وعاد الهدوء لفترة اخري علي الجزيرة لكن لم تتوقف طائرات الاستطلاع المعاديه عن التحليق لاستطلاع الجزيرة ، فقد كان العدو متوقعا ان يتم ادخال وحده صواريخ الي الجزيرة ، ورغم ان القياده المصريه فكرت في ذلك الا انها عدلت عن ذلك لصغر حجم الجزيرة ولكي لا تكون مبررا لتزايد الهجمات مرة اخري علي هذا الموقع المعزول .
ودق جرس الانذار في احد الايام المشمسه من شهر نوفمبر عام 1969 ، وبدأ الضرب المدفعي ضد طائرات العدو المغيرة بشده علي الموقع ، ووسط عبارات التكبير والتهليل والتشجيع من الرجال ، توالت طلقات المدفعيه لفترة طويله تزود عن سماء الجزيرة ذلك الموت القابع في السماء والذي يحاول بشتي الطرق اسكات الموقع ، ونجحت احد الطائرات في اسقاط قنبله بجوار شاطئ الموقع ، وادي تأثير تفريغ الهواء الناتج من الانفجار الضخم الي انقلاب احد المدافع علي جانبه ، وكان طاقمه من الرجال حديثي العهد بالقتال ، فهرع الرائد مصطفي يقود جماعه الاصلاح لعوده المدفع الي مكانه والقتال مرة اخري حيث لم يصاب بأي اضرار ظاهرة وعلي الرغم من بساطه الموقف الا ان الرائد مصطفي فوجئ بأحد الجنود يمسكه في ملابسه وهو في حاله صدمه صائحا فيه بحده (( قولي هنا يا فندم ، احنا بنصلي وهما لا ، احنا بنصوم وبنقرأ قران وهما لا ، يعني احنا مؤمنين وهما كفرة ، ليه ربنا مخليهم يضربونا كده )) تقدم الشاويش عباس لكي يرفع ايدي الجندي عن القائد الا ان الرائد مصطفي واقفه صائحا في الجندي بكل قوة (( عايز تعرف ليه يا فندي ، عشان هما بيشوفوا شغلهم كويس وسيادتك قاعد تعيط))
وازاح يديه من علي قميصه ولم يترك له فرصه للرد او المجادله ، وارتقي المدفع الذي عاد الي مركزة وبدأ في الضرب
بنفسه علي طائرات العدو المغيرة ، ولم يتمالك الجندي نفسه من هذا الموقف وبدأ يغالب دموعه وهو يسلم الذخيرة الي المدفع لكي يقوم قائده بالضرب عليه بنفسه .
وبعد انتهاء الغارة الفاشله للعدو ، عاد الرائد مصطفي الي مقرة والجندي خلفه يحاول ان يعتذر لقائده ، وتوقف القائد مكانه صائحا في الجندي (( انت اللي عملته ده يخليني احاكمك عسكريا واضربك بالنار كمان ، عشان انت عرضت الموقع كله للخطر ، انت مكانك مش هنا ، انا عايز هنا رجاله مش عيال )) ثم انصرف بينما ظل الجندي واقفا في ذهول وصمت .
ومع حلول الليل كان هذا الحدث هو محور الحديث بين الجنود الذين اتفقوا علي تفويض الشاويش عباس في التحدث مع القائد محاولين استسماحه في العفو عن هذا الجندي ، وفوجئ الشاويش عباس برد القائد المتسامح جدا ، فهذا الحدث يمكن ان يحدث لاي فرد لم يكتسب خبرة قتال بعد ، لكنه اصر علي ان تعنيف الجندي بهذا الشكل كان ضروريا لكي لا يتكرر هذا الموقف مرة اخري من اي جندي ، وحمله تحذيرا لاي جندي سيتراخي عن تأديه واجبه ، سيواجهه عقوبات قاسيه تصل الي الاعدام .
وفي الخامس من ديسمبر وبعد ما يقرب من شهر من الغارات المتقطعه بدأ العدو غارة مكثفه وبعدد كبير من الطائرات احصاها عبد الحميد بثمان عشر طائرة تهاجم الجزيرة في وقت واحد ، وعلي شاطئ مدينه السويس وقف عدد من الجنود يشاهدون في تعجب هذا الكم الكبير من الطائرات يدور في حلقات حول الجزيرة التي اختفت خلف نيران المدفعيه المضاده للطائرات ، ومن خلفهم عدد من اهل السويس والذين لاحظوا ما يحدث .
كان من الواضح ان الامر قد صدر من القياده الاسرائيليه بإسكات هذا الموقع للابد ، وتوالي الضرب من الدفاع الجوي ، وكان خيري مندهشا من هذا العدد الكبيرمن الطائرات