإنسانُ أو لغيرِهِ.
- حالاتُ الاكتئاب والضِيقِ التِي تُصِيبُ البعضِ
فيشعُرُ معهَا أنهُ قد كرِهَ كُلُ شئٍ وبعُدَ عن كُل
شيءٍ.
- أن يطلُب الطرفُ الأخرُ مِن شرِيكِهِ، الالتزام
بأمرٍ مُعينٍ مِن أمورِ الدِين ويضعهُ شرطاً
للارتباط أو حتَي لاستمرار الحياةُ والمعِيشةُ
بينِهِما.
والكثِيِرُ مِن المُسبِباتِ والأحوالِ التِي يتعرضُ لهَا
الإنسانُ فِي حياتِهِ والتِي قد تدفعُهُ إلي التوبةِ إلي
الله.
ونحنُ هُنا لا ننفِي أبداً أن البعضُ أرادَ اللهُ لهم
شيئاً مما ذكرنَا فكانتَ هذِهِ هِي الأسبابُ التِي
سببهَا المولي عز وجل للتوبةِ النصُوحِ ولكِننا
هُنَا نتـحدثُ عـن فئةٍ مُعينةٍ وهُم مَن تزولُ توبتهُم
بزوالِ
المُسبِبِ ويعُودُون أدراجهُم كما كانَوا هذَا إن لم
يعُودوا مُكابِريِنَ مُعانِديِنَ مُصرِيِنَ علي المعصِيةِ
أكثرُ مٍن ذِي قبلٍ وبالطبعِ، لا يستطِيِعُ أياً مِنا أن
يُنكِرُ، أن مَن وضعَ قدمهُ فِي طريقِ التوبةِ أياً
كانَ السببُ الذِي قدرهُ اللهُ تعَالَي، هُوَ يكُونُ بذلِكَ
قَد بذَرَ أولَ بذرةٍ طيِبةٍ تُثمِرُ جناتٍ وحدائِقَ غناءٍ
تُؤتِي أكُلُهَا كُلِ حينٍ بإذنِ ربِهَا.
إلا أنَ مَن ضعُفة هِمتُهُ ومُقاومتُهُ وهزمهُ شيطانُهُ،
نسِيَ أن هذِهِ البذرةُ تحتاجُ إلي أرضٍ خصبةٍ
وإلي شمسٍ وماءٍ وهواءٍ، تحتاجُ إلي تعبٍ وحُبٍ
وعناءٍ حتَي تُزهِرُ وتُثمِرُ ثُمَ تجنِي ما طابَ لكَ مِن
أطايِبِهَا وقُطوفِهَا وهذَا كلهُ لا يتأتَي إلا بإحاطةِ
هذِهِ التوبةُ بالسياجُ والدرعُ الواقِي الذِي تُحِيطُ بهِ
تلكَ البذرةُ الولِيدةُِ، حتَي تغدُوا قويةً صلبةً
كالقلعةً الحصِينةً لا تُكسَر ولا تُقتحمُ ولا تُهزمُ،
بإذن الله.
وإليكَ أيُهَا التائِبُ هذَا السياجُ الواقِي وأهمُ
الوسائِلُ العملِيةُ التِي تُحافِظُ بِهَا علي بذرةِ توبتِكَ
وتثبتُ بِهَا عليَ الخيرِ الذِي أنتَ فيهِ، بإذنِ الله.
- أجعَل لنفسِكَ وِرداً مِن القرءانِ الكرِيِم يومِياً
وبشكلٍ مُستمِرٍ وهروِل إلي كتابِ اللهِ، فِي أيِ
وقتٍ شعرتُ فيهِ بالضِيِقِ أو بالرغبةِ فِي العودةِ
إلي المعصِيةِ أو حتَي بِمجردِ حنِيِنٍ وسعادةُ
اعترتكَ
إن استرجِعتَ ذكرَاهَا.
- أجعَل لنفسِكَ وِرداً مِن الأذكارِ اليوميةِ وخصِص
وقتَاً لذلِك ولا تتنازلُ عنهَا ولا تتهاونُ فيهَا مهمَا
كانتِ الظرُوُف وكذلِك اجعلُ لسانُكَ دائِماً رطِباً
بذكرِ الله وأكثِر مِن الاستغفار والتهلِيلِ
والتكبِيِر والحمدِ، وكُلِ ما شابهَ ذلِك.
- المُحافظةُ علي الصلواتِ الخمسةِ والخشوعِ
فيهَا والاستزادةُ بِما استطَعتَ وما قدَرَ اللهُ لكَ مِن
السُننِ والنوافِل.
- الدعاءُ والتذلُلُ للمولي عز وجل بالقبُوُلِ
والمغفِرةِ والثباتِ حتَي المماتِ علي التوبةِ
والهِدايةُ.
- هجرُ وتغيِرُ المكانِ الذِيِ كُنتَ تعصِي الله تعَالَي
فيهِ وبالطبعِ فإن هذَا يتوقفُ علي نوعِ المعصِيةِ
التِيِ كُنتَ فِيِهَا وكذلِكَ الهجرُ والابتعاد عَن كُل مَن
كانَ يُشارِكُكَ هذِهِ المعصِيةُ أو حتَي يُشجِعُكَ
عليهَا وأقذِف بعِيداً وبكُلِ ما أوتِيتَ مِن قوةٍ، كلِ
وسيِلةٍ أعانتكَ علي المعصيةِ وعلَي التمادِي فِي
الرذِيلةِ.
- البحثُ الدؤبُ عن الصحبةِ والرفقةِ الصالِحةَ
والتِي تصدُقُكَ القولُ وتشدُ مِن أزرِك، وتأخذُ بيدِكَ
وتكُونُ لكَ هادِياً ودلِيِلاً ونُوراً يُضِيِء لكَ الدربَ
والطرِيِقَ، بإذنِ الله.
- شغلُ أوقاتِ الفراغِ بِكُلِ ما يُفَقِِهُكَ ويُرغِبُكَ فِي
التمسُكِ بأوامرِ ونواهِي الدِيِنِ ويُعمِقُ إحساسُكَ
بجمَالِ ورفعةِ دينٌ هُو نعمةٌ مِن المولَي عز وجلَ
علينَا وبهِ كنَا خيرُ أمةٍ أخرِجت للناسِ دينٌ ليسَ
فِيِهِ حِرمانٌ ولا محروُمٌ فالمولي عز وجل لَم
يُحرِمُ علينَا الشهواتِ، وزينته التِي أخرجَ لعبادِهِ
والطيباتُ مِن الرزقِ، ولكِنهُ كَرمنَا وأكرمنَا فأرادَ
سبحانهُ وتعَالَي أن نحيَا فِي عزةٍ وكرامةٍ ولا
يكونُ
هذَا إلا فِي حلالٍ وبِحلالٍ.
ولا تنسَي أن يكُونَ طرِيِقُكَ فِي التفقُهِ هُوَ
المصادِرِ الموثوقةِ التِي تستسقِي منهَا الحقُ
والصِدقُ، فلا تتخبطُ وتختلُطُ عليكَ الأمورُ وهذَا
الذِي نراهُ يحدُثُ للكثِيِرِ فِي هذَا الزمانِ.
لا تنسَي أيضاً الاستزادة مِن سِيرةِ المُصطفَي
صلي اللهُ عليهِ وسلم وكذلِكَ قصِصِ التائِبِيِن
والعابدِيِن والصالِحِيِن ، فكُلُ هذَا يُعطِيِك الحافِزُ
والطاقةُ التِي تشحذُ الهِمةُ، بإذنِ الله.
- لا تنسَي نصِيبُكَ مِن الدنيا وروِح عن قلبِك
ونفسِكَ بمُمارسةِ الهواياتِ التِي هِي فِي حُدودِ ما
أحلَ اللهُ ولَم يُحرِم وتفاعلُ معَ عائلتُكَ وأصدقائُكَ
الأخيارُ، ولا تُشدِدُ علي نفسُكَ حتَي لا يُشدِدُ الله
عليكَ ولا تعتقدُ أن التوبةُ والالتزام يعنِي التجهُم
والعزلةُ ورفضِ الناسِ والحياةِ والعلم بل أدِي
رسالتُكَ فِي الحياةِ وكُن مُطمئِناً سعِيداً واستمتِع
بكلِ ما أحل اللهُ لكَ.
- أصبِر علَي التمحيصِ والابتلاء والأذى أياً كانَ
فاللهُ تعَالَي يختبرُ التائِبِيِن، ليعلمَ الذِيِنَ صدقُوا
ويعلمُ الكاذبِيِن، سبحانهُ مَن لا تغِيِبُ عنهُ غائبةٌ
فِي السمواتِ والأرضِ ومَن يعلمُ خائِنةَ الأعيُنِ
وما تُخفِي الصُدُورِ واحذَر الفتِن والمُغرياتِ التِي
ستُعرضُ عليكَ، بل وأنهَا ستأتِيكَ علَي طبقٍ مِن
ذهبٍ ولربمَا كُنتَ فِي زمنِ المعصِيةِ أنتَ الباحِثُ
عنهَا.
وأخيِـراً إياكَ أن تقُولَ:
أعودُ ولكِن ليسَ كَمَا كُنتَ بَل بمعصِيةٍ صغِيرةٍ
فأولُ الغيثِ قطرةٌ ومعظمُ النارِ مِن مُستصغرِ
الشررِ
فجاهِد نفسُكَ الأمارةُ بالسوءِ ولجِمُهَا واكبَح
جِماحُهَا وأغلِقِ أبوابَ الماضِي
ومزِق صفحاتهُ واحرِقهَا وقدِمُهَا للرِيِحِ تطِيِرُ بِهَا
وتنثُرُهَا بعِيداً عنكَ
وضُمَ بذرةُ توبتِكَ إلي صدرِكَ وقلبِكَ الطاهِرُ النقِي
واحتضَنهَا
كمَا احتضنكَ أمُكَ، وجِلةٌ فرِحةٌ خافِقٌ قلبُهَا
لولِيِدِهَا
وتذكِر دائِماً بأنَ الأخِرةُ خيرٌ وأبقَي وأنَ العاقبةُ
للمُتقِيِن
وأختِمُ معكَ أخِي التائِبُ بقولِ المولَي عز وجَل
(فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء
بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) السجدة