سلسلة الأحاديث الصحيحة ــ المجلد الأول
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 382
" إن مطعم ابن آدم قد ضرب للدنيا مثلاً , فانظر ما يخرج من ابن آدم وإن قزحه وملحه , قد علم إلى ما يصير " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 661 :
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 2489 ) والطبراني في " الكبير " ( 1 / 27 / 2 ) والبيهقي في " الزهد الكبير " ( ق 47 / 1 ) وعبد الله بن أحمد في " زوائد المسند " ( 5 / 136 ) عن أبي حذيفة موسى بن مسعود حدثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عتي عن # أبي بن كعب # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
وأخرجه ابن أبي الدنيا في " الجوع " ( 8 / 2 - 9 ) من طرق أخرى عن يونس به .
قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري غير عتي - مصغراً وهو ابن ضمرة السعدي وهو ثقة , لكن فيه علتان : الأولى : أن الحسن وهو البصري مدلس , وقد عنعنه .
والأخرى : أن موسى بن مسعود مع كونه أحد شيوخ البخاري في صحيحه , ففيه ضعف من قبل حفظه .
قال الذهبي في " الميزان " : " صدوق إن شاء الله , يهم , تكلم فيه أحمد , وضعفه الترمذي .
وقال ابن خزيمة : لا يحتج به ... " .
وقال الحافظ في " التقريب " : " صدوق , سيىء الحفظ , وكان يصحف " .
وقد تابعه إسماعيل بن علية وغيره عند ابن أبي الدنيا , فأمنا بذلك سوء حفظه .
لكن للحديث شاهد , يرويه علي بن زيد عن الحسن عن الضحاك بن سفيان الكلابي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " يا ضحاك ما طعامك ? قال : يا رسول الله اللحم واللبن , قال : ثم يصير إلى ماذا ? قال : إلى ما قد علمت , قال : فإن الله تبارك و تعالى ضرب ما يخرج من ابن آدم مثلاً للدنيا " .
أخرجه أحمد ( 3 / 452 ) وابن أبي الدنيا عن حماد بن زيد عن علي بن زيد .
وقال المنذري ( 4 / 102 ) : " رواه أحمد ورواته رواة الصحيح إلا علي بن زيد بن جدعان " .
قلت : وهو ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب " .
قلت : وقال ابن خزيمة : " لا أحتج به لسوء حفظه " .
قلت : ومن سوء حفظه أنه كان يقلب الأحاديث , فقد قال حماد بن زيد : أنبأنا علي بن زيد , وكان يقلب الأحاديث .
قلت : ووصفه غيره بأنه كان اختلط . ولذلك فإني أخشى أن يكون هذا من تخاليطه , وقد رواه عن الحسن البصري , فتدل روايته هذه عنه ورواية يونس ابن عبيد عنه على أن للحديث أصلاً عن الحسن البصري , ولكن هل هو من روايته عن عتي عن أبي , أم من روايته عن الضحاك ? لا نستطيع ترجيح إحداهما على الأخرى لأن في الأولى ابن جدعان , وفي الأخرى موسى بن مسعود , وكلاهما ضعيف , وإن كان ابن مسعود أحسن حالاً من ابن جدعان , فيحتمل أن تكون روايته أرجح , وقد تأكدت من ذلك حين وقفت على من تابعه كما سبقت الإشارة إليه .
ثم إن الحسن قد عنعن الحديث في كل من الروايتين عنه , فيحتمل أن يكون شيخه فيهما واحداً , فتعود الروايتان حينئذ إلى أنهم من طريق واحدة , وعلى هذا لم ينشرح القلب , ولم تطمئن النفس للاعتداد بهذا الشاهد , لأن مرجعه ومرجع المشهود له إلى طريق واحد , فلا يتقوى الحديث به , لأنه من باب تقوية الضعيف بنفسه !
نعم للحديث شاهد آخر عن سلمان قال : " جاء قوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألكم طعام ? قالوا : نعم ,
قال : فلكم شراب ? قالوا : نعم , قال : فتصفونه ? قالوا : نعم , قال : وتبرزونه ? قالوا : نعم , قال : فإن معادهما كمعاد الدنيا , يقوم أحدكم إلى خلف بيته فيمسك على أنفه من نتنه " .
قال الهيثمي ( 10 / 288 ) : " رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح " .
قلت : فإذا كان إسناده من طريق أخرى غير طريق الحسن البصري كما آمل , فهو يصلح شاهداً للحديث , ويتقوى به . والله أعلم .
وقد أخرجه ابن أبي الدنيا من طريق سفيان عن عاصم عن أبي عثمان قال : جاء رجل ... الحديث نحو رواية سلمان .
وهو شاهد قوي للحديث . والله أعلم .
قزحه :
بتشديد الزاي هو من القزح وهو التوابل , يقال : قزحت القدر إذا طرحت فيها الأبزار .
ملحه :
بتخفيف اللام . أي ألقى فيه الملح بقدر للإصلاح . يقال منه : ملحت القدر بالتخفيف , وأملحتها وملحتها إذا أكثرت ملحها حتى تفسد .