العودة   شبكة صدفة > المنتديات الاسلاميه > المنتدى الاسلامى > الحج والعمرة

الحج والعمرة أخطاء في الحج , مدرسة الحج , معالم تاريخية , صفة الحج والعمرة , فقه الحج والعمرة , تعريف العمرة وحكمها , الإحرام للعمرة , دخول مكة والمسجد الحرام , طواف العمرة , سعي العمرة.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 10-05-2014, 05:30 PM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
طارق سرور

الصورة الرمزية طارق سرور

إحصائية العضو







طارق سرور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: حكمة الحج ومشاهده

اصطفاء الله للخليل وإسماعيل عليهما السلام
إن يوم عرفة إذا كان يوم جمعة كان أعظم أيام الدنيا كلها وهو اليوم الذي حج فيه الحبيب حجة الوداع ونزل عليه فيه تمام الخير للأمة والدين وخطب فيه الخطبة الجامعة التي هي قاموس لكل ما يحتاجه المسلم في دنياه وفي آخرته ورسوله أظهر الله به تعاليم الدين الحنيف وأسس به مناسك الحج على منهج إبراهيم وقد ورد أن رسول الله قال في شأنه{إذا كان يوم عرفة نزل الله إلى السماء الدنيا ونظر إلى خلقه فغفر لهم جميعاً فقالوا: يا رسول الله أهذا لنا خاصة فقال:بل هذا لكم وللناس من بعدي}[2]فمن وقف على عرفات غفر الله له الذنوب والزلات واستجاب له الدعوات وأحاطه بالرحمات ومن صام هذا اليوم وهو هنا غفر الله له ذنوب سنتين سنة ماضية وسنة آتية أما من أكرمه الله فذبح أضحية فإن الله يجعله كالواقف على عرفات في المغفرة والستر فإن الله يغفر له كل ذنب فعله عند أول قطرة تنزل من دمها ولذا فإن رسول الله قال لابنته{يَا فَاطِمَةُ قُومِي فَاشْهَدِي أُضْحِيَتَكِ فَإنَّ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا مَغْفِرَةً لِكُلِّ ذَنْبٍ}[3] فهو يوم المغفرة لنا وللمسلمين أجمعين نحمد الله على عطاياه ونشكره على نعمه وجدواه ونسألأه المزيد من جوده وكرمه ونفحات رياه حتى يتوفانا مسلمين ويلحقنا بالصالحين إن يوم عرفة الكريم جعله الله عبرة لكل مسلم وقدوة لكل مؤمن ونبراساَ لكل محسن فإن بعض المؤمنين ينتابهم الشك إذا تواردت عليهم بعض كوارث الزمن أو بعض نكبات الدنيا وربما يتقزز من ذلك وربما يعلن السخط والتمرد على ذلك فيرفع شكواه وربما وهذا هو الأشر يشكو إلى الملأ مولاه فيقول: لم يصنع الله بي كذا وأنا مسلم أصلي وأصوم لله؟ولم يبتليني الله بكذا وأنا موحد ومؤمن بالله؟ ألا يعلم أن ذلك كله سنة الله على أنبيائه ورسله يبتليهم ليرفع درجاتهم وليعلي شأنهم عنده فكلنا أعلنا الإسلام وكلنا أعلنا الإيمان ولابد لذلك من دليل وبرهان يراه ويطلع عليه الرحمن ومن هنا جاءت حكمة الابتلاء فلو كان الابتلاء سخطاً وغضباً من الله كما تصور بعض المسلمين لما ابتلى الله رسله وأنبيائه أجمعين لكنه كما قال في النبى{عن مُصْعَبِ بنِ سعد عن أبيه قالَ : يا رسولَ اللَّهِ، مَنْ أشدُّ الناسِ بَلاءً؟ قالَ: الأنبياءُ ثم الأَمْثَلُ فالأمثلُ }[4]ومن هنا كانت قصة الابتلاء لإبراهيم لزيادة الإيمان وقوة الإسلام لعباد الرحمن فانظروا معي إلى خليل الله عندما كان وحيداً في بلاد العراق وليس هناك مؤمن معه إلا ابن أخيه لوط وسارة والكل جاحد ومشرك بأنعم الله ويعبدون الأصنام وفي ليلة العيد يتوجهون إليها بالعبادة فأخذ فأسه وكسرها جميعاً ثم وضع الفأس على كبيرها فلما ذهبوا في صبيحة العيد إلى الأصنام وجدوها كلها منكسة على رؤوسها وقد تهدمت أجزاؤها فقالوا:من فعل هذا بألهتنا؟لايوجد إلا إبراهيم وجاءوا به وسألوه ولكن الله جعل له من عنده مخرجاً فقصة إبراهيم تتلخص في قوله{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}من يتق الله لو ضاقت به الحياة أو أحاط به جميع خلق الله يكيدون له كيداً فإن الله ينجيه بفضله من بينهم ويكشف عنه كل ضرر ينجيه من كل ضيق لأن الله تولى بعنايته ورحمته كل من يتقيه من خلقه وبريته فجمعوا قومهم أجمعين وعلى رأسهم النمروذ ملكهم وقال له زعمائهم جميعاً: من فعل هذا بآلهتنا؟ أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟ فرد عليهم وقال: بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون ويقصد بقوله إصبعه الأكبر الذي أشار به إلى الأصنام وظنوا أنه يقصد الصنم الأكبر فلم يكذب وإنما استخدم المعاريض التي يقول فيها النبى{إِنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً}[5] يعني مخرج من كل ضيق ينجي به الله أسلافنا على خلق ودين فقال لهم إنما فعله كبيرهم وهو يشير بيده إلى الأصنام ويقصد أصبعه الكبير فلا يكذب فى قوله وهم قد فهموا أنه يعنى كبير الأصنام الذى علق الفأس على كتفه وهم طبعا يعلمون أن الأصنام لا تحرك ساكناً فعلما أن إبراهيم قد فعلها فما كان منهم إلا أن جمعوا الحطب وأخذوا في جمعه مدة ستة أشهر وبعد تلك المدة أضرموا فيه النار لإلقائه فيها بشدة وهجها وقد كانت تحرق كل من يقرب منها لشدة لهيبها وسعيرها فنزل إبليس اللعين ودلهم على صنع المنجانيق وهو صورة مصغرة من المدفع بلغة عصرنا فجعلوا خشبتين على أعلى جبل وبينهما خشبة متحركة وأجلسوه عليها بعد أن قيدوه بالحبال ثم حركوه عدة مرات وفي النهاية قذفوا به في هذه النار ماذا كان المخرج؟ عندما كان في أعلى السماء وسينزل لا محالة في النار ضجت الأرض والسماوات وملائكة الأرض والسماوات وقالوا: إلهنا وسيدنا خليلك يحرق بالنار وليس في الأرض من يعبدك سواه فقال الله : هو خليلي وأنا أعلم به هل استغاث بكم؟ أو طلب النجدة منكم؟ إن كان قد استغاث بكم فأغيثوه أو طلب النجدة منكم فانقذوه فلما اشتد طلبهم واستغاثتهم لله أمر جبريل أن ينزل عليه فنزل عليه وهو محلق في السماء وقال له: ألك حاجة؟ فقال أما إليك فلا قال: فلله ؟ قال: علمه بحالي يغني عن سؤالي فنزل في النار ففوجئ الملائكة الأطهار بأن الله يقول لها{يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ } فلم تحرق النار منه إلا حباله التي أوثقوه وقيدوه بها ثم وجدوا بجواره عين ماء نبعت من جوف النار يشرب منها ويتوضأ منها وشجرة بجواره يستظل بها ويأكل من ثمارها وجلس يعبد الله في خلوة مع هؤلاء لمدة شهرين كاملين هما المدة التي لبثتا النار مشتعلة حتى أطفئت بأمر الواحد القهار u وهذا أول دليل جعله الله لكل مؤمن وثق في الله وتوكل على مولاه ولم يفوض أمره إلا إلى الله فهذا رجل من أصحاب رسول الله هو سيدنا أبو إدريس الخولاني أرسله رسول الله إلى الأسود العنسي رجل أدعى النبوة وزعم أنه ينزل عليه القرآن في زمن رسول الله فذهب إليه فقال له بعد أن سمعه أتؤمن أني نبي الله؟ قال: لا أسمع قال: أتؤمن أن محمداً رسول الله؟ قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فكررها عليه عدة مرات وكلما قال له أتؤمن بي؟ قال: لا أسمع فإذا قال له أتؤمن بمحمد رسول الله كرر الشهادتين فجمع له الحطب وألقوه في النار ولكنه بفضل الله حدث له ما حدث مع إبراهيم الخليل فقد خرج من النار ولم تضره بشئ ولم تحرق إلا حباله حتى ثيابه لم تحرقها النار فقال له قومه - قوم الأسود له - : إن أبقيت هذا الرجل بين ظهرانينا فتن به قومك فأخرجه من هنا فخرج إلى المدينة وكان رسول الله قد لحق بالرفيق الأعلى لكنه كان قد أنبأ اصحابه بذلك فخرج سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر لاستقباله وأحاطوا به واعتنقوه وقال سيدنا عمر{الحمد لله الذي أحياني حتى شهدت شبيه الخليل إبراهيم في أمة محمد}فكل مؤمن يذكر الله ويتوكل على مولاه فله نصيب وافر من معونة الله وتوفيق الله في كل أمر ينتابه في هذه الحياة لأن الله قال في كتابه عز شأنه:{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}أي كافيه يكفيه كل هم وكل عناء وكل بلاء وكان بعد ذلك هذا الأمر مع كل بلاء فإن الله ابتلاه بعدم الإنجاب وهو خليل الله وصفي الله حتى وصل سن الثمانين وهنا هيأ الله له الإنجاب من السيدة هاجر عليها السلام فأنجبت منه سيدنا إسماعيل فابتلاه الله وأمره أن يأخذ هاجر وابنها إلى المكان الذي هيأه الله ليبني فيه بيتاً لله وهنا أوصى إخواني جميعاً بألا يستمعوا إلى الروايات اليهودية والإسرائيلية في هذه القصة فقد قيل في ذلك ولا نزال نسمع ذلك أن السيدة سارة عليها السلام غارت من هاجر لما ولدت إسماعيل فقطعت أذنها وأمرته أن يأخذها وابنها ويلقيها في الصحراء. كيف ذلك؟ وقد بشرها الله على لسان ملائكة الله بأنها ستلد اسحق وإنها ستعيش حتى تشاهد من اسحق ويعقوب{فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ}وهي صديقة لله وقد أجرى الله على أيديها المعجزات عندما دخلت مصر مع إبراهيم وأخذوها إلى قصر الملك وكانت بارعة الجمال وكلما أراد أن يمد يده إليها شلت يده في الحال فيستعطفها ويعدها ألا يعود إلى مسِّها فتدعو له الله فيفك الله يده في الحال فإذا هم بمسها شلت يده مرة ثانية وكرر هذا الأمر ثلاث مرات حتى قال فرعون: إنها شيطانة اخرجوها من أمامي واعطوها كذا وكذا من الجواري وكذا وكذا من الأغنام وكذا وكذا من المال ومن جملة ما أعطاها كانت السيدة هاجر أم إسماعيل كيف لهذه المرأة التقية النقية أن تغار من زوجة زوجها وهي التي زوجتها وإنما الأمر كما قال الله على لسان خليل الله عندما أخذ ابنه وولده ووضعه في هذه الصحراء ولم يكن فيها ماء ولا زرع ولا ضرع ماذا قال في الدعاء؟{رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ}ولم يكن هناك في هذا الوقت بيت لكنه يعلم علم اليقين أن إسماعيل هو الذى سيعاونه في بناء البيت وقد قالت السيدة هاجر: لمن تتركنا ها هنا يا إبراهيم؟ فسكت قالت: أالله أمرك بهذا؟ قال: نعم قالت: إذاً لن يضيعنا إذاً هناك أمر من الله يتم تنفيذه على يد خليل الله إبراهيم وابنه وهو بناء بيت الله ودعوة الخلائق أجمعين للحج إلى بيت الله إذا كان إبراهيم عندما أخذ إسماعيل إلى البيت ينفذ أمر الله وكان الله هو الذي أمره ولذلك تولاه فكان هذا الغلام الرضيع يرقد على الأرض ولما نفد ما كان معه من الماء والزاد وأخذت تذهب مرات إلى الصفا مرة وتصعد وتتطلع هل من قادم وكذا على المروة مرة فإذا بها تجد طيوراً بجوار ابنها فذهبت إليهم مسرعة خائفة عليه فوجدت الماء قد نبع من تحت قدميه فأخذت تضم الماء وتقول زمي زمي لأن هذا الماء كان واسعاً وخافت أن يخرج منه طوفان المنطقة كلها ولذا قال رسول الله{يَرْحَمُ الله أُمَّ إِسْمَاعِيـلَ لَوْلاَ أَنَّهَا عَجِلَتْ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْناً مَعِيناً}[6]فأمرهم الله بالسكن هناك وأرسل لهم الساكنين وهيأ لهم سبيلهم لأنهم ذهبوا طاعة لأمر الله وتنفيذاً لمشيئة الله قال النبى{إِذا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْداً ابْتَلاَهُ وَإِذَا أَحَبَّهُ الْحُبَّ الْبَالِغَ اقْتَنَاهُ }[7] وكانت في هذا اليوم المبارك الميمون قصة الفداء فإسماعيل عندما بلغ أشده أمر الله إبراهيم خليل الرحمن أن يذبحه فأخذ بيد ابنه وقال له يا بني إني أرى في المنام إني أذبحك فانظر ماذا ترى؟ فما كان من هذا الابن الذي ملأ الله قلبه بالإيمان إلا أن قال{يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}فقال له: لا تعلم أمي بهذا النبأ ونتوجه سوياً إلى حيث منى فقال له: يا أبت اوثقني بالحبال جيداً حتى لا تأخذني نفسي فاتحرك وألقني على وجهي حتى لا تنظر إلي فتأخذك رأفة في تنفيذ أمر الله واشحذ السكين حتى يقطع بسرعة{فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا}ثم جعل الله هذا الأمر لجميع المؤمنين إلى يوم الدين فقال عزَّ شأنه{إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }فكل محسن كريم له أسوة بـ إبراهيم خليل الله ففداه الله بذبح عظيم ومن هنا جعل لنا نبينا هذا النسك وجعل فيه للمسلم فضائل كثيرة فإذا ذبحه المؤمن على هدى شريعة الله بعد صلاة العيد والخطبة لقوله{إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فـي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّـيَ ثم نَرْجِعَ فَنَنْـحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذلكَ فقد أصابَ سُنَّتَنَا}[8]{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}فإذا كان الذبح بعد الصلاة وكانت من الإبل أو البقر يشترك فيه عدد لا يزيد عن سبعة والخروف أو الماعز عن رجل واحد وشرطها أن يكون قد مرَّ عليها زمن استسمن فيه لحمها وليس فيها عيب من العيوب التي تعيب الأضحية وتجعل هذه الهدية غير مقبولة عند رب العالمين فلا يقبل الله الجرباء ولا العوراء ولا العمياء ولا المريضة ولا الهزيلة وإنما يقبل السليمة الصحيحة غفر الله لصاحب هذه الهدية فإذا أشرك أهله معه كما قال النبى في أضحيته{اللهم هذه عن محمد وعن آل محمد}غفر الله لأهله جميعاً معه وأهله هنا هم زوجه وولده الذي لم يتزوج أما الذي تزوج فأصبح له بيتاً لوحده فيجب أن يفعل هذا الصنيع عن نفسه لأن هذا دين الله وشرع الله ثم ماذا بعد ذلك؟ يزيد فضل الله في قول حبيب الله ومصطفاه عندما سأله أصحابه بعدما ذبحوا ما هذه الأضاحي؟ قال(سنة أبيكم إبراهيم فقالوا: يا رسول الله ما لنا فيها؟ قال{إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْساً}[9]ثم زاد هذا الفضل فجعلها المطايا التي نركبها على الصراط يوم الدين هذا الصراط الذي يمر على جسور جهنم ونمر عليه أجمعون وهذا ما قال في شأنه{إِسْتَفْرِهُوا ضَحَايَاكُمْ فَإنَّهَا مَطَايَاكُمْ عَلَى الصرَاطِ}[10]ومن هنا فقد أوجبها نبينا على الموسر والواجد سعة وقال محذراً لهم{مَنْ وَجَدَ سَعَةً لأَنْ يُضَحيَ فَلَمْ يُضَح فَلاَ يَحْضُرْ مُصَلاَّنَا}[11]تحذيراً لهم من ترك هذه السنة أما الفقير فلم يكلفه الله ولكن علينا أن نعمل بقول ابن عطاء الله السكندري حيث يقول{إذا علمت شيئاً من البر فاعمل به ولو مرة واحدة تكتب من أهله}فعلى المسلم أن يضحي ولو مرة في حياته كلها لكي يكون له برهان على اتباعه لسيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام ثم بعد ذلك فعلينا في هذا اليوم وبقية أيام العيد حتى عصر اليوم الرابع أن نكبر لله عقب كل صلاة سواء صلينا في جماعة أو صلينا فرادى فمن حضر الجماعة كبر معها فإن لم يلحق الجماعة لتأخره في دخولها كبر بعد انتهاء الصلاة ومن فاتته الجماعة وصلى بمفرده عليه أن يكبر الله بصوت مسموع لا يكبر في سره، فإن الذي يكبر في سره ويسمع نفسه ولا يسمع من حوله إنما هن النساء وعلينا أن نأمر النساء أن يكبرن في بيوتهن عقب كل صلاة سواءاً فريضة أو نافلة فمن صلى ركعتي الضحى كبر بعدهما لله ومن صلى قيام الليل كبر بعدها لله وإن كانت هناك صلاة جنازة كبرنا بعدها لله لأن صلاة النافلة نكبر بعدها وهذا مذهب إمامنا الشافعي أما الإمام أبو حنيفة فقد أوجب التكبير بعد الفرائض ولم يوجبه بعد النوافل والسنن قال النبى{ زَيِّنُوا أَعْيَادَكُمْ بالتَّكْبِيرِ}وعلينا بعد ذلك أن نتجنب ما يفعله البعض من الجلوس في البيت لتجديد الأحزان وتلقي العزاء فهذا ليس من دين الله في شئ ولأن هذا يوم عيد ويوم فرح نفرح فيه الفقراء والمساكين ونفرح فيه الأطفال لقول النبى{للجنة باب يقال له: الفرح لا يدخل منه إلاَّ مفرح الصبيان}(الفردوس عن ابن عباس )ثم بعد ذلك نصل فيه أرحامنا ونود فيه إخواننا ونجعل هذا الأمر وهو المودة والصلة عبادة هذا اليوم فأعظم أعمالنا هي إدخال البر والسرور على المسلم وصلة الأرحام وتواصل الأنام

[1] رواه مسلم والنسائي وابن ماجة عن عائشة.

[2] رواه البزار وابن حبان في كتاب الضحايا والأصبهاني عن أبي سعيد.

[3] الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه والبيهقي في سننه عن سعد وفاطمة وأبي سعيد.

[4] رواه البيهقي في سننه والنسائي في سننه والطبراني وابن السني عن عمران بن حصين.

[5] رواه أحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن ابن عباس.

[6] رواه الطبراني في الكبير عن أبي عتبة الخولاني.

[7] رواه البخاري في صحيحه وابن حبان والنسائي والبيهقي عن البراء بن عازب.

[8] ت هـ ك عن عائشةَ رضَي اللَّهُ عنهَا.

[9] رواه السيوطي في الكبير والديلمي عن أبي هريرة.

[10] رواه ابن ماجة في سننه وأحمد والحاكم عن أبي هريرة.







آخر مواضيعي 0 خوف
0 اسرار
0 اللهم اجعلنا من المحسنين
0 اعرف مين هى مصر
0 البقلة
رد مع اقتباس
قديم 10-05-2014, 05:31 PM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
طارق سرور

الصورة الرمزية طارق سرور

إحصائية العضو







طارق سرور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: حكمة الحج ومشاهده

حكم الحج
إن الله جلت حكمته وتعالت مكانته وتسامت عزته لم يفرض علينا شيئاً إلا لحكمة عالية ولأسرار راقية يعرفها من وفقه الله لسلوك طريقه المستقيم ولمن هداه إلى نهج نبيه القويم فأما فريضة الحج فقد فرضها الله على المؤمنين والمؤمنات لحكم كثيرة نكتفي بواحدة منها في موقفنا هذا تكون لنا إن شاء الله عظة وعبرة فقد جعل الله الحج للمؤمنين والمؤمنات تذكرة للسفرة إلى الدار الآخرة للعرض على الله {رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ}فإذا خرج الحاج من بيته فإنه يغتسل قبل لبس ملابس إحرامه ويتذكر بهذا الغسل[الغسل الذي يغسله به رفاقه لكي يودعون دنياه ويزفونه إلى مولاه إذا دعاه ] ثم يلبس ملابس الإحرام وهي بيضاء ولا يوجد بينها وبين الجسم أشياء ليذكر نفسه ويتذكر من حوله لبس الأكفان إذا دعى للقاء الواحد الديان فإذا أتم ملابس الأكفان يلبس ملابس الإحرام تذكر نداء الله يوم ينادي منادي الله لجميع الخلائق في حضرة الله فيقول كما قال سيدنا رسول الله{يا أيتها العظام النخرة يا أيتها الأجساد البالية يا أيتها الشعور المتقطعة اجتمعوا وائتلفوا فإن الله يدعوكم ليوم عظيم}[1]فيتذكر هذا النداء فيلبي قائلاً لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك وكلمة لبيك تعني نأتي إليك مسرعين جئنا إليك طائعين جئنا إليك بالتلبية يا أحكم الحاكمين ولم نتوانى عن إجابة دعوتك طرفة عين ولا أقل فإذا وصل إلى ساحة عرفات تذكر ساحة العرض العظيم حيث يقف الخلائق أجمعين في مساواة كاملة في الظاهر بين يدي رب العالمين{لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيَ عَلَى أَعْجَمِيَ وَلاَ أَعْجَمِيَ عَلَى عَرَبِيَ وَلاَ أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلاَّ بِالتَّقْوَىٰ والعمل الصالح}[2] فالجميع يتساوى أمام الله يلبسون ملابس واحدة ويقفون في بقعة واحدة لا فرق بين غني ولا فقير ولا أمير ولا حقير لأنه لا يسمح للوزير أن يعلق نيشاناً على صدره أو يعلق شيئاً على كتفه وإنما يتساوى الجميع ولا فرق بينهم إلا في الزفرات والحرقات والتسبيحات والدعوات التي تخرج من صدورهم وقلوبهم إلى ربهم فمنهم من يقال له لا لبيك ولا سعديك وحجك هذا مردود عليك ومنهم من يقال له لبيك وسعديك حجك مغفور وزادك موفور وسعيك مشكور فيقولون كما قال الله يوم يجمع الناس للقاء الله{فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}أما من يقبل الله عليه ويتقبل دعواه فهو من أهل الجنة إن شاء الله وإما من ترد الملائكة دعواه وتعلم أن تلبيته مردودة من قبل الله فهو من فريق السعير والعياذ بالله فإذا وقفوا على عرفات وأقروا لله بذنوبهم واعترفوا بين يديه بمساويهم وأخطائهم غفر الله عزوجل لهم ولا يبالي ولذا يقول الرسول الكريم{أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفة فظن إن الله لم يغفر له}[3]وقد ورد أن الإمام محمد بن المنكدر وكان قد حج خمسين مرة لله في يوم من أيام عرفة ألقى عليه النوم فرأى ملائكة تنزل من عند الله ويتساءلون فيما بينهم فقال بعضهم للبعض يا عبد الله تدري كم حج بيت ربنا هذا العام؟ قال: لا. قال:ستمائة ألف قال: تدري كم قبل الله منهم؟ قال: لا.قال: ستة أنفس. قال: فقمت من نومي مهموماً مغموماً وقلت إذا كان الله لم يقبل من هؤلاء إلا ستة أنفس فأين أكون منهم؟فلما وصلت إلى المزدلفة وصليت المغرب والعشاء قصراً وجمعاً فألقى الله عليّ النوم فإذا بهذا النفر من الملائكة وقد جاءوا وتساءلوا فيما بينهم فقال بعضهم لبعض: يا عبد الله تدري كم حج بيت ربنا هذا العام؟قال: نعم ستمائة ألف قال: تدري ماذا فعل الله بهم؟قال: نعم قبل منهم ستة أنفس ورد الباقين قال: تدري ماذا حكم ربك في هذا اليوم؟ قال: لا.قال: وهب لكل واحد من الستة مائة ألف فشفعهم جميعاً في بعضهم وانصرفوا جميعاً مغفوراً لهم قال النبى{إن الله ينظر إلى أهل عرفات ويباهي بِكُمُ المَلاَئِكَةَ يَقُولُ: عِبَادِي جَاءُونَا شُعْثَاً غُبْرَاً مِنْ كُل فَجَ عَمِيقٍ يَرْجُونَ جَنَّتِي فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُكُمْ عَدَدَ الرَّمْلِ أَوْ كَقَطْرِ المَطَرِ أَوْ كَزَبَدِ الْبَحْرِ لَغَفَرْتُهَا أَفِيضُوا عِبَادِي مَغْفُورَاً لَكُمْ وَلِمَنْ شَفِعْتُمْ لَهُ}[4]وقد قال r{إِذَا أَفَاضَ الْقَوْمُ مِنْ عَرَفَاتٍ أَتَوْا جَمْعاً فَوَقَفُوا قَالَ: انْظُرُوا يَا مَلاَئِكَتِي إِلَى عِبَادِي عَاوَدُونِي فِي الْمَسْأَلَةِ، أُشْهِدُكُمْ أَني قَدْ أَجَبْتُ دَعْوَتَهُمْ وَشَفَعْتُ رَغْبَتَهُمْ وَوَهَبْتُ مُسِيئَهُمْ لِمُحْسِنِهِمْ وَأَعْطَيْتُ مُحْسِنَهُمْ جَمِيع مَا سَأَلَ وَتَحَمَّلْتُ عَنْهُمُ التَّبِعَاتِ الَّتِي بَيْنَهُمْ}[5]فقد كان النبى بالمزدلفة وحوله أبو بكر وعمر فإذا به يضحك فقال سيدنا أبو بكر: يا رسول الله ما أضحكك؟ أضحك الله سنك قال إني لما كنت على عرفات عشية عرفة دعوت الله لأهل الموقف أن يغفر الله ذنوبهم ويستجيب دعاءهم ويضمن عنهم التبعات فأجابني الله في اثنتين ولم يجبني في الآخرة وهي أن يضمن عنهم التبعات والتبعات هي حقوق العباد التي بينهم وبين غيرهم من العباد قال : فلما جئت إلى هنا دعوت الله بما دعوت به على عرفات فقال الله قد استجبنا لك فيما دعوت فلما رأى إبليس ذلك ولّى وله ولولة وضراط فهذا هو الذي أضحكني(صلوات الله وسلامه عليه) فإذا نزلوا إلى منى وتذكروا ما يباعد بينهم وبين الله والسبب الذي يجعلهم يقعون في عصيان الله وهو إبليس اللعين فيجمعون الأحجار ويرمونه ليعلنون البراءة منه قبل أن يتبرأ منهم يوم القيامة فقد ورد في آيات القرآن أنه سيتبرأ ممن تبعه أمام الديان فيعلن المؤمن البراءة من إبليس ووسوسته ويرجمه بالأحجار ويعلن بذلك أنه برئ من إبليس وقوله ثم يتذكر الذي يعين إبليس على الوسوسة ويزين للمرء المعصية وهي النفس الخبيثة التي يقول فيها الله {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ}فيذبح هديه ويقول: يا ربَّ إن لم ترض عني إلا بذبح نفسي ذبحتها لرضاك فإني أطمع في عفوك وأرجو مغفرتك وكل شئ يباعد بيني وبينك قدمته إرضاء لحضرتك فقد تركت الأهل والولد وقد قربت المال وها أنا أقرب نفسي وأعلن البراءة من الشيطان وحزبه لترضى عني يا ربَّ العالمين.

فليتك تحلو والحياة مريــرةوليتك ترضى والأنام غضابُ

وليت الذي بيني وبينك عامروبيني وبين العالمين خــراب

ثم يحلق شعره ويتذكر أخلاقه الذميمة التي تباعد بينه وبين الله فإن الله كما ورد فى الأثر: {إن الله يحب من خلقه من كان على خلقه}فيسارع في التخلص من الأخلاق التي لا يحبها الله مثل الغيبة والنميمة والشح والطمع والجحود والعصيان والعقوق وقطيعة الأرحام وغيرها من الصفات التي يبغضها الله والتي حذرنا منها رسول الله تصديقاً لقوله {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ}ثم يزين نفسه بالأخلاق الكريمة بسعة الأخلاق والحلم والعفو والصفح والأدب بين يدي الله ليذهب إلى بيت الله وهو يتذكر عرضه على الله وهو هناك إما أن يكون ممن يقول فيهم الله{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ }وإما أن يكون والعياذ بالله ممن لا يؤذن لهم بالكلام مع الله ولا بالنظر إلى بهاء الله وهم الكافرون والجاحدون والعصاة من المؤمنين الذين لم يتوبوا قبل الموت وقبل لقاء رب العالمين فيتذكر هذه الساعة وكيف يقابل الله وقال النبى في ذلك ما معناه{إن من الناس من يضئ حسنه لأهل الموقف كما تضئ الشمس لأهل الدنيا }وقال في الطائفة الأخرى ما معناه{إن من الناس لمن يتمزع وجهه ولحمه ويتهدل من شدة الخجل والحياء من الله}فيطوف حول بيت الله تائباً منيباً لله يعاهد الله عند الحجر وهو يمين الله في الأرض أن لا يعود إلى المعاصي وأن لا يرجع إلى ذنب أبداً ثم يذهب إلى الصفا والمروة يسعى بينهما ويتذكر السعي في يوم الموقف العظيم بين كفة حسناته وكفة سيئاته فهو يمشي بينهما تارة ويهرول بينهما أخرى لينظر أيهما هي التي تكون الراجحة فيكون فيها الفلاح وهو يود أن يكون ممن قال فيهم الله{فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}ثم يتوجه إلى الرسول الكريم يرجو شفاعته ويطلب منه أن يكون في زمرته لأنه لم يدخل أحد الجنة إلا بشفاعته وإلا ببركته هذه بعض مشاهد الحجيج وقد أكرم الله الأمة الإسلامية فجعل من المؤمنين والمؤمنات من إذا عاش بروحه في هذه الأماكن الطاهرات في تلك الأيام المباركات يكون له من الأجر مثل من وقف على عرفات تماماً بتمام على أن يكون في هذه الأيام جسمه هنا وقلبه وروحه هناك ولذا حبب النبي الكريم في صوم يوم عرفات وقال فيه{صوم يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين}[6]لأن الصيام يقوي الروحانية ويضعف الجسمانية ويجعل أحوال المرء قريبة من أحوال الملائكة الكرام فإذا وقف الإنسان في يوم عرفات وفي صبيحة هذا اليوم يوم العيد بين يدي الله يدعو الله ويضرع إلى الله ويتوب إلى الله فقد قال{ خَيْرُ الدّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ}[7]ومن رحمته أنه لم يقل خير الدعاء دعاء عرفة فلو قال خير الدعاء دعاء عرفة كان الفضل لمن وقف هناك فقط. أما قوله{خَيْرُ الدّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ}فهو يشمل كل من يدعو في هذا اليوم في أي فج من الأرض وفي أي موقع من البسيطة لأن الله ينظر إلى عباده جميعاً. فقد قال{خير يوم في الأرض يوم عرفة ومَا رُؤِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمَاً هُوَ أَصْغَرُ وَلاَ أَحْقَرُ وَلاَ أَدْحَرُ وَلاَ أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ}[8]ودعا الإسلام في سبيل ذلك القائمين هنا إلى أعمال تشبه أعمال الحجيج فالحجيج يلبون لله ونحن لنا التكبير لله قال{زَيِّنُوا أَعْيَادَكُمْ بالتَّكْبِيرِ}[9]نكبر عقب كل صلاة سواء فريضة أو سنة مؤكدة فمن صلى صلاة الضحى يكبر بعدها لله ومن صلى صلاة التهجد يكبر بعدها لله وإذا حضرت جنازة في تلك الأيام وصلينا عليها نكبر لله من صلى في جماعة يكبر ومن صلى مفرداً في المسجد أو في بيته يكبر الرجل يكبر بصوت مرتفع والمرأة تكبر بصوت خافت وإذا سرنا في الطرقات لا نستحي أن نكبر الله بصوت عال فقد كان أصحاب رسول الله ورضي الله عنهم أجمعين يمشون في يوم العيد في طرقات المدينة وهم يكبرون بصوت مرتفع ليخزون الشيطان ويعلنون التكبير للملك العلام فالحجاج يلبون ونحن نكبر لله وهم يقومون اليوم برجم إبليس ونحن في هذا اليوم نصلي صلاة العيد لله وهم ليس عليهم صلاة عيد والحجاج ينحرون هديهم ونحن نذبح أضحيتنا لله فإذا فعل المرء المؤمن بعض هذه الأمور واستحضر هذه الشعائر والمناسك أكرمه الله بما أكرم به حجاج بيته الحرام لقوله فيما رواه الإمام البخاري عندما كان سيدنا رسول الله في غزوة تبوك نظر إلى من معه وقال{إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَقَوْماً مَا سِرْتُمْ مِنْ مَسِيرٍ وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِياً إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ فِيهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ}[10]فكل من حبسه العذر الشرعي من مرض أو قلة ذات اليد عن لذهاب إلى بيت الله وفعل ما ذكرناه جعل الله له حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً لأنه قال:{ إِنَّما الأعْمَالُ بالنِّيات وإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِىءٍ ما نَوَى }[11]أما من كان معه الاستطاعة ولم يذهب لأداء هذا النسك فهذا نحذره من قول المصطفى{مَنْ لَمْ يَحْبِسْهُ مَرَضٌ أَوْ حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ سُلْطانٌ جَائِرٌ فَلَمْ يَحُجَّ فَلْيَمُتْ إنَّ شَاءَ يَهُودِيَّاً وَإِنّ شَاءَ نَصْرَانِياً}[12]ومن يقل إني معي مال إما أن أزوج به الولد وإما أن أحج فقد افتى العلماء أجمعون أن زواج الولد ليس فرض علي إن علي أن أربيه وأن أنميه وليس علي في شريعة الله أن أزوجه ولكن علي فرضاً لله أن أحج بيت الله فعلي أن أبدأ بالحج ومال الحج مخلوف{وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}قال النبى{الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ إنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ وَإنِ ٱسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ وإن شفعوا شفعوا}[13]ماذا علينا في هذا اليوم السعيد لله ؟ علينا في هذا اليوم أول عمل نعمله بعد الصلاة هو قوله{ مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ }[14]فأفضل عبادة لله في هذا اليوم هي إراقة دماء الأضاحي وليس إراقة دم المسلمين والمسلمات كما ظن بعض الجاهلين والجاهلات وهذه الأضاحي جعلها الله لنا ثواباً معجلاً ففيها لنا باختصار شديد فوائد شتى نذكر بعضها على سبيل القصد أول فائدة منها أنها تغسل المرء من الذنوب هو وأهل بيته أجمعين فيكون كمن حج بيت الله وفي ذلك يقول{يَا فَاطِمَةُ قُومِي فاشْهَدِي أُضْحِيَتَكِ، فَإنَّ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا مَغْفِرَةً لِكُلِّ ذَنْبٍ }[15] فأول قطرة تنزل من دمها يغفر لصاحبها ولزوجه ولأهل منزله أجمعين فيكون كما قال فيه{مَن حَجَّ هذا البيتَ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ رجَعَ كما ولَدَتْهُ أمُّه}[16] وكذلك من ضحى لله لا يبغي رياء ولا سمعة ولا شهرة فإن الله يخرجه من ذنوبه كيوم ولدته أمه أما الفضل الثاني فقوله{إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْساً}[17]من يستطيع منكم عدَّ صوفها ومن يستطيع حساب قطرات دمها أنه أجر عظيم لا يعلمه إلا المولى الكريم أما الأجر الثالث فقوله{إِسْتَفْرِهُوا[استسمنوا]ضَحَايَاكُمْ فَإنَّهَا مَطَايَاكُمْ عَلَى الصرَاطِ}[18] هذا الصراط الذي يمتد على جسور جهنم وهي سبعة جسور كل جسر منها يقول ورد فيها من الأثر{ألف عام صعوداً وألف عام استواءاً وألف عام هبوطاً لمن يمشي عليه}فهذه السبعة جسور ما الذي نركبه لنمر عليها؟هي أضحيتنا التي نذبحها لله وهذا ما حدى بسلفنا الصالح أن يوطنوا أنفسهم على أن يذبحوا ولو في العمر مرة ليكون له ركوبة يركبها على الصراط يوم لقاء الله على أن تتوافر فيها الشروط الشرعية وما الشروط الشرعية هذه؟ أن يكون ذبجها بعد صلاة العيد وخطبة العيد في اليوم الأول أو الثاني أو الثالث من أيام العيد على أن يكون الذبح بالنهار لنهي النبى عن الذبح بالليل وعلى أن تكون إذا كانت من الماعز يكون مر عليها عام وإذا كانت من الضأن يكون مر عليها ستة أشهر وإذا كانت من البقر يكون مر عليها عامان وإذا كانت من الجمال يكون قد مر عليها خمسة أعوام وأن تكون غير معيبة لا عوراء ولا مقطوعة القرن ولا مشقوقة الأذن ولا عرجاء ولا مريضة ولا هزيلة وإنما تكون صحيحة وسليمة وسمينة لأنه يقدمها لله وأن لا يبيع شيئاً منها ولو كان للجزار فقد ورد{عَنْ عَلِيَ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللّهِ أَنْ أَقُومَ عَلَىٰ بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا وَأَنْ لاَ أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا قَالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا}[19]هكذا أمره ألا تعطه جلدها مقابل ثمن ذبحها وإنما نعطيه الأجر من عندنا ولا نبع شيئاً من لحومها وإنما نوزع بعضها للفقراء وبعضها للأهل والأصدقاء وإذا كنا من بيت فقير نأكلها جميعاً ويكفينا أننا فعلنا سنة أبينا إبراهيم ونسك نبينا فوطنوا أنفسكم على أن تصنعوا هذا العمل في عمركم كله ولو مرة واحدة نذبح فيها أضحية لله نرجو بها وجه الله ونطمع في ثواب الله ونحدد فيها الشروط التي بينها رسول الله كي ننال هذا الثواب من الله فإذا فعلنا ذلك كان علينا بعد ذلك في هذا اليوم أن نصل أرحامنا وأن نود أقاربنا وأصدقائنا وإخواننا المسلمين والمسلمات وأن نتصافى ونتصالح مع خصمائنا لوجه الله في هذا اليوم وأن نكثر فيه من الصدقات على الفقراء والمساكين وليس الفقراء والمساكين الذين يمدون أيديهم ويمرون على الدور وإنما هم الذين يقول فيهم{لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ. وَلاَ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الْمُتَعَفِّفُ أبا العيال}[20]فإن المسلم الذي يقول ليس علي شئ إذا أعطيت الصدقة لمن يطلبها نقول له: لا. إن الله أمرك أن تتفقد إخوانك المسلمين وتخص بصدقتك الفقراء والمساكين الذين يقول فيهم رب العالمين{لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً}علينا أن نبحث عنهم ونعطيهم حتى لا ندخل في قوله{لَيْسَ بِالْمُؤْمِنِ الّذي يَبيتُ شَبْعاناً وَجَارُهُ جائِعٌ إِلى جَنْبِهِ}[21]كم بيت في المسلمين اليوم أهله في ظاهرهم مستورين ويلبسون ملابس حسنة ولكنهم ليس عندهم لأولادهم قطعة لحم لأنهم يستحيون من الطلب ولا يمدون أيديهم إلى الناس وهؤلاء هم المحتاجون الذين عناهم ربُّ الناس الذين كان يخصهم سيِّد الناس بعطاءه وإنفاقه rوعلينا أن نترك لأبنائنا في هذا اليوم بعض اللعب المباح على أن لا يكون فيه مخالفة لتعاليم السماء ولا يكون فيه لعب للقمار فاللعب بالنقود بأي طريقة من الطرق[نوع من القمار]ولا يكون فيه شرب البيرة أو المخدرات أو المسكرات بحجة أن هذا يوم يبيح الله فيه للمؤمنين ما لا يبيحه في سواه فالقوم الذين يجلسون في هذه الليالي على أنغام الموسيقى الشجية في الليل ويشربون المخدرات والمسكرات آثمون هم في فعلهم ذلك خارجون عن طاعة الله وواقعون في الإثم الصريح بقول الله{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}فاللهو المباح في هذا اليوم ما لم يكن فيه إثم وما لم يكن فيه مغرم وما لم يكن فيه تعريض سلامة أولادنا لأي شئ كالمراجيح البلدية التي تعرضهم للكسور والتشوهات فمثل هذه الأعمال يجب أن نتعاون جميعاً على إلغائها لنكون ممن قال الله فيهم{وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}وكذلك من يخرجون بعد صلاة العصر بصورة منكرة من شبابنا ويتطلعون إلى الغاديات والرائحات في مقدمة هذا يجب علينا أن نأخذ على أيديهم جميعاً المباح في هذا اليوم الذي لا يخالف الدين ولا يخالف سنة سيد الأولين والآخرين أما ما يفعله البعض في يومنا هذا من الجلوس في بيوتهم لتقبل العزاء في أقاربهم وإخوانهم وقد مضى على موتهم أيام وشهور فهذا مخالف لسنة رسول اللهمن أنالعزاء ثلاثة ايام[22] وقال{لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تَحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثٍ إلاَّ عَلَى زَوْجِهَا}[23]لا يجب أن نزيد على ذلك فلا يجب أن نجدد الأحزان في عيدنا ولا نفتح البيوت لتقبل العزاء بل نعلن الفرحة بأن الله غفر لنا ذنوبنا وشكر لنا سعينا وأعاننا على طاعته

[1] رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن الحسن.

[2] رواه البيهقي وأحمد في مسنده عن جابر.

[3]قال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء للإما الغزالى : رواه الخطيب في المتفق والمفترق والديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عمر بسند ضعيف، كشف الخفاء

[4] البزار عن ابن عمر

[5] الْخطيب في المتفق والمفترق عن أنسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ

[6] رواه مسلم وأحمد في مسنده عن أبي قتادة الأنصاري.

[7] رواه الترمذي عن ابن عمرو.

[8] رواه الإمام مالك في الموطأ والبيهقي من طريقه وغيرهما عن طلحة بن عبد الله بن كريز.

[9] رواه الطبراني في الصغير والأوسط والسيوطي في الكبير عن أبي هريرة.

[10] رواه البخارى وأحمد عن أنس

[11] متفق عليه عن عمر بن الخطاب.

[12] رواه أحمد وأبويعلى والبيهقى عن أبى إمامة

[13] رواه البخاري والبيهقي عن أبي هريرة، والبزار والسيوطي عن جابر.

[14] ت هـ ك عن عائشةَ رضَي اللَّهُ عنهَا.

[15] رواه البزار وابن حبان في كتاب الضحايا والأصبهاني عن أبي سعيد الخدرى

[16] رواه الدار قطنى في سننه، وأحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أبي هريرة

[17] الترمذى وابن ماجه والمستدرك فى مسنده عن عائشةَ رضَي اللَّهُ عنهَا.

[18] رواه السيوطي في الفتح الكبير والديلمي عن أبي هريرة

[19] صحيح الإمام مسلم

[20] رواه ابن ماجة في السنن والسيوطي في الكبير عن عمران بن حصين.

[21] (خد طب ك هق) عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُمَا

[22] إشارة إلى معنى الحديث المتفق عليه والمروي عن أم حبيبة وزينب بنت جحش

[23] رواه البخارى ومسلم عن عائشة







آخر مواضيعي 0 خوف
0 اسرار
0 اللهم اجعلنا من المحسنين
0 اعرف مين هى مصر
0 البقلة
رد مع اقتباس
قديم 10-05-2014, 05:32 PM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
طارق سرور

الصورة الرمزية طارق سرور

إحصائية العضو







طارق سرور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: حكمة الحج ومشاهده

فضائل يوم عرفة
تفضل الله على المؤمنين أجمعين سواء الحجاج أو المعتمرين أو المقيمين في بلدانهم مثلنا تفضل الله على الجميع بيوم عرفة وقد قالت اليهود لعمر بن الخطاب لقد نزلت عليكم آيه لو نزلت علينا لجعلنا يومها عيداً قال: وما تلك الآية؟ قالوا: قول الله{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} فقال : أشهد أنها نزلت في يوم عيدين اثنين نزلت في يوم عرفة وكان يوم جمعة فيوم عرفة يوم عيد ويوم الجمعة يوم عيد يوم عرفة يوم عيد لحجاج بيت الله فإن الله يتنزل لصباح هذا اليوم إلى السماء الدنيا ويأمر الملائكة أجمعين أن يتنزلوا ليشاهدوا هذا الحفل العظيم حتى أن الملائكة الموكلين بالأعمال يعطيهم إذناً أن ينتهوا ويتركوا الأعمال ليشهدوا حجاج بيت الله وهم واقفين ضارعين متبتلين مخبتين بين يدي الله فإذا شهدوهم أو رأوهم قال الله لهم مباهياً بعباده المؤمنين للملائكة المقربين: {يَا مَلائِكَتِي انْظُرُوا إلى عِبَادِي شُعْثاً غُبْراً، أَقْبَلُوا يَضْرِبُونَ إليَّ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَجَبْتُ دُعَاءَهُمْ وَشَفَعْتُ رَعِيَّتَهُمْ وَوَهَبْتُ مُسِيئَهُمْ لِمُحْسِنِهِمْ وَأَعْطَيْتُ مُحْسِنِيهِمْ جَميعَ مَا سألوني }[1]فيتجلى عليهم الغفار فيغفر لهم جميع الذنوب والأوزار ما داموا قد تحروا المال الحلال والزاد الحلال والنفقة الحلال وهم متوجهين لله ولذا قال الصادق المصدوق{أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفة فظن إن الله لم يغفر له }[2]وهل يغفر الله لهم ما بينه وبينهم فقط؟ أو يتجلى ويغفر لهم جميع الذنوب إن الله على الحقيقة يا إخواني يغفر لهم جميع الذنوب ما ظهر منها وما بطن ما صغر منها وما كبر ما كان بينهم وبين الله وما كان بينهم وبين أحد من خلق الله وإليكم الدليل على ذلك من حديث سيدنا ومولانا رسول الله فقد ورد عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ{أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ دَعَا لاٌّمَّتِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَأُجِيبَ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ مَا خَلاَ الْمَظَالِمَ فَإنِّي آخِذٌ لِلْمَظْلُومِ مِنْهُ قَالَ:أَيْ رَبِّ إنْ شِئْتَ أَعْطَيْتَ الْمَظْلُومَ الْجَنَّةَ وَغَفَرْتُ لِلْظَّالِمِ فَلَمْ يُجَبْ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَلَمَّا أَصْبَحَ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَعَادَ فَأُجِيبَ إلَى مَا سَأَلَ قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ أَوْ قَالَ تَبَسَّمَ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي إنَّ هذِهِ لَسَاعَةٌ مَا كُنْتَ تَضْحَكُ فِيهَا فَمَا الَّذِي أَضْحَكَكَ؟ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ.قَالَ: إنَّ عَدُوَّ اللَّهِ إبْلِيسَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ قَدِ اسْتَجَابَ دُعَائِي وَغَفَرَ لاٌّمَّتِي أَخَذَ التُّرَابَ فَجَعَلَ يَحْثُوهُ عَلَى رِأْسِهِ وَيَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ فَأَضْحَكَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ جَزَعِهِ}[3]ومن أجل ذلك قال{إِذَا أَفَاضَ الْقَوْمُ مِنْ عَرَفَاتٍ أَتَوْا جَمْعاً فَوَقَفُوا قَالَ: انْظُرُوا يَا مَلاَئِكَتِي إِلَى عِبَادِي عَاوَدُونِي فِي الْمَسْأَلَةِ أُشْهِدُكُمْ أَني قَدْ أَجَبْتُ دَعْوَتَهُمْ وَشَفَعْتُ رَغْبَتَهُمْ وَوَهَبْتُ مُسِيئَهُمْ لِمُحْسِنِهِمْ وَأَعْطَيْتُ مُحْسِنَهُمْ جَمِيع مَا سَأَلَ وَتَحَمَّلْتُ عَنْهُمُ التَّبِعَاتِ الَّتِي بَيْنَهُمْ}[4]وقال{إن الله يتجلى لأهل عرفة فيغفر لهم الذنوب جميعاً}[5]فقال سيدنا عمر: يا رسول الله أهذا لنا خاصة أم لنا ولمن بعدنا؟ فأخبرهم e أنهذا لهم ولمن بعدهم إلى يوم القيامة{ إذا كان يوم عرفة نزل الله إلى السماء الدنيا ونظر إلى خلقه فغفر لهم جميعاً فقالوا: يا رسول الله أهذا لنا خاصة فقال : بل هذا لكم وللناس من بعدي}[6]فأخذ سيدنا عمر يحجل من شدة الفرح ويقول قد فاض خير ربنا وطاب قد فاض وطاب فذلك اليوم يا إخواني يوم غفران الذنوب وستر العيوب بل إن الله من فضله وكرمه لا يغفر للحاج في نفسه فقط بل كما يقول الصادق الأمين :{يَغْفِرُ الله للحَاجِّ ولمَنْ اسْتَغْفَرَ لَهُ الحَاجُّ }[7] فإذا استغفر الحاج لرجل هنا أو امرأة هنا فإن الله من فضله وجوده وكرمه يقبل هذه المغفرة ويغفر لأهله وذويه الذين يستغفر لهم على بساط رب العالمين فإذا غفر لهم الذنوب وضمن لهم التبعات وغفر لهم ذنوب ذويهم وأحبابهم قال لهم{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}فينظر إلى دعائهم فيستجيب لهم الدعاء ويحقق لهم الرجاء ويلبي لهم المطالب لماذا ؟لأنهم جاءوا إلى الله وقد خرجوا من حولهم وطولهم ولبسوا في إحرامهم أكفانهم عند موتهم ووقفوا بين يدي ربهم وهم يستحضرون يوم الجمع على الله فالجميع سواسية أمام الله ليس هناك أمير أو حقير ولا وزير ولا خفير وليس هناك غني أو فقير ولا ذا طول وضعيف بل الكل بين يدي الله يلبسون الأكفان البيضاء وقد تجردوا من الحول وقد تجردوا من الطول وقد تركوا خلفهم مناصبهم وعشائرهم وأولادهم وبلادهم وأموالهم وكل شئ يتباهون به في هذه الحياة ووقفوا بين يدي الله وقدموا بين أيديهم ذنوبهم ومعاصيهم وقبائحهم يرجون من الله أن يغفرها لهم فالرحمن الرحيم يرحمهم ويرحم ضعفهم ويرحم فقرهم ويرحم ذلهم فيغفر لهم ويستجيب لهم ويردهم كما ولدتهم أمهاتهم كما قال النبي الكريم{مَن حَجَّ هذا البيتَ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ رجَعَ كما ولَدَتْهُ أمُّه}[8] هذا اليوم الكريم يا إخواني في السنوات العادية فما بالكم إذا وافق هذا اليوم يوم الجمعة وهو اليوم الذي احتفل به الله مع نبي الله ومع أصحاب رسول الله ومع ملائكة الله بتمام نزول شرع الله وبإتمام دين الله الذي اختاره الله ديناً قيماً يملأ حياة الناس بالإيمان والمحبة والسلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فإذا وافق يوم الجمعة فقد وافق حجة النبي في حجة الوداع ويوافق اليوم الذي سنقوم فيه للقيامة فقد قال{خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ فِي يَوْمِ الْجُمعَةِ}[9]فهؤلاء القوم في هذا اليوم كأنهم يستحضرون يوم القيامة ويوم القيامة سيكون يوم جمعة وسنخرج فيه جميعاً من قبورنا ومن لحودنا عرايا كما ولدتنا أمهاتنا ليس لنا لباس يواري سوءاتنا إلا من له تقى عند الله وعمل صالح قدمه إلى الله ومن هنا قال القائل:
اذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى تقلب عريانا وان كان كاسيا
وخير لباس المرء طاعة ربه ولا خير فى من كان لله عاصيا
نقوم جميعاً في هذا اليوم وليس معنا مدخراتنا وليس معنا دفاتر شيكاتنا وليس معنا ما نحتفظ به من صنوف أموالنا لأننا نخرج إلى الله ويجول في آذاننا قول الله{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ}فلا يستطيع أن يباهي في ذلك اليوم ببنيه ولا بأخيه ولا بذويه ولابفصيلته التي تأويه بل إن الإنسان في هذا اليوم العظيم لا ينفعه إلا ما قدمت يداه فما أكرم هذا اليوم على الله فلا تشغلوا أنفسكم يا عباد الله ولو من هذه اللحظة إلى غروب الشمس إلا بطاعة الله أو بذكر الله أو بالاستغفار لله أو بالندم على ما ارتكبناه حتى يتفضل علينا الله مع حجاج بيت الله فيعمنا جميعاً بغفرانه ويحفنا جميعاً برضوانه ويغفر لنا معهم ويستجيب لنا الدعاء معهم لأننا نشاركهم في الإنابة ونشاركهم في التوبة ونشاركهم في الاستغفار ونشاركهم في الدعاء قال النبى{صومِ يومِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الماضِيَةَ والبَاقِيَةَ}[10]فأول ما يجب علينا في هذا اليوم وفيما بعده أن نكبر الله عقب كل صلاة وهذا التكبير سنة يقول فيها سيدنا رسول الله{زَيِّنُوا أَعْيَادَكُمْ بالتَّكْبِيرِ }[11]ووقته يبدأ من صلاة الفجر في هذا اليوم في يوم عرفة إلى عصر اليوم الرابع من ايام العيد إن شاء الله نكبر جميعاً ونحن نكبر إذا صلينا في بيت الله في جماعة لكن يجب أن نعلم أن التكبير لكل مصل ولو صلى بمفرده فلو جئت بعد الجماعة فعليك أن تكبر عقب الصلاة حتى الذي يصلي نوافل زائدة أو من يصلي الضحى أو من يصلي قيام الليل عليه بعد هذه النوافل أن يكبر لله حتى لو حضرنا جنازة في هذه الأيام فعلينا أن نكبر عقب صلاة الجنازة تأسياً بسيدنا رسول الله وعلينا أن نأمر نسائنا وبناتنا أن يكبرن في البيوت وإن كن يكبرن بصوت خافت لكن عليهن أيضاً أن يكبرن عقب كل صلاة لله في هذه الأيام المباركة ثم علينا بعد ذلك أن نشغل هذا الوقت كما يعمل حجاج بيت الله بطاعة الله إلى آذان المغرب نقوم جميعاً بين يدي الله مخبتين منيبين تائبين مسبحين مهللين مكبرين تالين لكتاب الله إلى هذا الوقت والحين ثم علينا بعد ذلك أن نتجهز لصلاة العيد فنقلم أظافرنا ونحلق شعورنا إلا من كان عنده أضحية فالسنة في حقه هي قول رسول الله{مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَدَخَلَتْ أَيَّامُ الْعِشْرِ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَلاَ أَظْفَارِهِ حتى يذبح أضحيته }[12]يعني لا يحلق حتى لصلاة العيد لأن الأضحية لا تنفع ولا يكون لها ثوابها إلا بعد أداء صلاة العيد فالذي عنده أضحية لا يحلق شعره ولا يقصر ظفره حتى يصلي العيد ويذبح أضحيته وذلك لكمال تشبهه بحجاج بيت الله الحرام فإنهم لا يقصرون ولا يقلمون إلا بعد أن يرمون جمرة العقبة ويذبحون الهدى لله ثم يحلقون شعورهم ويقلمون أظافرهم فعلينا أن نحلق شعورنا لغير المضحي ونقلم أظافرنا ثم نغتسل ليلة العيد أو صباح العيد ونقول(نويت الاغتسال غسل العيد سنة عن رسول الله لله تعالى)أو نستحضر هذه المعاني بقلوبنا فالنية محلها القلب فإذا أصبح الغد وهو يوم العيد نلبس خير ما عندنا ويستحسن أن تكون الثياب جديدة فإذا لم يكن عندنا جديد فنلبس خير ما عندنا فإذا لم يوجد نلبس الثياب البيضاء ونضع العطر ونخرج من البيت ومعنا أولادنا نكبر الله من لحظة الخروج من البيت في بيتنا وفي شوارعنا بصوت عال حتى ندخل إلى بيت الله لنكبر مع المكبرين فعلينا أن نفرح بيوتنا ونفرح طرقاتنا ونفرح شوارعنا بالتكبير فيها ونحن سائرون فيها فإذا صلينا العيد جلسنا لسماع الخطبة من الإمام ثم بعدها نصافح إخواننا المؤمنين وننزع الغل والشح والحقد والكره من الصدور ونرجع من طريق آخر حتى نكثر من السلام على المؤمنين فنسلم على قوم آخرين في طريقنا غير الذين سلمنا عليهم في مجيئنا.

[1] رواه أبو يعلى في مسنده والخطيب في المتفق والمفترق على أنس

[2]قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: رواه الخطيب في المتفق والمفترق والديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عمر بسند ضعيف وجدنا ذلك فى كشف الخفاء .

[3] رواه ابن ماجه عن عبد اللَّه بن كنانة بن عباس بن مرداس أن أباه أخبره عن أبيه الترغيب والترهيب وغيره.

[4] رواه صاحب الترغيب والترهيب عن أنس.

[5] رواه أبو يعلى في مسنده والخطيب في المتفق والمفترق عن أنس.

[6] رواه مسلم والنسائي وابن ماجة عن عائشة.

[7] رواه البزار والطبراني في الصغير عن أبي هريرة.

[8] رواه الدار قطنى في سننه، وأحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أبي هريرة.

[9] رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي في سننه والحاكم في المستدرك وأبي داود في سننه والترمذي والنسائي وأحمد وأي يعلى عن أبي هريرة.

[10] رواه مسلم وأحمد في مسنده عن أبي قتادة الأنصاري.

[11] رواه الطبراني في الصغير والأوسط والسيوطي في الكبير عن أبي هريرة.

[12] رواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك ومسلم والبيهقي في سننه عن أم سلمة.







آخر مواضيعي 0 خوف
0 اسرار
0 اللهم اجعلنا من المحسنين
0 اعرف مين هى مصر
0 البقلة
رد مع اقتباس
قديم 10-05-2014, 05:33 PM رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
طارق سرور

الصورة الرمزية طارق سرور

إحصائية العضو







طارق سرور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: حكمة الحج ومشاهده

يوم عرفة يوم المغفرة
نحتفل في هذا اليوم جميعاً وأنتم والمسلمون جميعاً بخير منسك خصنا به الله هذا المنسك العظيم لو علمنا ما فيه من الخير والتكريم من المولى الكريم لباع كل واحد منا ما ملكت يداه وسارع متجرداً لزيارة الله في بيت الله فإن الذي يذهب إلى هذه الأماكن لا يذهب من قبل نفسه وإنما بدعوة من ربه فإن الخليل لما أمره الجليل أن يبني هذا البيت فأعانه وبناه قال يا إبراهيم{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}قال: يا ربَّ وما يبلغ صوتي؟ قال: يا إبراهيم عليك الآذان وعلينا البلاغ. فأمر الله الجبال أن تهبط والسهول والوديان أن ترتفع والأرواح التي لم يئن ميعاد خروجها إلى الدنيا أن تخرج وأسمع الجميع نداء الخليل فوقف الخليل على جبل أبي قبيس المواجه للكعبة واتجه مرة جهة المشرق ومرة جهة المغرب ومرة جهة الشمال ومرة جهة الجنوب وفي كل مرة يقول{أيها الناس إن الله قد بنى لكم بيتاً وأمركم بالحج فحجوا }فقال الناس فى أصلاب أبائهم وأرحام أمهاتهم وقلنا نحن مع الناس: لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك منا من قالها مرة فقيد له الملائكة أن يزور البيت مرة ومنا من وفقه الموفق فرددها مرتين فكتب له حجتين ومنا من زاد على ذلك فقد ورد فى الأثر{ فَمَنْ أَجَابَ مِنْهُمْ مَرَّةً حَجَّ مَرَّةً وَمَنْ أَجَابَ مَرَّتَيْنِ حَجَّ مَرَّتَيْنِ وَعَلَى هَذَا يَحُجُّونَ بِعَدَدِ مَا أَجَابُوا وَمَنْ لَمْ يُجِبْ لَمْ يَحُجَّ }[1]فلا يذهب إلى هناك إلا من لبى نداء الخليل ووفقه الجليل فذهب لزيارته لأنه لا يزار إلا بإذنه ولا يذهب إليه ذاهب إلا بتوفيقه ولا يبلغ هذا المراد إلا من أراد الله سعادته في الدنيا والآخرة هؤلاء الذاهبون ماذا يطلبون وماذا يبغون؟ وما لهم عند الله ؟ لم يسافروا رغبة في دنيا يريدونها أو في رياسة يتنافسون في الحصول عليها أو لأي متعة من متع الدنيا الفانية وإنما ذهبوا يحدوهم داعي المغفرة يطلبون غفران الذنوب ويطلبون ستر العيوب ويطلبون استجابة الدعاء ويطلبون الأمان من النار ويطلبون ضمان دخول الجنة مع الأبرار ويطلبون أن يكتبوا في كشوف الشفاعة عند النبي المختار ويطلبون أن يكونوا من الذين رضى الله عنهم ورضوا عنه ما أعظم ما يطلبون إن كل مطلب من هذه المطالب لو تدبرناه لو أنفق الإنسان فيه كل ما ملكت يداه كان قليلاً جداً جداً في جانب ما يحصل عليه من الله وبالله ربكم خبروني الذي يأخذ وسام المغفرة من الغفار ويغفر الله له كل ما في صحيفته من الذنوب والأوزار الصغار منها والكبار ماذا يساوي ذلك في عالم اليوم؟ لو كان يملك الدنيا بأجمعها ما استطاع أن يدفعها في ثمن هذه المغفرة لأن الله أنبأ عن قوم ملكهم الدنيا ليغرهم ويضرهم بها أنهم إذا كانوا يوم القيامة يود الواحد منهم{لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ}ولكن الله لا ينجيه لأنه خرج كافراً بالله أما هؤلاء القوم فيتفضل عليهم الغفار بالمغفرة قال النبى{مَن حَجَّ هذا البيتَ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ، رجَعَ كما ولَدَتْهُ أمُّه}[2]وقد ورد{أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ دَعَا لاٌّمَّتِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، فَأُجِيبَ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ مَا خَلاَ الْمَظَالِمَ فَإنِّي آخِذٌ لِلْمَظْلُومِ مِنْهُ قَالَ: أَيْ رَبِّ إنْ شِئْتَ أَعْطَيْتَ الْمَظْلُومَ الْجَنَّةَ وَغَفَرْتُ لِلْظَّالِمِ فَلَمْ يُجَبْ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَلَمَّا أَصْبَحَ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَعَادَ فَأُجِيبَ إلَى مَا سَأَلَ.قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ، أَوْ قَالَ تَبَسَّمَ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي إنَّ هذِهِ لَسَاعَةٌ مَا كُنْتَ تَضْحَكُ فِيهَا، فَمَا الَّذِي أَضْحَكَكَ؟ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ. قَالَ: إنَّ عَدُوَّ اللَّهِ إبْلِيسَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ قَدِ اسْتَجَابَ دُعَائِي وَغَفَرَ لاٌّمَّتِي أَخَذَ التُّرَابَ فَجَعَلَ يَحْثُوهُ عَلَى رِأْسِهِ وَيَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ فَأَضْحَكَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ جَزَعِهِ} [3]فرسولكم الكريم عندما أصبح بالمزدلفة بشرنا جميعاً وقال{قال الله تعالى أَني قَدْ أَجَبْتُ دَعْوَتَهُمْ وَشَفَعْتُ رَغْبَتَهُمْ وَوَهَبْتُ مُسِيئَهُمْ لِمُحْسِنِهِمْ وَأَعْطَيْتُ مُحْسِنَهُمْ جَمِيع مَا سَأَلَ وَتَحَمَّلْتُ عَنْهُمُ التَّبِعَاتِ الَّتِي بَيْنَهُمْ}[4]هذا فى المغفرة أما في الأمان من النار فقد وعد بذلك العزيز الغفار فقال في محكم القرآن{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً}من دخل هذا المكان وهذه الساحة من ساحات الفضل والرضوان كان آمناً من النيران وكان آمناً من سوء الخاتمة لحظة لقاءه بالديان إذا قبل الله حجه فعلامة قبول الحج أن يؤمن الله صاحبه من دخول النيران ومن سوء الخاتمة لحظة مفارقته لهذه الأكوان وإقباله على حضرة الديان ولعلكم تعجبون كيف يضمن الله له حسن الخاتمة ويضمن له الأمان من النار مع إنه يرجع إلى أهله ويعيش سنين قد تطول وقد تقصر إن من تقبل الله حجه اتفق العلماء على أن الله يحفظه في بقية عمره من المعاصي والذنوب وخاصة الكبائر فعندما يريد أن يفعل ذنب أو يهم بكبيرة تلحقه عناية الله ويدركه توفيق الله وينطبق عليه قول الله{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}فلا يقع في الذنب ولا يفعل المنكر حتى إذا جاء ميعاده للقاء الله وفقه الله في أوقاته الأخيرة لطاعة الله وللعمل الصالح المقرب إلى الله فيخرج من الدنيا في أبهى حلل الشوق إلى الله والرغبة في لقاء الله فيتحقق فيه وله وعد الله{وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً}أما الذي يرجع من الحج على غير الصراط المستقيم والهدى القويم فهذا والعياذ بالله ممن لم يتقبل الله حجه لأنه خرج للرياء أو للسمعة أو ماله فيه شبهة لأن العبد إذا خرج بمال فيه شبهة أو حرام فقال{مَنْ حَجَّ بِمَالٍ حَرَامٍ فَقَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ: لاَ لَبَّيْكَ وَلاَ سَعْدَيْكَ وَحَجُّكَ مَرْدُودٌ عَلَيْكَ}[5]فمن حج بنفقة حلال وطلب رضاء ذي الجلال وكان عمله خالصاً للواحد المتعال تقبل الله حجه ووفقه في جميع عمره حتى يلقى الله وهو آمناً مطمئناً{يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ}وعلامات هذا الحج المقبول أن يخرج صاحبه من هنا وهو على يقين من أنه مسافر إلى الدار الآخرة وعلى أنه خارج لا يعود فعندما يخرج من بيته يودع أهله الوداع الأخير ويتذكر بركوبه حمله في نعشه وبوقوفه على عرفات وجوده في عرصات القيامة وبسعيه بين الصفا والمروة تردده بين كفتي الميزان قال{مَن حَجَّ هذا البيتَ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ رجَعَ كما ولَدَتْهُ أمُّه}ابشروا جميعاً بفضل الله فإن الله لن يحرم المشتاقين أمثالكم من هذا الفضل الذي تحدثنا عنه فقد ورد فى الأثر{إذا كان يوم القيامة تقول الكعبة وقد حشرت كالعروس المزفوفة يا رسول الله أما من حجني وأما من اشتاق إلي فلم يستطع وأما من مات في طريق زيارتي فلا عليك بهم فإني سأشفع لهم عند الله فابحث عن غيرهم لتشفع لهم}فسارت الكعبة بين الذي ذهب إلى هناك والذي اشتاق للذهاب ولم يسعفه المال أو لم يهيئ له جسمه بسبب مرضه الذهاب أو منعه مانع شديد فوق طاقته من الذهاب إلى هناك وتشفع لهم وأما من نوى وسافر ومات في الطريق فيقول عنه النبي الشفيق{مَنْ خَرَجَ حَاجّاً أَوْ مُعْتَمِراً أَوْ غَازِياً ثُمَّ مَاتَ فِي طَرِيقِهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ الْغَازِي وَالْحَاج وَالْمُعْتَمِرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ }[6] يبعث الله في كل عام ملكاً على هيئته وفي صورته يلبي عنه ويحج عنه ويجعل ذلك كله في ثوابه يوم القيامة فابشروا بهذا الفضل العظيم والخير الكريم من المولى وعجل الله لنا هنا أعمالاً تسوينا بمن هناك فمن كان عنده خير ويستطيع أن يشتري أضحية ليتأسى بالخليل uفإن الله أمره أن يذبح ولده في المنام ورأى ذلك في اليوم الثامن من ذي الحجة فتروى في أمره وظن أن ذلك حلم من الشيطان فرأى الرؤيا مرة أخرى في ليلة التاسع فاستخار الله U حتى عرف حقيقة الرؤيا فسمى اليوم الثامن يوم التروية واليوم التاسع يوم عرفة لأنه عرف أنه فضل الله عليه فلما كانت ليلة العيد رأى الرؤيا للمرة الثالثة فدعا ولده في الصباح وقال: يا بني{إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى}ماذا قال الغلام الذي تربى في حجر النبوة؟{يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ }فاحتضنه وقبله ودعا له وقال له: نعم الولد أنت يا ولدي فقد كنت عوناً لأبيك ثم أعطاه الحبل وأعطاه السكين وقال: تظاهر أمام أمك أنك خارج للصيد وسأتبعك بعد قليل والموعد شعاب منى فخرج الغلام وجاء الشيطان يزين للغلام بأنه سوف يقتل لأنه قال كما قال الله{سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}وهنا أبين لكم لمحة صغيرة من كلام رب العالمين موسى لما مشى مع العبد الصالح قال{سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِراً}فما استطاع أن يصبر ولكن إسماعيل تواضع لله وطلب أن يكون مع الصابرين فصبره الله وأعانه على هذا العمل وكأن الله يضرب لنا المثل بأن من يتواضع لله ويدخل نفسه في عداد عباد الله يرفعه الله ولذا كان أنبياء الله يقولون{تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}{رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}يكون من الصالحين مع أنهم أنبياء ومع أنهم مرسلون لكن هذا أدب رب العالمين مع الأنبياء والمرسلين والصالحين أجمعين وجاء الغلام وجاء أباه فقال: يا أبت انزع عني قميصي حتى لا يقع عليه الدم فتراه أمي والقني على وجهي حتى لا تنظر إلى وجهي فتأخذك الرحمة في تنفيذ أمر الله واشحذ السكين لتكون اسرع في القطع حتى لا يصيبك وهن في تطبيق أمر الله فنزع عنه قميصه وألقاه على وجهه وشحذ السكين وأخذ يمر بها على رقبته بشدة وقوة وسرعة ولكنها لم تقطع فقال لها: خيبك الله وقبحك الله من سكين لم لا تقطعين؟ فانطقها الله وقالت يا خليل الله أنا بين أمرين الجليل يقول لي لا تقطعي والخليل يقول لي اقطعي وأنا من قبل الجليل ولست من قبل الخليل وكيف يقطع عنق إسماعيل وفي وجهه نور محمد فقال: يا ربَّ اعن عبدك إبراهيم على تنفيذ أمرك فنزل جبريل بالكبش الذي تقبله الملك العلام من هابيل بن آدم عندما قرب قربانه فنزلت الملائكة وحملته ووضعته في ربوع الجنة وظل يرعى فيها ثم نزل ليفدي به الله إسماعيل نبي الله عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام وظلت تلك السنة إلى يوم القيامة على الموسرين وعلى أهل القدرة من المؤمنين فقد قال النبى{مَنْ وَجَدَ سَعَةً لأَنْ يُضَحيَ فَلَمْ يُضَح فَلاَ يَحْضُرْ مُصَلاَّنَا}[7]من كان عنده سعة ولم يضحي منع رسول الله أن يصلي معهم لأن الأضحية إحياء لذكرى إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ماذا في الأضحية؟من ضحى بشروط الأضحية وهي أن تكون بعد صلاة العيد{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ }وأن تكون كبشاً مر عليه ستة أشهر أو ماعز مر عليه عام عن واحد وعائلته أو بقرة عن سبع بيوت أو جمل عن سبع بيوت على أن تكون ليس فيها عيب لا عوراء ولا عضباء ولا منزوعة القرن ولا جرباء ولا مشقوقة الأذن ولا مريضة ماذا له من الأجر؟ اسمعوا إلى نبيكم الكريم يوصي ابنته فاطمة فيقول:{يَا فَاطِمَةُ قُومِي فا شْهَدِي أُضْحِيَتَكِ فَإنَّ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا مَغْفِرَةً لِكُلِّ ذَنْبٍ }[8]كأن الأضحية تشبه الحج فالحاج يرجع كيوم ولدته أمه والذي يضحي بهذه الطريقة يخرج من أضحيته كيوم ولدته أمه ولذلك كانت هذه السنة قائمة بيننا مع أن أبائنا وأمهاتنا كانوا جهلاء ليسوا متعلمين مثلنا وليس معهم من الخير كما معنا الآن لماذا؟ لهذا الفضل الذي عملوه أضحية قليلة بثمن يسير تجعل الرجل وزوجته وأولاده جميعاً كأنهم حجوا بيت الله الحرام لأن الله يغفر لهم كل ذنب فعلوه أما الثواب فقد قال r عندما سأله أصحابه:مالنا في أضحياتنا يا رسول الله؟ قال r{مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْساً}[9]من منا يستطيع أن يعد الصوف أو شعر الماعز؟ ثم الثالثة قال النبى{إِسْتَفْرِهُوا [استسمنوا]ضَحَايَاكُمْ فَإنَّهَا مَطَايَاكُمْ عَلَى الصرَاطِ }[10]الركائب التي نركبها على الصراط هي هذه الضحايا فمنا من يمر على أضحيته كالبرق الخاطف ومنا من يمر كلمح البصر ومنا من يمر كالريح المسرعة فعليكم معشر المؤمنين أن تضحوا ولو مرة في العمر كله تكتبوا في ديوان المضحين ولا تحرموا من هذا الثواب العظيم عند رب العالمين والثمن كثير ونحن نصرف الكثير والكثير ولكن الشيطان يأتي عند الخير فيحضر للأنفس شحها ويزين لها بخلها حتى يحرمها من ثواب ربها والذبح يكون بعد العيد في يوم العيد مدة أيام العيد يجوز في اليوم الأول والثاني والثالث والرابع على أنه يستحسن أن يكون الذبح نهاراً وكره الأئمة أن يذبح الإنسان ليلاً ويوزع الإنسان جزءاً منها للفقراء ويعطي جزءاً كهدايا للأقرباء ويأكل منها كما أمر الله{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}فإذا أمرنا الله بهذا الفضل وأعطانا هذا الأجر فلا غرو أن نكبر نحن لله كما يكبر الحجيج لله ونقول نحن هنا ويقولون هناك ونقول جميعاً الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ولذا أمركم رسولكم الكريم بالتكبير وقال{زَيِّنُوا أَعْيَادَكُمْ بالتَّكْبِيرِ}[11]والتكبير يبدأ من صبح يوم عرفة (يوم الوقفة)إلى عصر اليوم الرابع من أيام العيد على الكبير والصغير وعلى الرجال والنساء على المصلي في جماعة والمصلي بمفرده فمن فاتته صلاة الجماعة وصلى بمفرده يجب عليه أن يكبر بعد الصلاة بصوت مرتفع كما أمر رسول الله : بل إنه يستحب دبر صلاة النوافل فمن صلى الضحى فليكبر بعدها ومن صلى التهجد فليكبر بعده بل استحسن الإمام الشافعي إذا كانت هناك جنازة في أيام العيد وصلينا عليها صلاة الجنازة أن نكبر بعدها لأن التكبير سنة الله وهدى رسول الله وفرحة ملائكة الله وزينة العيد التي أخبرنا بها رسول الله فعلينا أن نكبر عقب كل صلاة فرادى أو جماعات إلى عصر اليوم الرابع من أيام العيد وعلينا أن نطلب من زوجاتنا وبناتنا أن يكبرن في بيوتهن بعد كل صلاة لأن التكبير سنة رسول الله {وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

[1] حاشية الجمل، مراح لبيد للنووى الحاوى ، كنز الدقائق لعبد الله أحمد النسفى عن مجاهد.

[2] رواه الدار قطنى في سننه وأحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أبي هريرة.

[3] رواه ابن ماجه عن عبد اللَّه بن كنانة بن عباس بن مرداس أن أباه أخبره عن أبيه.، الترغيب والترهيب وغيره.

[4] الْخطيب في المتفق والمفترق عن أنسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ.

[5] الشيرازي في الأَلْقاب ، أَبو مطيع في أَمَالِيهِ عن عمر رضَي اللَّهُ عنهُ.

[6] رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة.

[7] رواه ابن ماجة في سننه وأحمد والحاكم عن أبي هريرة

[8] رواه البزار

[9] رواه البزار وابن حبان في كتاب الضحايا والأصبهاني عن أبي سعيد.

[10] رواه السيوطي في الفتح الكبير والديلمي عن أبي هريرة.

[11] رواه الطبراني في الصغير والأوسط والسيوطي في الكبير عن أبي هريرة.







آخر مواضيعي 0 خوف
0 اسرار
0 اللهم اجعلنا من المحسنين
0 اعرف مين هى مصر
0 البقلة
رد مع اقتباس
قديم 10-05-2014, 05:34 PM رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
طارق سرور

الصورة الرمزية طارق سرور

إحصائية العضو







طارق سرور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: حكمة الحج ومشاهده

ســــــــــــــــرُّ خلَّةَ أبينا إبراهيم
نحن في أيام خليل الله وقد كان هذا اليوم يوم استجابة من الله لخليله إبراهيم حيث طلب من الله أن يجعل له لسان صدق في الآخرين يعني يذكرونه ويشرحون سيرته ويتعظون بمسيرته ويتأسون بسنته إلى يوم الدين فما من نبي إلا ونذكره سنة وننساه سنين أو نذكره وقتاً قد يطول وقد يقصر إلا نبي الله إبراهيم فلابد أن نذكره كل عام ولابد أن نحكي قصته كل عيد أضحى لماذا؟استجابة لقول الله{وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ}هذا النبي الكريم اسمه خليل الله لماذا سمي بهذا الاسم؟روى البخاري ومسلم أن خليل الله إبراهيم خرج كعادته يوماً يبحث عن الضيفان وكان لا يأكل إلا مع ضيف ويمكث يوماً بل أيام بدون أكل حتى يعثر على ضيف ليأكل معه وكان يمشي الأميال باحثاً ذات اليمين وذات الشمال عن الضيف لما علمه من أجر إكرام الضيف عند الكريم فذهب يوماً وعاد ولم يجد أحداً ثم دخل المنزل فوجد رجلاً جالساً في منزله فقال له: لم دخلت المنزل بدون إذن سيده؟ قال: قد أذن لي رب الدار قال: من أنت؟ قال: أنا ملك أرسلني الله ليبشر رجلاً من عباده بأنه خليل الله قال: دلني على هذا الرجل فوالله لو دللتني عليه ثم كان في أقصى بقاع الأرض لذهبت إليه وعشت معه حتى ألقى الله قال: إنه أنت قال: أنا أنا وأخذ يكررها مبهوراً متعجباً فرحاً مستبشراً قال: ولم؟ قال: لأنك تعطي لله ولا تسأل الناس شيئاً وانتهى الملك من بشارته وإذا بملك الملوك يفتح بابه لإبراهيم ويوحي إليه يا إبراهيم تعلم لم اتخذتك خليلاً؟ قال: لا يا رب قال: لأنك جعلت جسدك للنيران وولدك للقربان ومالك للضيفان وقلبك للرحمن فلم يأخذها بالفهلوة ولم يأخذها بالنصب والاحتيال ولم يأخذها بطريق مفروش بالورود ولكنه طريق صعب طويل في سبيل الدعوة إلى الملك الجليل بدأ هذا الطريق مع أبيه أولاً حيث كان أبوه هو الذي يصنع الآلهة ويبيعها للناس ليعبدوها من دون رب الناس فطلب منه أن يذهب إلى السوق ليبيع هذه الآلهة فنفذ الأمر وذهب إلى السوق وأخذ ينادي عليها ساخراً متهكماً ويقول: الإله الذي لا ينفع ولا يضر ولا يسمع ولا يبصر بكذا فنقل الناس الخبر إلى أبيه فجاء إليه مسرعاً وقال: ماذا تفعل؟ - لأنه يحارب دين أباه -فقال{يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً}فلما اعترض على موقفه طرده من بيته فخرج غير نادم على ما حدث لأنه نذر نفسه لله وقال كما قال الله{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}ثم أخذ يدعو قومه بالحكمة تارة وباللين تارة وبالجدال تارة فيذهب إلى من يعبدون النجوم وهم كثير في بلده الأولى العراق ويسمون الصابئة وجلس معهم ليلة طويلة عريضة وقال لهم: ماذا تعبدون؟ قالوا: هذا وأشاروا إلى نجم فانتظر حتى أفل النجم وقال: إني لا أحب الآفلين ثم أشاروا إلى القمر فجلس معهم حتى طلع الصباح وكسف ضوء القمر فقال أيضاً: إني لا أحب الآفلين ثم طلعت الشمس فقال متهكماً: أظن أن هذا إله أكبر فنورها أسطع وحجمها أكبر وإشراقها أوسع ثم جاورهم حتى غابت الشمس وأقام عليهم الحجة بأن هذه الآلهة لا تنفع ولا تضر وإنما الإله الحق هو رب العالمين فما كان منهم إلا أن أخذوه إلى النمروذ ملكهم وكان قد طغى وبغى وأدعى الألوهية قال: يا إبراهيم هل علمت لك من إله غيري؟ ألك رب سواي؟ قال: ربي الذي يحيي ويميت ولم يعبأ بسلطانه ولم يهتز لصولجانه ولم يهب من كثرة جنوده مع أنه من الملوك المعدودين الذين ملكوا أكثر البسيطة الأرضية إلا أن الإيمان ثبت قلبه وقوى فؤاده فقال النمروذ: أنا أحيي وأميت قال: كيف؟ فجاء برجلين حكم عليهما بالقتل وأشار إلى حاشيته وقال: اقتلوا هذا ثم أشار إلى الآخر وقال: أنا عفوت عن هذا أنا أحييته وأعطيته حياة جديدة وظن أنه كسب الجولة فإذا بإبراهيم الذي علمه العليم الحكيم يأتيه بقاصمة الظهر ويقول له{فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} واحتار في الأمر وتروى وتدبر ثم أطلق سراحه بعد أن أمر الجميع أن لا يكلموه ولا يحدثوه ولا يستمعوا إليه ولكنه أصر على أن يكمل رسالته مع الله فخرجوا في يوم عيدهم وأرادوا أن يخرج معهم فقال: إني سقيم أي إني مريض من كفركم وشرككم بالله وصمم على أن يأتي لهم بمصيبة جديدة تلفت نظرهم إلى الله فجعلهم يتوجهون إلى حضرة الله فخرجوا وتركوه وحيداً عند بيوتهم فخرج إلى الأصنام وحطمها جميعاً ثم وضع الفأس على رأس كبيرهم فلما رجعوا ووجدوا ما حدث{قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ}قالوا: ومن يكون إلا إبراهيم لأنه الوحيد الذي يعيب علينا عبادة هذه الآلهة ويسخر بها ويستهزأ بها فجاءوا به وقالوا{أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}وأشار إلى أصبعه الأكبر (يعني أن يده هذه هي التي فعلت) وأشار بيده إلى الصنم الأكبر لأن الأنبياء لا يكذبون في مزاح ولا في لهو ولا في شئ لأن الله ثبتهم على الحق فقال: بل فعله كبيرهم هذا وهو يقصد إصبعه الأكبر وهم يظنون أنه يقصد الصنم الأكبر ثم أخذ يجادلهم وبعد ذلك علموا أنه على الحق وإنهم على الباطل ومع ذلك أخذتهم العزة بالإثم فدبر النمروذ أمره بأن يلقيه في النار وبدأو التجهيزات لذلك وأخذوا يجمعون الحطب واستمروا في جمعها لمدة ستة أشهر حتى أن المرأة التي كانت تتعسر في وضعها كانت تنذر أنها إذا وضعت تحضر حطباً لإحراق إبراهيم والتي مرض ولدها تنذر أنه إذا شفى تجمع الحطب لحرق إبراهيم حتى جمعوا حطباً يحرق مدينة من الناس وليس رجلاً وإن كان سماه الله أمة {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً}ثم أوقدوا النار وأشعلوها وبعد اشتعالها لم يستطيعوا أن يقتربوا من النار لشدة حرارتها وقالوا كيف نلقيه فيها ونحن لا نستطيع أن نقترب منها وإذا بإبليس اللعين ينزل في صورة آدمية ويرشدهم لعمل المنجنيق وهي آلة كالمقلاع تقذف الأشياء لأماكن بعيدة ووضح لهم كيف يضعوه فيها بأن يصعدوا على قمة جبل ومعهم المنجنيق ثم يضعوا فيه إبراهيم بعد تكتيفه بالحبال ويقذفونه في وسط النيران وهنا ضجت ملائكة السموات يقولون(يا ربنا عبدك إبراهيم لا يعبدك في الأرض سواه فما كان من الجليل إلا أن قال لهم: إذا كان قد استعان بكم فأعينوه أي فهل استغاث بكم؟ فقال سيدنا إسرافيل: يا ربَّ مرني أن انزل الأمطار على النار لتطفأها على الخليل فقال الجليل : إذا استغاث بك فاغثه وقال الأمين جبريل: يا ربَّ عبدك إبراهيم قال: انزل فإذا سألك حاجة فاعطها له فنزل جبريل على إبراهيم وقال يا خليل الله ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا. قال: إذا كانت إلى الله فاطلبها من الله أبلغها إلى الله فقال: علمه بحالي يغني عن سؤالي فوضع جبريل إصبعه في الأرض فنبعت عين ماء ومد يده في الجنة فجاء بشجرة تفاح ووضعها بجوار الماء وجاء بأريكة من الجنة وفرشها بجوار الماء تحت الشجرة وكان في النار كما قال لها الواحد القهار{يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ}فلم تحرق النار إلا أحباله وقيوده التى قيدوه بها حراً فريداً يجلس على الأريكة في ظل الشجرة يأكل التفاح ويشرب الماء ويذكر الله لمدة شهرين كاملين في هذه النار حتى اطفأت فقد استمرت موقدة لمدة شهرين كاملين ولكن القوم عندما رأوه تعجبوا وقال النمروذ في جبروته وعتوه: من تعبد يا إبراهيم؟ قال: أعبد الله قال: إنه إله كريم يستحق أن اذبح له مائة بدنة فنحر مائة بقرة لله ولكن الله لم يتقبلها منه لأنه لم يؤمن بالله قال الخليل: إن الله لا يريد بدناتك ولكن يريد أن توحده ويريد أن تعبده ويريد أن تعرفه وهو غني عنك وعن بدناتك جميعاً واستمر يدعو الله ويدعو هؤلاء القوم إلى عبادة الله ولكنه في النهاية زاد غرورهم وعتوهم بل إنهم في النهاية أصدروا أمراً بطرده من البلاد فقال{وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}هذا الخليل ألقى جسمه في النيران وقدم ولده قرباناً لحضرة الرحمن وكان ماله كله للضيفان حتى أن الرحمن يحكي لنا أنه جاءه رجلان فماذا فعل؟ اثنين يكفيهما نصف دجاجة لكنه كما قال الله{جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ}جاء بعجل سمين جاء بعجل حنيذ يعني مشوي شواه لهم لأنه كان كريماً مع الله فقالوا له: يا إبراهيم لا نأكل طعامك إلا إذا دفعنا الثمن قال: الثمن الذي أطلبه منكم أن تذكروا الله أوله وتحمدوه في آخره فقالوا: صدق من سماك الخليل بل أنه مشى ذات يوم وقد تعجبت ملائكة الله من أحواله فاختار الله منهم نفراً وأمرهم أن ينزلوا لاختباره بعد أن نما ماله وكان كثير وكثير فنزلوا وذكر واحد منهم الله بصوت شجي يطرب السامعين فقال الخليل: أعد علي ذكر الله الذي ذكرته آنفاً قال: لا أعيد حتى تعطيني ما أريد قال: وماذا تريد؟ قال: تعطيني وادياً مملوءاً بالغنم من أغنامك وكان له وديان كثيرة مليئة بالأغنام لأنه أبو الضيفان كما سماه الرحمن فماذا قال للملك؟قال: اسمعني ذكر ربك ولك كل ما ملكت من أودية مملوءة بالجمال أو الأبقار أو الأغنام فضجت الملائكة في السموات وقالوا: صدق الله إذ سماك الخليل لأنه مع أن الله أعطاه المال الكثير إلا إنه لم ينشغل به عن ذكر العلي الكبير اختبره الله بعدم الإنجاب فلم ينجب إلا بعد ثمانين عاماً مضت من عمره ولم يتغير ولم يتبدل اختبره الله في زوجه حيث سلط عليها فرعون مصر ولكنه لم يتغير قلبه اختبره الله بعد أن أعطاه الولد بعد هذا العمر الطويل وأمره بأن يبعده ويضعه في مكان قفر لا زرع فيه ولا ضرع فيه ولا ماء فيه ولا أنيس فيه وهو في كل ذلك لا يتغير قلبه طرفة عين عن خالقه وبارئه فما كان من الله بعد أن نجح في كل هذه الابتلاءات ونجا من كل هذه الامتحانات إلا أن جعله أباً لنا ولمن قبلنا ولمن بعدنا ووفقه الله لأعمال الفطرة التي لم تظهر إلا على يديه كيف ذلك؟كان أول من اختتن من الرجال واختتن وهو ابن مائة وعشرون عاماً بقادوم بعد أن أمره الله بالاختتان. والاختتان يعني الطهارة وكان أول من نظف فاه وكان أول من استنشق بالماء وأول من لبس السراويل يعني ساتر العورة والبنطلونات حتى لا تظهر عورته وأول من ظهر الشيب في رأسه فقال: ما هذا يا رب؟ قال: هذا وقار يا إبراهيم. قال: يا ربَّ زدني وقاراً قال:يا إبراهيم إني استحي من رجل شاب في الإسلام أن أعذبه بالنار وكان أول هذه الأمة في حج بيت الله الحرام كما أمر الملك العلام فهو الذي بنى البيت وهو الذى نسك مناسك البيت وكلما طاف الحجيج بالبيت وكلما سعوا بين الصفا والمروة وكلما وقفوا على عرفات وكلما رموا الجمرات وكلما شربوا من زمزم تذكروا بذلك إبراهيم الخليل وولده إسماعيل وزوجته هاجر وذلك كله تكريماً لإبراهيم لأن الله اختاره واصطفاه قال النبى عندما قيل له أنت أكرم الخلق على الله قال{ذاك إبراهيم إنَّ الكَرِيمَ ابْنُ الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بنِ إسْحاقَ بنِ إبراهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمنِ عَزَّ وَجَلَّ}[2]وقال{أَوَّلُ مَنْ يُكْسَىٰ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قُبْطِيَّتَيْنِ ثُمَّ يُكْسَىٰ مُحَمَّدٌ حُلَّةً حَبِرَةً وَهُوَ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ}[3]لقد كان لكم في إبراهيم خليل الله أسوة حسنة وفي محمد أسوة كريمة فإن الله اختارنا للإسلام والإيمان وجعلنا جميعاً عباد الرحمن وقال النبى{قال الله للدنيا يا دنيا مري ولا تحلولي لعبادي الصالحين حتى لا ينشغلوا بك عني}[4]فإن الله عندما يغلي علينا الأسعار أو يصيبنا ببعض الأمراض أو ياتي لنا ببعض الهموم ويعفي من ذلك الفجار والكفار فإن ذلك شأن عجيب؟فهم كما ترون ينعمون بالمال وينعمون بالخيرات وينعمون بالحياة الدنيا لأن الأمر كما قال النبى{الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ}[5]أما أنتم معشر المؤمنين فإن الله يريد أن يرفع درجاتكم ويريد أن يغفر زلاتكم ويريد أن يستر عيوبكم ويريد أن يطهر قلوبكم فكلما أسرف العبد منا على نفسه في الخطايا جاءه الله ببلاء قريب ويعينه عليه ليغفر له به هذه الذنوب فإذا أصيب بمرض فصبر عليه ولم يشكو ورد فى الأثر{مرض يوم يكفر ذنوب سنة}وقال الله في حديثه القدسي{أَبْتَلِـي عَبْدِي الـمُؤْمِنَ فإذَا لـم يَشْكُ إلـى عُوَّادِهِ ذلِكَ حَلَلْتُ عنهُ عِقْدِي وأَبْدَلْتُهُ دماً خيراً من دمِهِ وَلَـحْمَا خيراً من لَـحْمِهِ ثم قلتُ له: إئتنِفِ العَمَلَ}[6]فإذا أصابه هذا المرض كان تكفيراً لخطاياه أو رفعة لدرجته عند الله فإن لم يصبه بالمرض أصابه بهم المعاش أو أصابه بهم الأولاد أو أصابه بنكد من الزوجة أو يصاب بأي شئ من أشياء الدنيا وكل هذه الأشياء يقول فيها نبيكم الكريم r{لا يُصيبُ المرءَ المؤمنَ مَنْ نَصَبٍ ولا وَصَبٍ ولا هَمَ ولا حُزْنٍ ولا غَمَ ولا أَذىً حتى الشوكةُ يُشَاكُها إلا كَفَّرَ اللَّهُ عنهُ بها خَطايَاهُ}[7] كل هذه تكفير لنا يا عباد الله ولذلك أمرنا الله أن نقول{قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا}لم يقل إلا ما كتب الله علينا لأن الذي كتبه الله لنا الأجر والثواب والخير والفضل الكثير لكن لو قال إلا ما كتبه الله علينا فالذي يكتبه علينا الأوزار والذنوب والعيوب والمخالفات فكل من ابتلاه الله فإنما يبتليه ليرفع شأنه وليقيمه في مقام الصالحين وليلحقه بالنبيين فقد ورد{عن مُصْعَبِ بنِ سعد عن أبيه قالَ : يارسولَ اللَّهِ مَنْ أشدُّ الناسِ بَلاءً؟قالَ:«الأنبياءُ ثم الأَمْثَلُ فالأمثلُ يُبْتَلَى العبدُ على حَسَبِ دينِهِ فما يَبْرَحُ البَلاءُ بالعبدِ حتى يَدَعَهُ يَمْشي على الْأَرْضِ وما عليهِ خَطيئةٌ}[8]وورد أيضاً أنه{دَخَـلَ سعيدٍ الـخُدْرِيَّ عَلَـى رسولِ الله وهو مَوْعُوْكٌ علـيه قَطِيْفَةٌ فَوَضَعَ يَدَهُ علـيهِ فَوَجَدَ حَرَارَتَهَا فوقَ القَطِيْفَةِ فقالَ أبو سعيدٍ: ما أَشَدَّ حَرَّ حُمَّاكَ يا رسولَ الله فقالَ رسولُ الله: إنَّا كَذَلِكَ يُشَدَّدُ عَلَـيْنَا البلاءُ ويُضَاعَفُ لنا الأَجْرُ ثم قالَ: يا رسولَ الله مَنْ أَشَدُّ الناسِ بلاءً قالَ: الأنبـياءُ قالَ ثم مَنْ قالَ: ثم العُلَـمَاءُ قالَ ثُمَّ مَنْ قالَ: ثم الصَّالِـحُونَ كان أَحَدُهُمْ يُبْتَلَـى بالفَقْرِ حتَّـى ما يَجِدُ إلاَّ العباءَةَ يَلْبَسُهَا ويُبْتَلَـى بالقَمْلِ حتَّـى يَقْتُلَهُ ولأَحَدُهُمْ أَشَدُّ فرحاً بالبلاءِ من أَحَدِكُمْ بالعطاءِ }[9]لماذا؟ لأن الدنيا ساعة فاجعلها طاعة لله Uوالإنسان كما أخبر الديان{إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى }عندما يرى جسمه صحيحاً وماله كثيراً وولده حوله يغتر بل ربما يطغى بل ربما يفسد في الأرض فمن رحمة الله بعباده المؤمنين أن يكدرهم بهذه الآلام ويفكرهم بهذه المصائب حتى لا ينسوا فضل الله وحتى لا يغفلوا عن طاعة الله وحتى يظلوا طوال عمرهم معتمدين أولاً وآخراً على جميل فضل الله وعلى كريم صنع الله ويعلموا بأن الأمر في الأولى والآخرة متوقف على جناب الله وعلى عطف الله فيشكرون الله

[1] رواه الطبراني في الكبير عن أبي عتبة الخولاني

[2] رواه البخاري وأحمد في مسنده والحاكم في المستدرك والترمذي في سننه والنسائي في سننه عن ابن عمر

[3] رواه أحمد في مسنده وأبو يعلى في مسنده عن ابن عباس.

[4] رواه صاحب مسند الشهاب عن ابن مسعود.

[5] رواه مسلم وأحمد عن أبي هريرة

[6] سنن البيهقى الكبرى عن أبي هريرة

[7] رواه البخاري وابن حبان في صحيحه وابن أبي الدنيا عن أبي هريرة.

[8] صحيح ابن حبان

[9] سنن البيهقى الكبرى







آخر مواضيعي 0 خوف
0 اسرار
0 اللهم اجعلنا من المحسنين
0 اعرف مين هى مصر
0 البقلة
رد مع اقتباس
قديم 10-05-2014, 05:34 PM رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
طارق سرور

الصورة الرمزية طارق سرور

إحصائية العضو







طارق سرور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: حكمة الحج ومشاهده

ســــــــــــــــرُّ خلَّةَ أبينا إبراهيم
نحن في أيام خليل الله وقد كان هذا اليوم يوم استجابة من الله لخليله إبراهيم حيث طلب من الله أن يجعل له لسان صدق في الآخرين يعني يذكرونه ويشرحون سيرته ويتعظون بمسيرته ويتأسون بسنته إلى يوم الدين فما من نبي إلا ونذكره سنة وننساه سنين أو نذكره وقتاً قد يطول وقد يقصر إلا نبي الله إبراهيم فلابد أن نذكره كل عام ولابد أن نحكي قصته كل عيد أضحى لماذا؟استجابة لقول الله{وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ}هذا النبي الكريم اسمه خليل الله لماذا سمي بهذا الاسم؟روى البخاري ومسلم أن خليل الله إبراهيم خرج كعادته يوماً يبحث عن الضيفان وكان لا يأكل إلا مع ضيف ويمكث يوماً بل أيام بدون أكل حتى يعثر على ضيف ليأكل معه وكان يمشي الأميال باحثاً ذات اليمين وذات الشمال عن الضيف لما علمه من أجر إكرام الضيف عند الكريم فذهب يوماً وعاد ولم يجد أحداً ثم دخل المنزل فوجد رجلاً جالساً في منزله فقال له: لم دخلت المنزل بدون إذن سيده؟ قال: قد أذن لي رب الدار قال: من أنت؟ قال: أنا ملك أرسلني الله ليبشر رجلاً من عباده بأنه خليل الله قال: دلني على هذا الرجل فوالله لو دللتني عليه ثم كان في أقصى بقاع الأرض لذهبت إليه وعشت معه حتى ألقى الله قال: إنه أنت قال: أنا أنا وأخذ يكررها مبهوراً متعجباً فرحاً مستبشراً قال: ولم؟ قال: لأنك تعطي لله ولا تسأل الناس شيئاً وانتهى الملك من بشارته وإذا بملك الملوك يفتح بابه لإبراهيم ويوحي إليه يا إبراهيم تعلم لم اتخذتك خليلاً؟ قال: لا يا رب قال: لأنك جعلت جسدك للنيران وولدك للقربان ومالك للضيفان وقلبك للرحمن فلم يأخذها بالفهلوة ولم يأخذها بالنصب والاحتيال ولم يأخذها بطريق مفروش بالورود ولكنه طريق صعب طويل في سبيل الدعوة إلى الملك الجليل بدأ هذا الطريق مع أبيه أولاً حيث كان أبوه هو الذي يصنع الآلهة ويبيعها للناس ليعبدوها من دون رب الناس فطلب منه أن يذهب إلى السوق ليبيع هذه الآلهة فنفذ الأمر وذهب إلى السوق وأخذ ينادي عليها ساخراً متهكماً ويقول: الإله الذي لا ينفع ولا يضر ولا يسمع ولا يبصر بكذا فنقل الناس الخبر إلى أبيه فجاء إليه مسرعاً وقال: ماذا تفعل؟ - لأنه يحارب دين أباه -فقال{يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً}فلما اعترض على موقفه طرده من بيته فخرج غير نادم على ما حدث لأنه نذر نفسه لله وقال كما قال الله{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}ثم أخذ يدعو قومه بالحكمة تارة وباللين تارة وبالجدال تارة فيذهب إلى من يعبدون النجوم وهم كثير في بلده الأولى العراق ويسمون الصابئة وجلس معهم ليلة طويلة عريضة وقال لهم: ماذا تعبدون؟ قالوا: هذا وأشاروا إلى نجم فانتظر حتى أفل النجم وقال: إني لا أحب الآفلين ثم أشاروا إلى القمر فجلس معهم حتى طلع الصباح وكسف ضوء القمر فقال أيضاً: إني لا أحب الآفلين ثم طلعت الشمس فقال متهكماً: أظن أن هذا إله أكبر فنورها أسطع وحجمها أكبر وإشراقها أوسع ثم جاورهم حتى غابت الشمس وأقام عليهم الحجة بأن هذه الآلهة لا تنفع ولا تضر وإنما الإله الحق هو رب العالمين فما كان منهم إلا أن أخذوه إلى النمروذ ملكهم وكان قد طغى وبغى وأدعى الألوهية قال: يا إبراهيم هل علمت لك من إله غيري؟ ألك رب سواي؟ قال: ربي الذي يحيي ويميت ولم يعبأ بسلطانه ولم يهتز لصولجانه ولم يهب من كثرة جنوده مع أنه من الملوك المعدودين الذين ملكوا أكثر البسيطة الأرضية إلا أن الإيمان ثبت قلبه وقوى فؤاده فقال النمروذ: أنا أحيي وأميت قال: كيف؟ فجاء برجلين حكم عليهما بالقتل وأشار إلى حاشيته وقال: اقتلوا هذا ثم أشار إلى الآخر وقال: أنا عفوت عن هذا أنا أحييته وأعطيته حياة جديدة وظن أنه كسب الجولة فإذا بإبراهيم الذي علمه العليم الحكيم يأتيه بقاصمة الظهر ويقول له{فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} واحتار في الأمر وتروى وتدبر ثم أطلق سراحه بعد أن أمر الجميع أن لا يكلموه ولا يحدثوه ولا يستمعوا إليه ولكنه أصر على أن يكمل رسالته مع الله فخرجوا في يوم عيدهم وأرادوا أن يخرج معهم فقال: إني سقيم أي إني مريض من كفركم وشرككم بالله وصمم على أن يأتي لهم بمصيبة جديدة تلفت نظرهم إلى الله فجعلهم يتوجهون إلى حضرة الله فخرجوا وتركوه وحيداً عند بيوتهم فخرج إلى الأصنام وحطمها جميعاً ثم وضع الفأس على رأس كبيرهم فلما رجعوا ووجدوا ما حدث{قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ}قالوا: ومن يكون إلا إبراهيم لأنه الوحيد الذي يعيب علينا عبادة هذه الآلهة ويسخر بها ويستهزأ بها فجاءوا به وقالوا{أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}وأشار إلى أصبعه الأكبر (يعني أن يده هذه هي التي فعلت) وأشار بيده إلى الصنم الأكبر لأن الأنبياء لا يكذبون في مزاح ولا في لهو ولا في شئ لأن الله ثبتهم على الحق فقال: بل فعله كبيرهم هذا وهو يقصد إصبعه الأكبر وهم يظنون أنه يقصد الصنم الأكبر ثم أخذ يجادلهم وبعد ذلك علموا أنه على الحق وإنهم على الباطل ومع ذلك أخذتهم العزة بالإثم فدبر النمروذ أمره بأن يلقيه في النار وبدأو التجهيزات لذلك وأخذوا يجمعون الحطب واستمروا في جمعها لمدة ستة أشهر حتى أن المرأة التي كانت تتعسر في وضعها كانت تنذر أنها إذا وضعت تحضر حطباً لإحراق إبراهيم والتي مرض ولدها تنذر أنه إذا شفى تجمع الحطب لحرق إبراهيم حتى جمعوا حطباً يحرق مدينة من الناس وليس رجلاً وإن كان سماه الله أمة {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً}ثم أوقدوا النار وأشعلوها وبعد اشتعالها لم يستطيعوا أن يقتربوا من النار لشدة حرارتها وقالوا كيف نلقيه فيها ونحن لا نستطيع أن نقترب منها وإذا بإبليس اللعين ينزل في صورة آدمية ويرشدهم لعمل المنجنيق وهي آلة كالمقلاع تقذف الأشياء لأماكن بعيدة ووضح لهم كيف يضعوه فيها بأن يصعدوا على قمة جبل ومعهم المنجنيق ثم يضعوا فيه إبراهيم بعد تكتيفه بالحبال ويقذفونه في وسط النيران وهنا ضجت ملائكة السموات يقولون(يا ربنا عبدك إبراهيم لا يعبدك في الأرض سواه فما كان من الجليل إلا أن قال لهم: إذا كان قد استعان بكم فأعينوه أي فهل استغاث بكم؟ فقال سيدنا إسرافيل: يا ربَّ مرني أن انزل الأمطار على النار لتطفأها على الخليل فقال الجليل : إذا استغاث بك فاغثه وقال الأمين جبريل: يا ربَّ عبدك إبراهيم قال: انزل فإذا سألك حاجة فاعطها له فنزل جبريل على إبراهيم وقال يا خليل الله ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا. قال: إذا كانت إلى الله فاطلبها من الله أبلغها إلى الله فقال: علمه بحالي يغني عن سؤالي فوضع جبريل إصبعه في الأرض فنبعت عين ماء ومد يده في الجنة فجاء بشجرة تفاح ووضعها بجوار الماء وجاء بأريكة من الجنة وفرشها بجوار الماء تحت الشجرة وكان في النار كما قال لها الواحد القهار{يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ}فلم تحرق النار إلا أحباله وقيوده التى قيدوه بها حراً فريداً يجلس على الأريكة في ظل الشجرة يأكل التفاح ويشرب الماء ويذكر الله لمدة شهرين كاملين في هذه النار حتى اطفأت فقد استمرت موقدة لمدة شهرين كاملين ولكن القوم عندما رأوه تعجبوا وقال النمروذ في جبروته وعتوه: من تعبد يا إبراهيم؟ قال: أعبد الله قال: إنه إله كريم يستحق أن اذبح له مائة بدنة فنحر مائة بقرة لله ولكن الله لم يتقبلها منه لأنه لم يؤمن بالله قال الخليل: إن الله لا يريد بدناتك ولكن يريد أن توحده ويريد أن تعبده ويريد أن تعرفه وهو غني عنك وعن بدناتك جميعاً واستمر يدعو الله ويدعو هؤلاء القوم إلى عبادة الله ولكنه في النهاية زاد غرورهم وعتوهم بل إنهم في النهاية أصدروا أمراً بطرده من البلاد فقال{وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}هذا الخليل ألقى جسمه في النيران وقدم ولده قرباناً لحضرة الرحمن وكان ماله كله للضيفان حتى أن الرحمن يحكي لنا أنه جاءه رجلان فماذا فعل؟ اثنين يكفيهما نصف دجاجة لكنه كما قال الله{جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ}جاء بعجل سمين جاء بعجل حنيذ يعني مشوي شواه لهم لأنه كان كريماً مع الله فقالوا له: يا إبراهيم لا نأكل طعامك إلا إذا دفعنا الثمن قال: الثمن الذي أطلبه منكم أن تذكروا الله أوله وتحمدوه في آخره فقالوا: صدق من سماك الخليل بل أنه مشى ذات يوم وقد تعجبت ملائكة الله من أحواله فاختار الله منهم نفراً وأمرهم أن ينزلوا لاختباره بعد أن نما ماله وكان كثير وكثير فنزلوا وذكر واحد منهم الله بصوت شجي يطرب السامعين فقال الخليل: أعد علي ذكر الله الذي ذكرته آنفاً قال: لا أعيد حتى تعطيني ما أريد قال: وماذا تريد؟ قال: تعطيني وادياً مملوءاً بالغنم من أغنامك وكان له وديان كثيرة مليئة بالأغنام لأنه أبو الضيفان كما سماه الرحمن فماذا قال للملك؟قال: اسمعني ذكر ربك ولك كل ما ملكت من أودية مملوءة بالجمال أو الأبقار أو الأغنام فضجت الملائكة في السموات وقالوا: صدق الله إذ سماك الخليل لأنه مع أن الله أعطاه المال الكثير إلا إنه لم ينشغل به عن ذكر العلي الكبير اختبره الله بعدم الإنجاب فلم ينجب إلا بعد ثمانين عاماً مضت من عمره ولم يتغير ولم يتبدل اختبره الله في زوجه حيث سلط عليها فرعون مصر ولكنه لم يتغير قلبه اختبره الله بعد أن أعطاه الولد بعد هذا العمر الطويل وأمره بأن يبعده ويضعه في مكان قفر لا زرع فيه ولا ضرع فيه ولا ماء فيه ولا أنيس فيه وهو في كل ذلك لا يتغير قلبه طرفة عين عن خالقه وبارئه فما كان من الله بعد أن نجح في كل هذه الابتلاءات ونجا من كل هذه الامتحانات إلا أن جعله أباً لنا ولمن قبلنا ولمن بعدنا ووفقه الله لأعمال الفطرة التي لم تظهر إلا على يديه كيف ذلك؟كان أول من اختتن من الرجال واختتن وهو ابن مائة وعشرون عاماً بقادوم بعد أن أمره الله بالاختتان. والاختتان يعني الطهارة وكان أول من نظف فاه وكان أول من استنشق بالماء وأول من لبس السراويل يعني ساتر العورة والبنطلونات حتى لا تظهر عورته وأول من ظهر الشيب في رأسه فقال: ما هذا يا رب؟ قال: هذا وقار يا إبراهيم. قال: يا ربَّ زدني وقاراً قال:يا إبراهيم إني استحي من رجل شاب في الإسلام أن أعذبه بالنار وكان أول هذه الأمة في حج بيت الله الحرام كما أمر الملك العلام فهو الذي بنى البيت وهو الذى نسك مناسك البيت وكلما طاف الحجيج بالبيت وكلما سعوا بين الصفا والمروة وكلما وقفوا على عرفات وكلما رموا الجمرات وكلما شربوا من زمزم تذكروا بذلك إبراهيم الخليل وولده إسماعيل وزوجته هاجر وذلك كله تكريماً لإبراهيم لأن الله اختاره واصطفاه قال النبى عندما قيل له أنت أكرم الخلق على الله قال{ذاك إبراهيم إنَّ الكَرِيمَ ابْنُ الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بنِ إسْحاقَ بنِ إبراهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمنِ عَزَّ وَجَلَّ}[2]وقال{أَوَّلُ مَنْ يُكْسَىٰ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قُبْطِيَّتَيْنِ ثُمَّ يُكْسَىٰ مُحَمَّدٌ حُلَّةً حَبِرَةً وَهُوَ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ}[3]لقد كان لكم في إبراهيم خليل الله أسوة حسنة وفي محمد أسوة كريمة فإن الله اختارنا للإسلام والإيمان وجعلنا جميعاً عباد الرحمن وقال النبى{قال الله للدنيا يا دنيا مري ولا تحلولي لعبادي الصالحين حتى لا ينشغلوا بك عني}[4]فإن الله عندما يغلي علينا الأسعار أو يصيبنا ببعض الأمراض أو ياتي لنا ببعض الهموم ويعفي من ذلك الفجار والكفار فإن ذلك شأن عجيب؟فهم كما ترون ينعمون بالمال وينعمون بالخيرات وينعمون بالحياة الدنيا لأن الأمر كما قال النبى{الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ}[5]أما أنتم معشر المؤمنين فإن الله يريد أن يرفع درجاتكم ويريد أن يغفر زلاتكم ويريد أن يستر عيوبكم ويريد أن يطهر قلوبكم فكلما أسرف العبد منا على نفسه في الخطايا جاءه الله ببلاء قريب ويعينه عليه ليغفر له به هذه الذنوب فإذا أصيب بمرض فصبر عليه ولم يشكو ورد فى الأثر{مرض يوم يكفر ذنوب سنة}وقال الله في حديثه القدسي{أَبْتَلِـي عَبْدِي الـمُؤْمِنَ فإذَا لـم يَشْكُ إلـى عُوَّادِهِ ذلِكَ حَلَلْتُ عنهُ عِقْدِي وأَبْدَلْتُهُ دماً خيراً من دمِهِ وَلَـحْمَا خيراً من لَـحْمِهِ ثم قلتُ له: إئتنِفِ العَمَلَ}[6]فإذا أصابه هذا المرض كان تكفيراً لخطاياه أو رفعة لدرجته عند الله فإن لم يصبه بالمرض أصابه بهم المعاش أو أصابه بهم الأولاد أو أصابه بنكد من الزوجة أو يصاب بأي شئ من أشياء الدنيا وكل هذه الأشياء يقول فيها نبيكم الكريم r{لا يُصيبُ المرءَ المؤمنَ مَنْ نَصَبٍ ولا وَصَبٍ ولا هَمَ ولا حُزْنٍ ولا غَمَ ولا أَذىً حتى الشوكةُ يُشَاكُها إلا كَفَّرَ اللَّهُ عنهُ بها خَطايَاهُ}[7] كل هذه تكفير لنا يا عباد الله ولذلك أمرنا الله أن نقول{قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا}لم يقل إلا ما كتب الله علينا لأن الذي كتبه الله لنا الأجر والثواب والخير والفضل الكثير لكن لو قال إلا ما كتبه الله علينا فالذي يكتبه علينا الأوزار والذنوب والعيوب والمخالفات فكل من ابتلاه الله فإنما يبتليه ليرفع شأنه وليقيمه في مقام الصالحين وليلحقه بالنبيين فقد ورد{عن مُصْعَبِ بنِ سعد عن أبيه قالَ : يارسولَ اللَّهِ مَنْ أشدُّ الناسِ بَلاءً؟قالَ:«الأنبياءُ ثم الأَمْثَلُ فالأمثلُ يُبْتَلَى العبدُ على حَسَبِ دينِهِ فما يَبْرَحُ البَلاءُ بالعبدِ حتى يَدَعَهُ يَمْشي على الْأَرْضِ وما عليهِ خَطيئةٌ}[8]وورد أيضاً أنه{دَخَـلَ سعيدٍ الـخُدْرِيَّ عَلَـى رسولِ الله وهو مَوْعُوْكٌ علـيه قَطِيْفَةٌ فَوَضَعَ يَدَهُ علـيهِ فَوَجَدَ حَرَارَتَهَا فوقَ القَطِيْفَةِ فقالَ أبو سعيدٍ: ما أَشَدَّ حَرَّ حُمَّاكَ يا رسولَ الله فقالَ رسولُ الله: إنَّا كَذَلِكَ يُشَدَّدُ عَلَـيْنَا البلاءُ ويُضَاعَفُ لنا الأَجْرُ ثم قالَ: يا رسولَ الله مَنْ أَشَدُّ الناسِ بلاءً قالَ: الأنبـياءُ قالَ ثم مَنْ قالَ: ثم العُلَـمَاءُ قالَ ثُمَّ مَنْ قالَ: ثم الصَّالِـحُونَ كان أَحَدُهُمْ يُبْتَلَـى بالفَقْرِ حتَّـى ما يَجِدُ إلاَّ العباءَةَ يَلْبَسُهَا ويُبْتَلَـى بالقَمْلِ حتَّـى يَقْتُلَهُ ولأَحَدُهُمْ أَشَدُّ فرحاً بالبلاءِ من أَحَدِكُمْ بالعطاءِ }[9]لماذا؟ لأن الدنيا ساعة فاجعلها طاعة لله Uوالإنسان كما أخبر الديان{إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى }عندما يرى جسمه صحيحاً وماله كثيراً وولده حوله يغتر بل ربما يطغى بل ربما يفسد في الأرض فمن رحمة الله بعباده المؤمنين أن يكدرهم بهذه الآلام ويفكرهم بهذه المصائب حتى لا ينسوا فضل الله وحتى لا يغفلوا عن طاعة الله وحتى يظلوا طوال عمرهم معتمدين أولاً وآخراً على جميل فضل الله وعلى كريم صنع الله ويعلموا بأن الأمر في الأولى والآخرة متوقف على جناب الله وعلى عطف الله فيشكرون الله

[1] رواه الطبراني في الكبير عن أبي عتبة الخولاني

[2] رواه البخاري وأحمد في مسنده والحاكم في المستدرك والترمذي في سننه والنسائي في سننه عن ابن عمر

[3] رواه أحمد في مسنده وأبو يعلى في مسنده عن ابن عباس.

[4] رواه صاحب مسند الشهاب عن ابن مسعود.

[5] رواه مسلم وأحمد عن أبي هريرة

[6] سنن البيهقى الكبرى عن أبي هريرة

[7] رواه البخاري وابن حبان في صحيحه وابن أبي الدنيا عن أبي هريرة.

[8] صحيح ابن حبان

[9] سنن البيهقى الكبرى







آخر مواضيعي 0 خوف
0 اسرار
0 اللهم اجعلنا من المحسنين
0 اعرف مين هى مصر
0 البقلة
رد مع اقتباس
قديم 10-05-2014, 05:35 PM رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
طارق سرور

الصورة الرمزية طارق سرور

إحصائية العضو







طارق سرور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: حكمة الحج ومشاهده

منقول من كتاب [الخطب الإلهامية فى الحج وعيد الأضحى]
http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...حى&id=75&cat=3









آخر مواضيعي 0 خوف
0 اسرار
0 اللهم اجعلنا من المحسنين
0 اعرف مين هى مصر
0 البقلة
رد مع اقتباس
قديم 02-17-2015, 03:03 AM رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
ندى الورد

الصورة الرمزية ندى الورد

إحصائية العضو







ندى الورد غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: حكمة الحج ومشاهده

جزاك الله خير الجزاء أخي طااااارق
وشكرا لطـــرحك الهادف واختيارك القيم
رزقك المولى الجنـــــــــــــة ونعيمها
وجعلـ ما كتب في موازين حســــناتك
ورفع الله قدرك في الدنيــا والآخــــرة وأجزل لك العطـــاء
الله يعطيـــــك العــافية
دمت بالف خير






آخر مواضيعي 0 القصة في القرآن الكريم
0 لطائف من سورة يوسف
0 كن بوجه واحد.
0 البشائر العشر لمن حافظ على صلاة الفجر
0 أعرف صفاتك من القرآن الكريم
رد مع اقتباس
قديم 02-17-2015, 02:47 PM رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
طارق سرور

الصورة الرمزية طارق سرور

إحصائية العضو







طارق سرور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: حكمة الحج ومشاهده

بارك الله فيك اختى ندى الورد لمرورك الرائع العطر







آخر مواضيعي 0 خوف
0 اسرار
0 اللهم اجعلنا من المحسنين
0 اعرف مين هى مصر
0 البقلة
رد مع اقتباس
قديم 02-18-2015, 01:57 PM رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
توتى العمدة

الصورة الرمزية توتى العمدة

إحصائية العضو








توتى العمدة غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: حكمة الحج ومشاهده

طرح مميز وراقي
سلمت لنا ذائقتك المميزه
الله يعطيك العافيه
ننتظر جديدك بشوق
ودي وعبق الورد






آخر مواضيعي 0 فن الغياب
0 راحو الطيبين
0 دمـــوع حبيســـة .. وقلـــوب ذليلـــة ..
0 سهم الايمان فى رمضان
0 قبعات ومعاطف فرنسية للشتاء2016
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:39 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator