أيُّها الأخُ الحبيب ..
أيتها الأختُ المُباركة ..
حسبُكم أن تكونوا مُنفردين في هـذا الكـون ، فإنَّكم تسيرون في طريق الأنبياء ، ولو وجدتم من المشقة ما لا يعلمه إلاَّ الله ، فحسبُكم أنَّكم تسيرون في طريق الأنبياء ، وهو طريقٌ طويلٌ شاقّ ، ولكنَّ عاقبتَه محمودة ، لأنَّكَ ستنسى كُلَّ شقاءٍ مع أول غمسةٍ في جنة الرَّحمَنِ جل وعلا .
بل وأخيـرًا تدبَّـر معي _ أيُّها الأخُ الحبيب _ أجـرَ الغُرباءِ في زمن الغُربة ، تدبَّـر معي ما قاله النبىُّ _ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم _ ، قال : (( بـدأ الإسلامُ غريبًا وسيعودُ غريبًا كما بـدأ ، فطُوبَى للغُرباء )) ، لَمَّا سُئِلَ النبىُّ عن طُوبَى كما في مُسند الإمام أحمد بسندٍ صحيح ، قال : (( طُوبَى شجرةٌ في الجنَّة يسيرُ الرَّاكِبُ المُسرِع تحت ظِلِّها مائةَ عامٍ لا يقطعها )) .. بل وعند الترمذىِّ بسندٍ صحيح أنَّ النبىَّ _ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم _ قال : (( يأتي على الناس زمانٌ الصَّابِرُ فيهم على دينهٍ كالقابِضِ على الجَمْـر )) ..
انظر لأجـر الغُرباء .. وعند الطبرانىِّ في الكبير بسندٍ صحيح أنَّ النبىَّ _ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم _ قال : (( إنَّ مِن ورائكم زمانُ صَبْر ، للمُتَمَسِّكِ فيه أجـرُ خمسينَ شهيدًا منكم )) أى من زمن الصحابة .
ولـذا علَّقَ الحافِظُ ابنُ حَجَر في فتح الباري على هـذا الحديث ، وقال : ‹‹ وليس معنى زيادة الأجـر زيادة الأفضلية ›› .
فكثيرٌ مِن الناسِ لَمَّا أراد أن يدفعَ تلك الغُربة ، ما كان منه إلَّا أنْ انسلخ مِن دينه كُلاً وجُزءًا ، وكَمَّاً وكيفًا ، مِن أجل إرضاءِ الناس مِن حوله ، حتى يعيشَ سالِمًا مُعافىً في تلك الدُّنيا التي لا تُساوي عند الله جناحَ بعوضة .