الطاعة والسعادة الزوجية
السلام عليكن ورحمة الله وبركاته
"طاعة الزوجة لزوجها سبيل إلى إسعاد بيتها"
هذا ما يؤكده شرع الله تعالى، قبل أن تتوصل إليه الدراسات النفسية الحديثة، التي أكدت
بما لا يدع مجالا للشك أن طبيعة المرآة تختلف تماما عن طبيعة الرجل، فطبيعة المرأة
أنها تميل للضعف والاستكانة، ولا تشعر بأنوثتها إلا وهي بجوار رجل قوي، تعطي له حق
الطاعة والاحترام، وأما تلك الأوهام التي روجتها الأفلام والمسلسات، تحت دعوى
استقلالية شخصية المرأة تارة، وتحت دعوى المساواة بين الرجل والمرأة تارة أخرى،
فلقد أثبتت التجارب كذبها وعورها، وأن المرأة التي تحاول أن تواجه زوجها بالعناد
والتمرد، فحتى لو قبل منها زوجها ذلك، فإنها لابد وأن تشغر بالتعاسة إن عاجلا
أو آجلا، وذلك لأنها تفقد رويدا رويدا شعور الأنثى بداخلها، والتي تحب دائما أن يحوطها
زوجها بالرعاية والحب والاهتمام، وأن تشغر بقوته، وضعفها الأنثوي تجاهه.
ولقد جعل الشرع الحنيف إسعاد الزوج والبيت هي غاية كل امرأة مسلمة تخاف
الله وتطلب مرضاته، وهي غاية كل مسلمة تريد لنفسها ولبيتها السعادة والاستقرار
والطمأنينة، وهي غاية كل مسلمة مستقيمة على دين الله، تعرف للزوج حقه وقدره الذي
عظمه الإسلام، فهي دائمة البحث عن كل ما يرضيه في غير معصية الله تعالى.
وإذا كانت المرأة المسلمة تبحث عن سعادتها وسعادة زوجها وبيتها فلتعلم أن:
طاعة الزوج هي أهم طرق السعادة الزوجية ولكن لهذه الطاعة معنى وركائز ترتكز
عليها (فمن حق الزوج على زوجته أن تطيعه في غير معصية، وأن تحفظه في نفسها
وماله، وأن تمتنع عن مقارفة أي شيء يضيق به الرجل، فلا تعبس في وجهه، ولا تبدو
في صورة يكرهها، وهذا من أعظم الحقوق.
روى الحاكم عن عائشة قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس
أعظم حقًا على المرأة؟ قال: ((زوجها))، قالت: فأي الناس أعظم حقًا على الرجل؟
قال: ((أمه))[رواه الحاكم في مستدركه].
ويؤكد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحق فيقول: ((لو أمرتُ أحدًا أن يسجد
لأحد لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها؛ من عظم حقه عليها))[قال الألباني: حسن صحيح].
وقد وصف الله تعالى الزوجات الصالحات فقال:
((فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ))[النساء:34]،
والـ(قانتات): هن الطائعات، والـ(حافظات للغيب): أي اللائي يحفظن غيبة أزواجهن
فلا يخُنَّهُ في نفس أو مال، وهذا أسمى ما تكون عليه المرأة، وبه تدوم الحياة الزوجية وتسعد.
وقد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خير النساء التي تسره إذا نظر
إليها وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره))[حسنه الألباني ].
ومن عظم هذا الحق أن قرن الإسلام طاعة الزوج بإقامة الفرائض الدينية وطاعة الله،
فعن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا صلَّت المرأة
خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها ادخلي الجنة
من أي أبواب الجنة شئت))[صححه الألباني]،
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة))[صححه الحاكم والذهبي].
وأكثر ما يُدخل المرأة النار عصيانها لزوجها، وكفرانها إحسانه إليها، فعن ابن عباس
رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أُريت النار فإذا أكثر أهلها
النساء؛ يكفرن))، قيل: أيكفرن بالله؟ قال: ((يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو
أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئًا، قالت: ما رأيت منك خيرًا قط))[رواه البخاري].
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دعا الرجل امرأته إلى
فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح))[رواه البخاري].
وحق الطاعة هذا مقيد بالمعروف؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فلو
أمرها بمعصية وجب عليها أن تخالفه، ومن طاعتها لزوجها ألا تصوم نافلة إلا بإذنه،
وألا تحج تطوعًا إلا بإذنه وألا تخرج من بيته إلا بإذنه وألا تمنعه نفسها.
صور من طاعة الزوج:
1- ألا تصوم نافلة إلا بإذنه:
(قال صلى الله عليه وسلم: (( لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه))رواه البخاري ،
وقالت عائشة رضي الله عنها:
(إن كان ليكون عليّ صيام رمضان فما أستطيع أن أقضيه حتى يأتي شعبان)
(رواه أبو داوود وصححه الألباني.)
قال الحافظ في الفتح: (وفي الحديث أن حق الزوج آكد على المرأة من التطوع بالخير،
لأن حقه واجب والقيام بالواجب مقدم على القيام بالتطوع)(فتح الباري )
2- ألا تمنعه نفسها:
(فعلى المرأة أن تستجيب لزوجها إذا دعاها إلى فراشه، ولا يجوز لها أن تمتنع عن
طلبه، فإن فعلت وامتنعت كانت آثمة عاصية، واستحقت لعنة الملائكة كما بين ذلك
رسول اللهصلى الله عليه وسلم: (( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات
عليها غضبان، عليه لعنتها الملائكة حتى تصبح)) (متفق عليه ).
ولعل السبب في هذا ـ والله أعلم ـ أن الرجل أضعف من المرأة في الصبر على ترك
الاتصال الجنسي، وقد ذكر الحافظ بن حجر أن بعض العلماء قال: إن أقوى التشويشات
على الرجل داعية النكاح، ولذلك حض الشرع النساء على مساعدة الرجال في ذلك).
3- ألا تأذن لأحد في دخول بيته إلا بإذنه:
(فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم:
(( لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه))
(رواه البخاري )
ومعنى ذلك أنه لا يحل للمرأة أن تأذن لأحد من الأجانب أو الأقارب حتى النساء في
دخول البيت إلا بإذن زوجها أو العلم برضاه) .
4- ألا تخرج من بيته إلا بإذنه:
(ومن الطاعة كذلك ألا تخرج المرأة من المسكن الذي أسكنه إياها إلا بإذنه، وخروجها
من مسكنها لا بد أن يكون على الهيئة المطلوبة في شرع الله تعالى، فعليها أن تستر
ما لا يحل للأجنبي أن يراه، وللزوج أن يمنعها من الخروج حتى ولو كان خروجها إلى
المسجد إن خشي الفتنة وما في معناها) .
(قال ابن قدامة رحمه الله: وللزوج منعها من الخروج من منزله إلا ما لها منه بد،
سواء أرادت زيارة والديها أو عيادتهما أو حضور جنازة أحدهما، قال أحمد في امرأة
لها زوج وأم مريضة: طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها).
ولكن لا تفهم المرأة من ذلك أن تكون كل يوم في زيارة والديها مثلًا دون داع لذلك
مما يعطل واجبات الزوجية، يقول الشيخ الجابري: (إن خروجها يهدد العش الآمن الدافئ
المستقر الراضي، بآلام المخاوف والقلق والطموح المرذول والريبة، وهذه هي
معاول الهدم للسعادة الأسرية).
هذه أخيتي هي بعض صور الطاعة التي أوجبها الله تعالى عليك تجاه زوجك، وتذكري
دومًا أنك أولًا وأخيرًا إنما تنفذين أمر الله تعالى، الذي جعل السعادة وقرة العين جزاء
لمن أطاع أمره، وسار على منهجه جل وعلا.
================
مفكرة الاسلام