لفصــــل الخـــــــــامــــــــــس
الدمنــــــــــــــــهوري
عاد خيري لموقعه ليلا وبعد ان غادر لنش الريس غريب شاطئ الجزيرة حاملا معه عدد من الجنود المتجهين الي منازلهم في اجازات ، وجد خيري ان الجنود مازالوا في حاله الراحه التي تركهم عليها قبل اجازته، فرغم ان سطح الجزيرة ليلا يكون عاده صامتا خاليا من الحركه ، الا انه في اوقات الهدوء وخاصه مع اعتدال المناخ يكون ساهرا عامرا بدوائر من الجنود الساهرة في حديث مستمر حول اكواب الشاي الثقيل ودخان السجائر، رحب الجنود بعوده خيري وزادت سعادتهم بكميات الفطير والجبن الطازج التي اصطحبها خيري معه لهم ، وعلي الفور تم عمل مائده سريعه لطاقم المدفع في الملجأ لتناول اصناف الطعام المتعدده ، وقبل انتصاف الليل كان الطعام قد اختفي من علي سطح المائده تماما .
ووسط الحوار المرح تسأل خيري عن احوال الموقع في الايام الماضيه ، فأفاض بولس وعبد الحميد في الشرح المفصل لاي حدث قد يكون هاما لخيري ، وانحصرت تلك الاحداث في متابعه عمليه قصف جوي معادي للسويس ، ورد المدفعيه المصريه بقصف مكثف لمنطقه بورتوفيق والتي تقع شمال الجزيرة تماما .
وفي الصباح التالي اعتلي خيري مدفعه مرة اخري بكل همه ونشاط كعادته دائما ، وتطلع ببصرة في السماء باحثا متطلعا ومتمنيا رصد اي اهداف جويه ، لكن بصرة عاد اليه بخيبه امل كبيرة ، وقرب منتصف النهار سمع صوتا مميزا ، انه صوت محرك الريس غريب ، فما الذي يجعله ياتي للجزيرة صباحا ؟ واين ذهبت تحذيرات الريس غريب وحرصه الشديد علي الحضور ليلا ؟
رسي اللنش ونزل منه عده جنود يحمل عدد منهم الكثيرمن العلب صغيرة .
فور نزول الجنود اجتاح الموقع حاله من السعاده فجأه ، وتساءل خيري وجاءة الرد من وحيد بأن الدمنهوري قد حضر
وتسأل خيري في دهشه عمن يكون هذا الدمنهوري ، فرد عبد الحميد شارحا بينما خيري يتابع بعينيه قائده وهو يسرع ويستقبل احد الجنود الذين نزلوا من اللنش في سعاده .
قال عبد الحميد (( الدمنهوري ظهر من فترة قبل ما انت تيجي هنا ، وكان بيجي لنا كل اسبوع تقريبا ومعاه هدايا كتير وبتكون قعدته معانا حلوة ومرحه جدا ))
والتقط بولس طرف الحديث (( احنا مش عارفين هو رتبته ايه ، عمره ما جالنا وهو حاطط رتب ، بس من الواضح انه رتبه كبيرة لان القائد بيقابله بأحترام جامد ، وشكله كده انه من قياده الجيش الثالث))
فسر حديث الرفاق ما يراه خيري بعينيه من حديث ودي باسم بين الرائد منعم والنقيب مصطفي وبين ذلك الدمنهوري ، ذلك الرجل نحيف الجسد ممشوق القوام أسمر اللون خفيف الشعر .
وبعد لحظات اختفي الثلاث داخل مقر القياده وعاد الهدوء الي سطح الجزيرة مرة اخري ، وبعد فترة دعا الرائد منعم عددا من الجنود لتناول الغذاء في الميس بصحبه الدمنهوري ، وكان خيري واحدا ممن وقع عليهم الاختيار .
دلف خيري الي الميس وجلس في مكانه المفضل وبعد لحظات دخل الدمنهوري ضاحكا وبعده الرائد منعم والنقيب مصطفي
وجلس الجميع ، وبدأ وضع اصناف الطعام والتي تميزت بوفرة اللحوم والدجاج علي غير العاده .
واطلق الدمنهوري عده نكات متتاليه ضجت لها القاعه ضحكا وتبسم خيري مجامله وان كانت عينيه تتابعان الدمنهوري في تركيز وتتسائل عمن يكون هذا الرجل الغامض .
وبدون اي مقدمات يتجه الدمنهوري الي خيري بحديثه وكأنه يعرفه منذ سنوات (( مالك يا خيري مش بتضحك ليه ؟؟))
نظر خيري الي عيني الدمنهوري والتي بدت لاول وهله انها اعين ميته بلا شعور ، وفكر خيري في الرد قليلا ، وتسائل كيف عرف الدمنهوري بأسمه وهو لم يقابله من قبل ، الا ان الدمنهوري لم يمهله اي فرصه وباغته ضاحكا وهو يمسك فرخه بيده (( اللي ياكل الفرخه دي الاول يترقي عريف ؟ ))
كان اقتراحا شهيا ضجت له القاعه ضحكا وشاركهم الرائد منعم في الضحك ،
الا ان خيري رد علي الاقتراح بأقتراح اخر (( لا يا فندم ، أراهنك علي فك وتركيب المدفع 14ونص )) وعم الصمت ارجاء القاعه من رد خيري الحاد وتلاقت عيني خيري مع الدمنهوري في تحد ، وعلا صوت الرياح عبر فتحات التهويه وسط الصمت والترقب من الجميع ، وبدلا من أستمرار نبرة الضحك في حوارة ،
قال الدمنهوري في تحد اخر لخيري مستفزا (( بس ده مش مدفعك يا دفعه ، انت عاوز تطير الترقيه من أيدك ولا ايه ؟؟))
تبسم خيري في ثقه قائلا (( يبقي ساعتها ربنا مش كاتبلي نصيب في الترقيه ))
فتبسم الدمنهوري ووافق علي اقامه المسابقه بعد الغذاء ، واختار الحكمدار عبد الفتاح كمنافس لخيري ،وكان ذلك تحديا اخر فعبد الفتاح حكمدار مدفع ثقيل 14.5 بوصه وهو متخصص فيه ، مما جعل التحدي صعب جدا
وبعد انتهاء الغذاء ، انطلق الخبر في ارجاء الموقع وتجمع الجنود حول المدفعين في انتظار بدء المسابقه ، وبعد اشارة من يد الرائد منعم ، بدأ السباق في فك المدفعين وسط تشجيع الجنود وهتافاتهم المشجعه ، وبعد دقائق انتهي الاثنين في فك المدفعين في توقيت متزامن ، وبدأا في التركيب بنفس القوة والنشاط ، لكن خيري كان الاسبق في تركيب المدفع بسرعه اثارت دهشه واعجاب الجميع وخاصه ان هذا المدفع ليس تخصصه ، وبعد مرور دقائق انتهي خيري من تركيب المدفع وبعده بدقيقه استكمل عبد الفتاح مهمته ايضا ، وسط عبارات الاعجاب والاشاده بخيري من الجميع ووسط نظرات الاعجاب من الدمنهوري ، أُعلن الرائد منعم فوز خيري بالمسابقه وبالترقيه .
وبعد انتهاء المسابقه اقترح الدمنهوري اقامه مبارة كرة بين جنود المشاه وجنود الدفاع الجوي ، وتحمس الجميع واعتلي خيري احد الصخور يتابع المباراه في صمت وتركيز .