قال تعالى : { وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعاً
حَكِيماً } النساء : 130
فـي هــذه الآية فائدة عظيمة ، وهي أن العبد عليه أن يعتمد على الله ،
ويرجو فضله وإحسانه، ويعمل ما أبيح له من الأسباب؛ وأنه إذا انغلق
عليه باب وسبب من الأسباب التي قدرها الله لِرِزقه؛ فلا يتشوش لذلك،
ولا ييأس من فضل الله، ويعلم أن جميع الأسباب مستندة إلى مسببها،
فيرجو الذي أغلق عليه هذا الباب أن يفتح له باباً من أبواب الرزق
أوسع وأحسن من الباب الأول .
وهذه العبودية من أفضل عبوديات القلب، وبها يحصل التوكل والكفاية
والراحة والطمأنينة ، فهــذه المـرأة المتصلة بزوج ينفق عليها ويقوم
بمؤنتها ، فإذا حصل لها فرقة منه ، وتوهمت انقطاع النفقة والكفاية؛
فلتلجأ إلــى فضل الله ووعده بأنـه سيغنيها وقــال : { يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن
سَعَتِهِ } ولــم يقــل : " يغنها " مــع أن السياق يدل عليه ؛ لئلا يتوهم
اختصاصها بهذا الوعد، وإنما الوعد لها وله، فالله أوسع وأكثر، ولكن
هباته وعطاياه تبع لحكمته ، ومــن الحكمة أن مــن انقطع رجاؤه مـن
المخلوقين، ومن كل سبب، واتصل أمله بربه ، ووثق بوعده ، ورجا
بِرَّه؛ فإن الله يغنيه ويقنيه، والله الموفق لمن صلح باطنه، وحسنت
نيته فيما عند ربه .
االكتاب : المواهب الربانية من الآيات القرآنية (ص 31)
للشيـخ : عبد الرحمن السعـدي