مساء يوم 6 أكتوبر: المساعي الدبلوماسية تجري على قدم وساق
حرب أكتوبر من الوثائق السرية الأمريكية – الحلقة الثامنة
لا تختلف حرب 1973 عن أى حرب عربية إسرائيلية سيقتها ...
المساعى الديبلوماسية ... ودورها ... الذى يلعب أحيانا فى ساحة وضعت حدودها .... بل نتائجها قبل بداية اللعبة ....
يتبقى .... الكارت الأحمر ....
من سيطرد خارج الملعب ... من سيتم إنذاره ....
يحى الشاعر
المصدر
http://www.el-wasat.com/details.php?id=2758
يحى الشاعر
المصدر
حرب أكتوبر من الوثائق السرية الأمريكية – الحلقة الثامنة
في مساء يوم 6 أكتوبر 1973 ، وبرغم انشغال وزير الخارجية هنري كيسنجر الشديد بمتابعة أخبار القتال الذي اندلع في الشرق الأوسط واتصالاته العديدة بأطراف النزاع ، نجده يطلب مقابلة السفير الصيني في واشنطن. والصين في ذلك الحين كانت متعاطفة مع القضية العربية ، ولكن موقفها لم يكن مؤثرا. ولكن يبدو أن الأمريكان كانوا يرون الصين قوة عظمى صاعدة. إننا نرى التحسب والاهتمام بإقامة علاقات جيدة مع الصينيين خلال هذه الأزمة. ثمة ملاحظات أخرى:
• كرر كيسنجر عبارة "إننا لا نطالبكم بشئ" عشر مرات خلال المقابلة ، وكأنه بالفعل يطالب بشئ ، ألا وهو ألا تعارض الصين – فيما بعد – رغبة واشنطن بإيقاف النار وعودة القوات إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الحرب. خاصة بعد تأكيدات كيسنجر بأنه واثق من هزيمة العرب ، وأنهم بعد أيام قليلة سيتوسلون إليه أن يتم ما يطالب هو به الآن.
• كان انفتاح الصين على العالم في 1973 محدودا ، ولذلك نرى السفير الصيني ليست لديه الحرية أن يقول كلمة واحدة أكثر من تأكيداته أن "موقف الصين شديد الوضوح".
• في غمرة دفاع كيسنجر عن الموقف الإسرائيلي وعدم استحقاق العرب أن يحتفظوا بأي مكاسب حققوها في بداية الحرب ، فاجأ السفير الصيني كيسنجر بسؤال بسيط وواضح: وماذا عن الأراضي العربية المحتلة منذ 1967؟ ، السؤال في بساطته ووضوحه ما زال معروضا بعد أكثر من أربعين سنة ، وإجابة كيسنجر ومراوغته ، ما زالت هي هي أيضا في السياسة الأمريكية.
• لم يتدخل برنت اشكروفت في المقابلة إلا بكلمة عابرة. لقد كان كيسنجر يمسك بزمام السياسة الخارجية الأمريكية بالكامل ، وكانت هيئة الأمن القومي تقوم بدور مساعد ومحدود.
صورة الوثيقة :
ترجمة الوثيقة :
البيت الأبيض
واشنطن
سري للغاية وحساس حصريا للمشاهدة فقط
مذكرة مقابلة.
الحضور : السفير "هوانج تشين " و "هان هيسو" نائب مدير مكتب التنسيق والمترجم " تشي تشي تشو".
وزير الخارجية " هري كسينجر ".
الجنرال " برنت شكروفت " مساعد الرئيس لشئون الأمن القومي.
"ونستون لورد " هيئة الأمن القومي.
التاريخ والوقت : السبت 6 أكتوبر 1973 9.10 إلى 9.30 مساءاً.
المكان : مكتب " كسينجر" في البيت الأبيض.
( تأخر الاجتماع 25 دقيقة بسبب مكالمات هاتفية " لـ كسينجر ") و"نستون " لورد والمجموعة الصينية أخذوا حواراً جانبياً في صالة الانتظار.
كسينجر : سيدي السفير ليس عندي شئ خاص لك ، لقد تصورت حيث أننا على اتصال بالسوفيت وبمصر أنه يجب إبلاغكم بموقفنا. لقد دار حديث جيد جداً بيني وبين نائب وزير الخارجية الصيني الأسبوع الماضي ولذلك رأيت إطلاعكم على موقفنا ولن نطلب منكم أي شيء.
إنني أخذت في الاعتبار بشكل جدي طلب نائب وزير الخارجية الصيني الأسبوع الماضي بضرورة المحافظة على العلاقات الجيدة مع الدول العربية ولقد أعطيت وقتاً طويلاً للدول العربية في نيويورك.
إننا دائماً أمناء معكم ، دعني أخبركم بأهدافنا ومن ثم نناقش التفاصيل.
قال " كسينجر " وهو ينظر إلى الجنرال " شكروفت "
الشرق الأوسط هو المكان الوحيد في العالم الذي تستطيع أن تحلق فوقه طائرتنا.
شكروفت: عندهم هناك سماء صافية وشمس ساطعة.
كسينجر: دائما ما أقول للجنرال إنه قائد جوي في الأجواء الجيدة فقط. إنهم لا يستطيعون التحليق في المطر ( ضحك ). إن هدفنا الاستراتيجي هو منع السوفيت من موقع مستقر في الشرق الأوسط. هذا هو هدفنا الأساسي ، أما إسرائيل فهدف ثانوي وشأنها عاطفي يتعلق بمشاكلنا الداخلية. إن هدفنا دائماً إثبات أن من يلجأ إلى السوفيت لن يستطيع أن يحقق أهدافه مهما كانت. هل تذكر أنني في عام 1970 صرحت علانية أننا نريد طرد القوات السوفيتيه من الشرق الأوسط وتعرضت في حينها للانتقاد ، ولكننا نجحنا في ذلك.
هدفنا الثاني السياسي في هذه الأزمة أن نمنع أي دولة أن تهاجم دولة أخر ى ثم تطالب بوقف إطلاق النار لتحتفظ بالأراضي التي حصلت عليها مستغلة بذلك الخلافات الدولية. لذلك نحن نطالب بعودة القوات إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الحرب.
السفير هوانج : قبل أي حرب تقصد 1967 أم 1973 ؟.
كسينجر : أقصد القتال اليوم وغداً. العرب يظنون أن هذا ليس في صالحهم وأننا نطالبهم بأن يتخلوا عن المكاسب التي حققوها ولكن بحلول يوم الثلاثاء أو الأربعاء إذا لم تنته الحرب سيأتي العرب ويتوسلون إلينا أن تعود القوات إلى ما كانت عليه. في خلال 72 إلى 96 ساعة سينهزم العرب تماما ويجب أن نفكر في هذا الوضع لا أن نفكر في وضعنا اليوم بعد أن كسبوا بعض المواقع.
إنني لا أطالب الجانب الصيني بأي شيء، إنني أوضح الطريقة التي نفكر بها.
السفير هوانج : إننا لا نستطيع أن نفعل أي شيء.
كسينجر : أنا لا أطالبكم بفعل أي شيء. لقد رأيت أن يتعرف رئيس وزرائكم ونائبه على تطور الأحداث. ما أريد أن أقوله أننا نؤيد الرجوع إلى وقف إطلاق النار وسنقوله لاحقا عندما تقتحم إسرائيل الأراضي السورية.
السفير هوانج : وماذا عن الأرض العربية التي احتلتها إسرائيل قبل هذا ؟
هنري كيسنجر : كنت سأغطي هذه النقطة الآن ( السفير هوانج يضحك ) ، لقد قلت لك سيدي السفير إنني متوسط الذكاء بالمعايير الصينية.
السفير هوانج : لا ، لا يمكننا ان نقول هذا ( ضحك ) لأننا موقفنا واضح جداً بالنسبة للشرق الأوسط وقد شرح هذا نائب وزير الخارجية ولا حاجه للزيادة عليه.
كيسنجر : لقد أجريت محادثات جيده معه. إنكم محظوظون لأننا لا نطالبكم بشئ هذه مجرد معلومات لرئيس وزرائكم.
السفير هوانج :سأكون سعيداً بإبلاغهم
كسينجر : هذا كل ما أريده. إنها فقط روح التفاهم في علاقتنا بحيث نعرف كيف يفكر كل منا وسنكون سعداء لتلقي أي تعليقات لكننا لا نطلبها طلبا.
السفير هوانج : انا لا أريد أن أعلق بشئ لأن موقفنا واضح بالفعل.
كيسنجر : أنا لا أطلب منك أي شئ. الآن بالنسبة للمشكلة الأخيرة التي ذكرتها بخصوص الأراضي العربية فإنني كما رأيت قد أجريت عدة محادثات مع الزعماء العرب في نيويورك. لقد اتفقت أنا ووزير الخارجية المصري في نهاية نوفمبر أن محادثاتنا ينبغي أن تستمر بعد الانتخابات الإسرائيلية. إننا نعتقد عندما تتطور المحادثات أن ننأى بأنفسنا عن وجهة النظر الإسرائيلية إلى حد ما. ولكن وحتى نستطيع ان نفعل ذلك لابد أن نعد الإسرائيلين أنهم إذا هوجموا سنوفر لهم الحماية. إن السبيل الوحيد لإقناعهم بالإنسحاب من الأراضي المحتلة هو أن نقدم لهم ضمانات بالحدود الجديده بعد التسوية السلمية.
وهذا ما نحن فيه الآن وهذه هي المبادئ التي تحدد سياستنا. سنحاول الوصول إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى الأوضاع التي كانت عليها ظهر اليوم قبل إندلاع الحرب. وأريد ان تكون على ثقة بأن إسرائيل قادرة على أن تعيد الأوضاع كما كانت عليه وسيحدث هذا خلال 72 إلى 96 ساعة بكل تأكيد. ولكن أردت فقط ان أشرح إستراتيجيتنا الأساسية وأن نوضح لكم ذلك دون أن نطلب منكم أي دعم.
السفير هوانج : أهذا كل ما لديك.
كيسنجر : أومأ برأسه أي نعم.
كيسنجر : إننا نعمل من خلال روح التفاهم مع نائب وزير الخارجية هذا الأسبوع لأنه كان متعاوناً بإبداء بعض الملاحظات عن الشرق الأوسط وأتفق معه في أكثر هذه الملاحظات.
السفير هوانج : سأبلغه الليلة بهذا الكلام.
كيسنجر : طبعاً هذا كل ما هنالك. ومعذرة أنني غيرت موعد اللقاء ولكن كان لديّ سلسلة من الإجتماعات وبعض الوزراء الخارجية العرب الذين تحدثت إليهم لم تكن عندهم نفس دقة المواعيد كأصدقائنا الصينيين ( ضحك )
السفير هوانج :لابأس بهذا ، أعرف كم هي مشاغلكم الآن.
كيسنجر : سنتناول الغذاء سوياً يوم الخميس في وزارة الخارجية.
السفير هوانج : نعم وشكراً جزيلاً. إننا نتطلع إلى هذا اللقاء أعرف انك ناقشت أشياء كثيرة مع نائب وزير خارجيتنا.
كيسنجر : نعم كان إجتماعاً جيداً جداً.
السفير هوانج : وبالنسبة للوضع في الشرق الأوسط فقد وضح نائب الوزير موقفنا تماماً.
كيسنجر : نعم كانت هذه محادثات مريحة جداً. إننا لا نطالب الصينين بشئ إننا فقط أردنا أن تعرفوا كيف نفكر كما إنني أشعر بالوحدة إذا لم أر أي شخص صيني خلال 48 ساعة ( ضحك ).