إن طرق خدمة الدين كثيرة ، وأساليب نشره بين الناس وفيرة ، وميادين النداء إليه شاسعة ، وما سطرناه في هذه الأوراق مساهمة متواضعة نحو عالمية الدعوة ،
فمن أمانينا أن تتجيش كل الطاقات في خدمة الدين فنفاجيء الباطل بجندي للحق في كل شبر على وجه الأرض ، ونجابه الظلم والطغيان ، ونواجه الكفر والفجور ، ونضيق الخناق على إبليس وجنوده ، ونحكم الحصار على إغواءات الشياطين .
إن عالمية الدعوة ستتحقق بجلاء ويقين يوم نرى كل مسلم يساهم بأي جهد في سبيل دينه وأمته ، يوم نرى كل مسلم يحاسب نفسه : ماذا قدم لدينه وأمته ؟ يوم نرى حديث الناس في المقاهي والطرقات والبيوتات ومجالس السمر يدور حول هم الدين وشأن المسلمين ، يوم نرى الأسرة تَدَّخِرُ من قوتها رغيفا تبذله لجائع أو محتاج ، يوم نرى الأغنياء يتبارون في أَرْيَحِيَّة صِدِّيقِيَّة نحو الإنفاق في سبيل الدين ، يوم نرى الدعاة قدوة لغيرهم في حمل أمانة الدعوة وتبليغها للناس .
وفي سبيل بث هذه الروح العالية العالمية في نفوس الدعاة ، بل في نفس كل مسلم نقترح الاقتراحات الآتية :
1- ينبغي أن يعلو في خطاب الدعاة إلى الناس : الشعور بالمسئولية العالمية للإسلام ، ومسئولية الأمة بأسرها عن حمل رسالة الدين : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } ،
2- من اللازم أن تتناول الأدبيات الإسلامية هذه القضية في كل المناسبات حتى تضحي عالمية الإسلام هما مشتركا يحيى في قلوب كل الناس .
3-
(1) يجب أن تقام المؤتمرات العالمية التي تذكر الناس بهذه القضية ( عالمية الدين ) ، ويتم اتخاذ قرارات وتوصيات تصب في هذا الصدد .
4-
(1) إرسال برقيات ورسائل نصح إلى ملوك ورؤساء الدول الإسلامية وأصحاب المناصب الرفيعة النافذة في الحكومات الإسلامية والمنظمات الإسلامية العالمية والهيئات الإسلامية الخيرية العالمية وتحميلهم أمانة هذا الدين وتوجيه النصيحة الصادقة إليهم ، ورفع كل ظلامة وتصرف يتصادم مع واجبهم في القيام بحماية حوزة الدين والذود عن حياضه . وقد يظن البعض في هذا المسلك نوعا من الحماقة والأماني الحالمة ، وأنا أؤكد أن هذه الوسيلة إن لم تكن من الواجبات الشرعية والفروض الكفائية فإنها على أقل تقدير من الوسائل الجديرة بالمحاولة والتجربة . وكم رأينا في التاريخ من حركات إصلاحية تمت بسبب خطوة خطاها أصحابها لم تكن في الحسبان .
5- تكوين رابطة حكماء من العلماء المشهورين والدعاة البارزين تكون مهمتها رأب الصدع بين الحركات الإسلامية والهيئات الدينية ، ومراقبة مسار الدعوة على المستوى العالمي ، وتوجيه النصح والاستشارة إلى كل أولئك ، مع تقديم يد العون والمساعدة لكل مجهود يبذل لخدمة الدين .
وبعد أيها القارئ الكريم .. لعلي لا أكون ممن يهرب من واقعه بالتلهي ، كمن يبني قصر الرمال لينسى أنه يسكن في كوخ من صفيح ، بل إنني على يقين أن جوانحك تحوي مثل هذه الآمال العظام ، وأنا على يقين أنك على يقين من هذه الآمال ، وأنها ليست من أحلام الكرى ، وأحتاج أنا وأنت وكل غيور أن نتواصى بالحق ونتناصح ، وأن نغذي الحزن والقلق بين الفينة والفينة بروافد الأمل الناصع ليتبدد ظلام الانهزامية عن فجر المستقبل الصادق ، وتتقشع غيوم القنوط عن شمس النصر الأكيد .