يستقبل أهل دمشق شهر رمضان الكريم بالزينات والأنوار حيث تتلألأ الأضواء في أشهر سوق من أسواق دمشق القديمة "سوق الحميدية" وتزدان حواريها وشوارعها بالزينات احتفالاً بقدوم شهر رمضان الكريم.. ويسارع بعض أهل دمشق بتعليق الزينات والأعلام والآيات القرآنية على أبواب البيوت والحوانيت منتظرين نبأ إثبات رؤية الهلال، فإن ثبت تنار المساجد وتُضرب المدافع إيذانًا ببدء الصيام، ويقبل الناس بعضهم على بعض للتهنئة والمباركة..
شخص ما يعلم أنه ليلتها لن ينام وأن عليه إعداد أدواته للخروج بها إلى عمله الذي يبدأ مع أول يوم من رمضان وينتهي مع نهايته، عادة قديمة كان الدمشقيون يحتاجونها حيث لم يكن هناك وسيلة لإيقاظهم لتناول السحور، والآن ومع كل التطور الموجود في عصرنا وتنوع وسائل الإيقاظ من منبه وتلفاز وهاتف وجوال إلا أن المسحراتي مازال يقوم بهذه المهمة وينتظر الناس سماع صوت طبلته ويطربون لصوته وهو يردد:" يا نايم وحد الدايم.. رمضان كريم..
يقول الكاتب ماجد اللحام عن المسحر في كتابه "دمشق في نصف قرن": المسحّر هو الرجل المميز في رمضان، وينحصر عمله في ذلك الشهر، فهو الذي يوقظ الناس للسحور. ولكل حي مسحر أو أكثر حسب مساحة الحي وكثرة سكانه.
يبدأ المسحر جولته قبل موعد الإمساك بساعتين، يحمل طبلته بحبل في رقبته فتتدلى إلى صدره، أو يحملها بيده، ويضرب عليها بعصا خاصة. وكان يرافقه شخص آخر يحمل الفانوس، لما كانت إنارة الشوارع محدودة. ثم اختفى الفانوس وبقي المسحر الذي يعرف أصحاب الدور، فيقف عند أبواب بعضهم ويصيح باسمه ليوقظه. ويردد أثناء تجواله بين الأزقة عبارات مختلفة تتناسب مع شهر رمضان منها: "يا نايم وحّد الدايم... يا نايم اذكر الله... يا نايم وحّد الله... قوموا على سحوركم..." كما يردد أحياناً المدائح النبوية.