سلسلة الأحاديث الصحيحة ــ المجلد الأول
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 109
" ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 174 :
رواه محمد بن أبي شيبة في " كتاب العرش " ( 114 / 1 ) : حدثنا الحسن بن أبي ليلى أنبأنا أحمد بن علي الأسدي عن المختار بن غسان العبدي عن إسماعيل بن سلم عن أبي إدريس الخولاني عن # أبي ذر الغفاري # قال : " دخلت المسجد الحرام فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده فجلست إليه , فقلت : يا رسول الله أيما آية نزلت عليك أفضل ? قال : آية الكرسي : ما السموات السبع " . الحديث .
قلت : وهذا سند ضعيف , إسماعيل بن سلم لم أعرفه , وغالب الظن أنه إسماعيل بن مسلم فقد ذكروه في شيوخ المختار بن عبيد , وهو المكي البصري وهو ضعيف .
والمختار روى عنه ثلاثة ولم يوثقه أحد وفي " التقريب " : أنه مقبول .
قلت : ولم ينفرد به إسماعيل بن مسلم , بل تابعه يحيى بن يحيى الغساني رواه حفيده إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني قال : حدثنا أبي عن جدي عن أبي إدريس الخولاني به .
أخرجه البيهقي في " الأسماء والصفات " ( ص 290 ) .
قلت : وهذا سند واه جداً إبراهيم هذا متروك كما قال الذهبي , وقد كذبه أبو حاتم .
وتابعه القاسم بن محمد الثقفي ولكنه مجهول كما في " التقريب " .
أخرجه ابن مردويه كما في تفسير ابن كثير ( 2 / 13 - طبع المنار ) من طريق محمد بن أبي السري ( الأصل : اليسري ) العسقلاني أخبرنا محمد بن عبد الله التميمي عن القاسم به . والعسقلاني والتميمي كلاهما ضعيف .
وللحديث طريقان آخران عن أبي ذر :
الأول :
عن يحيى بن سعيد السعدي البصري قال : حدثنا عبد الملك ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمر الليثي عنه به .
أخرجه البيهقي و قال . " تفرد به يحيى بن سعيد السعدي , وله شاهد بإسناد أصح " .
قلت : ثم ساقه من طريق الغساني المتقدم , وما أراه بأصح من هذا , بل هو أوهى , لأن إبراهيم متهم كما سبق , وأما هذا فليس فيه من اتهم صراحة , ورجاله ثقات غير السعدي هذا , قال العقيلي : " لا يتابع على حديثه " . يعني هذا .
وقال ابن حبان : يروى المقلوبات و الملزقات , لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد . الثاني :
عن ابن زيد قال : حدثني أبي قال : قال أبو ذر فذكره .
أخرجه ابن جرير في " تفسيره " ( 5 / 399 ) " حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد به .
قلت وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات . لكني أظن أنه منقطع , فإن ابن زيد هو عمر ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وهو ثقة من رجال الشيخين يروي عنه ابن وهب وغيره . وأبوه محمد بن زيد ثقة مثله , روى عن العبادلة الأربعة جده عبد الله وابن عمرو وابن عباس وابن الزبير وسعيد بن زيد بن عمرو , فإن هؤلاء ماتوا بعد الخمسين , وأما أبو ذر ففي سنة اثنتين وثلاثين فما أظنه سمع منه .
وجملة القول : أن الحديث بهذه الطرق صحيح وخيرها الطريق الأخير والله أعلم .
والحديث خرج مخرج التفسير لقوله تعالى : ( وسع كرسيه السماوات والأرض ) وهو صريح في كون الكرسي أعظم المخلوقات بعد العرش , وأنه جرم قائم بنفسه وليس شيئاً معنوياً . ففيه رد على من يتأوله بمعنى الملك وسعة السلطان , كما جاء في بعض التفاسير . وما روي عن ابن عباس أنه العلم , فلا يصح إسناده إليه لأنه من رواية جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه . رواه ابن جرير .
قال ابن منده : ابن أبي المغيرة ليس بالقوي في ابن جبير .
واعلم أنه لا يصح في صفة الكرسي غير هذا الحديث , كما في بعض الروايات أنه موضع القدمين . وأن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد , وأنه يحمله أربعة أملاك , لكل ملك أربعة وجوه , وأقدامهم في الصخرة التي تحت الأرض السابعة ... إلخ فهذا كله لا يصح مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم و بعضه أشد ضعفاً من بعض , وقد خرجت بعضها فيما علقناه على كتاب " ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة البرهان " ملحقاً بآخره طبع المكتب الإسلامي .