سلسلة الأحاديث الصحيحة ــ المجلد الأول
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 306
" لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يتحدث الناس بذلك فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه وسعوا بذلك إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا : هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس ? قال : أو قال ذلك ? قالوا : نعم , قال : لئن كان قال ذلك لقد صدق , قالوا : أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح ? قال : نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك , أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة . فلذلك سمي أبو بكر الصديق " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 552 :
أخرجه الحاكم ( 3 / 62 ) من طريق محمد بن كثير الصنعاني حدثنا معمر بن راشد عن الزهري عن عروة عن # عائشة # رضي الله عنها قالت : فذكره .
وقال : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي .
قلت : وفيه نظر , لأن الصنعاني فيه ضعف من قبل حفظه , ولذلك أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال : " ضعفه أحمد " .
وقال الحافظ في " التقريب " : " صدوق كثير الغلط " .
قلت : فمثله لا يحتج به إذا انفرد , لكنه قد توبع كما يأتي , فحديثه لذلك صحيح وقد عزاه الحافظ ابن كثير في " التفسير " ( 15 / 138 ) للبيهقي ( يعني في " الدلائل " ) من طريق الحاكم , ثم سكت عليه , وكان ذلك لشواهده التي أشرنا إليها آنفا , وإنما ذكرت الحديث من أجل ما فيه من سبب تسمية أبي بكر بـ " الصديق " , وإلا فسائره متواتر صح من طرق جماعة من الصحابة قد استقصى كثيراً منها الحافظ ابن كثير في أول تفسيره لسورة " الإسراء " , فلنذكر هنا الشواهد لهذه الزيادة فأقول :
الأول : عن شداد بن أوس مرفوعاً بلفظ : " صليت بأصحابي صلاة العتمة بمكة معتما فأتاني جبريل عليه السلام بدابة أبيض أو قال : بيضاء ...( الحديث وفيه : ) فقال أبو بكر : أشهد أنك لرسول الله , وقال المشركون : انظروا إلى ابن أبي كبشة يزعم أنه أتى بيت المقدس الليلة ! ... الحديث .
أخرجه ابن أبي حاتم والبيهقي وقال : " هذا إسناد صحيح " .
الثاني : عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن في قصة الإسراء قال : " فتجهز - أو كلمة نحوها - ناس من قريش إلى أبي بكر , فقالوا : هل لك في صاحبك يزعم أنه جاء إلى بيت المقدس ثم رجع إلى مكة في ليلة واحدة ?! فقال أبو بكر : أو قال ذلك ? قالوا : نعم . قال : فأنا أشهد لئن كان قال ذلك لقد صدق , قالوا : فتصدقه في أن يأتي الشام في ليلة واحدة , ثم يرجع إلى مكة قبل أن يصبح ? قال : نعم أنا أصدقه بأبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء , قال أبو سلمة : سمي أبو بكر الصديق " .
قلت : وهذا سند صحيح مرسل , وشاهد قوي لموصول عائشة .
الثالث : عن أبي معشر قال : أنبأنا أبو وهب مولى أبي هريرة : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به , قلت لجبريل إن قومي لا يصدقوني , فقال له جبريل يصدقك أبو بكر وهو الصديق " .
أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 3 / 1 / 120 ) وهذا سند ضعيف .
وروى الحاكم ( 3 / 62 ) عن محمد بن سليمان السعدي يحدث عن هارون بن سعد عن عمران بن ظبيان عن أبي يحيى سمع علياً : " لأنزل الله تعالى اسم أبي بكر رضي الله عنه من السماء صديقاً " وقال : " لولا مكان محمد بن سليمان السعيدي من الجهالة لحكمت لهذا الإسناد بالصحة " .
ووافقه الذهبي .
تنبيه :
كذا وقع في " المستدرك " : " السعدي " وفي الموضع الآخر : " السعيدي " و كله خطأ و الصواب " العبدي " كما في " الجرح و التعديل " ( 3 / 2 / 269 ) و " الميزان " و " اللسان " .
هذا وقد جزم الإمام أبو جعفر الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 145 ) بأن سبب تسمية أبي بكر رضي الله عنه و" الصديق " إنما هو سبقه الناس إلى تصديقه رسول الله صلى الله عليه وسلم على إتيانه بيت المقدس من مكة , ورجوعه منه إلى منزله بمكة في تلك الليلة , وإن كان المؤمنون يشهدون لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك إذا وقفوا عليه .