مدخل ...
ما أروع الأمل حين يغشى النفس فيخرجها من ظلام المعصية إلى نور الطاعة !!!
كان عاصيا فتاب الله عليه وجعله من عبداه المؤمنين ..
تحول من قاطع طريق الآمنين إلى عابد زاهد وكان سبب توبته
أنه كان يتسلق جدران أحد المنازل بالليل .. فسمع صوتا يتلو قوله تعالى :
( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ) الحديد: 16
فلما سمعها قال : بلى يارب .. قد آآآن .. فرجع فمر على أرض خربه فوجد بها قوما فقال
بعضهم :
نرحلوقال بعضهم : ننتظر حتى نصبح فإن الفضيل يقطع علينا الطريق قال ( أي : الفضيل ):
ففكرت وقلت :أنا أسعى بالليل في المعاصي وقوم من المسلمين هاهنا يخافونني!!
وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع( أي أن الله قدر لي أن آتي إلى هذا المكان لأتوب
وأرجع إليه )
اللهم أني قد تبت إليك وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام .. لقد جعل مظاهر توبته مجاورته
لبيت الله
حيث الرحمة والبركة يدعوا الله ويستغفره ويندم على مافرط في حقه ..
وانتقل إلى مكة وأقام بها حتى توفي ..
حج هارون الرشيد ذات مره فسأل أحد أصحابه أن يدله على رجل يسأله فدله على الفضيل
فذهبا إليه
فقابلهما الفضيل وقال للرشيد:إن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة دعا أناسا من
الصالحين فقال لهم:
إني قد أبتليت بهذا البلاء ( يقصد الخلافه )
فأشيروا علي .. فعد عمر الخلافة بلاء وعددتها أنت وأصحابك نعمة .. فبكى الرشيد
فقال له صاحب الرشيد:أرفق بأمير المؤمنين ..
فقال الفضيل :تقتله أنت وأصحابك وأرفق به أنا ؟!
(يقصد أن عدم نصحه كقتله) فقال له الرشيد: زدني يرحمك الله ..
فأخذ يعظه وينصحه ثم قال له: يا حسن الوجه أنت الذي يسألك الله عن هذا الخلق يوم
القيامة
فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار فافعل وإياك أن تصبح وتمسي وفي قلبك
غش لأحد من رعيتك , فإن النبي – صلى الله عليه وسلم –
قال: " ما من والٍ يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة " ..
فبكى هارون وقال له: أعطيك دين أقضيه عنك ؟..
قال: نعم دين لربي لم يحاسبني عليه والويل لي إن ناقشني والويل لي إن لم ألهم حجتي ..
قال : إنما أعني من دين العباد ..
قال : إن ربي لم يأمرني بهذا, أمرني أن أصدق وعده وأطيع أمره فقال الرشيد: هذه ألف
دينار خذها فأنفقها
على عيالك وتقو بها على عبادة ربك ..
فقال الفضيل: سبحان الله أنا أدلك على طريق النجاة وأنت تكافئني بمثل هذا سلمك الله
ووفقك , ثم صمت فلم يكلمنا
فخرج الرشيد وصاحبه وكان الفضيل شديد التواضع يشعر بأنه مقصر في حق الله رغم كثرة
صلاته وعبادته ..
مخرج ...
فانظر يامن أسرفت على نفسك بالمعاصي إلى قصة هذا العالم الجليل كيف
تذوق حلاوة الطاعة فانصرف عن الدنيا وزخرفها الزائل إلى عالم النور
الإلهي الذي يطهر الروح من ذنوبها وأدرانها !!