قَسَــــــم
أُقسـم بـكَ , و أقسـم لكَ , أن الحياء يكسوني بلون أرجواني و أنا أمُثل بين يديك , و أعنو لوجهك و أتحسس قلبي لأجدك فيه بجلابك و بهائك , فأعجب من قلبي كيف لم ينفطر و من عيني كيف لم تنفجر منهما ينابع الدموع ..!
أنا بضآلتي و شرود فكري , بعقلي المتواضع , و ملكاتي المحدودة أقف أمامك فأحسُّ ضعفي و قوتك , و انحطاطي و رفعتك , و أسأل نفسي كيف اجتمع الضّدان ؟
و أية نعمة منحتني إياها حين قصّرت المسافة بيني و بينك , حتى بتُّ في عُلاك كما أرى ذاتي , أنا لا أراك بعيني لكني أحس بكَ إحساساً يفوق عمق رؤيتي , أحس بنبضات قلبي شفافية روحي و هي تستحم في شلال النور المتدفق عليها من لدُنكَ أراها تستحم مثل صبية تستقبل الحياة و الحب لأول مرة , كل خلية فيها منتشية , كل جُزيءٍ فيها يرتعش تحت وطأة الشوق , , كل ذرة في تركيبها تنقبض و تنبسط كما يأمرها الحبيب , أحسُّ بنفسي تعود إلى طفولتها و أحلامها و تطوف هنا و هناك تلتقط الفرح و تلملم المسّرة من رصيف الأشواق , و شوارع الحب , و دروب الذكريات , أرى ذاتي متلاشية المادة حين تتحول إلى بخار أو شعاع أو ذرات نور أو إشعاعات ضياء , أحس كل هذا بل و أكثر , أحس بتيار الشوق و يضعني بين يديك فأرى خطواتي تتسارع و تنقلني إلى البعيد البعيد , إلى دنيا لا تعرف إلا الطُّهر , و إلى عالم لم تُسفَح فيه قطرة دم , و إلى وجود ما هبَّتْ في سمائه ريح حقد , و لا انعقدت في أفقه سحابة كراهية أو مؤامرة دنيئة مما يحاك في دنيا البشر ..!!!
منذ ستة أيام على وجه التحديد صليتُ لكَ , ناجيتك َ , رفعتُ إليكَطرفي المُندَّى بدموع الخوف و الرجاء , فتحت راحتَّي باتجاه سمائك , و دعوتُكَ , كُنتَ تعرف حاجتي أكثر مني لكني لم أتوقع أن يأتيني جواب رسالتي إليك بعد ساعة و نصف فقط .
كُنت جالسة معك عند الفجر { الساعة الخامسة و النصف صباحاً } , و جاءني الرد في الساعة السابعة , بعد ساعة و نصف , فخجلت من النظر إليكَ و اعتراني إحساس بالعقوق نحوكَ , و راودني شعور أنني لا أعرف مقدار عظمتك و قدرتكَ , و أن بيدك مقاليد الأمور , و منذ تلك اللحظة و حتى كتابتي لهذه الرسالة و أنا واقعة تحت تأثير هذا الإحساس المميت { الندم , الذنب , تأنيب الضمير , لوم النفس , التقصير , البُعد .. }
إني أفتخر لكوني عبدتُّكَ , و لأنك قضيتَ علي بالحياة , و أكرمتني بالإسلام ديناً و بكَ رباً و برسولكَ محمد صلى الله عليه و سلم نبياً , و بالقرآن شريعة و منهاجاً و بلحظات أنسك لطفاً , و بفيضكَ مدداً , و بتحريك مشاعر الخوف منك تصعيداً و بقبول ندائي إليك تلطفاً , و استجابتك لدعائي تكرماً , و بمجالستي لكَ تحننُّاً , و باستماعك لي تعطفاً .