أعمـــال الملائــــكــــة
حمــل عـــرش الرحــمــن
أعظم الأعمال التي تقوم به الملائكة هو حمل عرش الرحمن
قال تعالى : (( فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة * وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة * فيومئذ وقعت الواقعة * وانشقت الســماء فهي يومئـذ واهيـة * والملك على أرجائـها ويحمل عرش ربك فوقهـم يـومئــذ ثــمانيــة ))
قال ابن كثير . رحمه الله : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) أي : يوم القيامة يحمل العرش ثمانية من الملائكة وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي قال : كتب إلى أحمد بن حفص بن عبد الله النيسابوري حدثنا أبي حدثنا إبراهيم ابن طهمان عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أذن لي أن أحدثكم عن ملك من حملة العرش بعد ما بين شحمة أذنه وعنقه بخفق الطير سبعمائة عام ) ,, وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات وقد رواه أبو داود عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش أن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام ) لفظ أبي داود
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أذن لي أن أحدث عن ملك قد مرقت رجلاه الأرض السابعة والعرش على منكبيه وهو يقول : سبحانك أين كنت وأين تكـــون ؟ )) ,, والمنكب بفتح الميم وسكون النون وكسر الكاف : مجتمع ما بين العضد والكتف ,, وهما منكبان لأنهما في الجانبين .. وحملة العرش من الملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للمؤمنين كما قال تعالى : (( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك . وقهم عذاب الجحيم . ربنا إنك أنت العزيز الحكيم . وقهم السيئات ومـن تـق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك الفوز العظيم ))
قال ابن كثير . رحمه الله : " يخبر تعالى عن الملائكة المقربين من حملة العرش ,, بأنهم يسبحون بحمد ربهم أي : يتقربون بين التسبيح الدال على نفي النقائص والتحميد المقتضي لإثبات صفات المدح ( ويؤمنون به ) أي : خاشعون له أذلاء بين يديه وأنهم ( يستغفرون للذين آمنـوا ) أي : من أهل الأرض ممن آمن بالغيب فقيض الله تعالى ملائكته المقربين أن يدعوا للمؤمنين بظهر الغيب ,, ولما كان هذا من سجايا الملائكة عليهم الصلاة والسلام كانوا يؤمنون على دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب ,, كما ثبت في صحيح مسلم : (( إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك آمين ولك بمثله )) . ( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ) أي : رحمتك تسع ذنوبهم وخطاياهم وعلمك محيط بجميع أعمالهم وأقوالهم وحركاتهم وسكناتهم ( فاغفر للذين تابوا واتبعوا ســبيـلك ) أي : فاصفح عن المسيئين إذا تـابـوا وأنـابـوا عمَّا كانـوا فيه واتبعوا ما أمرتهم به من فعل الخيرات وترك المنكرات ( وقـهـم عــذاب الجــحـيــم ) وزحزهم عن عــذاب الجحيــم ,, وهو العذاب الموجع الأليــم ( ربنا وأدخلهم جـنـات عـدن التي وعـدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ) أي : اجمع بينهم وبينهم لتقرَّ بذلك أعينهم بالاجتماع في منازل متجاورة كما قال تبارك وتعالى : (( والذين آمنـوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتانهم من عملهم من شــيء )) أي : ساوينا بين الكل في المنزلة لتقرَّ أعينهم وما نقصنا العالي حتى يساوي الداني بل رفعنا ناقص العمل فساويناه بكثير العمل تفضلا منا ومِـنّة وقوله تبارك وتعالى ( إنك أنت العزيـز الحكيـم ) أي : الذي لا يمانع ولا يغالب وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن الحكيم في أقوالك وأفعالك من شرعك وقدرك ( وقهم السيئات ) أي : فعلها أو وبالها ممن وقعت منه
( ومن تق السيئات يومئذ ) أي : يوم القيامة (فقد رحمتـه) أي : لطفت به ونجيته من العقوبة (وذلك هو الفوز الـعظيم)
الملائــكــة يكــتبـون أعـمــال بني آدم
عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها .. قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قال الله عز وجل : إذا تَحَدَّثَ عبدي بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له ما لم يعمل فإذا عملها فأنا أكتبها بعشـر أمثالها وإذا تحدث بأن يعمل سيئة فأنا أغفرها له ما لم يعملها ,, فإذا عملها فأنا اكتبها له بمثلها )) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الملائكة : " رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة ( وهو أبصر به ) فقال : ارقبوه فإن عملها فاكتبوها له بمثلها ,, وإن تركها فاكتبوها له حسنة ,, إنما تركها من جَرَّاي " وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قال الله عز وجل : إذا هَمَّ عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه ,, فإن عملها فاكتبوها سيئة وإذا هَمَّ بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حسنة فإن عملها فاكتبوها عشرا )) قال النووي : " قال الإمام أبو جعفر الطحاوي : في هذه الأحاديث دليل على أن الحفظة يكتبون أعمال القلوب وعقدها خلافا لمن قال إنها لا تكتب إلا الأعمال الظاهرة والله أعلم
وقال تعالى : (( وإن عليـكم لحـافـظين . كــرامـا كــاتبين . يعلــمون ما تفعلــون ))
قال ابن كثير . رحمه الله : " يعني وإن عليكم لملائكة حفظة كراما فلا تقابلوهم بالقبائح فإنهم يكتبون عليكم جميع أعمالكم "
وقال تعالى : (( إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد . ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ))
قال ابن كثير . رحمه الله : ( إذ يتلقى المتلقيان ) يعني : الملكين الذين يكتبان عمل الإنسان ,, ( عن اليمين وعن الشمال قعيد ) أي : مترصد ,, ( ما يلفظ ) أي : ابن آدم ( من قول ) أي : ما يتكلم بكلمة ( إلا لديه رقيب عتيد ) أي : ولها من يرقبها معَدّ لذلك يكتبها لا يترك كلمة ولا حركة ,, كما قال تعالى : (( وإن عليكم لحافظين . كراما كاتبين . يعلمون ما تفعلون ))
وقد اختلف العلماء هل يكتب الملك كل شيء من الكـــلام ؟؟
وهو قول الحسـن وقتادة ,, أو إنما يكتب ما فيه ثواب وعقاب كما هو قول ابن عباس رضي الله عنهما ؟ على قولين وظاهر الآية الأول لعموم قوله تبارك وتعالى ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ,, وقد قال الإمام أحمد عن بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله عز وجل بها رضوانه إلى يوم يلقاه ,, وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن ما بلغت يكتب الله تعالى عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه ) ,, قال : " فكان علقمة يقول كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث " ..
الملائــكـــة يــراقبــون أعمــال بنـي آدم
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ,, ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم ,, كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلــون )) قال النووي : " ومعنى ( يتعاقبون ) تأتي طائفة بعد طائفة ,, وأما اجتماعهم في الفجر والعصر فهو من لطف الله تعالى بعباده المؤمنين وتكرمه لهم بأن جعل اجتماع الملائكة عندهم ومفارقتهم لهم في أوقات عباداتهم واجتماعهم على طاعة ربهم ,, فيكون شهادتهم لهم بما شـاهدوه من الخيــر ..
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي ) ,, فهذا السؤال على ظاهره وهو تعبد منه لملائكته كما أمرهم بكتب الأعمال وهو أعلم بالجميع .. قال القاضي عياض رحمه الله : " الأظهر وقول الأكثرين أن هؤلاء الملائكة هم الحفظة الكُتَّاب ,, قال : وقيل يحتمل أن يكونوا من جملة الملائكة بجملة الناس غير الحفظة " ,, وقال القرطبي : " الأظهر عندي أنهم غيرهم ويقويه أنه لم ينقل أن الحفظة يفارقون العبد ولا أن حفظة الليل غير حفظة النهار ,, وبأنهم لو كانوا هم الحفظة لم يقع الاكتفاء في السؤال منهم عن حالة الترك دون غيرها في قوله ( كيف تركتـم عبــادي )
الملائــكــة يقــبـضون أرواح بـني آدم
قال تعالى : (( قــل يتــوفــاكــم مـلك المــوت الـذي وُكِّــل بـكم ثـم إلى ربـكم ترجعـــون ))
وهذا الملك عرف عند كثير من الناس باسم " عزرائـيل " وهذا الإسم لم يرد في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه نقل عن أشــعث بن ســليم ,, وملك الموت له أعوان " ينتزعون الأرواح من سائر الجسد حتى إذا بلغت الحلقوم تناولها ملك المــوت " وهم صنفان : ملائكــة رحمــة وملائكة عــذاب ..
قال تعالى : (( الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يـقولـون ســلام عليكم ادخلـوا الجنــة بمـا كنتم تعملــون ))
وقال تعالى في شأن الكافرين : ( ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ) وقال تعالى في شأن المنافقين : (( فـكـيف إذا تـوفـتـهـم المـلائـكة يـضربـون وجـوهـهـم وأدبـارهـم ))
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار ,, فانتهينا إلى القبر ولمَّا يلحد ,, فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم [ مستقبل القبلة ] وجلسنا حوله ,, وكأن على رؤوسنا الطير ,, وفي يده عود ينكت في الأرض [ فجعل ينظر إلى السماء وينظر إلى الأرض وجعل يرفع بصره ويخفضه ثلاثا ] فقال : " استعيذوا بالله من عذاب القبر " مرتين أو ثلاثا ,, [ ثم قال : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر [ ثلاثا ] ثم قال : إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة ,, نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة وحنـوط ( بفتح المهملة ما يخلط من الطيب لأكفان الموتى وأجسامهم خاصة ) من حنوط الجنة ,, حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الطيبة ( وفي رواية : المطمئنة ) أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ,, قال : فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء ,, فيأخذها ( وفي رواية : حتى إذا أخرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء ,, وفتحت له أبواب السماء ,, ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يُعرج بروحه من قِبَلهم ) ,, فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن ,, وفي ذلك الحنوط ,, { فذلك قوله تعالى : ( توفته رسلنا وهم لا يفطرون ) ,, ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وُجدت على وجه الأرض ,, قال : فيصعدون بها فلا يمرون .. يعني : بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هـذا الـروح الطيب ؟ فيقولون : فلان ابن فلان . بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا ,, حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا ,, فيسـتفتحون له , فيفتح لهم ,, فيشيعه من كل سـماء مقربوها ,, إلى السـماء التي تليها حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل : { اكـتـبـوا كـتـاب عـبـدي فـي عـلـيـيـن } ,, (( وما أدراك ما عليون . كتاب مرقوم . يشهده المقربون )) فيكتب كتابه في عليين ,, ثم يقال : أعيدوه إلى الأرض ,, فإني [ وعدتهم أني ] منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى قال : فـ [ يُـرد إلى الأرض , و ] تعاد روحه في جسده [ قال : فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولّوا عنه ][مدبرين ] فيأتيه ملكان [ شديدا الانتهار ] فـ [ ينتهرانه و ] يجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ,, فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام ,, فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ,, فيقولان له : وما عملك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت [ فينتهره فيقول : من ربك ؟ ما دينك ؟ من نبيك ؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن ,, فذلك حين يقول الله عز وجل : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ) فيقول : ربي الله وديني الإسلام ونبي محمد صلى الله عليه وسلم فينادي مناد في السماء : أن صدق عبدي ,, فافرشوه من الجنة ,, وألبسوه من الجنة ,, وافتحوا له بابا إلى الجنة قال : فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مُدَّ بصره ,, قال : ويأتيه [ وفي رواية يمثل له ] رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح ,, فيقول : أبشر بالذي يسرك [ أبشر برضوان من الله وجنات فيها نعيم مقيم ] هذا يومك الذي كنت توعد ,, فيقول له : [وأنت فبشرك الله بخير ] من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير ,, فيقول : أنا عملك الصالح [ فو الله ما عملت إلا كنت سريعا في طاعة الله بطيئا في معصية الله ,, فجزاك الله خيرا ] ,, ثم يفتح له باب من الجنة , وباب من النار ,, فيقال : هذا منزلك لو عصيت الله ,, أبدلك الله به هذا فإذا رأى ما في الجنة , قال : رب عجل قيام الساعة ,, كيما أرجع إلى أهلي ومالي [ فيقال له : اسـكن ] ,,, قال : وإن العبد الكافر [ وفي رواية : الفاجر ] إذا كان في انقطاع من الدنيا , وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة [ غلاظ شداد ] سـود الوجوه معهم المسوح
( جمع المسح , بكسر الميم , وهو ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشفا وقهرا للبدن ) ,, [ من النار ] فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب ,, قال : فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود [ الكثير الشعب ] من الصوف المبلول [ فتقطع معها العروق والعصب ] ,, [ فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء وتغلق أبواب السماء ,, ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ألا تعرج روحه من قبلهم ] فيأخذها ,, فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسـوح ,, ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وُجدت على وجه الأرض ,, فيصعدون بها ,, فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث ؟ فيقولون : فلان ابن فلان ,, بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا ,, حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا فيستفتح له ,, فلا يُفتح له ,, ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ) فيقول الله عز وجل : { اكتبوا كتابه في سجين ,, في الأرض السفلى [ ثم يقال : أعيدوا عبدي إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم ,, وفيها أعيدهم ,, ومنها أخرجهم تارة أخرى ] } ,, فتطرح روحه [ من السماء ] طرحا [ حتى تقطع في جسده ] ثم قرأ :
( ومن يشرك بالله فكأنما خـرَّ من السـماء فتخطفه الطيـر أو تهوي به الريح في مكان سـحيق ) ,, فتعاد روحه في جسده [ قال : فإنه ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه ] ويأتيه ملكان [ شديدا الانتهار فينتهرانه , و ] يجلسانه فيقولان له : من ربك ؟؟ [ فيقول : هاه هاه لا أدري ,, فيقولان له : ما دينك ؟؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ] فيقولان له : فماذا تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟؟ فلا يهتد لإسمه ,, فيقال : محمد ,, فيقول هاه هاه لا أدري [ سمعت الناس يقول ذاك ,, قال : فيقال : لا دريت ] , [ ولا تلوت ] فينادي مناد في السماء أن كذب ,, فافرشوا له من النار وافتحوا له بابا إلى النار ,, فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويأتيه ( وفي رواية : يمثل له ) رجل قبيح الوجه ,, قبيح الثياب ,, منتن الريح فيقول : أبشر الذي يسوؤك ,, هذا يومك الذي كنت توعد فيقول : [ وأنت فبشرك الله بالشر ] من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر فيقول : أنا عملك الخبيث [ فوالله ما علمت إلا كنت بطيئا عن طاعة الله سريعا إلى معصية الله ] [ فجزاك الله شــرا ,, ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة لو ضرب بها جبل كان ترابا فيضربه ضربة حتى يصير بها ترابا ثم يعيده الله كما كان فيضربه ضربة أخرى فيصيح صيحة يسمعه كل شيء إلا الثقلين ثم يفتح له بابا من النار ويمهد من فرش النار ] فيقول : " رب لا تُقِم الساعة " ..
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن المؤمن إذا احتضـر أتتـه ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء ,, فيقولون : اخرجي راضية مرضية عنك إلى روح الله وريحان ورب غيـر غضبـان ,, فتخرج كأطيب ريح المسـك ,, حتى إنهم ليتناوله بعضـهم بعضـا يشـمونه حتى يأتـوا به باب السـماء ,, فيقولون : مـا أطيـب هذه الريح التي جائتـكم من الأرض فكلما أتـوا سـماء قالوا ذلك ,, حتى يأتـوا به أرواح المؤمنين ,, قال : فلهم أفرح به من أحدكم بغائبه إذا قدم عليه ,, قال : فيسـألونه ما فعل فلان ,, قال : فيقولون : دعوه حتى يسـتريح فإنه كان في غم الدنيا فإذا قال لهم أمـا أتاكم فإنه قد مـات ,, قال : فيقولون : ذهب به إلى أمه الهاوية ,, قال : وأما الكافر فإن ملائكة العذاب تأتيه فتقول : اخرجي ساخطة مسخوط عليك إلى عذاب الله وسخطه ,, فيخرج كأنتن ريح جيفة فينطلقون به إلى باب الأرض ,, فيقولون : ما أنتن هذه الريـح ,, كلما أتـوا على الأرض قالـوا ذلك حتى يأتـوا بـه أرواح الكــفــار ))