العودة   شبكة صدفة > المنتديات العامة > ابحاث علميه و دراسات

ابحاث علميه و دراسات Research , analysis, funding and data for the academic research and policy community , ابحاث , مواضيع للطلبة والطالبات،أبحاث عامة ،بحوث تربوية جاهزة ،مكتبة دراسية، مناهج تعليم متوسط ثانوي ابتدائي ، أبحاث طبية ،اختبارات، مواد دراسيه , عروض بوربوينت

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 10-05-2010, 02:40 AM رقم المشاركة : 301
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو

الدين والإرهاب في علاقة مصطنعة../ د.عبدالإله بلقزيز
حين كانت عواصم البلدان الغربية واهدفها الكبرى تهتز تحت ضربات منظمات العنف الثوري مثل “الألوية الحمراء” الايطالية، و”بادر ماينهوف” الألمانية، و”العمل المباشر” الفرنسية، و”الجيش الأحمر” الياباني، و”إيتا” الاسبانية، و”الجيش الجمهوري الايرلندي” وسواها مما عرف في سنوات السبعينات باسم منظمات “الإرهاب الثوري”، لم يكن أحد من الدارسين أو من الساسة الغربيين يهرع إلى تقديم تفسير ديني أو ثقافي للظاهرة في ذلك الحين. لم يكن يقال مثلاً إن الأمر يتعلق “بإرهاب مسيحي” أو بإرهاب يستلهم تعاليم المسيحية في رفض الظلم الاجتماعي وفي الدعوة إلى العدالة. ولا كان يقال حتمي إنه “إرهاب ماركسي” أو يجد تفسيره في النص الفكري الماركسي. ليس لأن الكنيسة والأحزاب الشيوعية في الغرب استنكرت هذا “الإرهاب الثوري” بشدة وهانت سمعة المسيحية والماركسية، وإنما لأن الحاجة إلى التوسل بعوامل الدين والثقافة لم تكن قد تولدت في ذلك الحين لتفسير مثل تلك الظواهر ولبناء سياسات على مقتضاه.

كان الذهن ينصرف حينها إلى التعليل الاجتماعي الاقتصادي، أو إلى التعليل السياسي، للظاهرة ليقع التركيز أكثر على الأزمات الداخلية للرأسماليات الغربية وعلى النتائج التي يولدها التفاوت الطبقي في مجتمعاتها من تهميش متزايد للقوى المنتجة ومن إضعاف للطبقة الوسطى ومن فقدان متعاظم للثقة في النموذج الاجتماعي البرجوازي السائد.. ثم ليقع التركيز على أزمة الديمقراطيات الغربية وإخفاقاتها في استيعاب قوى اجتماعية وسياسية متمردة على نموذجها السياسي، وفي إقناع الرأي العام واليسار غير الشيوعي منه خاصة بفوائدها. وكثيراً ما جنح التفسير الاجتماعي لتلك الظاهرة لربطها بالمناخ السياسي والنفسي للجيل الجديد المتمرد على السياسة اليمينية واليسارية على السواء منذ انتفاضة مايو/ أيار 1968: جيل الوجودية والقلق الفكري والثورة الجنسية والثورة الاجتماعية على الذوق والغناء واللباس وكل ما يرمز إلى المجتمع البرجوازي.

كانت هذه حال الغرب مع ظاهرة من ظواهر الإرهاب فيه قبل ثلاثة عقود. وكنا في الوطن العربي على موعد مع ظاهرة أعنف وأسوأ قبل أوروبا وبعدها هي إرهاب الدولة الذي تقوم به “إسرائيل” منذ اغتصاب فلسطين قبل ستين عاماً. أمام إرهابها الأعمى، الذي حصد أرواح مئات الآلاف من الفلسطينيين واللبنانيين، واعتدى على حرية أضعاف أضعاف هذا العدد من البشر وعلى الأرض والمقدسات والرموز، وسرق الأرض واهتضم الحقوق.. لم يكن أحد منا يتحدث يوماً عن الإرهاب اليهودي أو يشغف بتفسير هذا الإرهاب برده إلى تعاليم التوراة (وقطعاً لم يكن مثل هذا التفسير وارداً في الغرب). كنا نقول ولا نزال إنه شديد الصلة برؤية صهيونية سياسية وقومية رجعية تقوم على إنكار الآخر ومحوه (لأنها تستند إلى مشروع استيطاني إحلالي). وكان اسمه الدارج في خطابنا وأدبياتنا (وحتى لدى القوى الدينية عندنا: مسيحية وإسلامية) الإرهاب الصهيوني الذي يرد إلى عوامل سياسية في المقام الأول.

ما الذي تغير في طبيعة هذه الظاهرة القابلة للتفسير الاجتماعي والسياسي حتى أصبح تعريفها دينياً، وتلازم معناها مع الإسلام حصراً ومن دون سواه من بقية الأديان؟ لماذا تعطيل التفكير بمنظومة الأسباب والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لفهم هذه الموجة الجديدة من العنف الإرهابي التي تمثلها اليوم شبكات عمل مسلحة ينتمي العاملون فيها إلى العالمين العربي والإسلامي، والإصرار على النظر إليها بوصفها تعبيراً عن ثقافة دينية (إسلامية) تحرض على كراهية الغرب وتحرض على ممارسة فعل العنف والقتل؟ لماذا اتهام عقيدة الإسلام بإنتاج ثقافة الإرهاب وتبرئة السياسات الدولية العدوانية والمحلية القمعية من التهمة؟

ليس عسيراً علينا أن ندرك الأسباب التي تحمل أوساطاً سياسية وإعلامية في الولايات المتحدة وفي بلدان أوروبا على ربط ظاهرة الإرهاب بالإسلام، وهي عديدة ومتنوعة منها الحاجة إلى إيجاد عدو عالمي جديد يعوض عن زوال العدو الشيوعي (ووجود هذا العدو الجديد ضروري حتى يتماسك الغرب وراء السياسة الأمريكية ويسلم لها القرار الدولي)؛ ومنها صرف الانتباه عن مسؤولية السياسات الدولية العدوانية ضد الشعوب العربية والإسلامية وضد حقوقها الوطنية والقومية في إنتاج حال من الحنق الجماعي ومن الكراهية للدول التي تخوض الحروب الظالمة وترعى الكيان الصهيوني وجرائمه وتحويل النتائج إلى مسببات غير أنه سيظل من العسير علينا أن نفهم ذلك الانخراط العربي المتحمس في لوك وترداد مفردات الخطاب الغربي حول الصلة بين الإرهاب ومقدماته الثقافية في الدين! أليس ذلك ما نقرأه اليوم في بعض الكتابات الصحافية العربية “المناضلة” ضد الإسلاميين، وفي بعض نصوص باحثين عرب في مجال علم الاجتماع السياسي؟

إن الرموز والتعاليم الدينية لا تصنع ظواهر اجتماعية من هذا الحجم وإنما تصنعها الشروط الاجتماعية القاسية التي يمر بها أولئك الذين يقذفون بأبدانهم إلى الموت. إن حسبانهم لأفعالهم جهاداً إنما هو من باب إسباغ الشرعية على فعل قتل النفس المحرّم في الإسلام. إذا أخطأوا فهم النص، فلا تجب محاسبة النص. الأهم من ذلك أن التحجج بالدين في الحديث عن الإرهاب إضراب عن النظر في الأسباب التي تنجبه: في الحروب العدوانية، والتهميش الاجتماعي، والقمع، واليأس.

"الخليج"







آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 10-05-2010, 02:40 AM رقم المشاركة : 302
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو

اربعون عاما وما يزال عبد الناصر حاضرا وموجودا

اسحق البديري

مئات المناسبات التذكارية لمئات العظماء والأبطال على اتساع العالم , تأتي وتذهب , تروح وتجئ , وتتوقف الأمم والشعوب أمام قلة قليلة من أصحاب تلك المناسبات لكي تحتفل بذكراهم تكريما وتقديرا لأدوارهم , ووفاء وعرفانا لما قدموه , ومن بين هذه المناسبات تجئ ذكراه ذكرى ابرز قائد عربي في القرن العشرين إنها ذكرى جمال عبد الناصر






تحل ذكرى جمال عبد الناصر في هذا اليوم .... ذكرى رحيل رجل عربي عظيم أدى دوره باقتدار وشجاعة ... بجسارة وبسالة .. ثم مضى كالبرق في لحظة عاصفة من تاريخنا المعاصر ورحل عن الدنيا ... وغاب ... غاب عنا في الثامن والعشرين من أيلول سنة 1970 أي قبل اربعين عاما من الزمان ... اربعة عقود كاملة مضت منذ رحل عن الدنيا ....
واريد ان اقول بداية ان الحديث عن جمال عبد الناصر ليس مجرد حديث للبكاء على اطلال مرحلة مجيدة في التاريخ العربي المعاصر كان هو ابرز صانعي ومؤسسي تلك المرحلة التي كان عنوانها بحق مرحلة الكرامة والعزة والكبرياء والتحدي ... مرحلة مخاض لولادة مشروع عربي نهضوي .... كما ان هذا الحديث عن جمال عبد الناصر ليس لمجرد سكب الدموع على رجل عربي عظيم أعطى لشعبه المصري وأمته العربية وعالمه الثالث والإنسانية كلها كأنبل ما يكون العطاء
.ولقد يقال وقد قيل لي اكثر من مرة " انك تتحدث دوما عن الماضي ان عبد الناصر اصبح من الماضي " وكنت اقول دائما انني لا اعتبر ان الحديث عن جمال عبد الناصر هو حديث عن الماضي بل انني اعتبر انه حديث عن الحاضر الذي نعيش فيه بقدر ما هو حديث ايضا عن المستقبل الذي نتطلع اليه ..... ولعلي اقول ان الامم الحية هي التي تتطلع الى الماضي تسترجع وقائعه بالدراسة والتحليل ...تدرس وتتعلم لكي تستفيد من عبر ودروس تجارب الماضي من اجل بناء حاضر اكثر تقدما من الماضي ومن اجل بناء مستقبل اكثر اشراقا من الحاضر ذلك انه لا انفكاك بين الماضي والحاضر والمستقبل
ان جمال عبد الناصر غاب في رحلته الابدية وانتقل الى رحاب الله قبل اربعين عاما ورغم طول الغياب ... طول هذا الزمان فان جمال عبد الناصر لا زال بيننا حتى هذه اللحظة وأظن انه سيبقى وربما إلى سنوات قادمة حاضرا بين شعبه المصري وأمته العربية وعالمه الثالث.. .... فهو الغائب الحاضر ما زال راْيا في كل حادث وموقفا ازاء كل قضية وليس غريبا ان تسترجع جماهير الامة العربية مواقفه عند الازمات وفي اوقات الشدة وترفع صوره وتردد اقواله في اوقات وايام الخطر وفي مواجهة التحديات خصوصا في هذا الزمن العربي الرديْ انه الغائب بجسده لكنه الحاضر بمواقفه ومبادئه ظله ما زال يملاْ ساحة وطنه المصري وساحة الوطن العربي بل وعلى امتداد قارات افريقيا واسيا واميركا اللاتينية وهذا هو سره سر عظمته رغم طول الغياب اربعون عاما
إن عظمة جمال عبد الناصر انه كان في حياته تعبيرا عن آمال الأمة العربية كلها وطموحاتها كان جسر العبور لامته من التخلف إلى التقدم من القلق واليأس إلى الشجاعة والإقدام تحمل مسؤوليات خطيرة وواجه تحديات هائلة , خاض معارك كثيرة , واقتحم مخاطر متعددة , عاش حياته مقاتلا في سبيل حرية الشعوب والأوطان وكان محاربا عنيدا ضد الاستعمار بوجهيه القديم والجديد وكان مقاوما ومقاتلا ضد اسرائيل التي احتلت فلسطين واجزاء من الارض العربية
وأمضى عمره مناضلا من اجل إلغاء استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وصولا إلى العدل الاجتماعي , ثائرا ضد كل إشكال الاستغلال الطبقي وصور التخلف ... وعاش مكافحا من اجل وحدة آمته العربية , متمردا على التجزئة والحدود المصطنعة , مؤكدا تحت كل الظروف انتماء مصرالى امتها العربية قولا وعملا ممارسة وتطبيقا
وبقي والى أخر لحظات حياته مدافعا عن حقوق الأوطان والشعوب التي سرقها لصوص العالم المتحضر , واقفا بغير تردد إلى جانب قضايا الشعوب المضطهدة في كل مكان من قارات العالم إن جمال عبد الناصر الغائب منذ أيلول سبتمبر 1970 كان حاضرا طوال السنوات الاربعين الماضية كان حاضرا رغم كل المحاولات المستمرة والمتواصلة والحملات الضارية لتشويه دوره وإدانة تجربته وتدمير انجازاته ذلك انه حاضر الى الان في ضمير الجماهير على امتداد الساحة العربية كلها تلك الجماهير التي أحبته كما لم تحب رجلا من قبله أو من بعده على مدى القرن العشرين وأعطته الجماهير العربية من تأييدها وثقتها ما لم تعطه لأحد من قبله وما لم تعطه لأحد من بعده ... إن الجماهيرالعربية تعاملت معه بشرف وأمانة.... ترددت في البداية في تاْييده وانتظرت.... وقفت معه مرات كثيرة .... عتبت عليه مرات وغفرت له مرات أخرى ... ورضيت عنه تارة وغضبت منه تارة ... راقبته منذ انطلاق الثورة في 23 يوليو 1952 وهي صامتة تتطلع اليه لعله يكون هو الرجاء والامل وانتظرت لترى ماذا هو فاعل .... وحين راْته وهو يضرب جذور الاقطاع ويحدد الملكية الزراعية ويصفي امتيازات طبقة الراْسمالية المستغلة ايذانا ببدء وضع اسس بناء مجتمع العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية .... وحين شاهدته وهو يرغم الاستعمار البريطاني على الجلاء عن ارض مصر بعد سبعين عاما من الاحتلال .... وحين راْته وهو يقاوم سياسة الاحلاف العسكرية الغربية ويتصدى لمحاولات فرض السيطرة الاجنبية ومناطق النفوذ على المنطقة العربية .... وحين سمعته وهو يعلن كسر احتكار السلاح ..... حينذاك لم تعد الجماهير العربية صامتة ولم تعد مترددة بل تحركت وفي اكثر من عاصمة عربية لتعلن وقوفها معه وتاْييدها له واعطته ثقتها ودعمها وهو يعلن تاْميم شركة قناة السويس في 26 يوليو 1956 وخرجت تقاتل معه في معركة السويس سنة 1956 واندفعت معه لتحقيق حلم إقامة الوحدة بين مصر وسوريا سنة 1958 يوم قامت الجمهورية العربية المتحدة ...... ووقفت معه وأعطته تأييدها يوم بداْ مرحلة بناء المجتمع الجديد مجتمع الكفاية والعدل ابتداء من سنة 1961 وبنت معه السد العالي وأقامت معه اكبر قاعدة للصناعة حيث شيدت الآلاف من المصانع والمعامل واستصلحت معه ملايين الأفدنة لزيادة الخضرة على ارض مصر ... ... وقفت معه يوم نكسة الانفصال سنة 1961 ...... واندفعت معه تأييدا ودعما بل وقتالا إلى جانب ثورات الجزائر واليمن وجنوب اليمن والعراق وغضبت عليه وعاتبته عقب هزيمة يونيو 1967..... لكنها تمسكت به قائدا ورفضت قراره بالتنحي رغم الهزيمة في يونيو 1967 لانها كانت تعرف من خلال تجربتها معه انه قادر على تجاوز المحنة ...... وقفت معه صامدة تبني معه من الانقاض خلال سنوات 1967 و1968 ووقفت تحارب معه في حرب الاستنزاف في عامي 1969 و1970 ..وبنت معه جيش المليون جندي تحت لهيب الدم والنار استعدادا لتخوض معه حرب التحرير واستعادة النصر الضائع ......
وبكته الجماهير يوم رحيله كما لم تبك قائدا من قبل ولا من بعد ... وكان يوم وداعه في رحلته الابدية يوما فريدا وحزينا لم تشهد له ارض العرب وربما العالم كله مثيلا لا من قبل ولا من بعد والى الان وكان الهتاف الاعلى الذي انطلق من حناجر الجماهير في كل ارض عربية وهي تبكي قائدها " حنكمل المشوار "
وعظمة جمال عبد الناصر بعد رحيله وغيابه انه تحول من رجل ودور الى رمز وفكرة .... إن عبد الناصر الغائب لا زال حاضرا وسوف يظل حاضرا معنا مع شعبنا المصري وأمته العربية وعالمه الثالث بالمبادئ والأهداف التي أرسى قواعدها وبلور مفاهيمها وحدد معالمها باعتبارها تعبيرا صادقا وأمينا عن طموحات وأحلام الأمة العربية تلك الأحلام والطموحات التي بدأت منذ مطلع القرن العشرين فهي نشأت من خلال المعاناة والعذاب الذي عاشته الجماهير العربية في القرون الماضية ونضجت وسط الصراعات التي سادت المنطقة العربية وانصهرت في ظل معارك اللهيب والنار والدم التي جرت فوق كل ارض عربية وتشكلت وسط الظلام الذي أطبق على المنطقة كلها وتبلورت انتظارا لشعاع ضوء يشق الظلام حتى يسطع النور ويسود
وهذه المبادئ هي الأحلام الكبيرة والآمال العظيمة التي حملتها الأجيال العربية المتعاقبة جيلا وراء جيل منذ مطلع القرن العشرين لتستقر وتترسخ في وجدان وضمير الجماهير العربية والتي كان لكل جيل إسهاماته ودوره في إثرائها وبلورتها وبصرف النظر عن الاختلاف في التسميات الحرية أو الاستقلال الوطني , الاشتراكية أم العدالة الاجتماعية الوحدة أم الاتحاد فان الأغلبية الساحقة من الجماهير اتفقت على جوهر هذه المبادئ والأهداف وتركت التسميات للمنظرين يطلقون عليها ما يشاءون وما يعتقدون حتى جاءت القوى العربية القومية في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات لتحدد وتبلور هذه المبادئ بشكل واضح
وكان جمال عبد الناصر بغير جدال ابرز عربي يقدم صياغة تكاد تكون متكاملة لهذه الأهداف والمبادئ بل وكان أول عربي يمضي على طريق تحقيق هذه المبادئ والأهداف ويحولها من الأحلام والآمال إلى الواقع العملي إلى مشروع نهوضي عربي جديد
لقد مشى عبد الناصر فوق الأشواك .... وسلك الطرق الصعبة .... وسار عبر المخاطر .... ومضى بالتجربة بالصواب والخطأ ........ بداْ مسيرته بدون نظرية ولم يكن يملك في يوليو عام 1952 من دليل للعمل غير المبادئ الستة المشهورة التي استخلصها من مطالب النضال الشعبي واحتياجاته، لم تكن تلك المبادئ نظرية للعمل الوطني حينذاك... ومع هذا فقد استطاع عبد الناصر أن يطور هذه المبادئ والأهداف وان يحركها بالممارسة والتجربة... بالنضال والعمل في محاولة للوصول إلى تحقيق هذه المبادئ من ناحية, والى صياغة برنامج عام للعمل الوطني المصري .في ميثاق العمل الوطني .... ومن المبادئ الستة اندفع جمال عبد الناصر إلى آفاق رحبة وواسعة فكانت الدوائر الثلاث التي تحدث عنها عبد الناصر في كتابه فلسفة الثورة....... وهذه الدوائر هي الدائرة العربية والدائرة الإفريقية والدائرة الإسلامية ومن خلال شرح عبد الناصر لإبعاد ومفهوم هذا الدوائر نرى أن عبد الناصر كان على وعي كامل وفي وقت مبكر بأهمية تأكيد الانتماء العربي لمصر , وضرورة التحالف والتضامن مع شعوب إفريقيا في نضالها من اجل الاستقلال والحرية على اعتبار أن مصر هي المفتاح الشمالي الشرقي الذي يصل إفريقيا بآسيا , وضرورة الالتقاء مع شعوب الدول الإسلامية وكان عبد الناصر يرى وبعين ثاقبة وبنظرة على المستقبل انه لا تناقض بين هذه الدوائر الثلاث فهي مكملة لبعضها البعض ..... ولم يتوقف عبد الناصر عند الدوائر الثلاث بل أضاف إليها في ميدان السياسة الدولية ما عرف بسياسة عدم الانحياز والحياد الايجابي بوصفها اسلم الطرق في عالم كانت تسوده الحرب الباردة بين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي
ووضع عبد الناصر قضية فلسطين في مقدمة اولوياته واعتبرها القضية المركزية والاساس للامة العربية كلها وقد تحدث عبد الناصر عن تصوره وتصور الحركة العربية القومية لوعد بلفور فقال في رسالة بعث بها إلى الرئيس الأميركي الراحل جون كنيدي عام 1961 " لقد أعطى من لا يملك، وعداً لمن لا يستحق، ثم استطاع الاثنان "من لا يملك" و"من لا يستحق" بالقوة وبالخديعة، أن يسلبا صاحب الحق الشرعي حقه، فيما يملكه وفيما يستحقه.تلك هي الصورة الحقيقية لوعد بلفور، الذي قطعته بريطانيا على نفسها، وأعطت فيه -من أرض لا تملكها، وإنما يملكها الشعب العربي الفلسطيني- عهداً بإقامة وطن يهودي في فلسطين. واستطرد عبد الناصر في رسالته إلى كنيدي قائلا "وعلى المستوى الفردي -يا سيادة الرئيس- فضلاً عن المستوى الدولي، فإن الصورة على هذا النحو تشكل قضية نصب واضحة تستطيع أي محكمة عادية أن تحكم بالإدانة على المسئولين عنهـا
ويشرح عبد الناصر وجهة نظره بشاْن إسرائيل فيقول " أن مشكلة إسرائيل ليست هي مشكلة فلسطين، وإنما هي - بعد فلسطين - أبعد أثراً وخطراً. إن إسرائيل خطر توسعي حقيقي يخطط لدولة أكبر من حدود الدولة الحالية، يعمل ليوم تتحول فيه الشعوب العربية بين الفرات والنيل إلى فلول من لاجئين
لقد خاض جمال عبد الناصر في حياته حروبا ومعارك ضارية وشرسة ولعل حربه الاخيرة في الصراع العربي الاسرائيلي هي امجد واشرس حروبه وهو صراع الثلاثة الاف وثلاثمائة واربعة عشر يوما والذي بداْ مباشرة بعد الهزيمة العسكرية في يونيو 1967 حيث تصدى طوال تلك الايام للعدوان الاسرائيلي الذي احتل صحراء سيناء والضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان السورية وهو صراع بداْ في يوم 14 يونيو 1967 بعد ايام قليلة لعودته عن قراره بالتنحي بضغط شعبي مصري وعربي يومي 9 و 10 يونيو في ذلك اليوم كتب جمال عبد الناصر اول توجيه استراتيجي حول ضرورة ازالة اثار العدوان بكل والوسائل المتاحة بما فيها القوة وبعث به الى كل من الفريق محمد فوزي القائد العام الجديد للقوات المسلحة والفريق عبد المنعم رياض رئيس هيئة الاركان الجديد وهو توجيه تطور بعد ذلك على يد عدد كبير من القادة العسكريين والاستراتيجيين المصريين على مدى السنوات والاشهر التالية ووضع في خطط كان من بينها جرانيت واحد وجرانيت 2 بهدف تحرير الاراضي العربية على مراحل ...
وبعد اقل من شهرين على تلك الاحداث الخطيرة وكتابته للتوجيه الاستراتيجي قال عبد الناصر في خطابه يوم 23 يوليو 1967 " إنني لم أعتبر لدقيقة واحدة أن خروج جماهير شعبنا برغم الظلام، وبرغم غارات العدو مساء يوم ٩ يونيو تكريماً لشخصي، وإنما اعتبرت أن ذلك الموقف كان تصميماً على نضال. إن الشعب بهذا الموقف أجاب على أهم سؤال كانت الحوادث تطرحه، وكانت النكسة نفسها تلقيه أمامه، وهو: ما العمل؟ أجاب الشعب - كما قلت - بالتصميم.. بالمقاومة.. بالاستعداد لكل التضحيات.. بالصمود.. ولكن ذلك ليس نهاية وإنما هو بداية؛
واستطرد عبد الناصر يقول في ذلك اليوم وبعد اقل من شهرين على نكسة يونيو " إن المحافظة على حقوق شعب فلسطين،هي أساس القضية ونحن لا يمكن - رغم النكسة ورغم احتلال سينا - أن نتخلى عن حقوق شعب فلسطين، لا يمكن أن نيأس ولا يمكن أن نكفر بأهدافنا ولا يمكن أن نفقد ثقتنا بأنفسنا أو بأمتنا العربية أو بشعبنا العربي. ولن نتخلى عن حقوق شعب فلسطين , حينما يتكلمون عن السلام فأنا أقول لا يمكن لأي قوة أن تفرض السلام، القبول بفرض السلام معناه القبول بالاستسلام، الطريق الوحيد أمامنا - رغم النكسة ورغم كل شيء - هو المحافظة على حقوق شعب فلسطين، .... لقد رفض عبد الناصر الاستسلام وقال ما نصه " أن قطعة من الأرض قد تسقط تحت الاحتلال لكن أي رقعة من إرادة الشعب والأمة ليست قابلة للسقوط تحت أي احتلال، ، وإرادة الشعب - وليست أي رقعة من الأرض - هي القول الفصل، وهى الفارق بين القبول بالهزيمة والاستسلام لها وبين التصميم على المقاومة والإصرار عليها؛ حتى يمكن استعادة رقعة الأرض المحتلة، واستعادة النصر الضائع. وإن تقع رقعة من أرض الوطن أسيرة في يد عدو فهذه ليست الهزيمة الحقيقية، ولا هي النصر الحقيقي للعدو، وإن تقع إرادة الشعب أسيرة في يد هذا العدو فهذه هي الهزيمة الحقيقية وهذا هو النصر الحقيقي للعدو،
وأعلن عبد الناصر إننا ننشد السلام لكن السلام الذي نريده ليس هو المفروض بالأمر الواقع مهما كان......... إن سلام الأمر الواقع هو الاستسلام ودعوى السلام في قبول الأمر الواقع دعوى باطلة قيلت في كل زمان ومكان لتبرير كل عدوان وهي دعوى باطلة يرفضها كل المؤمنين بالحرية بل كل المؤمنين بالسلام الحقيقي........ ورفض عبد الناصر منطق التسويات المنفردة والجزئية بما فيها عروض أمريكية وإسرائيلية لإعادة سيناء شرط أن تتخلى مصر عن بقية الأراضي المحتلة وقال في خطاب له أمام مجلس الأمة المصري في 6 يناير 1969 انه لايمكن أن يكون هناك مخرج من الأزمة يقوم على تسوية تتعلق بالأراضي المصرية وحدها وإنما لا بد من تحرير كل الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل وأولها القدس العربية والضفة الغربية وقطاع غزة والمرتفعات السورية
وبداْت المعارك على ضفاف قناة السويس يوم اول يوليو 1967 بمعركة راْس العش في مدينة بور فؤاد على الضفة الشرقية للقناة واستمرت وتواصلت المعارك باللهيب والدم والنار وبالتضحيات حتى فجر يوم 9 اغسطس اب 1970 - يوم وقف اطلاق النار - وذلك بنجاح قوات الدفاع الجوي المصري بادخال 42 بطارية صواريخ للدفاع الجوي خلال اقل من اربع ساعات . لاستكمال بناء حائط الصواريخ على الضفة الغربية من القناة استعدادا للعبور الكبير للجيش المصري .
وأدار عبد الناصرهذا الصراع سلما وحربا بالعمل السياسي والدبلوماسي والعسكري في تلك الفترة بمسؤولية واقتدار فقد أعاد البناء السياسي والعسكري والاقتصادي واكد على ضرورة دعم المقاومة الفلسطينية التي وصفها بانها انبل ظاهرة وجدت بعد نكسة يونيو ........ ورفض عبد الناصر منطق التسويات المنفردة والجزئية بما فيها عروض أمريكية وإسرائيلية لإعادة سيناء شرط أن تتخلى مصر عن بقية الأراضي المحتلة وقال في خطاب له أمام مجلس الأمة المصري في 6 يناير 1969 انه لايمكن أن يكون هناك مخرج من الأزمة يقوم على تسوية تتعلق بالأراضي المصرية وحدها وإنما لا بد من تحرير كل الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل وأولها القدس العربية والضفة الغربية وقطاع غزة والمرتفعات السورية
واستمر عبد الناصر طوال تلك الايام المجيدة يعمل ليل نهار لحشد كل الطاقات والامكانيات المصرية والعربية والدولية ووضعها في خدمة هدف التحرير وقاد حرب الاستنزاف على ضفاف قناة السويس وفي العمق وقام بأعظم أدواره وأكثرها عذابا وآلاما وكما قال الأستاذ محمد حسنين هيكل ذات مرة " كان عبد الناصر يرى مصر عام 67 ملقاة على الأرض مثخنة بجراحها وفي عام 68 كان يراها تهم على ركبتيها وكان يأمل مع عامي 69 و70 أن يراها وقد نهضت على قدميها وحين كانت مصر تقف على قدميها كان هو يجود بأنفاسه الأخيرة "
وقبل رحيله باسابيع وقع جمال عبد الناصر خطتين وقع الخطة جرانيت 1 التي تتضمن كسر نظرية الامن الاسرائيلي وعبور قناة السويس في حماية حائط الصورايخ .. ووقع ايضا الخطة 200 التي تتضمن مواجهة احتمال عبور اسرائيلي الى غرب قناة السويس ليس بقصد منع القوات المصرية من العبور الى الشرق والتدفق فوق الجسور لضرب مواقع الصواريخ وتدميرها
.... وفي خطبة الوداع آخر خطب عبد الناصر امام الجماهير قال في 26 يوليو 1970 “ نحن نريد السلام ولكن السلام بعيد، ونحن لا نريد الحرب، ولكن الحرب من حولنا، وسوف نخوض المخاطر مهما كانت دفاعاً عن الحق والعدل.. حق وعدل لا سبيل لتحقيقهما غير طرد قوى العدوان من كل شبر من الأرض العربية المحتلة سنة ١٩٦٧؛ من القدس، من الجولان، من الضفة الغربية، من غزة، من سينا، وحق وعدل لا سبيل لتحقيقهما غير استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه الشرعية، وخروجه من خيام اللاجئين ليدخل مدنه وقراه ومزارعه وبيوته، ويعود مرة أخرى إلى قلب الحياة بعد أن أرغمته الظروف أن يبقى من عشرين سنة على هامش الحياة. ذلك - أيها الإخوة - هو الهدف والطريق.. انتصار السلام وسلام الانتصار "
هكذا كان عبد الناصر رجل المبادئء والاهداف الاستراتيجية رجل النضال والمقاومة رجل التحدي والكبرياء .... هكذا كانت حروبه ومعاركه كلها من اجل وطنه المصري ومن وطنه العربي الكبير ومن اجل الانسانية كلها ظل مناضلا ومحاربا ومقاتلا ومدافعا عن قضايا امته العربية قضايا الحرية والاستقلال الوطني وحرية المواطن وحقه في العدالة الاجتماعية وبناء مجتمع التنمية ومجتمع الكفاية والعدل وقضايا الوحدة العربية وقضية القضايا في فلسطين وقضايا الحرية في كل مكان وهي قضايا ما زالت معنا الى الان
ونساْل أنفسنا بعد ذلك كله أليست هذه المبادئ هي المطالب والأهداف التي يسعى إليها كل شعبعربي.في هذه المرحلة .... ماذا نريد غير حرية الوطن وحرية المواطن ماذا نريد غير الاستقلال السياسي والاقتصادي الكاملين ماذا نريد غير بناء مجتمع الكفاية والعدل مجتمع تكافؤ الفرص مجتمع الانتاجوالخدمات..مجتمع الدولة العصرية القادرة والقوية ... ماذا نريد غير إقامة وحدة عربية تضم اجزاء الوطن العربي الممزق وسط الكيانات الكبرى في عالم اليوم ماذا نريد غير اقامة تحالف واسع وكبير مع شعوب العالم الاسلامي ومع شعوب القارة الافريقية ومع شعوب العالم الثالث في اسيا وافريقيا واميركا اللاتينية ...... ماذا
نريد غير تحقيق السلام العادل والدائم في منطقة الشرق الاوسط الذي يعني ضمان الانسحاب الاسرائيلي الكامل والشامل من جميع الاراضي العربية المحتلة واقامة الدولة الفسطينية المستقلة وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وفق الشرعية الدولية وفي مقدمتها القرار رقم 181 الصادر عن الامم المتحدة
ماذا نريد غير ذلك
أليست هذه مكونات وسمات إستراتيجية الحركة العربية المعاصرةالتي حملها عبد الناصر ومضى بها إلى التطبيق العملي في مرحلة من أهم المراحل التاريخية مرحلة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ..... وأخيرا أليست هذه المطالب هي نفس المطالب التي تريدها شعوب امتنا ا لعربية في هذه المرحلة التي نعيشها الان في العقد الاول من القرن الواحد والعشرين أي في هذا الزمان الحاضر الذي تعيشه شعوب امتنا العربية الان واليست هي نفس المطالب والاهداف التي ستبقى معنا ايضا في المستقبل نفس المباديء والاهداف وان اختلفت التفاصيل تبعا للمتغيرات
من هنا فانني اعود لاقول اذن اليس صحيحا ما اشرت اليه من ان الحديث عن عبد الناصر ليس حديثا عن الماضي فقط بل هو حديث عن الحاضر وهو بنفس الوقت حديث عن المستقبل الذي تتطلع اليه الامة العربية من حيث ان هذه المطالب والاهداف الاستراتيجية ما زالت معنا وستبقى معنا في المستقبل ايضا

وحين رحل جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970 وفي اصعب الاوقات والظروف انقلبت الدنيا كلها راسا على عقب .... تغير الحال في مصر وفي الوطن العربي بل وفي العالم الثالث وبداْ تراجع استراتيجي عن الاهداف وعن المباديْ وعن تحقيق السلام العادل ولم نعد نعيش في الزمن الجميل بل نحن نعيش في الزمان الرديْ وتغيرت المفاهيم حلت كلمات مثل الذل والهوان مكان العزة والكرامة اشياء كثيرة تغيرت
ولكن اسم جمال عبد الناصر سوف يبقى يتردد الى زمان طويل ... مشروعه النهضوي سيتحول في يوم قادم الى مشروع امة باسرها .... سوف يبقى اسمه نموذجا للصلابة والشجاعة للارادة وللتحدي وسوف يبقى اسمه قدوة لاجيال الشباب العربي التي لم تعش عصره لكنها ما زالت تبحث عن قائد عربي في مثل قامة جمال عبد الناصر الذي قال يوما " انني لست قائد هذه الامة وانما انا تعبير عن امالها واحلامها
في يوم ذكراه نسترجع صدى كلماته ونرددها معا " ان هذه ليست ساعة للحزن ولكنها ساعة للعمل "
وسلام عليك ابا خالد يوم ولدت ويوم رحلت ويوم تبعث حيا













آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 10-05-2010, 02:41 AM رقم المشاركة : 303
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو

يوم 28 أيلول/سبتمبر 1970 رحل جمال عبد الناصر، وهو في الثانية والخمسين، بعد أن حمل أعباء أمة وتقدم بها مواجها الأعاصير، والمؤامرات، ورياح السموم التي كانت تهّب في مواجهة المشروع القومي النهضوي، في زمن الاندفاع الأمريكي لأخذ مكان الإمبراطوريتين الآفلتين: بريطانيا وفرنسا!




في الحلقة الأخيرة من أحاديث الأستاذ هيكل، التي أورد فيها حكاية فنجان القهوة الذي أعدّه السادات بيده للرئيس جمال عبد الناصر، أورد هيكل حكمة سمعها من القائد الفلسطيني(أبو إياد): بعض المصائب تصغر بمضي الوقت، وبعضها تكبر وتكبر مع الوقت.

أنا لن أخوض في موضوع فنجان القهوة، فحتى الأستاذ هيكل، وبعد أن ثبّت الحادثة التي كان شاهدا عليها، جزم بأن السادات لا يمكن أن يدّس السم لجمال عبد الناصر.
أنا أتوقف عند الحكمة التي نطق بها أبو إياد، وهي أن بعض المصائب تكبر رغم مضي الزمن عليها.
أليس هذا ما يحدث للعرب بعد أربعين سنةً على رحيل القائد جمال عبد الناصر؟!
تعالوا نتأمل الخسائر الفادحة للأمة: مصر لم تعد قائدة للعرب، ولذا فالعرب هائمون على وجوههم، في صحارى النفط، أو في مدن العشوائيات، تتحكم بهم نظم حكم عشوائية، لا تخطط للغد القريب، فما بالك بالبعيد؟! وأي غد يعنيها أكثر من ضمان بقائها بأي ثمن!
مصر تكاد تعود للملكية الوراثية، وهو ما سيذهل الملك فاروق لوعاد حيّا، وسيدفعه للتساؤل: لماذا قامت الثورة على ملكيتي الوراثيّة؟!
العرب شراذم، دول بلا قيمة ولا أهمية، ولا دور، ولا صلة لها لا بحاضر الأمّة، ولا بمستقبلها.
فلسطين تصفّى تماما، بقيادات تسرق كل تراث مقاومة شعب فلسطين باستهتار، مانحة الكيان الصهيوني الفرصة تلو الفرصة للتوسّع في نهب ما تبقّى من أرض فلسطين. قيادات تكذب على الشعب، وتتصارع وهي على تحت مظلّة أوسلو، من يفاوض منها، ومن يدّعي المقاومة ولا يقاوم، ويعلن بالفم الملآن أنه مع دولة فلسطينيّة على أرض ال67!
الانقلاب على الناصرية هو الاغتيال الحقيقي: وضع كل الأوراق في يّد أمريكا. الانفتاح تصفية القطاع العام، تدمير الطبقة العاملة التي ازدهرت مع النهضة الصناعية.
الاغتيال لمصر تجسّد في إطلاق كلاب وقطط الانفتاح الذين نهبوا البلد، وهم مجموعة طفيليين ولدوا وترعرعوا مع تصفية مكتسبات الطبقات الشعبيّة.
الاغتيال الحقيقي هو في تخلّي مصر عن دورها القيادي العربي، والأفريقي، وتحولها إلى ما يشبه دولة بنغلادش، فقرا وتهميشا!
تعالوا نستذكر بداية الانقلاب على ناصر والناصرية.
بعد هزيمة حزيران، ورغم هول الكارثة، خرجت الجماهير وفرضت على جمال عبد الناصر أن يعود لسدّة القيادة، ليس لأنها تعبد الفرد، ولكن لأنها كانت تدرك أن من يأتي في ظروف الهزيمة بعد ناصر، فلن يكون له خيار سوى الاستسلام، والخضوع لأمريكا.
ناصر انخرط في عملية التطهير، وإعادة البناء، ووضع الرجل المناسب في الموقع المناسب، وخّاصة في الجيش، فلمعت أسماء قادة يليقون بمصر، وجيشها العظيم، وطموحاتها. قادة يعيشون مع رجالهم في الخنادق المتقدمة، ويعبرون إلى سيناء على رأس وحدات الصاعقة تمهيدا ليوم العبور من الهزيمة إلى الانتصار.
أعيد بناء القوّات المسلحة، فسلّحت ودرّبت مع إنجاز عملية محو الأميّة في صفوف الجنود القادمين من الصعيد، والأرياف، ودعمت بضّم عشرات ألوف الجامعيين لاستيعاب السلاح المتطوّر، وبناء جيش نوعي لا كمّي.
وضع مع أركان جيشه خطّة العبور، تحت حائط الصواريخ الذي كان بناؤه ملحمة تبرهن على عظمة الإنسان العربي المصري، الذي مزج الدم بالإسمنت وهو يبني ذلك الحائط، ليكون مظلّة حماية لجيش العبور. يجب أن لا ننسى دور الاتحاد السوفييتي الصديق، وقيادته المنحازة لناصر والعرب.
في حلقات (مع هيكل) الأخيرة توقف الأستاذ هيكل عند حكاية ذات دلالة ، وهي زيارة ضابط مصري كبير له في مكتبه بالأهرام، وتحذيره من أن جيش العدو يمكن أن يلتف على جيش مصر من ثغرة سيعبرها (ليقشّر) الصواريخ، ويترك جيش مصر بعد العبورعاريا تماما لتبيده طائرات العدو على رمال سيناء!
اصطحب الأستاذ هيكل الضابط، وقدمه للرئيس ناصر الذي طلب اللقاء به بعد أن سمع عنه من هيكل.
بعد أن سمع ناصر وجهة نظر الضابط أعدّ مع قادة الجيش خطّة لمواجهة احتمال الثغرة، وإحباط إمكانية الالتفاف على قوّات العبور!
يقول الأستاذ هيكل، وهو صادق بالتأكيد، فالرجل يوثّق كلّ كلمة يقولها: عندما رحل جمال عبد الناصر كان قد وقّع على خطتين: خطّة العبور، وخطّة مواجهة احتمال الثغرة.
السؤال هو: كيف إذا حدثت الثغرة رغم وجود خطّة لاحتوائها وتدميرها، وإحباط خطّة العدة التي كانت ستباغت جيش العبور، وقياداته العسكريّة؟!
في الحلقة السابعة من برنامج الإعلامي أحمد منصور مع السيدة جيهان السادات، شاهد على العصر، استفزها بالحديث عن الثغرة، فلم تجد جوابا سوى الرّد بعصبيّة: حدثت الثغرة أو لم تحدث الثغرة، المهم السادات رجّع أرضه والا لأ؟!
لأ ..حدثت الثغرة، وحوصر الجيش المصري بعد العبور، ولم تنفّذ الخطة التي وقّع عليها جمال عبد الناصر، والتفّ السادات على قادة الجيش المصري وفي مقدمته القائد الفريق الشاذلي!
هنا بدأت عملية اغتيال (الناصريّة) وانتصارها الموعود، وارتهنت مصر في يّد أمريكا، ومن بعد جاءت زيارة (القدس)..و..كامب ديفد، وتصفية دور مصر، ومنجزاتها داخليّا وخارجيّا، وإخراجها من دورها العربي!
هنا نستذكر المقولة التي أوردها الأستاذ هيكل على لسان الشهيد(أبو إياد)، في الذكرى الأربعين لرحيل جمال عبد الناصر: بعض المصائب تصغر مع الأيّام، وبعضها تكبر وتكبر...
انظروا إلى مصيبة الأمة التي تكبر وتكبر مع الأيّام!
كل فرد سيموت، كائنا من كان، وعبد الناصر لم يكن ليخلد في الحياة، ولكن المصيبة انه كفرد رحل، فانقلب على منجزاته من جاء بعده، جاء من دمّر المشروع التحرري النهضوي المقاوم...
ناصر كان صاحب مشروع لأمّة، ولم يكن حاكما شغله التوريث والثراء!
نحن نفتقدك يا سيادة الرئيس، ونفتقد مصر، ودورها، وعظمتها التي كانت تفيض بها على الأمة، وتغذيها بالانتماء للأمّة، وحمل قضاياها، وهمومها، ورفع راية حريتها.
نحن نفتقدك، ونعرف من سرقوا ثورة يوليو، وانحرفوا بها، وباعوا المنجزات، وتركوا وحوش الفساد تغّب في لحم مصر، وتشرب دم أبنائها، وتمتّص عافيتهم.
نحن نفتقدك ونحن نعيش في زمن قبضايات يُسمسرون، لا يحمون حاراتهم، بل يؤجرونها لكل من يدفع لهم، فهم (حاميها حراميها)!
نحن نفتقدك، ووفاءُ لن نتخلّى عن عروبة فلسطين، فلسنا مع دولة في حدود ال67، ففلسطين ستبقى عربية.
أنت يا سيادة الرئيس رأيت في العبور بداية لهزيمة المشروع الصهيوني، وتحطيما لغطرسته، فهزيمة واحدة كبيرة ستفقده دوره، وستنهي أحلامه بالتوسّع والبقاء.
نفتقدك يا سيادة الرئيس في زمن الخنوع، والجهل، وتنطّع الصغار للقيادة بلا مقومات، ولا كبرياء، ولا رؤية.
أربعون عاما مضت على رحيلك، وها أنت تطّل علينا لتلهمنا أن لا تنال الهزيمة من أرواحنا، وأن لا نيأس في زمن السقوط، ففي مثل هذا الزمن تظهر معادن الرجال، كما كنت تردد.
ليرحمك الله، وليرحم الله أمتنا ممّن يكيدون بها من داخلها، فهؤلاء أضعفوا الأمّة وجعلوها فريسة لكّل أعدائها، وهم من نفّذوا جريمة الاغتيال الكبرى!







آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 10-05-2010, 02:41 AM رقم المشاركة : 304
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو

لا يُذْكَر اسم جمال عبد الناصر ـ حين يُذْكَر ـ إلا مقترناً بقيمٍ ومبادئ وإنجازات عند مَن شايَعُوهُ، وانتصروا لمشروعه السياسي، واعتنقوا خياراته، وقَرَّ في نفوسهم أنها وحدها الخيارات التي تفتح أمام مِصْرَ والعرب أفقاً، وتأخذهم إلى سبيل النهضة والتقدُّم. ولا يُذْكَر اسمه ـ عند من ناصبوهُ الخصومة وعالنُوا مشروعَهُ الاعتراض ـ إلاّ مقترناً بنعوت الذَّمِّ لعهده والقدْح فيه، وافتراض العهد ذاك مثالاً مرجعياً للتجارب التي تقيم الحكم على مقتضى التسلّط والشعبوية والبيروقراطية كالتي قامت في البلاد العربية أو التي قد تقوم فيها. عبد الناصر عند الأوّلين هو البطل القوميّ ذو الشخصية الكاريزمية الساحرة الذي يرمزُ اسمُه للكرامة ولمشروعٍ تاريخيّ مترامي الأطراف والأهداف (التنمية الوطنية المستقلة القائمة على التصنيع والإصلاح الزراعي والتأميمات وسياسات التخطيط المركزي، والعدالة الاجتماعية القائمة على إعادة تحديد الملكية العقارية وإعادة توزيع الثروة ومحاربة الفوارق الطبقية وإنصاف الكادحين في حقوقهم، ومواجهة المشروع الصهيوني ونصرة شعب فلسطين من أجل تحرير وطنه المغتصب، والاشتباك مع السياسات والأحلاف الامبريالية في البلاد العربية ودعم حركات التحرُّر الوطني الاستقلالية فيها، والنضال من أجل الوحدة العربية وخوض تجربتها جزئياً، والانتظام في خط حركة التحرّر العالمية من طريق المشاركة في تأسيس سياسة الحياد الإيجابي ومنظومتها العالمية...الخ). وهو عند المعارضين حاكمٌ متسلّط؛ انتهك الديموقراطية وحقوق الإنسان وزجَّ بمعارضيه (الإسلاميين والشيوعيين) في السجون، ومكَّنَ الدولة من السيطرة على الاقتصاد، وخسر الوحدة مع سورية، وقاد جيشه إلى الهزيمة في حرب 1967، وأطلق أيدي الأجهزة الأمنية في الحريات والمؤسسات.
صورتان للرجلِ على طرفَيْ نقيض، رافقتاه طيلة عهده في خمسينيات القرن الماضي وستينياته، واستمرَّتا في الذيوع والتجاذب طيلة الأربعين عاماً الأخيرة بعد رحيله. لم يَنْسَهُ الذين ناصروهُ وكانوا في جملة حزبه وشيعته، ولم يبرحوا يعتقدون أن مشروعه معاصر ومستقبليّ.





هل هي ازدواجية في الوعي العربي القارئ في شخصية عبد الناصر ومشروعه أم إنها (= ازدواجية) في صلب مشروعه؛ ينطوي عليها وتتجاذبه؟

تنتمي هذه الازدواجية إلى مشروع عبد الناصر بمقدار ما تنتمي إلى الوعي العربي القارئ في مشروعه. ولكن بينما هي تذهب في الحدّة والتقاطب إلى حدّ التضادّ والتلاغي بين رؤيتين وقراءتين في الوعي العربي، لا تعرف في مشروع عبد الناصر وتجربته تلك الدرجة الحادة من التناقض الذي تنطوي عليه هاتان الرؤيتان. بين النظرة التبجيلية إليه عند بعضٍ وشَيْطَنَةِ صورته عند بعض آخر مساحةٌ من الحقائق لم يلتقطها هؤلاء وأولئك. لم يكن عبد الناصر ملاكاً ولا كائناً خارقاً لنواميس البشريّ معصوماً من ارتكاب الأخطاء. وهو ما كان ـ في المقابل ـ حاكماً سيئاً يستحق من خصومه كل ذلك السّيْل من عبارات الاتهام والقَدْح والتشنيع. كان قائداً سياسياً وتاريخياً يصيب ويُخْطئ، ينجح ويُخفق مثل الذين يشبهونه من القادة الكبار في التاريخ الإنساني. قد تكون مكتسباته أعظم من هناته، وهي قطعاً أعظم، لكن الأخطاء التي فرضَتْها عليه ظروفُ عصره وثقافةًُ ذلك العصر لم تكن نتائجُها محايدة على مشروعه ومستقبل ذلك المشروع بعد رحيله.
إنصاف عبد الناصر لا يكون بغير قراءة مشروعه في سياق الجدلية التاريخية التي حكَمَتْه: جدلية النجاح والإخفاق، وهي جدلية موضوعية في تاريخ السياسة وفي تاريخ الاجتماع الإنساني. لم يخطئ مناصروه حين ذكروا له فضْل ما فعل وأنجز في ميادين التنمية والعدالة الاجتماعية والتحرر الوطني والاستقلال القومي والتوحيد...الخ، لكنهم أخطأوا ـ قطعاً ـ حين جرّبوا السكوت عمّا كان في مشروعه التاريخي الكبير من وجوه القصور التي نالت كثيراً من بريقه، ومن فرص استمراره بعد رحيل القائد الذي أطلقه. ولم يخطئ معارضوه حين توقفوا طويلاً أمام أوضاع الحريات السياسية في عهده وشنعوا على سلطان الأجهزة الأمنية المطلق، لكنهم أخطأوا حين لم يروا من عهده سوى الصدام مع «الإخوان المسلمين» والشيوعيين وأعرضوا عن رؤية إنجازاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة. وليس للمرء، في مثل هذه الحال من الانتقاء والاختزال، سوى أن يدعو إلى تحرير عبد الناصر من الحبّ الأعمى له ومن الحقد الأسود عليه، فَهُمَا ـ وإنِ اختلفا ـ سواءٌ في الإساءة له، طبعاً مع حفظ الفارق بينهما في درجة الإساءة المرتكبة: فليس من أحيا كمن قتل.
لسنا في معْرض التقديس أو التبجيل حين نقول إن عهد عبد الناصر عهدٌ استثنائيٌّ في تاريخ العرب الحديث استثنائيةَ الرجل الذي صنعه ورمز له، ولعله يكون آخر عهدٍ وفرصةٍ لهم ـ في هذا التاريخ ـ يكونون بهما على قَدْرِ ما أرادوا أن يكونوا. إن شئنا الاحتراس أكثر، قلنا: لعله آخر عهدٍ لهم قبل زمنٍ يطول قطعاً، قبل أن يأزف بعهد كرامةٍ شبيه. عبد الناصر، كشخص، من طينة القادة التاريخيين الكبار، وهؤلاء لا يولدون دائماً ولا يتوفرون في كل الظروف والأوقات. ولحظتُه التاريخية لحظةٌ خاصة: لحظة مدّ حركات التحرر الوطني في قارات العالم الثلاث، ولحظة التوازن الدولي بين قطبين ومعسكرين. وهذه لحظة لا تتكرر دائماً. وحين تجتمع مَلَكَاتُ الفرد وممكنات اللحظة التاريخية، كما اجتمعا في مشروع الناصرية وعهدها، فذلك من المغانم التي لا يغنمها البشر دائماً. لذلك استطاع عبد الناصر ـ في بحر عقد ونصف ـ ما لم يستطعه غيرُه في عقود في العالم المعاصر، والذين أدمنوا على القَدْح في مشروعه وعهده، باسم الحريات السياسية والاقتصادية، ينسون أن ما بعد الناصرية كان عصر تلك «الحريات»، التي أنتجت أشدّ أنواع العبث بالسياسة: من تفريخ برلمانات مزوّرة التمثيل حتى مأْسَسَة الاستبداد وتحويل الجمهوريات إلى ملكيات، والتي أنتجت أشدّ أنواع العدوان على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للشعب باسم «الاقتصاد الحر» أعلى أشكال الفساد الاقتصادي والمالي. دعْكَ من أن صاحب ذلك العهد المجنيّ عليه عاشَ في شقّة ومات في شقة، ولم يَرِث أهلُه من عهده غير الذكر الطيب لعهده.
لسنا أيضاً في معرض القدْح والتشنيع حين نقول إن نقطة ضعف مشروعه هي الديموقراطية، بل لعلّها مكان المقْتَل منه الذي أودَى به بعد رحيل قائده. لنا أن نقول هنا من باب الاستدراك ـ وهو قولٌ مشروع ـ إنّ ما يشفع للرجل قليلاً أن الديموقراطية حينها ما كانت ثقافة عصره، على الأقل في بيئة الحركات الوطنية والتقدمية في العالم، وأن مؤاخذته على ذلك أشبه بمؤاخذة قادةٍ كبار يشبهونه مثل لينين وماوتسي تونع وفيديل كاسترو والماريشال تيتو وهوشي منه، وأنها مؤاخذة لا تنال من عظمة مشروعه كما لم تنل من عظمة مشروع أيّ من هؤلاء. وفي الاستدراك ما يسمح بالقول ـ أيضاً ـ إن محاكمة مشروعه من مدخل الديموقراطية يشبه أن يكون إسقاطاً تاريخياً غيرَ مبرَّر نفكّر فيه في الماضي بأفكار الحاضر ومفاهيمه التي هي نتاج زمن مختلف.
نعرف أن عبد الناصر انتبه إلى فقْر مشروعه إلى هذه الفقرة المفصلية فيه (= الديموقراطية) على ما يفيدنا بذلك بيانه الشهير، بعد هزيمة 5 حزيران 67، الذي عُرف باسم «بيان مارس»، وأنه ـ من أسفٍ ـ ما تابع أمْرَ ذلك الانتباه فترجمه في إجراءات كانت ستُحصّن مكتسبات مشروعه في ما لو قيّض لها أن تشهد النور. والحاصل أن عدم إقامته مشروعَه على مقتضًى ديموقراطيٍّ ومؤسَّسي كان له الأثر الشديد في التمكين لخصومه من الإتيان على ذلك المشروع بمعاول الهدم من دون أن يجدوا أمامهم من يقيّد اندفاعاتهم من مؤسسات، فالرجل رَحَلَ ولم يترك خلفه مؤسسات تحمي ثورته ومكتسباتها، فبدا كما لو أن رحيله رحيلٌ للعهد كلِّهِ والمشروع. تلك مشكلة شخصنة السلطة والكاريزما السياسية: تكون ضمانةً للإنجاز في لحظة، وتصبح في أخرى عبئاً ثقيلاً.
أربعون عاماً مرّت على رحيل قائدٍ تاريخيّ استثنائي ظهر فجأةً على مسرح التاريخ ورحل فجأة منه، ولكنه لم يخْتَف لأننا نتذكره؛ نتذكره حين ننهزم، ونتذكره حين ننتصر، ونتذكره حين نعيش الزمن الفاصل بين اللحظتين.







آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 10-05-2010, 05:53 PM رقم المشاركة : 305
معلومات العضو
اميرة صدفة

الصورة الرمزية اميرة صدفة

إحصائية العضو







اميرة صدفة غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو

طرح راائع ومجهود بلا حدود

يعطيك العافيه

مرمريه

عاشت الايادي

هنيئا لنا بكِ






آخر مواضيعي 0 ملابــس صيفـية للشباب
0 موت الفجأة.. الرحيل بلا مقدمات
0 تقرير كامل عن حب الشباب
0 كيف نصنع المستقبل للمعاق وذوي الاحتياجات الخاصة
0 برنامج سكاي هاي للمعاقين
رد مع اقتباس
قديم 10-07-2010, 12:31 AM رقم المشاركة : 306
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو

تسلمى مورا







آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:01 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator