أجابها هازئا :
" سيرحب الكثيرون بمساعدتك ".
صاحت ستاسي :
" يا لتفكيرك المنحط!"
ثم قفزت واقفة وقد نسيت عضلاتها المنهكة . وصعد الدم ثائرا إلي وجهها وهي تنتظر أن يقف كورد أمامها . ثم أضافت:
" لا أعلم أي نوع من النساء يتعاملن معك , ولكني أؤكد لك أنني مختلفة عنهن ".
وعلا صوتها وهي تجاهد السيطرة علي نفسها .قائلة:
" لست مضطرة لسماع مثل هذه التلميحات من أي رجل!"
أمسك كورد بذراعها ليمنعها من الهرب منه . وقفت ستاسي وهي ترتعش بدون أن تحاول الإفلات من قبضته الحديدية أو تدير وجهها لتري عينيه الداكنتين الباردتين .
سألها وهو يهمس هازئا :
" هل تأملين أن يأتي أحد فرسانك لنجدتك؟"
لم تستطع الإجابة ,وقفت بدون حركة , وأخيرا سمعت صوت تنهيدة تفلت من شفتيه في نفس اللحظة التي ترك فيها ذراعها . وقال كورد بهدوء :
" أعتقد انه من المناسب أن أعتذر . لذلك أعتذر عن التلميحات التي صدرت مني , وسأرتب لبياتك هنا الليلة"
لم تواجهه ستاسي حتى بعد هذا الحديث , فقد امتلأت عيناها بدموع المهانة والألم الساخنة , بينما شعرت بيديه تلمسان كتفيها وهو يديرها لتواجهه. ووضع يده الكبيرة علي ذقنها برقة مدهشة بينما أخفت قبعته الكبيرة تعبيرات وجهه . جاء صوته العميق المألوف"
"أعتقد أن كلا منا متعب ومتوتر . عليك الحصول علي نوم مريح".
وبهدوء استدار ورحل . شعرت بالفراغ وبرد الليل يلفح وجهها وكتفيها حيث لمستها يداه منذ لحظة , واختف\ي كورد تارك ستاسي تتأمل الظلام خلفه . وعادت وهي متشككة في مشاعرها إلي النار والرجال الصامتين حولها .
وجاءها جيم كونورز من وراء احدي الشاحنات , ومعه فراش وبطانية . رمق وجهها بعينيه العسليتين اللامعتين متسائلا , ولكن ستاسي أخذت منه الفراش وهي تشكره بهدوء . ومشت إلي الجانب الآخر من النار . أخذت ترقب بغباء العمال وهم يحملون الجياد في الشحنات و يبدءون في الحركة . وبصورة لا إرادية أخذت تبحث عن كورد بين الرجال الواقفين , وأذناها تنصتان للحديث الهادئ حتى تسمع صوته , ولكن بدون جدوى.
وغطت نفسها علي فراشها , وراحت تحدق في السماء الزرقاء الداكنة فوقها ,تنتابها مشاعر متباينة , الألم , الغضب , المهانة , الاستياء . وفوق كل هذا العجب والحيرة لشأن هذا الكورد هاريس الذي لا تستطيع التنبؤ بتصرفاته . وأخيرا شد انتباهها إرهاق عضلاتها واستغرقت في النوم بالرغم من خشونة الأرض وبرودة الهواء.
كانت متأكدة من أنها نامت لتوها عندما شعرت بيد تهز كتفها برقة. فتحت عينيها علي السماء المضاءة بالنجوم. كان من الصعب على ستاسي رؤية الشخص الواقف بجانبها في هذا الظلام . ظنته في أول الأمر كورد، ولكنها تعرفت علي قوام جيم كونورز.
" لقد حان موعد الاستيقاظ ".
تمتمت وقد غلبها صوت النعاس:
" مازال الظلام حالكا؟"
أجابها راعي البقر الشاب بخفة:
" الساعة ألان الرابعة. إننا نستيقظ مبكرا هنا . وطعام الإفطار علي وشك الأعداد. يحسن أن تغتسلي".
بعد ذلك بلحظة واحدة ذهب . قامت ستاسي متألمة من فراشها وكل عضلاتها تصرخ فيها ألا تتحرك. كان كل ما استطاعته هو أن تقف. مشت وعضلاتها متصلبة إلى حوض الماء الساخن. حمدت الله وهي ترش وجهها بالماء مستمتعة بإحساس النظافة في جلدها واستيقظت تماما وراحت تنظر حول المعسكر باهتمام
شاهدت ستاسي شاحنات الجياد وهي تقترب محملا بحياد جديدة للعمل هذا النهار. كانت ستاسي تأكل إفطارا هائلا احضره لها جيم ، وما أن فرغ جيم من إفطاره حتى عرض عليها أن يحضر لها حصانا . وعاد بعد بضع دقائق يقود حصانا كبيرا وأخر اصغر حجما. وبسرعة أنهت ستاسي أخر كعكاتها , وحملت الطبق والكوب إلى سيارة الست يشن . وعندما عادت إلى راع البقر كان العديد من الركاب قد ذهبوا. وانضم إليهم هانك راكبا حصانه.