العودة   شبكة صدفة > المنتدى السياحـى > سياحة الدول العربيه

سياحة الدول العربيه السياحة العربية في تونس والمغرب والجزائر ومصر والاردن وليبيا ولبنان وسوريا وعثمان، السياحة في شرم الشيخ، السياحة في المناطق الطبيعية العربية، سياحة الأثار العربية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 03-13-2008, 05:37 AM رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

الفن التشكيلي العربي المعاصر والدوران في فلك الآخر


بادئ بدء،لا بد من الاعتراف العلني في مصداقية الحقائق المعيشة والمراحل الزمنية التي مرت بها المنطقة العربية من أحداث



سياسية عاصفة ومنعكسات طبيعية على مجمل تفاصيل حياتنا اليومية كعرب وما اشتمل القرن العشرين من إشكاليات كبرى في كافة المسارات الوجودية للشعوب العربية وبكل الميادين الفكرية والفلسفية والاقتصادية والثقافية والإبداعية والمسلكية وما لعبته منظومة الدول الغربية الأوروبية والأمريكية والصهيونية (الشرقية والغربية) على حد سواء في النهايات المؤلمة والانكساريات المدمرة للأحلام التي عاشت الأجيال العربية متأملة حينا ومخدوعة في أغلب الأحيان من تشر ذم وانقسام وتشظي وتراجع مطبق عن كل الشعارات والبرامج والخطط والاندماج الكلي في الحقبة العولمية والتي جاءت كنتيجة منطقية لأهداف الاستعمار الأوروبي القديم والغربي الحديث والمعاصر وما لعبته الحقبة الأوروبية (الاستشراقية) ومؤثراثها المباشرة في محاولة استعمارية محضة لأهمية الوطن العربي الجيو-سياسية وما يحفل به من ثروات طبيعية وسوق استهلاك جيد لمنتجاتها ونهوضها الصناعي والتنافس الاقتصادي التناحري ما بين مصالح كل دولة من تلك الدول الاستعمارية مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، والظهور أمام العرب في أثواب المخلّص والمنقذ من ذيول الحقبة العثمانية في أنماط استعمارية مخططة في كل المسارات الحياتية من خلال استنهاض الذات العربية الساكنة والراكدة من سباتها المطبق طيلة أربعة قرون من الحقبة العثمانية وما حملته في طياتها من تخلف وتلاشي واندثار الهوية والوجود القومي العربي ، وبالتالي انغلاقنا الذاتي والموضوعي بما قسمته المشيئة الإلهية في ظل التآخي الإسلامي والقبول بالآمر الواقع وكأنه حقيقة قدرية مطلقة لا فكاك من الانصياع لإرادة الحقبة العثمانية وما جسدته من معابر ظلامية في كل أنماط وجودنا القومي ومسالك تفكيرنا ،هذا من ناحية . واللعب على جبهة الثقافة ومسالك الإبداع من تكريس قيم ومفاهيم جديدة متناسبة والأهداف الكبرى الاستعمارية لهذا البلد العربي أو ذاك والتي تلخصها مجموعة الاتفاقات السرية التي سبقت اتفاقية (سايكس –بيكو) والتي ما زال الوطن العربي يدور في فلكها بشكل ما أو بآخر ، وأن المنابت الإبداعية للفنون الجميلة (السمعية والمرئية والمسموعة) في ميادين (الأدب – الموسيقى – المسرح –




الصحافة-التشكيل – الفضائيات – وتكنولوجيا الاتصالات متعددة الخصائص والوظائف) ليست بدعة عربية على أية حال بل هي نتاج ثقافة ومعرفة وتجارب الآخر الأجنبي عموما والغربي على وجه التحديد ، ولا وجود لها في صيرورة الهوية العربية المتشكلة مع بدايات القرن العشرين الذي حملت رياح التغيير الكوني المعرفي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي مؤشراته الدلالية وسماته الرئيسة المتكونة والقادمة من أوروبا في ظل حقبة الاستعمار الأوروبي القديم والحديث . والفن التشكيلي باعتباره منتج أوروبي بامتياز ، وهو بلا أدنى شك استمرار منطقي – تطوري لمسالك الفنون البصرية الإبداعية التي أورثتها فنون عصر النهضة الإيطالية من جماليات وذاكرة بصرية ومفردات وما كرسته من مناهج فنية وقوانين ونظم صياغة منطقية للمنتج الفني التشكيلي إبداعيا وفق معايير خبروية معايشة قام بها فنانين عظام جعلت منها نزعة مركزية لكل التجارب الفنية في أوروبا والخارطة الكونية بأسرها في مرحلة لاحقة ،وأمست أفكارها وخطوطها وملوناتها ونسبها الذهبية القياسية والموضوعية وبنائية التكوينات الشكلانية للعمل الفني التشكيلي تشكل مرجعية ثقافية وبصرية لكل المدارس الفنية والتيارات والمعاهد والأكاديميات المتخصصة وللأفراد ، وان دخلت الفنون التشكيلية في مرحلة الحداثة الأوروبية التي عصفت بكل مناحي الإبداع والفنون التشكيلية خصوصا وما أعقبها من فنون ما بعد الحداثة (التركيبية والشيئية) والمتماهية مع المرحلة الآنية المعيشة في سياق الحقبة العولمية ،من ناحية ثانية .
من هذا المنطلق، يمكن القول بأن المنتج الإبداعي العالمي مرتبط بالنزعات المركزية الأوروبية – الغربية باعتبارها نواة أساسية لتشكيل الثورة الثقافية في محاكاة تطابقية واستنساخية في كثير من الأحوال مرت بها كل تجارب المؤسسات والشعوب في العالم لا سيما الدول الأقل تطورا والوطن العربي على وجه التحديد . والفن التشكيلي العربي في سياقه التأليفي كفن وافد ومعاصر مرتبط أساسا بالنزعات المركزية الأوروبية (الشرقية والغربية). وهو مدين لها بالوجود والصيرورة من خلال أشكال تفاعلية عديدة جسد (الاستشراق الأوروبي والاستغراب العربي ) أحد المعابر الرئيسة في هذا التشكيل الوجودي لهذا المنتج الإنساني الإبداعي الذي أفسح لنا المجال لاكتشاف ذواتنا العربية الفاعلة في كافة المستويات الثقافية المعرفية والبصرية والحضارية المتجلية في رسم ذاكرة المكان العربي وجمالياته (الأوابد التاريخية)والمناظر الطبيعية الخلوية المفتوحة والمغلقة ، والأماكن المزحومة بالعلاقات الاجتماعية وتجليات الشخوص التعبيرية في مطابقة مشهديه وصياغة أسلوبية مماثلة لفنون الغرب الأوربي ، وما فعلته قنوات الاستيعاب والتبادل الثقافي ما بين الدول الأوروبية والوطن العربي باختلاف منابته الاستشراقية في وجود هذا الفن الإبداعي في حياتنا الثقافية اليومية وما حملته ذاكرتنا المعرفية والبصرية من تراكمات كميّة أنتجها مبدعون حفروا لذواتهم الفردية الإبداعية



بصمات واضحة في صيرورة الفن التشكيلي العربي محليا وعربيا وعالميا ،وكثيرة هي الأسماء والعلامات الفنية التشكيلية العربية الذين استقوا من الذاكرة البصرية الأوروبية جلّ مرجعيا تهم الثقافية والأدائية والخبروية التجريبية ،وشكلت أعمال كل من الفنانين الأوروبيين (دافنتشي- تيسانو –أنجلو-فان ديك –درور- الغريكو-رمبرانت –دافيد –رودان –دومييه –مانيه- رونوار - ديلاكروا – سيزان - ماتيس -بول كلي -–موندريان –جيكيومتي –غوغان -فان كوخ - خوان ميرو -فرانسيسكوغويا - بيكاسو - فزاريللي) وغيرهم كمحطات أساسية.وما رافق الخارطة الكونية من متغيرات مجتمعية وفلسفية وسياسية واقتصادية ومفاهيم ومعلوماتية جديدة كان لها أكبر الأثر على مجريات العمل الفني التشكيلي العربي المعاصر.
هذا يقودنا إلى بداهة التعبير المفهومي لماهية الفن التشكيلي وكينونة باعتبار أن الذاكرة البصرية في سياقها التأليفي كلغة بصرية تواصلية تعبيرية سابقة للكلام (الشفاهي) وهي عالمية بالضرورة متجاوزة حدود المكان واللحظة الزمنية المعبرة عن ذاتها الوجودية والتأليفية وعن الأسلوب التقني والشكلاني والمحتوى الموضوعي في رصف المفردات الفنية التشكيلية والملونات والرموز وتحقيق الخصوصية في سياق شكلاني معاصر ومتفرد ومقروء ومفهوم من قبل فعاليات المجتمع الإنساني باختلاف طبقاته وأنسابه وثقافته ومدركاته المعرفية والبصرية والاجتماعية ،لتشكل هذه اللغة البصرية (الفنون التشكيلية) الحلقة التواصلية المفهومية ما بين الشعوب والثقافات في إطار فن عالمي يتساوق مع روح العصر ومتغيراته وديناميتة التفاعليه التطوريّة تقنيا وشكلانيا، وذاكرة معرفية (موضوعية) وتراكمات بصرية وخصوصية توليفية معبرة عن ذات فردية مبدعة ،لتشكل مجال بصري حيوي أشبه بقطع فسيفساء جمالية لرصف المعطى الحضاري في بنائية التكوينات كلوحة (بانورامية) كونية لذاكرة عالمية شمولية التفاعل الثقافي ما بين الشعوب والهويّات القومية التي لا تلغي الذات وتذوب في ثقافة الآخر وجودا وإبداعا بل توسع دائرة المعارف البصرية متجاوزة حدود المكان والزمان والأنماط الكيانية المؤسسية والحكومية
،


وألا تدخل بالوقت نفسه هذه المنتجات الفنية التشكيلية الإبداعية في مسالك الحقبة العولمية المدمرة للفعل الثقافي الإنساني وخصوصيات الأفراد والانتماء والهويّات،والتي تعمل باستمرار على تنميط الفن التشكيلي في قوالب سكونية جامدة كلغة بصرية محكومة بأشكال جبرية مكرسة لمفهوم أيديولوجي عدمي يفقد المدركات البصرية الجمالية وجودها وجوهرها وإقصاء للذات وخصوصية المكان والموروث الحضاري والسباحة في فلك الحقبة العولمية وميادين الفن السطحي الساذج والمبتذل والملغية للتعبير الداخلي والإحساس الإنساني لقيم الجمال والخير والمثاقفة ،وتعميم مساحة الشكلانية المجردة من العواطف والنزعات الإنسانية -الوجودية والأخلاقية والدخول في مجرة التوليف المصطنع للحقبة العولمية. أي (الأمركة) وتشكل البرامج الحاسوبية متنوعة الأسماء والمكونات كنظم شمولية مبنية على أساس الفلسفة الأمريكية النفعية في سياق مدخل النظم كاتجاه سلوكي جديد في التعامل البشري ملغية بطبيعة الحال التفاعل الإنساني الاجتماعي والإبداعي والأخلاقي كقيم إنسانية مباشرة لتكون عبر وسيط محض تقني وجعل الإنسان مجرد آلة (إجرائية) متساو الفاعلية مع الآلة (الحاسب) وليكون أحد مكونات (المدخلات) الضرورية في دينامية التواصل العملي مع هذه البرامج المعجونة بقيم صنعيه مغايرة للسلوك الإنساني الوجداني ولتطرح في نهاية المطاف (مخرجات) عدمية ممركزة لخدمة اقتصاد السوق والقيمة المضافة للتكنولوجيا المعاصرة ، والى مزيد من تهميش الفعل الإنساني الإبداعي . وسط هذه المقدمات التي قد تبدو في ظاهرها تشاؤمية ، لكن الحقيقة دائما واضحة وعارية ومؤلمة في استنطاق الوقائع ،وهذا ما يدفعنا لمشروعية المساءلة عربيا والاجتهاد التأويلي لمفهوم الذات والعلاقة مع الآخر من تفاعلات تبادلية وحالات اشتباك معرفي كما هي الحال في سياق عالمية الفن (العولمية) القائمة على علاقات تنابذ وتباعد وخوف على الذات والخصوصية والشعور بالهوية والارتداد والنكوص والعودة



للموروث الحضاري والتاريخي (الأصالة) وأين نحن كعرب وعلى أية مفارق وأزمنة وأمكنة نقف،ويأتي في مقدمة هذه التساؤلات التي نراها ضرورية . هل نمتلك مقومات فن تشكيلي عربي معاصر؟ وهل يتمتع هذا الفن التشكيلي العربي بخصوصية تأليفية ومعبر عن ذاكرة المكان وجمالياته وأفكاره وقيمه الاجتماعية في أنساق بصرية كونية متآلفة مع مجموعة مكونات الدائرة المعرفية العالمية ولكل القارات الكونية؟ أم لدينا مجرد تجارب فردية إبداعية تدور في فلك المرجعيات الأوروبية عموما والغربية على وجه الخصوص في سياق الشكلية الاستنساخية لثقافة الغرب الأوروبي في مرحلة فن ما قبل الحداثة وأثناءها وما بعدها في إطار النزعة المركزية الأوروبية في الفكر والفن ؟ أم التحول النفعي إلى آليات التواصل مع المنتج الغربي الأوروبي والأمريكي المعولم كنزعة مركزية جديدة في الخارطة الكونية ضاربة بعرض الحائط بكل ما سبقها من تجارب إبداعية وثقافية وحضارية ، وابتكارها أساليب أدائية متناسبة والنفعية الأمريكية (الليبرالية) كما هو واقع الحال في بقية المجالات الحياتية المفصلية لشعوبنا ؟.الإجابة على هذه المساءلة يمكن اختصارها بعبارة واحدة(نعم) نحن كعرب ما زلنا نراوح في فلك النزعات المركزية الغربية الأوروبية والأمريكية ومشغوفين بفنون ما بعد الحداثة العولمية . وان حاول بعض الفنانين الإيهام الخداعي في استنساخ واستحضار الموروث التاريخي والحضاري والاستقواء بفنون (الأرابسك) والحروفية الساذجة كبديل ثقافي وذاكرة بصرية مواجهة للنزعات الغربية في أثواب (أصالة) فهذا السلوك التسطيحي لا يلغي الحقائق .ليس لدينا فن تشكيلي عربي معاصر متمتع بالخصوصية بالمعنى العلمي للكلمة . أي لا وجود لفن تشكيلي عربي له مرجعية بصرية ومفردات وملونات وخطوط ومكونات عابقة بالخصوصية، وإنما لدينا فن مكرور ينشر ثقافة وجماليات الآخر الغربي سواء في أنماط مناهجنا وبرامج معاهدنا وجامعاتنا وأساليب فنانينا . ما زلنا قابعين في جحور التجريبية وقلق الفوضى والبحث الخجول


عن الذات وجماليات المكان وتمثل أسئلة الهويّة والانتماء والخوف من ثقافة الآخر والارتداد التأليفي لاستلهام مرجعيات أدبية والانغلاق على الذات، أو في سياق مشابهة تطابقية استنساخية مبتذلة للفنون التشكيلية العربية . ومزحومة أسواقنا الفنية التشكيلية المروجة لتجارة المنتج الفني التشكيلي العربي (بالغث) الكثير والجيد القليل في طقوس نفعية (كرنفالية) سواء في إطار المؤسسات الحكومية والنقابية ،أو في مجال تجارة العمل الفني واقتصاد السوق وترويج المنتج الفني كبضاعة (سلعية) شأنها في ذلك كبقية البضائع الاستهلاكية المعروضة في مساحة السوق المحلي العربي والدولي .وحال الفن التشكيلي العربي ليس بأفضل من بقية المعابر في السياسة والاقتصاد والثقافة والبحث العلمي والعلاقات، واكتساح العولمة وثورة الاتصالات (المعلوماتية) خصوصا . بحيث نجد المواقف العربية النخبوية والتخصصية تدور في فلك اجترار الكلام المكرور والقائم على تعظيم الذات (الفارغة) من أي محتوى موضوعي وقيمي ومعرفي والاتكاء على الماضي بما هو ماض منقرض. بحيث تقودنا هذه التهويمات الاجتهادية إلى عوالم القرون الوسطى والسباحة عكس التيار . وهذا الأمر هو مسؤولية جماعية تتحملها الحكومات والمؤسسات الأكاديمية والتربوية والنقابية والمنابر الإعلامية المقروءة والمرئية والمسموعة والفنانين والنقاد على وجه التحديد.






آخر مواضيعي 0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
0 اللهم فرج هم كل مهموم
0 أتركنى أسكن عينيك
0 ﻣﺎﻫﻮ ﺻﺒﺮ ﺃﻳﻮﺏ ؟
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 05:40 AM رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

بيان السوبرماتية.. واقعية جديدة تهضم منجزات التكعيبية....

السوبرماتزم (Suprematism) حركة من حركات الفن التشكيلي أسسها في موسكو الفنان "كاسمير ماليفيتش" (878 ا-935 1) في العام 1913، واستمرت موجتها حتى عشرينيات القرن العشرين، ولكنها لم تختف قبل أن تضع أساس كل فنون التجريد الهندسية اللاحقة التي تدين لها بالكثير.
دافعت هذه الحركة عن فن تجريدي خالص أساسه عناصر الدائرة والمستطيل والمثلث البسيطة. وكان أول نتاج لها لوحة تمثل مربعا أسود كاملا على أرضية بيضاء. وانضم إليها عدد من الفنانين من أمثال رودشنكو ورزاندوف وليسلكي.
منابع هذه الحركة متعددة، فقد تمثل مؤسسها الفن الطليعي الذي كان شائعا في أوروبا الغربية آنذاك في العقد الذي سبق الحرب العالمية الأولى وأبرز قياداته: الانطباعية و التعكيبية، والمستقبلية. وأطلق بيانه الأول خلال آخر معرض للمستقبليين في بتروغراد في ديسمبر من العام 1915 تحت عنوان: "من التكعيبية إلى السوبرماتزم في الفن: نحو واقعية جديدة وإبداع خالص.. وتمت إعادة نشر هذا البيان بعد توسيعه في العام 1916. والترجمة الراهنة مأخوذة عن كتاب "مقالات ماليفتش في الفن، إعدادت أندرسون، كوبنهاجن، 1969.
لن نشهد عملا فنيا خالصا وحيا، إلا مع اختفاء عادة من عادات الفكر التي ترى في اللوحة زوايا الطبيعة الصغيرة مثل صور العذراء وتماثيل فينوس العادية.
لقد حولت نفسي إلى الشكل صفر، وسحبت نفسي من بركة الفن المدرسي المكتظة بالقمامة.
لقد دمرت حلقة الأفق وهربت من دائرة الأشياء، من الأفق الدائري الذي يقيد الفنان ويقيد أشكال الطبيعة.
هذه الحلقة اللعينة التي تتفتح عن إمكانيات جديدة مرة بعد مرة، فتأخذ الفنان بعيدا عن هدف التهديم.
الوعي الجبان فقط، والقوى الإبداعية الضئيلة لدى فنان هما اللذان ينخدعان بهذا التحايل، ويؤسسان فنهما على أشكال الطبيعة، واثقين من فقدان الأسس التي أقام عليها المتوحش والمدرسي فنهما. الفنانون الأغبياء والعاجزون فقط هم الذين يقومون بعملهم بإخلاص. في الفن هناك حاجة إلى الحقيقة لا الإخلاص.
تتلاشى الأشياء مثل دخان. ولاكتساب الثقافة الفنية الجديدة يقارب الفن الإبداع بوصفة غاية بحد ذاته وسطوة على أشكال الطبيعة.
فن المتوحش ومبادئه
المتوحش هو أول من أوجد مبدأ النزعة الطبيعية (مطابقة الطبيعة)، حين رسم اعتمادا على نقطة وخمسة أعواد صغيرة. لقد حاول إعادة إبداع صورته هو.
وأرست هذه المحاولة الأولى قاعدة المحاكاة الواعية لأشكال الطبيعة. ومن هنا ظهر هدف مقاربة سطح الطبيعة قدر المستطاع واتجهت كل جهود الفنانين نحو تمثيل أشكالها الإبداعية.
الفن الجماعي، أو فن النسخ، يمتلك أصله في السير إثر صورة المتوحش البدائية، الأولى. إنه فن جماعي لأن الإنسان الحقيقي ذا المنظومة السامية من المشاعر والحالات النفسية، والتشريح الجسدي لم يكن قد تم اكتشافه بعد.
لم ير المتوحش لا صورته الخارجية ولا وضعيته الداخلية. إن وعيه لا يستطيع إلا مشاهدة هيئة إنسان أو حيوان.. إلخ. ومع تطور وعيه نما المخطط الذي صور به الطبيعة وأصبح اكثر تعقيدا. فكلما احتضن وعيه الطبيعة اكثر، كلما تعقد عمله وازدادت معرفته و قدرته.
ولم يتطور وعيه إلا في جانب واحد، جانب إبداع الطبيعة، لا في جانب أشكال فن جديدة ولهذا لا يمكن أن تعتبر صوره البدائية عملا خلاقا.
إن التشويهات في صوره (الانحراف عن مطابقة الطبيعة) ليست سوى نتاج ضعف في الجانب التقني.
التقنية شأنها الوعي، لم تكن إلا على طريق تطورها. ولهذا لا يجب أن تعتبر لوحاته فنا.
لقد أشار مجرد إشارة نحو الطريق إلى الفن استتبع هذا أن المخطط الأصلي كان إطارا وضعت فيه الأجيال المتعاقبة مكتشفات جديدة للطبيعة مرة بعد مرة.
وتنامي المخطط نموا أشد تعقيدا وازدهر في العالم القديم وفق عصر النهضة.
وصور أساتذة هذين العالمين الإنسان في شكله الكامل، داخليا وخارجيا. لقد تم تجميع الإنسان والتعبير عن دواخله ولكن هؤلاء الأساتذة رغم قدراتهم الفائقة، لم يكملوا فكرة المتوحش انعكاس الطبيعة على قماش اللوحة كما لو أنها منعكسة في مرآة ومن الخطأ الاعتقاد بأن عصرهم كان اكثر عصور الفن ازدهارا، وأن الجيل الشاب يجب أن يسعى نحو هذا المثال بأي ثمن، مثل هذا المفهوم زائف، إنه يحرف القوى الشابة عن تيار الحياة الحديثة، وبهذا يربكهم. تطير أجسادهم في الطائرات، ولكن الفن والحياة تغطيهما أردية قديمة، تعود إلى العصور اليونانية والرومانية.
ولهذا هم لا يستطيعون رؤية الجمال الجديد لحياتنا الحديثة، لأنهم يحيون بجمال عصور الماضي.
ولهذا يبدو الواقعيون والانطباعيين والتعكيبيون والمستقبليون والسوبرماتيون غير مفهومين، فهم طرحوا عنهم أردية الماضي، وخرجوا إلى الحياة الحديثة للعثور على جمال جديد لا وأنا أقول:
إن أي غرفة تعذيب من غرف لأكاديميات لن تستطيع الصمود أمام تيار الزمن تتحرك الأشكال وتولد، ونتوصل إلى اكتشافات جديدة مرة بعد مرة. وما اكشفه لكم لا يخفى.
ومن العبث إكراه عصرنا وإدخاله في أشكال الزمن الماضي القديمة.
في نسخنا أو تتبعنا لعلائم أشكال طبيعة تجدنا نغذي وعينا بفهم زائف للفن.
لقد اعتبر عمل البدائيين عملا خلاقا والكلاسيكيات إبداع أيضا.
ولكن نقل الأشياء الواقعية إلى قماش اللوحات هو فن توليد ماهر لا أكثر.
وما بين فن الإبداع وفن النسخ فارق عظيم لا يستطيع الفنان أن يكون مبدعا إلا حين لا يكون ما شيء مشترك بين الأشكال في لوحته وبين الأشكال الطبيعية، لأن الفن هو قدرة على الإنشاء ليس على أساس العلاقة المتبادلة بين الأشكال والألوان، وليس على أسااس قاعدة جمالية، في التكوين، بل على أساس الثقل والسرعة واتجاه الحركة يجب أن تمنح الأشكال الحياة وحق
الوجود المستقل. إن أي فنان ملزم بأن يكون مبدعا حرا ليس سجينا حرا.
وكل فنان ما أعطي موهبة ليمنح الحياة حصته من الإبداع وأن يزيد من تدفق الحياة. في الإبداع وحده يكتسب المبدع حقه وهذا ممكن حين نحرر فننا من مادة الموضوع المبتذلة، ونعقم وعينا أن يرى كل شيء في الطبيعة، ليس كأشكال وأشياء واقعية، بل ككتل ملموسة يجب أن تصنع منها الأشكال التي لا يجمعها بالطبيعة جامع، وهكذا ستختفي عادة رؤية صور العذراء، وصور فينوس مع كيوبيد سمين وعابث.
اللون والنسيج في الرسم غايتان بحد ذاتهما، إنهما جوهر الرسم ولكن هذا الجوهر يدمره الموضوع دائما ولو اكتشف كبار فناني النهضة سطح لوحة، لكان هذا أعظم واكبر قيمة من أية صورة للعذراء أو جيوكندا. وان نحت أي شكل سداسي أو خماسي سيكون عملا نحتيا أعظم من تمثال فينوس دي ميلو أو تمثال داود.
الواقعيون الأكاديميون هم آخر المتحررين من صلب المتوحش إنهم من يتجولون مرتدين ثياب الماضي الرثة، بعضهم مثلما حدث سابقا، ألقى عنه هذا الرداء الدبق.
وصنعوا وجه تاجر الأسمال البالية الأكاديمي بإعلانهم الحركة المستقبلية. لقد بدءوا حركة تحرير جبارة بالدق على الوعي مثل مسامير في حائط صخري لانتشالكم من أقبية الموتى إلى سرعة زمننا.
إنا على يقين من أن كل من لم يسر في طريق المستقبلية كتعبير عن الحياة الحديثة محكوم عليه بالزحف إلى الأبد بين القيود العتيقة والتغذي على قشور الماضي.
جمال السرعة هو "الجديد" الذي فتحته المستقبلية في الحياة الحديثة وبالسرعة نتحرك حركة اكثر رشاقة ونحن الذين لم نكن سوى مستقبليين بالأمس وصلنا بوساطة السرعة إلى أشكال جديدة وعلاقات جديدة مع الطبيعة والأشياء. وصلنا إلى السوبرماتية تاركين المستقبلية منفذا سيعبر منه أولئك الذين تخلفوا.
هجرنا المستقبلية، ونحن الأكثر جرأة، بصقنا على محراب فنها.
ولكن هل يستطيع الجبناء البصق على أصنامهم! مثلما فعلنا بالأمس!.
أقول لكم إنكم لن تروا الجمال الجديد والحقيقة حتى تصمموا على أن تبصقوا.
لم نرفض المستقبلية لأنها ضعفت. واقتربت نهايتها.. لا.. جمال السرعة الذي اكتشفته خالد، وسيظل الجديد يتكشف للكثيرين، ونحن نجري خلال سرعة المستقبلية نحو هدفنا، يتحرك الفكر بسرعة اكبر، ومن يجد نفسه في المستقبلية يكون أقرب إلى هذا الهدف وأبعد عن الماضي. افتقادكم إلى الفهم طبيعي تماما. فكيف لإنسان يركب عربة يجرها حصان واحد أن يفهم تجارب وانطباعات شخص يسافر في قطار سريع أو يطير في الفضاء؟
الأكاديمية مدفن متعفن يجلد فيها الفن نفسه. حروب كبرى واختراعات عظيمة، وفتح الفضاء وسرعة السفر والهواتف والبرقيات، والمدرعات، وعالم الكهرباء. ولكن فنانينا الشباب يرسمون تماثيل نيرون ومحاربين رومان نصف عراة.
كل المجد للمستقبليين الذين حظروا رسم الأفخاذ الأنثوية وصور الشخصيات والقيثارات في ضوء القمر.
لقد اتخذوا خطوة هائلة إلى الأمام، وتخلصوا من اللحم، ومجدوا الآلة. ولكن اللحم والآلة هما عضلتا الحياة. كلاهما جسم تتحرك فيه الحياة.
حتى الآن ما يلاحقه الفنان دائما هو الموضوع- الشيء ولهذا فإن المستقبلية الجديدة تلاحق الآلة بسرعتها الحالية كلا الأمرين نوع من الفن القديم والجديد. المستقبلية وراء الأشكال الهاربة.
ويثار السؤال هل سيبرر هدف الرسم هذا وجوده؟ لا!
لأن في ملاحقة شكل الطائرات أو السيارات سنظل نتوقع دائما أن تطرح الحياة التقنية عنها أشكالا جديدة.
في ملاحقة شكل الأشياء لا نستطيع اكتشاف الرسم كفاية بحد ذاته، الطريق إلى إبداع مباشر.
سيظل الرسم وسيلة لتوليد هذا أو ذاك من أشكال شروط الحياة. إلا أن المستقبليين حظروا نقل العري ليس من أجل منح الحرية للرسم أو الكلمات، لتكون الحرية غاية بحد ذاتها ولكن بسبب التغير في جانب الحياة التقني. حياة الحديد والآلة الجديدة وهدير السيارات وبريق الأضواء الكهربائية وهدير مراوح الطائرات.
فاعلية الحركة وجهت الفكر نحو إنتاج فاعلية الرسم التشكيلي. ولكن جمود المستقبليين لإنتاج فن تشكيلي خالص مثل هذا لم تتوج بالنجاح.
فهم لم يتخلوا عن مادة الموضوع، أي ما كان سيجعل مهمتهم أسهل. حين أبعدوا الفكر نصف إبعاد عن اللوحة (حارس العادة القديم الذي يرى كل شيء بشكل طبيعي) استطاعوا رسم لوحة الحياة الجديدة والأشياء الجديدة، ولكن هذا هو ما فعلوا فقط.
تتلاشى كلية الأشياء في نقل الحركة ورسمها، حيث تختبئ جسيماتها اللامعة نفسها بين الأجسام الهاربة الأخرى.
وفي إنشائهم لأجزاء الأشياء الهاربة حاولوا نقل انطباع الحركة فقط ولكن لينقل المرء حركة الحياة الحديثة عليه أن يتعامل مع أشكالها.
وهو ما جعل وصول الرسم إلى هدفه أشد صعوبة. ولكن مهما كانت طريقة القيام بهذا، بوعي أو بلا وعي، ومن أجل الحركة، أو من أجل تصوير الانطباعات، فقد تم انتهاك كلية الأشياء.
وفي هذا الانتهاك والتحطيم للكلية يكمن المعنى الخفي الذي أخفاه غرض رسام الطبيعي. الغرض الذي يباطن هذا الهدم لم يكن أساسا تصوير حركة الأشياء بل انهدامها في سبيل الوصول إلى جوهر الرسم الخالص، أي نحو مقاربة إبداع غير موضوعي- بطرح الفكر جانبا، لجأ المستقبليون إلى الحدس بوصفه ما تحت الوعي. إلا أنهم أبدعوا لوحاتهم باستخدام أشكال الفكر النفعي وليس الأشكال أللا واعية للحدس.
الحدسي يجب أن يكشف عن نفسه بالنسبة لي في أشكال لا واعية ومن دون استجابة.
وأعتقد أنه كان من الضروري فهم الحدسي في الفن بوصفه غرض شعورنا الانتقائي تجاه الأشياء، وهو يتبع مسارا واعيا خالصا يشق طريقه بحدة خلال الفنان.
الأمر يبدو كما لو أن مستويين من الوعي يحتربان. ولكن الوعي المعتاد على تدريب الفكر النفعي لا يتسق مع الإحساس الذي يقود إلى هدم عالم الأشياء، لم يفهم الفنان هذا الهدف، وباستلامه لهذا ا لإحساس خان الفكر وشوه الشكل.
الإبداع بوساطة الفكر النفعي ذو غرض محدد. ولكن الإبداع الحدسي ليس له غرض نفعي وليس لدينا حتى الآن مثل هذا التجلي للحدس في الفن.
في الفن كل الصور تنبثق من أشكال إبداعية لنظام نفعي. كل صور الطبيعيين تمتلك الشكل الموجود في الطبيعة ذاته
على الشكل الحدسي أن ينبثق من لا شيء- بالطريقة نفسها التي يبدع فيها الفكر أشياء للحياة اليومية بأخذها من لا شيء ويصنع اكتمالها.
على الفنان أن يعرف الآن أية أشياء تظهر في صوره وكيف عاش الفنان سابقا بمزاجية من نوع معين. إنه ينتظر ظهور القمر والغسق ويضع ظلالا خضراء على مصابيحه، وكل هذا يوجد تناغما في مزاجه مثل آلة كمان. ولكن حين يسأل لماذا هذا السطح معوج أو أخضر لا يستطيع إعطاء جواب محدد.
"أنا أريده كذلك، أنا أحبه هكذا".. وفي النهاية تنسب هذه الرغبة إلى الإرادة الحدسية. وتبعا لذلك لا ينطلق الشعور الحدسي بوضوح. وفي هذه الحالة لم يكن شرطه ما تحت الوعي فقط، بل لا وعيا تاما. الرسم كان اشتباكا مع هذه المفاهيم. كانت الصورة نصف واقعية نصف مشوهة!.
ولأنني رسام علي أن أقول لماذا وجوه الناس في اللوحات ذات لون أحمر أو أخضر. تقع الصورة رسما وتكوينا في مجال جهازنا العضوي. إن تفجرها عظيم وملح. إنها تلون نظامي العصبي ويشتعل دماغي بألوانها. ولأن اللون كان مكبوتا من قبل الحس المشترك. مستعبد له. وروحه تضعف وتموت. إلا أنه حين يتغلب على الحس المشترك، تتدفق الألوان في قلب الشكل الكريه للأشياء الواقعية.
تنضج الألوان ولكن شكلها لا ينضج في الوعي.
الرسم المستقبلي يعتبر المستقبليون فاعلية الشكل الثلاثي الأبعاد ذات أهمية أولية في الرسم.
ولكن في فشلهم في تحطيم عالم الأشياء لم يحققوا سوى فاعلية الأشياء ولهذا يمكن اختزال لوحات المستقبليين وبقية مشاريعهم من عشرين لونا إلى لون واحد، ومع ذلك لا تفقد الانطباع الذي تخلقه.
لوحة "إيفان الرهيب " لريبين يمكن أن تخلو من اللون، وتظل مع ذلك تمنحنا انطباعات الرعب نفسها كما مع اللون سيظل


الموضوع يقتل اللون ولن نلاحظه، ثم يصبح اللون ملحوظا اكثر حين تقتل الوجوه الملونة بالأخضر والأحمر الموضوع إلى حد معين. اللون هو ما تحيا به اللوحة. وهو ما يعني أنه الأكثر أهمية. وهنا أصل إلى أشكال لونية خالصة.
السوبرماتية هي فن الرسم الخاص. الفن الذي لا يمكن أن تختزل استقلاليته إلى لون واحد.
يمكن تصوير عدو حصان بقلم ذي لون واحد. ولكن من المحال تصوير حركة كتل حمراء وخضراء أو زرقاء بقلم. علىالرسامين التخلي عن الموضوع والأشياء إذا أرادوا أن يكونوا رسامين خالصين.
مطلب فاعلية الرسم التشكيلي يشير إلى الحاجة إلى الكتلة في الرسم لتنبثق من الموضوع، وتصل إلى هيمنة الشكل كغاية بحد ذاته على المحتوى والأشياء، ويشير إلى الحاجة إلى السوبرماتية أللا موضوعية، والى واقعية جديدة في الفن، إلى إبداع مطلق. المستقبلية تقارب فاعلية اللوحة عبر نزعة الشكل المدرسية. وطريق كلا القوتين يقود إلى السوبرماتية، في الرسم إذا فحصنا الفن التكعيبي وسألنا أية طاقة في الموضوعات تلك التي تشير إلى فعالية الشعور الحدسي، سنجد أن الطاقة كانت ثانوية في الرسم.
واعتقد التكعيبيون أيضا أن ا لموضوع ذاته مع جوهره أو غرضه أو معناه أو تقديمه كاملا ليس ضروريا.
حتى الآن ما بدا أن جمال الموضوعات تم الحفاظ عليه بنقلها جملة إلى اللوحات، وأن جوهرها ينكشف في فجاحة الخط أو تبسيطها بخاصة. ولكن أصبح معروفا أن وضعية إضافية من أوضاع الموضوعات تم اكتشافها، وهو ما يكشف لنا عن الجمال الجديد.
أعني:
إن الشعور الحدسي اكتشف الطاقة في الموضوعات نتيجة التنافر الحاصل من تصادم شكلين متعارضين تجسد الموضوعات كتلة من اللحظات في الزمن. أشكالا متنوعة، وتصويرها متنوع تبعا لذلك. وتصبح كل جوانب الزمن هذه في الأشياء وتشويهها (حلقات جذع شجرة) مهمة اكثر من جوهرها ومعناها.
لقد تبنى التكعيبيون هذه الأوضاع الجديدة كوسائل لإنشاء اللوحات. وكانت هذه الوسائل في الوقت نفسه مكتملة في بنيتها تماما. بحيث سيوفر التصادم من اللا متوقع لشكلين تنافرا ذا قوة توتر عظمى.
إن ميزان كل شكل اعتباطي. وهو ما يبرر ظهور أجزاء موضوع واقعي في أوضاع لا تمت للطبيعة بصلة ولتحقيق هذا المجال الجديد أو الطاقة بكل بساطة، حررنا أنفسنا من انطباع كلية الأشياء وبدأ حجر الرحى حول عنق الرسم بالتصدع. إن أي موضع يرسم وفق مبدأ التعكيبية يمكن أن يعتبر منتهيا حين تستنفد تنافراته. ومع ذلك، يجب أن يحذف الفنان كل الأشكال التي تكرر نفسها بوصفها نسخا ولكن إذا وجد الفنان توترا ضئيلا، في اللوحة فله الحرية الكاملة في أن يأخذه من موضوع آخر. وينتج عن ذلك، أن التعكيبية تسقط مبدأ نقل الأشياء (تصويرها). يتم رسم اللوحة ولكن لا ينقل الموضوع.
من هنا هذه النتيجة إذا كان الفنان طيلة آلاف السنوات الماضية قد حاول مقاربة تصوير موضوع تصويرا وثيقا بقدر الإمكان،
ليستطيع تقديم جوهره ومعناه، فإن الفنان الحديث في عصر التكعيبية دمر الموضوعات ومعانيها معا، الجوهر والغرض، وبرزت اللوحة الجديدة من شظاياهما. واضمحلت الموضوعات مثل دخان في سبيل ثقافة الفن الجديد.
لم يعد هناك المزيد من الحب للزوايا الصغيرة، ولا المزيد من الحب الذي تخاف من أجله حقيقة الفن. المربع ليس شكلا مصدره ما دون الوعي إنه إبداع الفكر الحدسي. إنه وجه الفن الجديد المربع طفل ملكي حي. الخطوة الأولى للإبداع الخالص في الفن. قبله كانت هناك تشويهات ساذجة ونسخ عن الطبيعة. عالمنا الفني يصبح جديدا، لا موضوعيا، خالصا. يتلاشى كل شيء، وتبقى كتلة مادة ستبنى منها الأشكال الجديدة. في السوبرماتية ستحيا الأشكال مثل كل أشكال الطبيعة الحية. هذه الأشكال تعلن أن الإنسان حظي بتوازنه بوصوله من حالة تفكير مفرد إلى حالة تفكير مزدوج التفكير النفعي والتفكير الحدسي الواقعية الجديدة في الرسم هي الأكثر واقعية في الرسم لأنها لا تحتوي على واقعية، الجبال والسماء والمياه. حتى الآن كانت هناك واقعية، الموضوعات، وليس وحدات لون مرسومة، بنيت بحيث لا تعتمد لا على الشكل ولا على اللون ولا على موقعها بالنسبة لبعضها البعض.
كل شكل حر وفردي. كل شكل عالم. أي سطح مرسوم هو اكثر حياة من أي سطح تنتأ منه عينان أو ابتسامة إن سطحا مرسوما في لوحة يحاكي الحياة محاكاة ضئيلة، وهذا التلميح ليس إلا تذكرة بما هي حي. ولكن كل شكل يحيا ويولد.
الفن وأهدافه الجديدة كان دائما مبصقة. ولكن القطط تنشأ معتادة على مكان، ومن الصعب تعويدها على مكان جديد.
لدى هؤلاء الناس الفن غير ضروري إطلاقا ما دام أن هناك صور جداتهم وزواياهم الصغيرة المفضلة من أجمات الليلك كل شيء يجري من الماضي إلى المستقبل، إلا أن على كل شيء أن يحيا بالحاضر، لأن أشجار التفاح ستطرح براعمها في المستقبل، سيمسح الغد أثار الحاضر، ولن تستطيعوا اللحاق بمسيرة الحياة سيرميكم مستنقع الماضي، مثل حجر الرحى، في الحمأة. وها هو الذي يجعلني اكره كل الذين يوفرون لكم أنصاب الموتى التذكارية. الأكاديمية والنقاد هما حجر الرحى هذه حول أعناقكم الواقعية، القديمة، الحركة التي تسعى جاهدة إلى توليد طبيعة حية.
إنهم يتصرفون بالطريقة نفسها كما في أزمنة محاكم التفتيش. أهدافهم مضحكة، لأنهم يريدون إجبار ما يأخذونه من الطبيعية على الحياة فوق قماش اللوحات بأي ثمن. وفي الوقت نفسه، وبينما كل شيء يجري ويلهث، هناك وقفاتهم الجامدة في اللوحات. وهذا التعذيب أسوأ من خلع الأعضاء على عجلة التعذيب.



التماثيل المنحوتة، المهمة (وهو ما يعني أنها حية) تقف في طرقاتهم في وضعية حركة، أليس هذا تعذيبا؟
وضع الروح في الرخام ثم السخرية مما هو حي. إلا إنما مصدر زهوكم هو فنان يعرف كيف يعذب. أنتم تضعون طيورا في قفص من أجل المتعة أيضا. من أجل المعرفة تحتفظون بالحيوانات في حدائق الحيوان إنني محظوظ لأنني حطمت غرفة تعذيب محاكم التفتيش التي هي النزعة الأكاديمية. لقد وصلت إلى السطح و أستطيع إزالة البعد من جسد حي إلا إنني سأستخدم البعد الذي سأبدع منه بعدا جديدا.
لقد أطلقت كل الطيور من القفص الأبدي، وفتحت البوابات أمام ا لحيوانات في حدائق الحيوان.
إن جماعة الحركة السوبرماتية:
ك. ماليفتبش وأ. بوني، وم. مفيكوف، وأ كليون، وك. بو جوسلا فسكا يا، وروزا نوفا، تقود النضال من أجل تحرير الموضوعات من إلزامات الفن. وتناشد الأكاديمية التوقف عن التفتيش في الطبيعة- أداة التعذيب هي النزعة المثالية ومطالب الشعور الجمالي. النزعة إلى جعل شكل الإنسان مثاليا أماته لجزء كبير من العصب الحي. النزعة الجمالية نفاية الشعور الحدسي. أنتم تريدون رؤية قطع من الطبيعة الحية معلقة بالكلاليب، على جدرانكم. تماما مثلما أعجب نيرون بأجساد الناس والحيوانات الممزقة فى حديقة الحيوان.
أقول للجميع: ارفضوا الحب، ارفضوا النزعة الجمالية، ارفضوا حقائب الحكمة، لأن حكمتكم في الثقافة الجديدة مضحكة وبلا معنى.
لقد فككت عقد الحكمة، وأطلقت الوعي باللون حرا أزيلوا عن أنفسهم بسرعة جلد القرون المتصلب حتى تتمكنوا من اللحاق بنا بسهولة. لقد تغلبت على المستحيل وشكلت بأنفاسي دوامات. أنتم في شباك الأفق مثل أسماك، نحن السوبرماتيون نفتح لكم الطريق. هيا أسرعوا، لأنكم لن تتعرفوا عليها.. غدا.






آخر مواضيعي 0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
0 اللهم فرج هم كل مهموم
0 أتركنى أسكن عينيك
0 ﻣﺎﻫﻮ ﺻﺒﺮ ﺃﻳﻮﺏ ؟
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 05:42 AM رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

الفن التشكيلي في دول أمريكا اللاتينية


بحكم العناية الفائقة والاهتمام الشديد الذي يحظى به الفنان التشكيلي الأوربي والترويج لنظرياته اللونية والشكلية منذ عصر النهضة والي يومنا هذا من خلال العديد من وسائل التعريف المختلفة الإعلامية والثقافية


المصورة منها والمطبوعة بما في ذلك بث القنوات الفضائية المرئية والمسموعة إضافة إلى شبكات الإنترنت التي تفرد بدورها المواقع الجذابة مما كون في مجمله اسما متميزا ومتداولا للفنان الأوربي علي اتساع رقعة هذا العالم واصبح دون غيره قدوة ومثالا يحتذي به في مدارس وكليات الفنون الجميلة مما ساهم إلى حد كبير في حجب الأضواء عن غيره من فناني آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية .
وعندما راودتني فكرة الكتابة حول الفن التشكيلي في دول أمريكا اللاتينية تبين لي أن تلك الدول تكاد تكون مجهولة تماما علي هذا الصعيد وهي بالتأكيد ليست كذلك .
المؤسف ثقافيا أن الحديث عن دول أمريكا اللاتينية ومنذ أكثر من ثلاثين سنة يكاد يكون منصبا فقط علي متابعة نجوم كرة القدم وأخبارهم اليومية وتنقلاتهم من ناد لأخر في أوربا واليابان وبعض أقطار الخليج العربي تلك الأخبار التي تحيطنا عادة بالأسعار الفلكية التي تدفع مقابل هذا النجم أو ذاك ولا أتذكر أبدا أنى شاهدت في قناة فضائية عربية برنامجا يتطرق ولو بالهمس إلى الفن التشكيلي في تلك المنطقة القريبة من الخاطر البعيدة عن مرمي البصر .
ولان كرة القدم - وباستثناء مسابقات كأس العالم وبخاصة الفريق البرازيلي - لا تأخذ من متابعاتي اليومية إلا الحيز القليل من وقتي الذي يكاد يكون مكرسا بالكامل للفن البصري في العالم أجمع ، جاءت هذه القراءة علي تواضعها لتقوم بعرض لمحات بسيطة من تاريخ الفن التشكيلي في دول أمريكا اللاتينية فهم يتشابهون معنا كثيرا في التطلعات المشتركة نحو الحرية والانعتاق من سطوة وهيمنة الفكر الغربي والثقافة الغربية بعامة كما ترمي هذه القراءة للاستفادة من التجربة اللاتينية في ممارساتها التشكيلية الوطنية الراهنة من حيث تأسيس الأكاديميات المتينة المدعومة بأفضل الأساتذة والخبراء وكبار الفنانين أو من حيث إقامة الورش الفنية التخصصية في هذا الفن النامي .
ونظرا للتعدد الكبير في العناصر التاريخية والبشرية والاجتماعية التي أثرت بشكل مماثل في شعوب وبلدان تلك المنطقة يكون من الصعب بسبب ندرة المصادر المتاحة الحديث بإسهاب عن الفن التشكيلي هناك غير أن هذا الفضاء المختصر قادني إلى حقيقة جوهرية مفادها أن الفن التشكيلي اللاتيني يرجع في أصوله إلى ثقافات أجنبية من خلال الاختلاط العرقي الذي كون باتحاده مع لغة ودين وعادات أسبانيا والبرتغال شكّل عنصر الربط بين أبناء البلاد الأصليين وبين الثقافة الغربية الوافدة .
فن الرسم علي الحامل الخشبي المعروف بشكل عام تحت مفهوم أوربي قد تطور هناك عقب احتلال الأراضي التي أكتشفها الأسبان والبرتغاليون منذ أكثر من خمسة قرون ضمن مخطط التبشير الديني لتلك المناطق الوثنية .
ففي عام 1785 تأسست بمدينة المكسيك أول أكاديمية للفنون عرفت باسم أكاديمية سان كارلوس وكانت علي صلة وثيقة بأكاديمية سان فرناندو في مدينة مدريد فقامت بتدريس رسم الصور الشخصية( البورتريه ) والمناظر الطبيعية والطبيعة الساكنة إلا أنها ومع مرور الوقت انفصلت عن التيارات والمؤثرات الأوربية فيما يتعلق باستخدامات اللون والتكوين وأيضا فيما يتصل بإدخال العناصر الشكلية من الفنون الشعبية التي منحت الأيقونات الدينية لأمريكا اللاتينية الشخصية المتميزة والطابع المتفرد .



وكانت للمسات الفطرية والتلقائية التي أدخلها الفنان اللاتيني في لوحاته والتي تنبأت بمولد بعض الأساليب المستقبلية كالأساليب الفطرية والبدائية والتي ظهرت في : الهندوراس - هاييتي - البرازيل - الاكوادور - والمكسيك . هذه الأساليب لم تتفق مع القيم الجمالية والتناسق والتكلف السائد في عصر االباروك الأوربي غير أنها كانت لها من الصدى ما منح الفن التشكيلي بأمريكا اللاتينية الخاصية الأولى لأسلوبه .
خلال العقود الأولي للقرن التاسع عشر وهي مرحلة حرجة في تاريخ أمريكا اللاتينية كان للثورات الشعبية والحروب الأهلية آثار مدمرة علي اقتصاد هذه الأمم الشابة وهو وضع لحسن الحظ لم يؤثر علي المحيط الفني بنفس القدر حيث نجد أن الفنانين استمروا في تلقي تكليفات العمل من جهات عدة لرسم الأيقونات والصور الشخصية للأبطال والشهداء من زعماء حركات الاستقلال الوطني مما أدي إلى لعب أدوارا هامة في إعادة تأكيد الهوية القومية فقد تحولت أيقونات ورموز للأمم الجديدة الوليدة وأسهمت في بعث الإلهام لتشكيل هوية أمريكا اللاتينية .
وكان لحركتين صدمتنا العالم خلال العقود الأولى من القرن العشرين صدي لا يمكن تصوره علي تطوير الاتجاهات التشكيلية الحديثة بأمريكا اللاتينية .. هما : الثورة البلشفية والثورة المكسيكية اللتان تركتا علامة في تاريخ الفن لتزامنهما مع أزمة الضمير التي أيقظتها الحرب العالمية الأولى في محيط المثقفين وخير شاهد علي ذلك ظهور الحركة : الدادائية في مدينة زيورخ السويسرية وتلتها بعد ذلك بوقت قريب : السريالية بزعامة الشاعر الفرنسي الكبير : أندريه برايتون .



التأثير الذي كان لهاتين الثورتين : الروسية والمكسيكية علي الفن التشكيلي يعود إلى أن الحكومات الثورية بروسيا كما في المكسيك كانت في حاجة ملحة إلى نشر الأفكار الخاصة بثوراتها بين أواسط الفلاحين والعمال والي الحاجة العاجلة لابتكار فن يوضح أفكار الثورة للجماهير علي شكل ملصقات جدارية .
في روسيا تحرر فن الرسم من الأساليب التقليدية مما سهل التطور السريع لاتجاهات الفن الحديث ، أما في المكسيك فقد ظهرت في البداية ورش فنية للجرافيك تولت تشكيل فنانين في محيط سمح بقدر من حرية التعبير لم يكونوا قادرين علي التمتع به من قبل في ظل الأنظمة السابقة للثورة . ويعد : خوسيه جوادولب بوساداس فنان الحفر المكسيكي بلا أدني شك رائدا في هذا المجال وكانت أعماله مصدر الهام للكثير من الفنانين في باقي دول أمريكا اللاتينية التي بدأت تتفجر بها الحركات الشعبية والثورية .
وعلي نحو لا تنقصه المثابرة والاجتهاد والسعي الجاد لإثبات الذات استطاع الفن اللاتيني أن يتخطى حدوده الإقليمية ومن الذين حملوا لواء فن الرسم هناك إلى فضاءات جديدة نذكر منهم علي سبيل المثال
(1)- رفائيل بارداس - أورجواي
(2)- تارسيلا دوامارال - البرازيل
(3)- رينيه بورتوكاريرو - كوبا
(4)- أميليو بيتوروتي - الأرجنتين
(5)- جوايا ساميل - الإكوادور
(6)- كلاود يو برايو - شيلي
(7)- ادوارد بيثارو - المكسيك






آخر مواضيعي 0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
0 اللهم فرج هم كل مهموم
0 أتركنى أسكن عينيك
0 ﻣﺎﻫﻮ ﺻﺒﺮ ﺃﻳﻮﺏ ؟
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 05:44 AM رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

فنون روسيا و سحر الواقعية

لروسيا تراث كبير من الفن التشكيلي, ولكنه تراث مليء بالهواجس والتقلبات. بدءاً من هاجس الالتحاق بالغرب إلى الذوبان في تيار الواقعية الاشتراكية.
رغم أن روسيا هي أكبر الأمم الأوربية قاطبة, فقد بقيت متخلفة عن اللحاق بركب التطور الأوربي الغربي قرونا عدة, ويجمع المؤرخون على أن مرحلة القيصر بطرس الأكبر (1682-1725) هي البداية الفعلية لانفتاح روسيا على العالم الأوربي, وانخراطها في حركة التطور والإصلاح, فقد دخل بطرس الأكبر التاريخ بوصفه مصلحاً عظيماً, إذ تمّ في عهده إنشاء أول جيش, وأول أسطول نظاميين, وتطوير صناعتي تشغيل الحديد وصهر النحاس في الأورال, وتعديل لغة الكتابة, وتغيير التقويم, وإصدار أول صحيفة في روسيا, وتأسيس أكاديمية العلوم, وافتتاح جملة من المدارس والمعاهد المختلفة.


وينسب إلى بطرس الأكبر جملة من الأعمال المهمة في إطار تطوير الثقافة والفنون, فهو الذي بنى مدينة سان بطرسبورج على ضفاف نهر النيفا, وازدحمت قصورها بلوحات الفنانين الذين قصدوها من مختلف أرجاء أوربا, ويُروى أن بطرس الأكبر كان يستأجر لصوصاً محترفين لسرقة الأعمال الفنية, والقطع الأثرية النادرة من مختلف مناطق أوربا والمشرق حينما كان يعجز عن اقتنائها بوسائط أخرى, ولكن الثمار الفعلية لما غرسه بطرس الأكبر نضجت في عهد كاترينا الثانية التي أرادت أن تتابع مسيرة بطرس في البناء والإصلاح.
وعلى الرغم من وفرة الأعمال التشكيلية الروسية التي ترجع إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر, فلا تزال تنزوي خارج الدائرة المعرفية العامة في مناطق مختلفة من العالم (غير السلافي), ولا يقف عندها تاريخ الفن المتاح للقارئ العربي غير المتخصص, وكأنها لم تكن موجودة قبل مطلع القرن العشرين, حين ارتبط ظهور المدرسة التجريدية باسم الروسي كاندينسكي, وهناك من يرجع أسباب انزواء الفن التشكيلي الروسي خلال القرنين المشار إليهما في الظلال إلى فقر التجربة التشكيلية الروسية بالمبدعين الأفذاذ الذين تتمتع أعمالهم بملامحها الذاتية الفارقة, وإلى فقر التجربة التشكيلية الروسية بالتنوع الأسلوبي, فكان الجميع - وفق هذا الرأي - يرسم مثل الجميع, واللوحة الواحدة رغم كل ما فيها من إتقان ندر مثيله لم تكن تستطيع أن تبرز في ثناياها شخصية الفنان الفرد, فكان في روسيا أسلوب روسي, ولم يكن هناك فنانون روس مميزون. ولكن يجب ألاّ يغيب عن الأذهان أن مصادرنا العربية لتاريخ الفن هي مصادر أوربية غربية على وجه العموم, فما لم يحفل به علماء الجمال والنقاد التشكيليون في غرب أوربا بدا أنه الأقل قيمة, أو بدا غير موجود, وفاقم هذه المسألة أن المرحلة السوفييتية في تاريخ روسيا سعت صراحة إلى التقليل من شأن ما كان قبلها.
كانت الانطلاقات الأولى للرسم الروسي من خلال الموضوعات الدينية, ورسم صور الشخصيات المشهورة في الكتاب المقدس, والصور النصفية للملائكة والقدّيسين, حيث كان ذلك استمراراً للفن البيزنطي الذي مازه رسم الصور النصفية, وتعمّد الابتعاد عن فكرة التجسيم, وإغفال البعد الثالث, فكان ذلك أساسا لفن الأيقونة الروسي الذي تسرّبت إليه تأثيرات مغولية أثناء الغزو التتري والمغولي لروسيا, مع التذكير بأن الأيقونة الروسية تحتل مكانة مرموقة على الصعيد العالمي, لا يضاهيها في ذلك فن أي شعب آخر.
توزّعت موضوعات الفن التشكيلي الروسي على مثيلاتها في تاريخ الفن الأوربي, فيحتلّ رسم الصور الشخصية للنبلاء وذوي النفوذ ورجال البلاط مساحة كبيرة, بالإضافة إلى رسم الموضوعات التقليدية المستوحاة من الكتاب المقدس, وكذلك تصوير وقائع الأحداث الكبرى في تاريخ روسيا, والمعارك ووقائع الانتفاضات والحركات الشعبية ضد الاستبداد القيصري, كانتفاضة الديسمبريين, وعمليات اعتقال المعارضين, ومحاكماتهم, وعمليات الإعدام, كما في لوحة (الإضراب) لنيقولاي كاساتين, ولوحة (اعتقال مروّج الدعاية) لإيليا ريبين, على سبيل المثال.
هاجس اللحاق بالغرب
ظل هاجس اللحاق بالغرب الأوربي ماثلاً في أذهان النخب الروسية على مختلف المستويات والأصعدة, ولم يغب هذا الهاجس عن مجمل الأدبيات والطروحات النظرية التي أنتجتها الحركات الثورية الروسية, بما في ذلك الثورة البلشفية الكبرى عام (1917), ولكن ذلك لم يمنع الفن الروسي من أن يختط لنفسه نهجاً خاصّاً, يحافظ على خصوصيته من غير أن يعزله عمّا يجري في العالم الأوربي المتقدّم. وقد برز في هذا الصدد تيّاران: (الأول: قومي أصولي مسيحي, يعتبر أن التحديث كان يجب أن يتم دون قطيعة مع التراث الروسي القديم, حفاظاً على روسيا (الشرق - غربية), والثاني: علماني منفتح شمولي يرى في الأوربة التي سعى إليها بطرس الأكبر إنقاذاً لروسيا من التخلّف عن الركب الحضاري العالمي).



وقد تجلّت الخصوصية الروسية في معظم التيارات والمذاهب الفنية, فالرومانسية الروسية استغرقها شغف خاص بالمنظر الطبيعي الساحر الذي تنطوي عليه سهول روسيا ذات الاتساع المذهل, كما في أعمال الأكاديمي والفنان الروسي الكبير نستروف الذي وُصف المنظر الطبيعي لديه بأنه (يمسّ قلب كلّ من لديه قلب). بالإضافة إلى انحياز الرومانسيين الروس إلى الموضوعات المستمدّة من واقع الحياة البائسة المشقية التي عاشها القطاع الأعظم من الشعب الروسي, ونجد ذلك حتى في اللوحات ذات الموضوع الديني, كما في لوحة (تجلّي المسيح للشعب) لإيفانوف, التي تضم حشداً كبيراً من الفقراء البائسين الذين يشغلون النسبة العظمى من مساحة اللوحة, بينما لم يترك الفنان لتجلّي المسيح سوى مساحة شديدة الضآلة, بحيث صار الحشد البشري البائس هو الموضوع الأساس في اللوحة. وكما نجد أيضاً لدى كيبرنسكي الذي انصرف عن رسم الصور ذات الطابع الكلاسيكي الجليل (إلى تكوينات مختلفة للمسيح محاطاً بأطفال, وإلى رسم رءوس حلوة لفلاحات وغجريات صغيرات غرزن في شعورهن ورداً).
والانطباعيون الروس ميّزهم عن الانطباعيين الفرنسيين (ميلهم للمؤثّرات الريفية, وخاصّة مناظر الريف الروسي بسهوله الرحبة وغاباته الكثيفة). وحتّى كاندينسكي الذي يعدّ المؤسس الأبرز للمدرسة التجريدية, على الصعيد العالمي, استمالته الأشكال البدائية للفن الشعبي الروسي, وكانت منطلقه في طمس البعد الثالث, وتحطيم الصلات الشكلية مع عناصر الواقع, أو الإيحاء بكل ما له صلة بالشكل الواقعي.
تأثير التيارات الفرنسية
حظيت الثقافة الفرنسية بمكانة مرموقة في روسيا القيصرية, لم تبلغها أي ثقافة أوربية أخرى, فقد كان تعلّم الفرنسية ملمحاً بارزاً في حياة الأرستقراطية الروسية, وتبلغ التأثيرات الفرنسية فيما يسمّى الفن الطليعي الروسي, أو المدرسة الشكلانية الروسية (الأفنغارد) ذروة مهمة في مطلع القرن العشرين, وتعدّ (جماعة علم الفن في بطرسبورج همزة الوصل بين روسيا وفرنسا), وكان من أنشطتها إقامة معرض الصالون الخريفي عام 1906, الذي ضم (750) عملاً فنياً فرنسياً وروسياً. ولم تقتصر العلاقة التشكيلية مع فرنسا على نشاط هذه الجماعة, بل تجاوزه إلى آفاق أخرى يتصدّرها قدوم الفنانين الروس إلى فرنسا للدراسة, ودور بعض جامعي اللوحات الروس, ورحلة ماتيس إلى روسيا, ثم المعارض التي أقامتها جماعة الوردة الزرقاء بين عامي (1907 و1909).
وترى د.زينات بيطار أن الطليعيين الروس لم يكتفوا بتلقّي التأثيرات الفرنسية, وإنما كانت التأثيرات متبادلة (إذ بدأت الطليعة الروسية استقلالها منذ عام 1913, وبدأت تفرض نفسها على الوسط الفرنسي, حين أصدر لاريونف كتابه (الشعاعية) مع غنشاروفا, وماليفتش). مع الإشارة إلى أن الحركة الطليعية الروسية في مطلع القرن العشرين توزّعتها تيارات واتجاهات مختلفة, فكان هناك التكعيبيون أمثال أكستر, والشكلانيون أمثال فربل, وسيروف, وباريسوف, وموساتوف, والرمزيون من جماعة الوردة الزرقاء أمثال كوزنتسوف, وبتروف - فودكين, والتجريديون أمثال كاندينسكي, وماليفتش, وتاثلين, والواقعيون أمثال ماليافين, وشيبتسوف, وبافل كورين, وغيرهم.
الواقعية الاشتراكية



يرى بعض النقاد أن مصطلح (الواقعية) هو من أكثر المصطلحات النقدية تضليلاً بسبب استعصائه على الضبط والتحديد المفهومي, وضرورة استتباعه بتقييدات مختلفة قارب عددها الثلاثين في (معجم مصطلحات الأدب) لمجدي وهبة, ك(الواقعية الطبيعية, والانتقادية, والسحرية, والاشتراكية,.. إلخ) ويكمن جوهر مفهوم (الواقعية الاشتراكية) في جعل فكرة (الاشتراكية) غاية يجب أن يستهدفها أي عمل فني جدير بالانضواء تحت عنوان (الواقعية الاشتراكية) بحيث يؤدّي ذلك إلى جعل وظيفة العمل الفني تحتلّ موقع الصدارة بدلاً من طبيعته.
ومع سيطرة الستالينية في ثلاثينيات القرن العشرين وأربعينياته, سيطر التبسيط والتسطّح على مجمل مناحي الحياة الثقافية الروسية, وأصبح ما أطلق عليه (الالتزام بقضايا البروليتاريا) هو المعيار المعتمد رسمياً لقبول الأعمال الفنية, وتمكينها من التمتّع برعاية الدولة, وفرص العرض والانتشار, وهذا ما أدّى إلى أن تقبع الاتجاهات التحديثية الروسية في الفن التشكيلي عدّة عقود في الظلال, مقابل تطوّر ملحوظ لفن الإعلان السياسي الذي بلغ شأواً مميّزاً في فترة الحرب العالمية الثانية, وفترة ما سمّي بالحرب الباردة, بالإضافة إلى النجاحات الخاصّة التي أحرزها الفنانون السوفييت في تصميم (الميدالية) وتميّزهم بإشادة التماثيل والنصب التذكارية ذات القياسات الضخمة, وأعمال الحفر الجداري بشقّيه الغائر والنافر.
أما الاتجاه الواقعي, فكان قد ماز التجربة التشكيلية الروسية منذ بواكيرها الأولى, سواء كانت تلك الواقعية موظّفة في خدمة التوجّهات السياسية الرسمية للدولة السوفييتية, أم كانت إخلاصاً فنّياً مارسه الفنان على قماش اللوحة وفق رؤاه الجمالية وقناعاته الفكرية, فالفنان الروسي ماليافين أبدع أعماله قبل وصول البلاشفة إلى الحكم, وقد كانت الحياة الفلاحية الروسية موضوعه الأثير, إذ رسم حشداً من صور الفلاحات الروسيات بوجوههنّ الطافحة (السمينة) وعيونهنّ الضيّقة, وثيابهنّ الطويلة بألوانها القوية الحمراء والخضراء, والخاضعة لما يسمّى بالذوق الفلاّحي, ومع ذلك استطاع من خلال هذا الذوق الفلاحي أن ينشئ مهرجاناً فذّاً من البذخ اللوني, والحفاوة الاستثنائية يجعل الألوان تقيم تجادلاتها الحادة فيما بينها, من أجل تحريك المشهد, وضخّ كميّة كبيرة من البهجة والفرح والمشاعر القوية في جميع أرجاء اللوحة.
ولم تتراجع الحرفية التشكيلية للفن الواقعي بكل اتجاهاته في ظلّ الستالينية, رغم التوجيهات الصارمة بضرورة الالتزام بقضايا الجماهير والقضية الوطنية العظمى في مواجهة الاجتياح النازي للاتحاد السوفييتي. ورغم ما تتمتع به الاتجاهات التحديثية على الصعيد العالمي من غواية خاصة, وجاذبية عالية باتجاه التجريب والتحديث الذي لا يقف عند أي حدّ, يظل للواقعية سحرها الخاص, وقدرتها على الفعل الجمالي, والتأثير العالي في المتلقّي, من غير أن يغيب عن الأذهان اتهامها بأنها صارت تكتفي بفعل ما تفعله آلة التصوير من محاكاة سلبية للواقع, وأنّ موضوعات البؤس البشري, وحياة الطبقات الفقيرة التي درجت الواقعية الاشتراكية على تناولها موضوعات تخلو من المناحي الجمالية, وتعجز عن طرح القيم الفنية المهمة.
ويمكن أن نجد في لوحة الفنان السوفييتي ألكسندر لاكيتوف (رسالة من الجبهة) قدراً من دحض هذه الاتهامات, فقد عالج الفنان القضيتين الوطنية والاجتماعية في هذه اللوحة, جاعلا من تدفق ضوء الصباح إلى شرفة المنزل الريفي وأرضيته الخشبية المتشققة المهترئة تجسيدا رفيع المستوى لأخبار الانتصارات التي أرسلها من الجبهة جندي محتفظ بحياته مع جندي جريح لأسرة الجندي الذي مازال في جبهة القتال, وتتحلق الأسرة حول طفل يقرأ الرسالة بجديّة طفولية عالية, لم تستطع أن تكبح ملامح الحماس والابتهاج على وجهه المغمور بالضوء, وفي الجهة المقابلة له تقف شقيقته الصغرى في ثياب المدرسة, وإلى يمينه شقيقته الكبرى تتابع ما يقرأ, متّكئة على حاجز الشرفة الذي ذهبت منه بعض عوارضه الخشبية, وكأنها تنتظر فراغ شقيقها من قراءة الرسالة لتذهب إلى عملها, والأم التي تحتل الحيّز الأكبر من اللوحة تتكئ على صدغ الباب وهي في ثياب المنزل البسيطة, تحمل في يدها ظرف الرسالة الفارغ ونظّارتها الطبية, حيث بدت أنها انتهت منذ لحظة من قراءة الرسالة, ثم أعطتها إلى ابنها ليقرأها بصوت مسموع للآخرين.
ويحسن التنويه بالتفات الفنان إلى تفاصيل مهمة على المستويين الفني والفكري, فإظهار حالة الفقر تعني أن الفقراء, أو الأكثر فقراً هم الذين كانوا وقود الحرب الوطنية العظمى التي ذهب ضحيتها أكثر من عشرين مليون نسمة من الاتحاد السوفييتي وحده, ولم يغفل الفنان عن أن تنتمي لوحته إلى التراث التشكيلي الروسي العريق في إطار الحفاوة المذهلة بدقائق التفاصيل, فالجندي الجريح ذو قسمات حادة, ووجه حليق تكاد تظهر على خده آثار الحلاقة وهو ينفث دخان التبغ, وعلى ثيابه العسكرية بعض الأوسمة, والطفلة تظهر منها أدق تفاصيل ملابسها وزينتها وطريقة تسريح شعرها رغم وقوفها عكس اتجاه الآخرين وفي الظل الكامل, والوالدة تظهر عروق قدمها اليسرى, ووجهها يطفح بالبشر والبهجة, ورغم أن الوجه شبه مخفيّ, بسبب وضعية وقوفها والتفاتتها إلى ابنها, فقد تمكن الفنان من استنطاق كمية البهجة التي ارتسمت عليه, فزوجها كان لا يزال محتفظا بحياته في تلك الحرب التي لم ينجُ من رحاها إلا القليل.
لم تستطع عناصر التسطيح الفكري والسذاجة الجمالية, والرقابة الصارمة في المرحلة الستالينية أن تدحر روح الإبداع والتألّق الجمالي لدى الفنانين التشكيليين الكبار, مع ضرورة الاعتراف بعبء تناول التجربة التشكيلية الروسية عبر هذه العجالة التي تقتضيها محدودية الحيز المتاح, ولكن حسبنا أننا نسعى إلى محاولة لفت الانتباه.






آخر مواضيعي 0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
0 اللهم فرج هم كل مهموم
0 أتركنى أسكن عينيك
0 ﻣﺎﻫﻮ ﺻﺒﺮ ﺃﻳﻮﺏ ؟
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 05:47 AM رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

لوحات الحبر الصينية

لوحات الحبر الصينية التقليدية ليست شيئا جديدا لمن يألفون الثقافة الصينية، ومن ذلك لوحة الحصان الراكض

لأستاذ الحبر شو بي هونغ. الرسم التقليدي بالحبر يستند إلى أعمدة ثقافية قديمة مثل الشعر وفن الخط والختم، ويكون عادة وصفيا. على العكس من هذا، الرسم بالحبر الحديث متأثر أكثر بالفن الغربي الحديث، فيبدوا مشابها للوحات التأثيرية مثل أعمال ده كونينغ (رسام تأثيري أمريكي هولندي 1904-1997) وأعمال بولوك (بولوك جاكسون، رسام أمريكي، وهو الشخصية الرائدة لحركة التأثيرية 1912- 1956). وتكون اللوحات عادة أبيض وأسود وغير وصفية. الحضرية المتغيرة.
لوحة الحبر، كمصطلح فني، تجمع العديد من الأشكال، ومنها الرسم الوطني (قوه هوا)، رسم المثقفين، الحبر المجرد، لوحات الحبر للمثقفين الجدد، الحبر التجريبي والحبر الحديث والتصوري. كل نمط منها يعبر عن الفن الذي يُمارس منذ ألف عام والذي أثار جدالات ضارية حول قضايا اجتماعية/ ثقافية مثل الأصالة، النزعة الوطنية الشرقية والغربية والاستعمار، الخ. ا
في بدايات القرن العشرين انتقد مثقفون تقدميون، مثل كانغ يو وي (أحد مشاهير الإصلاحيين الصينيين، عمل



على استقدام النظام الغربي الحديث إلى الصين)، لوحات رسم الحبر للمثقفين، على أنها راكدة وفاسدة وغير علمية وليس بها شيء له علاقة بالواقع، ودعا هؤلاء إلى ثورة فنية استنادا إلى الفن الواقعي الغربي. وقد عملت أجهزة الدعاية الشيوعية خلال فترة الثورة على الترويج بقوة لرسم الحبر بالأسلوب الواقعي. وخلال السنوات العشر الأولى بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية تم تبني الرسم بالحبر كأداة لإبراز الرؤية الجديدة للصين الاشتراكية. وقد اُعتبرت لوحات المثقفين التقليدية " قمامة إقطاعية". بعد فترة طويلة نسبيا من دمج أسلوب الحبر مع المنهج الواقعي الغربي، بات الرسم الوطني الجديد (شين قوه هوا) الأكثر حيوية خلال ثمانينات القرن الماضي، والفن الأكثر أهمية على الساحة الفنية الرسمية. ونتيجة لعلاقته المتوارثة مع الحركة السياسية الاشتراكية أصبح شين قوه هوا تدريجيا شكلا فنيا دعائيا رسميا حادا. ومع تدفق الأفكار الفنية الغربية إلى الصين في الثمانينات، تمرد الفنانون الشبان على قوه هوا الراكد الرسمي ومالوا إلى لغة الفن التعبيري والتصوري الغربي مما قوض التلاعب السياسي بلوحات الحبر (قوه هوا)، في مسعى للتوصل إلى حل للجمع بين أسلوب الفن التقليدي مع الفن الغربي الحديث. هذه التجربة تُسمى بأعمال الحبر والماء الحديثة (شيان داي شوي مو)، وقد انخرط العديد من ممارسيها في الموجة الجديدة في منتصف الثمانينات. الحضرية المتغيرة.
في عام 1985، وتأسيسا على رؤيته للوضع المتخلف لقوه هوا، نشر لي شياو شان، وهو فنان شاب، كان آنذاك طالبا بمعهد نانجينغ للفنون، نشر مقالة شائكة بمجلة الفن المتجدد، معلنا أن قوه هوا (الرسم الوطني) في الطريق إلى الزوال. اللغة الحادة التي استخدمها لي أفرزت جدلا واسعا ومتواصلا حول مصير قوه هوا. وقد أجبر هذا الجدل بعض الفنانين على مراجعة رؤاهم للفن وعلاقته بالتقاليد والواقع وتأثير الغرب. الحضرية المتغيرة.
في بواكير التسعينات، ومسايرة للفن الصيني الجديد الممثل رئيسيا في البوب السياسي والواقعية الساخرة-



التي اكتسبت شهرة واسعة خارج الصين، روجت المؤسسة الرسمية في الداخل لرسم الحبر الوطني. في منتصف الثمانينات ساد ما سُمي "رسم المثقفين الجديد" الذي يجمع الأسلوب التقليدي والمشاعر الخاصة، والذي رؤي على أنه طبعة جديدة من تقاليد مجيدة، في مسعى لإعاقة تدفق الفن الغربي الحديث إلى عالم الفن الصيني. في أواخر التسعينات، ومع تخفف السيطرة الأيدلوجية قليلا وتنامي المشاعر الوطنية كانت لوحات الرسم بالحبر الحديثة موجودة بشكل دائم في الأماكن الفنية الرسمية. وشجعت السلطات المعارض المشتركة والمناقشات العلمية حول رسم الحبر التجريبي. جذور رسم الحبر الثقافية الواضحة المباشرة ومسعاه لتطوير لغة جديدة تناسب الوضع الحالي للإصلاح في الصين، ولكن المثير للسخرية، أن أجهزة الإعلام اعتبرت أن ممارسة رسم الحبر التقليدي رمزا للفساد البيروقراطي. الحضرية المتغيرة.
إنه لمن الصعب أن نجد في عالم الفن الصيني المعاصر مُناظرا تاريخيا وجغرافيا للمغزى المعقد لرسم الحبر. وتعتبر المؤسسة الفنية القديمة قوه هوا أداة ممكنة للحفاظ على نقاء ثقافتها مثلما يحافظ البعض على أوبرا بكين على أنها (الأوبرا الوطنية) لتعظيم تراثها التقليدي. بعض العلماء يودون أن يروا رسم الحبر التجريبي وسيطا محتملا يشمل التقاليد الصينية وتشكيلة منفتحة، مما قد يتواصل مع مجتمع الفن العالمي وكذلك البحث عن هوية في الفن الصيني المعاصر. إن الفنانين يودون أن يستعيروا من/ أو يرجعوا إلى لوحات الحبر لتشكيل تصورهم وأدائهم، مثل لوحة فصل اللغة الإنجليزية الجديد لشو بينغ، وأداء الكتابة في الموقع لقو ون دا في بينالي كوانغجون. ورسم الحبر، بالنسبة لكثيرين، جزء لا يتجزأ من إطار الثقافة التقليدية، التي تمنح الفنان فضاء هائلا للاستكشاف. ويعتقد ممارسو رسم الحبر التجريبي في بر الصين الرئيسي أنه مع تطور الاقتصاد الصيني والوعي الثقافي فإن الأشكال الفنية التي تميل إلى التقليدية، مثل رسم الحبر سوف يتم تجديدها، غير أن دعاوى سلبية ومتشككة تظهر من حين لآخر تزعم أن معضلة رسم الحبر أن طبيعته المرنة لا تستطيع أن تعكس المشاعر المعاصرة وأنه عادة يميل إلى الأفكار الميتافيزيقية، أكثر من تطوير وسيلة فعالة وطريقة سرد جديدة تربط ممارسة رسم الحبر بالحياة المعاصرة. والواقع أن الوضع المتأخر لرسم الحبر أكثر خطورة مما يتوقع أي فرد، وبخاصة عندما يتحدث المدافعون عنه عن


مستقبل الرسم بمغزى ثقافي مثقل. الحضرية المتغيرة.
وبرغم كل شيء يظل رسم الحبر أكثر الأشكال الفنية ممارسة في الصين، يمارسه ملايين من الفنانين المتخصصين والهواة. ولكن رسم الحبر التجريبي يمثل جزءا هامشيا من هذا المجتمع الفني. ويزعم العديد من الفنانين والنقاد أن رسم الحبر التجريبي سيلعب دروا حيويا في عملية تأسيس هوية ثقافية جديدة. الفنانون الجادون يعتبرون أن الاستكشاف المتواصل للعلاقة بين الوسيط القديم وعالم معاصر تسوده العولمة يجب أن يكون أحد شروط أي فن جديد. الحضرية المتغيرة.
ويمكن تصنيف ممارسة رسم الحبر التجريبي إلى أربعة أقسام؛ رسم الحبر المجرد، فن الخط الحديث، رسم الحبر الحضري، والحبر كوسيط توضيح وفعل. الحضرية
ممارسو رسم الحبر التجريدي عادة ينقون لغة الحبر، ويتجاهلون وظيفته الوصفية، بالإشارة إلى اللغة التعبيرية المجردة. الحضرية المتغيرة.



وممارسو فن الخط الحديث هم الخطاطون الراغبون في تطوير شكل جديد من الرؤية معتمدا على تدريباتهم التقليدية على فن الخط. أعمالهم أكثر شبها برسم الحبر المجرد، مع بعض الومضات من فن الخط مثل مقاطع الكتابة الواضحة، وليس النصوص المقروءة المعتمدة على فن الخط. الحضرية المتغيرة.
يطور رسم الحبر الحضري بعض النقاد والفنانين ذوي النظر البعيد الذين ينتجون لوحات الحبر الحضرية، وهم غالبا من كليات الفنون، ويمتلكون قدرة قوية على الرسم. وقد طور هؤلاء لغة حبر شخصية من خلال مشاعرهم الحقيقية إلى العالم المادي والطبيعة الروحية في البيئة الحضرية المتغيرة. الحضرية المتغيرة.
الفعل والتوضيح ذو العلاقة برسم الحبر. هذه الأعمال تظهر عادة في المعارض الفنية الشاملة المعاصرة التي تكون كبيرة، ويعتقد مسئولو المعارض أنها جزء لا يتجزأ من عالم الفن المعاصر. الحضرية






آخر مواضيعي 0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
0 اللهم فرج هم كل مهموم
0 أتركنى أسكن عينيك
0 ﻣﺎﻫﻮ ﺻﺒﺮ ﺃﻳﻮﺏ ؟
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2008, 07:29 AM رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~





وصلت الفنون العالمية والعربيةوالفن التشكيلى الى هنا على يد المتميزة بأختيارها وذوقها

نور ... صاحبة الحس الفنى الراقى

مجهود أكثر من متميز راعى كل الاذواق فى طرحه هذا الموضوع وتعريفه بهذه الفنون الراقية

تسلمى على أختيارك الرائع .. هذه الفنون لها أصحابها المبدعون

دعواتى لكى بالصحة والعافية







آخر مواضيعي 0 أوقات استجابة الدعاء
0 الكابينت اتخذ قرارا بالرد على هجوم إيران
0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
رد مع اقتباس
قديم 03-14-2008, 11:45 AM رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

احمد المصرى
تسلم على مرورك المميز
دعواتى لك بالصحة والسعادة







آخر مواضيعي 0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
0 اللهم فرج هم كل مهموم
0 أتركنى أسكن عينيك
0 ﻣﺎﻫﻮ ﺻﺒﺮ ﺃﻳﻮﺏ ؟
رد مع اقتباس
قديم 03-14-2008, 12:52 PM رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
مها القمر
إحصائية العضو







مها القمر غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

جميل جدا جدا نور الرسم فن راقي يحمل لنا دوما حضارت الشعوب وافكارهم استمتعت هنا بكل سرور







آخر مواضيعي 0 حبيبي متى تعوووووووووووووووود
0 عـلـمـنـــي كـبـريـائـــي .+.
0 اعلم اني من اجلك انت اكتب
رد مع اقتباس
قديم 05-29-2009, 01:58 AM رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

مها
اسعدنى تواجدك العطر
نورت غاليتى
محبتى







آخر مواضيعي 0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
0 اللهم فرج هم كل مهموم
0 أتركنى أسكن عينيك
0 ﻣﺎﻫﻮ ﺻﺒﺮ ﺃﻳﻮﺏ ؟
رد مع اقتباس
قديم 05-12-2011, 03:38 AM رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
طارق سرور

الصورة الرمزية طارق سرور

إحصائية العضو







طارق سرور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: فنون عربية وعالمية

طرح فى قمة الروعة

ومعلومات وصور قيمة ومبهرة

فائق شكرى وتقديرى اختى المتميزة نووور







آخر مواضيعي 0 خوف
0 اسرار
0 اللهم اجعلنا من المحسنين
0 اعرف مين هى مصر
0 البقلة
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:34 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator