اشكو بثي
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
أما بعد ..
فقد وقفت أتأمل الواقع ، وأتساءل فيما بيني وبين نفسي ، هل نحن أمة الاستبدال ؟؟
قال تعالى :" إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " [ التوبة : 39 ]
وقال تعالى :" وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ "[ محمد : 38 ]
نعم الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة ، حقًا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن لماذا لا تكون أنت الراحلة ؟؟
لماذا لا تتحمل قضية في ظل الفتن الشديدة من حولنا ؟
لماذا الضعف والسلبية ؟
لماذا صفات أهل النفاق تروج في مجتمع المسلمين " قد أهمتهم أنفسهم " ؟
إنها أسئلة حائرة
والإجابات أيضًا كثيرة ومحتملة ،ولكني أقول لنفسي : وحتى متى نحلل ونتكلم ، وننبه ونحذر ، ثم الواقع والتطبيق والتفاعل والإحساس والمشاركة وتحمل القضايا في وادٍ آخر .
نعم مهمة الداعية " إن عليك إلا البلاغ " وليس عليه قطف الثمار وانتظار النتائج .
لكن من أهم صفات الداعية أن يكون رجل عصره ، ملما بآفات قومه ، متعايشًا لهمومهم ، ومتفهمًا لواقعهم .
ومن هنا أقول :
هل تجيبون بصراحة وصدق : لماذا ؟؟؟
وهل تفكرون في وصفة العلاج قبل أن تغرق السفينة : فتجيبون عن سؤال : كيف ؟؟؟
اللهم إن أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين ، ولا تخزنا يوم يبعثون ، يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلا من أتى الله بقلب سليم .
إنها نفثات مصدور ، ولنا في الخليل إبراهيم أسوة حسنة " إن إبراهيم لحليم أواه منيب " " إن إبراهيم لأواه حليم "
وإلى الله شكوانا : " إنما اشكو بثي وحزني إلى الله "
كنز الدعاء
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
أما بعد ..
كيف تقاوم كيد الكائدين ؟؟ قلنا استمسك بالقرآن ولا تحزن ولا تضيق بذلك وخذ بالخطوات العملية فهي اسلحتك لمواجهة أولئك الماكرين .
فإذا نظرت في هدي الحبيب صلى الله عليه وسلم ، وجدته يدلك على الكنز
حقيقة " خلق العفو " شديد ، فهو من عزم الأمور ، والانتصار من الظالمين مطلوب شرعا " والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون "
والمؤمن يتقلب بين الأمرين ، فاللهم أعنا على العفو واجعل انتصارنا شفاء للصدور لا تشفيا للنفس
انظروا هذا المعنى في كنز الدعاء
روى الترمذي والحاكم وحسنه الألباني أنه صلى الله عليه وسلم كان من دعائه أن يقول :
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا و بين معاصيك و من طاعتك ما تبلغنا به جنتك و من اليقين ما يهون علينا مصيبات الدنيا و متعنا بأسماعنا و أبصارنا و قوتنا ما أحييتنا و اجعله الوارث منا و اجعل ثأرنا على من ظلمنا و انصرنا على من عادانا و لا تجعل مصيبتنا في ديننا و لا تجعل الدنيا أكبر همنا و لا مبلغ علمنا و لا تسلط علينا من لا يرحمنا .
وانظروا في هذه الرواية التي رواها الحاكم وصححها الألباني كان صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول :
اللهم أمتعني بسمعي و بصري حتى تجعلهما الوارث مني و عافني في ديني و في جسدي و انصرني ممن ظلمني حتى تريني فيه ثأري اللهم إني أسلمت نفسي إليك و فوضت أمري إليك و ألجأت ظهري إليك و خليت وجهي إليك لا ملجأ و لا منجى منك إلا إليك آمنت برسولك الذي أرسلت و بكتابك الذي أنزلت
فقد استوقفني " حتى تريني فيه ثأري
نعم يا رب اشف صدورنا ممن ظلمنا حتى ترينا ثأرنا فيهم ، فإنا نشكو إليك ضعفنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس فلا تكلنا إلا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا
يا كل مظلوم ... كنزك هذه الدعوات فاجعلها ديدنك حتى يشفي الله صدرك .
اجعلوها سهام الليل على كل ظلوم فبلاد المسلمين تئن من ويلاتهم
واجعلوها سهام الليل على الخبثاء الماكرين الذين يتربصون بنا الدوائر
فإليك اللهم المشتكى
أنا الصح
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
أما بعد ..
ففي بلادنا الآن ظاهرة لا يتعجب منها من يعرف واقعنا جيدا ، لكنها تحرق قلوب الغيورين على هذا الدين
ظاهرة (أنا الصح ) المطلق الذي لا يحتمل الخطأ ، ظاهرة الأثرة وإعجاب المرء بذاته وعمله وتياره وحزبه
ظاهرة تجد فيها الواحد لا يرى إلا نفسه بعين الكمال ، وأحيانا تتزخرف الألفاظ بعبارات الورع البارد ( طبعا مقصر ومذنب و...الخ )
ترى الواحد إذا قلت له : هذا خطأ . يهاجمك ويقول يعني ( أنت الصح )
في ظل عدم وجود المرجعية التي تلتف حولها الناس جميعا فمن ( الصح ) ؟
في ظل التطاول على العلماء والدعاة وأهل الخير ، وما أكثر المواقف العدائية المبنية على مبدأ " سمعت الناس يقولون قولا فقلته !! "
إنّنا أصبنا بداء كبير اسمه ( الكبر ) فنعوذ بالله من المتكبرين الذين لا يحسنون إلا رؤية أنفسهم والحط من أقدار غيرهم
أين التواضع وأين اذلة على المؤمنين ؟؟
أين الاشتغال بعيوب النفس عن عيوب الآخرين ؟؟
أين موازين القسط في وزن الأمور ؟ فإذا أخطأ العالم أو الداعية كانت ( الطبوليات) وينسى فضل أهل الفضل ؟؟
ثم بعد ذلك ( أنت على الحق المبين ) !!
هيهات ما هذه أوصاف ولا أخلاق المؤمنين يا صاحب الحق المبين
لا تنشغل بغير عيبك لتنجو ، ولا تتطاول على غيرك لتسلم من الغيبة والنميمة وفساد ذات البين
إن قلبي ليتفطر على ( سلفيات ) و(حزبيات ) وعلى إخوة وأخوات كنت أظنهم نالوا قسطا من التربية فإذا برواسب الجاهلية تنخر في لحمهم وعصبهم ، والآن ضاعوا وسط أمواج عاصفة حتى كانوا أول الخائنين
يا هذا ( أنت الصح )
فأين دليله : هل بمجلس علم ؟ هل بركعات قيام ؟ هل بأعمال ظاهرة ؟
يا هذا ( أنت الصح )
حين تطهر قلبك ، حين تسعى في تزكية نفسك ، حين يكون خلقك شعارك
حين تنشغل بك لا بغيرك
فمن يفهمها ؟
الإنصاف
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
أما بعد ...
فالأحبة في الله تعالى
أسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العافية وتمام العافية والشكر على العافية ، وأن يعافينا في الدنيا والآخرة، اللهم إنا نسألك العافية في ديننا ودنيانا وأهلينا وأموالنا ، استر عوراتنا وآمن روعاتنا واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا .
الإخوة الكرام ..
بدأنا من الأمس رحلة ( كلنا يد واحدة ) وهي دعوة للتغيير على منهاج المعادلة القرآنية بتغيير ما بالأنفس
وأول الخطوات كانت : الدعوة للتوافق على بساط الخلق الحسن
وأهم هذه الأخلاق : خلق الإنصاف
فالله تبارك وتعالى يقول : " ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى "
فالعدل والإنصاف يقتضي أن تزن الناس بميزان الحسنات والسيئات ، لا ميزان الانتماءات والتصنيف ، وإلقاء التهم وفق هذا التصنيف الحزبي أو الفكري، فدعوها فإنها حقًا ( منتنة ) وانفضوا غبارها فقد آن وقت الائتلاف
هل يمكن أن تقبلني كإنسان فتعطيني حقي من البر والإحسان ؟
هل من الممكن أن نتعامل وفق أنني مسلم لي عليك حقوق ولك عليَّ واجبات ؟
هل من الممكن ان ننفض الماضي العكر بكل صراعاته ومشاغباته ورواسبه ؟
هل من الممكن أن نتمايز فنتكامل دون أن نطالب بالانصهار ؟
يمكنني أن أرد على المخالفين لكن بأدب وحكمة ولا نوغر الصدور ونجعل الشيطان يحرش بيننا؟
ويمكنني ان أكون من أصحاب ( ما بال بياض أسنانه ) لما قالها عيسى للحواريين لما أمسكوا بأنوفهم لرؤية كلب متفسخ فكلهم رأى قذره ، وتلمس هو أفضل ما فيه فشغل به عينه .
هل من الممكن أن تخف دعوات الشقاق وحملات الردود القاصمة للظهور وكلمات الانتصار للنفس والتشفي من الغير ؟
هل من الممكن أن تستسيغ أيها السلفي قولا لأحد الإخوان ؟ ويتسع صدرك أيها الإخواني لنصيحة السلفي ؟
وهل من الممكن أن تزال عبارات التصنيف هذه من القاموس حتى نجتمع على نصرة الإسلام والعمل لدين الرحمن ونبتعد عن الظلال القاتمة لهذه التصنيفات فتسعنا دائرة الإسلام وأخلاقه أولا ثم دائرة أدب الخلاف ثانيًا ثم دائرة التناصح المهذب ثالثا ثم دائرة الاحترام المتبادل وإن اختلفت الرؤى رابعًا ؟
عن سفيان بن حسين أنه قال : ذكرت رجلا بسوء عند إياس بن معاوية فنظر في وجهي وقال : أغزوت الروم ؟ قلت : لا ، قال : السند والهند والترك . قلت : لا ، قال : أفيسلم منك الروم والسند والهند والترك ولم يسلم منك أخوك المسلم ؟
إنني لا أطالب أحدًا أن يتخلى عن رؤاه طالما قامت على أدلة صحيحة ، ولكني أطالب بتغيير أساليب العرض وأساليب الحوار
فمن ينصف ؟ ومن يعدل ؟ ومن يتخلق بأخلاق المرحلة ؟
الأخوة في الله ..
إنها دعوة للتوبة العامة بين كل المتنازعين ، وبين أصحاب الاتجاهات المختلفة ، ففي الوسط الدعوي كوارث لابد من إزالة أنقاضها ،ولا يتحقق ذلك إلا بهذه التوافقية على ( أبوء لك بنعمتك عليَّ وأبوء بذنبي )
يا من ترى فيَّ القبيح هل لا تكفيك أنني أقول : أستغفر الله وأتوب إليه ؟
يا من أخطأت في حقي وقدحت فيَّ بغير بينة ولا برهان هل لا تكفيك أني أستغفر الله لك ؟
يا من اغتبت هذا وخضت في أعراض المسلمين أما يكفيك أنها - والله -كبيرة
في سنن أبي داود وصححه الألباني عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم .
أقولها لكل مسلم ومسلمة الآن للتصافي والتعافي
إن كنت اغتبتني فأستغفر الله لك ، وإن كنت اغتبتك فأتوب إلى الله
وهكذا نبدأ في التوبة العامة للتقريب بين المسلمين وتعميق أواصر رابطة الإيمان
فإياكم والقدح في إخوانكم وفي أكابركم وعلمائكم
وإياكم ولحوم العلماء فإنها مسمومة
ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب فتستطيلون في أعراض الناس بغير حق؟
ولا تكونوا عون الشيطان على المسلمين ، بل كونوا عباد الله المتسامحين
قولوها كما قالتها أمنا زينب في حادثة الإفك : أحمي سمعي وبصري ما علمت إلا خيرا
بهذا تتآلفون ، ولا تفتنون ، وتراغمون الشياطين التي تنزغ بينكم
فمن يمد يده يبايع على هذه الخطوة ؟؟