{يأتي الابتلاء على قدر الايمان}
◆روى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه عن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة، ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة".
◆لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف أن الابتلاء في هذه الحياة الدنيا سنة الله تعالى في عباده الأخيار، يبتليهم على قدر ما أتاهم من قوة إيمان، ومتانة صبر، وسعة رضا، فما يخلو مؤمن من ابتلاء، وليس من علامة إيمان المؤمن أن لا يبتلى، وأن لا تنزل به المصائب والشدائد لحسن إيمانه بالله تعالى، بل أفاد الحديث الشريف أن الابتلاء أشد ما يكون في الأنبياء: الذين هم أكمل الناس إيماناً، وأرجحهم عقيدة ويقيناً، وأقواهم صبراً ورضاء، ثم يليهم في الابتلاء الأمثل فالأمثل أي الأشرف فالأشرف، والأول فالأول.
◆وقد يوسوس الشيطان لبعض الناس المؤمنين إذا نزلت به مصيبة، أو حلت به كارثة ثقيلة، أن إيمانه بالله تعالى لا يقتضي أن يصاب بما أصيب به من شدة أو محنة أو بلاء.
◆وما هذا إلا من وسوسة الشيطان الذي يستضعف الإنسان في حال حلول المصيبة عليه، فيدغدغ في إيمانه ويقينه، ليضعفه ويستولي عليه إن استطاع.
◆والمؤمن الحق يعلم تمام العلم أن المصائب والشدائد التي تعرض له لا تنافي متانة إيمانه، وقوة يقينه، وعميق رضاه، بل هي من علامة الإيمان كما أشار إلى ذلك الحديث المذكور.
◆ولقد حدث لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد دخولهم في الإسلام ومفارقتهم للكفر وأهله شدائد ومحن تشيب لهولها النواصي، فما استكانوا وما ضعفوا، وما زادهم ذلك إلا إيماناً وتثبيتاً، وكان لهم من الله أطيب العون والكرامة.