1-2-IV المطلب الأول: الإنحراف المعياري:
يأخذ الإنحراف المعياري في الحسبان كافة التدفقات النقدية وكذا احتمال حدوثها، وهو يقيس القيم عن وسطها الحسابي، ويعتبر الإنحراف المعياري مقياسًا كميًا مطلقًا للتشتت (أو المخاطر) التي ينطوي عليها الإقتراح الإستثماري، ويحسب بالبحث عن الجذر التربيعي لمجموعة مربعات إنحراف القيم (أي مفردات التدفقات النقدية) عند وسطها الحسابي، وذلك بإستخدام العلاقة:
δ = √ Σt=nt=1 ( Pvt - Pv )2. Pt
حيث: δ: يعبر عن الإنحراف المعياري.
Pvt: التدفق النقدي المتوقع لكل حدث.
Pv: القيمة المتوقعة.
n : عدد الأحداث المتوقعة.
Pt: إحتمال تحقق الحدث المتوقع.
وبالرجوع إلى المثال الموضح في الجدول السابق، نحسب الإنحراف المعياري لكل بديل:
δ1 = √ 0,2 (800 – 1000)2 + 0,6 (1000 – 1000)2 + 0,2 (1200 – 1000)2
= 126,5 DA.
δ2 = √ 0,2 (0 – 1000)2 + 0,6 (1000 – 1000)2 + 0,2 (2000 – 1000)2
= 632,5 DA.
ولتسيير عملية الحساب السابق وضعنا الجدول التالي:
الظروف الإقتصادية (1) التدفق النقدي لكل حدث Pvt (2) القيمة المتوقعة PV (3) إنحراف كل قيمة
(Pvt – Pv)
(4) مربع الإنحرافات (5) إحتمال كل حدث (6) التباين
(7)=6×5 الإنحراف المعياري
(=√(7)
البديل الأول
إنكماش
إستقرار
رواج
البديل الثاني
إنكماش
إستقرار
رواج
800
1000
1200
0
1000
2000
1000
1000
1000
1000
1000
1000
- 200
0
200
-1000
0
1000
40000
0
40000
1000000
0
1000000
0,2
0,6
0,2
0,2
0,6
0,2
8000
0
8000
Σ = δ2
=16000
200000
0
200000
Σ=400000
δ = √ 16000
= 126,5
δ=√ 400000
= 632,5
وحيث أن الإنحراف المعياري للبديل الأول أقل من الإنحراف المعياري للبديل الثاني:
δ1 < δ2 أي أن درجة تشتت التوزيع الإحتمالي للبديل الأول أقل، فهو إذن يتعرض لدرجة أقل من الخطر، وبناءً على ذلك يفضل إختياره.
إن هذا المعيار (δ) لا يعتبر مقياسًا سليمًا للخطر في كل الحالات فهو يصلح أساسًا في حالة تساوي التدفقات النقدية المتوقعة للبدائل المقترحة، أما إذا اختلفت هذه القيمة فنجد أن الإنحراف المعياري قد يؤدي إلى نتائج مضللة، فضلاً عن أننا قد نواجه في بعض الحالات تساوي الإنحراف المعياري فكيف تتم إذن المفاضلة ؟‼ لذا يمكن تجنب هذا القصور بإستخدام مقياس آخر يطلق عليه معامل الإختلاف.
-2-2-IV المطلب الثاني: معامل الإختلاف: Coefficient of variation
يعتبر معامل الإختلاف مقياساً نسبياً للتشتت أو المخاطر ويتم حسابه بقسمة الإنحراف المعياري على الوسط الحسابي المدى (أي القيمة المتوقعة) لنفس التوزيع الإحتمالي ويمكن حسابه بالصيغة:
Cv =
ففي المثال السابق تم قياس المخاطر بالانحراف المعياري حيث كان التدفق النقدي المتوقع للإقتراحات الإستثمارية متساوياً.
أما في حالة اختلاف هذا التدفق فمن المنتظر أن يؤدي كل من أسلوب (δ) و(Cv) إلى نتائج مختلفة بخصوص المخاطر، ولتوضيح ذلك نفترض أن هناك اقتراحين للإستثمار، يبلغ الإنحراف المعياري لتدفقاتهما النقدية: 300 د، 350 د، بينما القيمة المتوقعة لهذه التدفقات كانت: 1000د، 4000 د على التوالي، فطبقًا لمقياس الإنحراف المعياري يتضح لنا أن الإقتراح الأول أقل خطرا من الإقتراح الثاني (δ2 > δ1).
ومن هنا نجد من الصعب الادعاء بأن الإقتراح الأول يتعرض لمخاطر أقل من الإقتراح الثاني لمجرد كون δ1 يقل عند δ2 بمقدار 50ديناراً، وذلك عبر طرح التساؤل عماّ إذا كان الفرق المطلق في المخاطر (350د مقابل 300) يمكن تعويضه بالفرق المطلق في القيمة المتوقعة للتدفقات النقدية (4000 د مقابل 1000 د) أو بعبارة أخرى يمكن أن نتساءل هل تكفي الزيادة في القيمة المتوقعة للتدفقات النقدية وقدرها 3000 دينار لتعويض المستثمر عند مخاطر إضافية قدرها 50 ديناراً، وهنا نجد أن أسلوب معامل الإختلاف يمكننا من الإجابة على هذا التساؤل، لأنه يربط بين مخاطر كل اقتراح وقيمته المتوقعة، وبتطبيق (Cv) على مثالنا الحالي كمقياس للخطر تصبح النتائج كالآتي:
Cv1 = = 0,30
Cv2 = = 0,08
وهنا يتبين أن مخاطر الإقتراح الأول أصبحت أكبر من مخاطر الاقتراح الثاني (0.3 > 0.0.
والآن، وبعد أن تناولنا كيفية قياس درجة الخطر وبيان أهميتها كركن أساسي في عملية التقييم والمفاضلة بين الإقتراحات الإستثمارية ينبغي أن نتناول بالشرح كيفية إدخال هذا العنصر في عملية التقييم، وكما سنرى فإن هذا يتم إما بتعديل سعر الخصم الذي يستخدم في خصم التدفقات النقدية أو بتعديل التدفقات النقدية نفسها.
ولكن قبل التعرض لهذا الموضوع نود أن نشير إلى أن التحليل السابق افترض ضمنًا الآتي:
1- ثبات حجم أو درجة مخاطر الإقتراحات الاستثمارية والتي تقاس بمدى التقلب في تدفقاتها بمرور الزمن وهذا غير صحيح فهناك علاقة أساسية تربط الزمن بالخطر، فمن المعروف أن دقة التنبؤ بالتدفقات النقدية تنخفض كلما طالت الفترة الزمنية التي تتم خلالها هذه التدفقات وبالتالي تزداد درجة الخطورة المرتبطة بهذا التدفق. فمثلا لو افترضنا أن احتمالات حدوث الظروف الاقتصادية لن تتغير خلال العمر الإنتاجي للإقتراح الإستثماري، إلا أنه من المنتظر أن التدفقات النقدية للإقتراح الإستثماري تتقلب من سنة إلى أخرى مع مرور الزمن، وهذا يعني أن الإنحراف المعياري ومعامل الإختلاف يزداد مع الزمن، والشكل الموالي يوضح هذه العلاقة:
التدفقات النقدية
δ
القيمة المتوقعة Pv
δ
الزمن . . . . 10 5 1 0
يفترض هذا الشكل وجود اقتراح استثماري واحد تتحقق تدفقاته النقدية على فترات زمنية مختلفة، فكلما زادت الفترة الزمنية زاد مدى تشتت التدفقات النقدية، ويعبر الخطان المتقطعان عنة هذه الإنحرافات المرتبطة بكل تدفق تقدي يتحقق كل سنة من سنوات الإقتراح الإستثماري، بينما يعبر الخط المستقيم عن القيمة المتوقعة وهي نفسها الوسط الحسابي فحيث أن هذا الأخير ثابت لا يتغير بينما يزداد اتساع الخطين المتقطعين فهذا يعني أن الخطر (أي التشتت) يزداد بمرور الزمن.
2- أهملنا في التحليل السابق الأخذ بعين الإعتبار أثر قبول أي اقتراح استثماري على المخاطر الكلية للمنشأة، وذلك نظرًا للتركيز على قياس المخاطر التي ينطوي عليها كل إقتراح على حدى، فعند دراسة الخطر لأي إقتراح إستثماري معين فإنه من المفضل دراسة ما قد يترتب على قبول هذا الإقتراح وعلاقته بمخاطر الإقتراحات الإستثمارية القائمة أو المستقبلية. فقد يؤدي هذا إما إلى زيادة أو نقص المخاطر الكلية التي تتعرض لها المنشأة، وفي الواقع أن مخاطر الإستثمارات لا تتوقف فقط على ما ينطوي عليه الإقتراح الجديد بل على طبيعة العلاقة ومدى الإرتباط بين هذه الإقتراحات القائمة، وهنا يثار تساؤل مؤداه: ما طبيعة العلاقة ونوع الإرتباط الذي يجب أن يتميز به الإقتراح الإستثماري الذي إذا ما أضيف للإستثمارات القائمة فإنه يؤدي إلى تخفيض المخاطر الكلية ؟ والإجابة عن هذا السؤال تتطلب التعرض لدراسة أسلوب التنويع وأثره على الخطر، ونكتفي هنا قبل – قبل الدخول في تفاصيل هذا الأسلوب – بإستخلاص المفاهيم الأساسية للتنويع وذلك فيما يخص هذه النقطة في الآتي:
كما هو معروف فإن معامل الإرتباط يتراوح بين +1 وهو ما يطلق عليه إرتباط موجب كامل وبين -1 وهو ما يسمى بارتباط سالب كامل وفيما يتعلق بعلاقة إقتراح استثماري بالإستثمارات القائمة يمكن أن تأخذ هذه العلاقة واحدًا من ثلاثة:
أ ) وجود إرتباط سالب وكامل، وهذا يحدث عندما توجد علاقة عكسية بين التدفق النقدي للإستثمارات القائمة والتدفق النقدي للإقتراح الإستثماري، بمعنى أن زيادة العائد من الإقتراح الإستثماري يترتب عليه تخفيض العائد للإستثمار القائم، فإذا توافر عدد كبير من الإقتراحات التي تتميز بدرجة ارتباط كامل وسالب فإن التنويع في هذه الحالة يترتب عليه القضاء كلية على المخاطر الكلية للمنشأة، وهذا النوع نادرًا ما يوجد في الواقع العملي.
ب) أما إذا كان الإستثمار المقترح غير مرتبط بالإستثمارات القائمة فهذا يعني أن معامل الإرتباط مساوٍ للصفر، وهنا يؤدي التنويع إلى تخفيض الخطر بدرجة كبيرة إن لم يكن القضاء على المخاطر كلية في بعض الأحيان.
ج) أما إذا كانت هناك علاقة طردية بين الإقتراح والإستثمارات القائمة فإن معامل الإرتباط هنا يصبح +1 أي إرتباط كامل وموجب، فالتنويع في هذه الحالة لا يترتب عليه أي تخفيض في الخطر. ولذا يفضل إذا كان لا بد من إختيار هذا الإقتراح أن يكون الإرتباط الموجب غير كامل.
وبصورة عامة يمكن القول أن درجة الإرتباط هذه تعتمد على العوامل الإقتصادية وهي بدورها قابلة للتحليل وبالتالي فإن درجة تأثير التنويع على الخطر تتوقف على الظروف السائدة وعلى طبيعة الإستثمارات القائمة والمقترحة.
ونخلص من ذلك إلى أهمية أخذ معامل الإرتباط بالحسبان عند تقييم المقترحات الإستثمارية بجانب إستخدام الإنحراف المعياري أو معامل الإختلاف كمقياس للخطر.
وإذا تركنا أثر التنويع جانبًا يتعين علينا أن نتناول بالشرح كيفية إدخال عنصر الخطر في عملية التقييم، معتمدين على معامل الإختلاف، حيث أن هناك العديد من الأساليب في هذا المجال وسنقتصر على عرض أهمها.