:حبيبتي
لم تُصدقيني عندما قلت ُ لك ِ ذات َ يوم :
" لا داعي لأن نلتقي َ مرة ً أخرى .. لأننا سنفترق في يوم ٍ من الأيام .. أوْلى بنا أن نفترق الآن .. فالرحيل من باب الروض أسهل ُ من الرحيل من تحت الظلال وأوراق الأشجار "
ولكن أبَيْت ِ إلا اللقاء .
لم تُصدقيني يا عصفورتي الطيبة ، التي كُتب َ عليها الفراق قبل أن تعرف قدماها طريق اللقاء
فالتقينا .. ثم التقينا .. وتكرَّرت اللقاءات ، وفي داخل كل ٍّ منا كان هناك شيء ما يكبر ُ في كل لقاء ٍ يجمعنا .. إنه الحب .
واليوم ..
أليوم َ تُحتضَر ُ اللقاءات ُ ببطء ٍ شديد .. كل ٌّ منا يحمل أحزانه وذكراه ويركض كطفل ٍ مذعور ٍ إلى صدر أُمه .
نعم يا عصفورتي ، أركض إلى صدر أمي .. ولا أعرف أني هارب ٌ منه .
لم تُصدقيني حينها .. والآن يجب أن تصدقي .. فكل ُّ شيء ٍ حولنا يدعوك ِ للتصديق :
فأنت ِ اليوم َ في هودج الآلام ِ تزحفين شرقا ً قطعة ً من فؤادي سافرتْ عني .. وها أنا ذا أمضي إلى الغرب ِ وحيدا ً .. يداي َ فارغتان من كل شيء إلا من حُطام ذكرى عِشتُها في يوم ٍ من الأيام .
ها أنا ذا تنتشر أحزاني كموجات الصوت ِفي مستنقع ِ ماء .. إنني أُسرع كالملسوع ِ إلى أفق ٍ يمتد ُّ ما بين أوجاع الماضي .. ومخاوف المستقبل .. تنعدم ُ الرؤية ُ مِن ْ حولي ولا تبصر عيناي سوى وجه ٍ بريء ٍ – يأتيني – بلون قطعة ٍ مِن ْ قماش الشفق الدامي ، وثغر ٍ صغير ٍ يقطر حبا ً.. وأملا ً .. وحزنا ً يقول لي : " ألقاك َ يوما ً ما.. ثم يمضي.."
وتأبى كف ُّ القَدَر ِ إلا أن نفترق.. وها نحن نسكن ُ حالة َ الفراق ، ونحتسي بقية َ كأس ٍ كم رجوناه ألا ينضب .. ولكنه نضب .
ماذا أقول ُ للثغر الذي يُمَنِّيني باللقاء ؟ ماذا أقول لك ِ ؟ ماذا أقول لنفسي ؟ وماذا نقول لأقدارِنا ؟؟؟
أنا لا أجد كلاما ً أقوله .. فالحروف ُ تهرب ُ مني .. واللغة ُ تتركني وترحل ُ .. والشعر يصمت ُ .. ولساني يدورُ .. يدور ُ .. يدور ُ بلا صوت .
كل ُّ شيء ٍ سيرحل ُ عني عندما ترحلين .. وكل شيء ٍ سيضيع ُ مني عندما أفتقدك ِ.. لن يبقى مني سوى قافلة ٍ من العبرات ِ تنبع مِن ْ عيني وتصب ُّ في قلبي .....
بهذه الدموع أرد ُّ عليك ِ يا حبيبتي ، وأقول للثغر الصغير :
" إلى اللقاء