سنوات الاحماء للمعركه الفاصله "حرب الاستنزاف 1967-1970م"
بعد الزلزال الرهيب المسمى بالنكسه الذى دمر الجبال المصريه الشامخه وهوى بحصون كرامتنا المنيعه بدات اولى بوادر رد الاعتبار والاثبات لانفسنا قبل ان يكون للعالم اجمع اننا لازلنا احياء نقف ونقول ها نحن هؤلاء يتحدث سيادته عن حرب الاستنزاف ويقول:
بعد 10يونيو 1967م وبعد قبول الرئيس عبد الناصر تولى المسئوليه مره اخرى كانت اولى قراراته هى تعيين الفريق اول محمد فوزى قائدا عاما للقوات المسلحه المصريه وبدا القائد الجديد فى تنفيذ تعليمات وتوجيهات القائد الاعلى والتى تشمل الاتى :
1- سرعه بناء خطوات الصمود العسكرى امام العدو ومنعه من استغلال نجاحه عسكريا.
2- العمل على سرعه تماسك القوات المسلحه مع الشعب والحكومه.
3- عدم قبول الهزيمه العسكريه والعمل فى الاتجاه السلمى والدبلوماسى الذى يسعى الى انسحاب اسرائيلى من الاراضى
العربيه التى احتلتها فى يونيو1967م
4- التعاون والارتباط الوثيق بالدول العربيه جميعا.
5- توطيد الصداقه والتعاون مع الاتحاد السوفيتى ومحاوله اشراكه فى اعاده بناء القوات المسلحه.
6- الواجب العسكرى للقوات المسلحه هو استرداد الارض بالقوه وتحرير الارض وهذا يتطلب اعاده مقدرتها الدفاعيه
بالتدريج لتنفيذ هذا الواجب.
وبالفعل ابتداءا من يوم 9يونيو1967م بدا الاتحاد السوفيتى بامداد مصر بالاسلحه والمعدات وفى يوم 16يونيو1967م وصل وفد عسكرى سوفيتى بقياده الجنرال لاشينكوف للمساعده فى استقبال المعدات والاسلحه من الموانئ البحريه والجويه وتوزيعها على وحداتنا التى بدات عمليه اعاده التجمع والتنظيم وانشاء خط الدفاع الاول غرب قناه السويس وكان هذا الوفد بدايه لوصول عدد اكبرمن الخبراء السوفييت الذى تحول اسمهم بعد ذلك ليكونوا مستشارين عسكريين.
واذكر انه فى يوم 23يونيو1967م زار وفد من القياده السوفييتيه الجبهه كنت وقتها رئيس اركان الفرقه الثانيه مشاه الداخله فى مخطط زياره الوفد الروسى وسألنى المارشال زخاروف رئيس هيئه اركان حرب القوات المسلحه السوفيتيه "هل تحب ان يكون معكم خبراء سوفييت لمعاونتكم واسلحه سوفيتيه ايضا؟ " فقلت طبعا فقال خاراشو اى حسنا.
معركه رأس العش
وبعد ثلاثه اسابيع فقط من قرار وقف اطلاق النار الذى فرضته الامم المتحده بعد حرب الايام السته اندلع القتال بين القوات المصريه والقوات الاسرائيليه للسيطره على مدينه بورفؤاد والمنطقه المحيطه بها على الضفه الشرقيه لقناه السويس وتقع مدينه بورفؤاد والمنطقه المحيطه بها مواجهه مدينه بورسعيد ففى اول يوليو1967م ارسل اللواء ا.ح/احمد اسماعيل قائد الجيش عناصر من الصاعقه والمهندسين الى الضفه الشرقيه عند منطقه راس العش حوالى 12كم جنوب بورفؤاد لزرع الالغام والحيلوله دون تقدم اى قوات اسرائيليه شمالا وقد وقعت القوه الاسرائيليه فى حقل الالغام وانفجرت معظم دباباتها فاحدثت خسائر كبيره فى الارواح الاسرائيليه نتيجه انفجارات الالغام وشده نيران قوه الصاعقه وقصفات مدفعيه قطاع بورسعيد ومدفعيه بعض القطع البحريه المصريه المتمركزه بالميناء وتعتبر هذه اول معركه حربيه بعد يونيو1967م بين القوات المصريه والقوات الاسرائيليه .
وفى الساعه التاسعه من مساء اول يوليو1967م كلفت بمهمه عجيبه قال لى اللواء احمد عبد السلام توفيق قائد الفرقه الثانيه المشاه وانا اجلس بجانبه فى مركز قياده الفرقه بالاسماعيليه:"اللواء احمد اسماعيل قائد الجيش مستبشر بك ويريد منك التحرك فورا الى راس العش لقياده العمليه الدائره هناك بين عناصر من الصاعقه وقوات العدو التى تحاول التقدم الى بورفؤاد على المدق شرق قناه السويس وسينتظرك ضابط فى القنطره ومعه 8صاروخ
مضاد للدبابات وعليك قياده المعركه وتوجيه نيران هذه الصواريخ على جنب العدو لمعاونه قوه الصاعقه " وانطلقت بعربتى الجيب الحربى ومعى السائق الى القنطره غرب ولما لم اجد احدا فى انتظارى قابلت قائد قوه القنطره المقدم المحرزى وكان معه العقيد لطفى واكد مسئول المقاومه الشعبيه وقال المحرزى انه ارسل الضابط بالاسلحه الى راس العش وحذرنى السائقون من مواصله التقدم حيث ان الطريق خطر والنيران مشتعله فى بعض مناطقه والقنابل تتساقط عليه بكثره ولكنى واصلت التقدم تنفيذا للاوامر، وفى راس العش قابلت قائد قوه الصاعقه الرائد معتز الشرقاوى واخبرنى بالموقف واشرفت معه على سير العمليه.
ولما هدا الموقف بعد قتال دام حوالى ثلاثه ساعات انسحبت القوه الاسرائيليه ونحن نسمع صراخ جرحاهم ووافقت الرائد الشرقاوى على اقتراحه بسحب قواته بعد نجاحها فى رص الالغام مع عناصر المهندسين وايقاف تقدم العدو وتم تامين موقع راس العش شرقا.
فى فجر يوم 2يوليو1967م قابلت قائد قطاع بورسعيد اللواء ا.ح/محمد المقدم وكان معه السيد فريد طولان واخطرته بالموقف واتصلت بقائد الجيش اخطره بالموقف واستاذنه فى العوده الى وحدتى ففوجئت بامر اخر عجيب وهو البقاء فى بورسعيد ووضع خطه للدفاع عن قطاع بوفؤاد وان اوضح قرارى على الخريطه واعود الى الاسماعيليه لعرض القرار عليه شخصيا...وسالت نفسى من انا لاضع هذه الخطه ويوجد بالقطاع قائد وقياده على درايه بالموقف والارض اكثر منى ؟!!
وعموما فقد اخطرت قائد القطاع ونسقت معه وضع الخطه والقرار المطلوب.. وبعد الانتهاء منه وقع عليها وتوجهت الى الاسماعيليه لعرضه على قائد الجيش وكان معه مستشاره السوفييتى وللاسف لم يصدق على القرار وطلب منى العوده مره اخرى الى بورسعيد لتعديل القرار ورافقنى مستشار سوفييتى للمعاونه وتم عمل التعديلات المطلوبه ورسم المستشار القراربطريقه جديده بالالوان وبمجرد تعليقه على لوحه الخرائط بالاسماعيليه وقبل ان اتكلم قال المستشار السوفييتى خراشو فهز اللواء احمد اسماعيل راسه بالموافقه وصدق على القرار رغم انه نفس قراري لكنه يزيد عليه انه بالالوان !!!
، وعدت مره ثالثه الى بورسعيد للاشراف على تنفيذ الخطه حسب اوامر قائد الجيش وبعد فتره سمح القائد لى بالعوده الى فرقتى بالاسماعيليه.
فى هذه الاثناء كان العدو يقوم ببعض النشاطات والاعمال والتصرفات الاستفزازيه لقواتنا على الضفه الغربيه للقناه ومنها نزول افراد من قواته للسباحه فى القناه وصيد الاسماك فيها واذاعه بعض النكات والالفاظ والشتائم القذره باللغه العربيه مع بعض الاغانى المصريه عبر ال 200 متر مسطح عرض قناه السويس فى الوقت الذى كان يكتم فيه الرجال غيظهم تنفيذا للاومر الصادره اليهم وهى احترام قرار وقف اطلاق النار وضبط الاعصاب على قدر الامكان ولكن لكل شئ حدود فقد طفح الكيل رد الجنود على استفزازات العدو تدريجيا فبدأ الامر ببضع طلقات فرديه الى طلقات البنادق والرشاشات ثم بالهاونات والمدفعيه فى بعض القطاعات ثم امتد الامر على طول خط المواجهه على قناه السويس.
وتتوالى الاعمال الاستفزازيه والرد الفطرى والطبيعى عليها من معارك متفرقه اخرى منها معركه بور توفيق ومعركه جويه هى الاولى من نوعها منذ النكسه فى 14يوليو1967م حيث قامت 10طائرات ميج-17مصريه باعتراض طائرات العدو الاستطلاعيه واصابتها وتطور الامر لنشاط جوي مصري مكثف فيما عرف بعد ذلك بمعارك 14 و 15 يوليو الجويه وكان لهذه العمليات دورا كبيرا فى اعاده الثقه لرجال القوات الجويه ،
عمليه يوم 20سبتمبر1967م
فى الوقت الذى انتهز العدو فيه اهتزاز الموقف الداخلى فى مصر بعد احداث 14سبتمبر1967م فبدا فى التدخل بالنيران ضد قواتنا وضد المدنيين وضرب مدينه السويس بالمدفعيه الثقيله وكذلك بورتوفيق واشتبك مع قواتنا فى الاسماعيليه لفترات طويله ولكن قواتنا فى الاسماعيليه ردت على العدو بعنف يوم 20سبتمبر1967م وتمكنت من تدمير عدد من الدبابات والعربات واذاعت وكالات الانباء خسائر العدو الاسرائيلى فى مواجهه الفرقه الثانيه مشاه فى الاسماعيليه وكانت كالاتى
9دبابات و2عربه لاسلكى وعربه صواريخ 25قتيل و300جريح منهم 2ضباط برتب كبيره
وارتفعت معنويات قواتنا بعد هذه المعركه وكانت اولى خطوات هدم جدار الخوف وبناء جدار الثقه مره اخرى وبدايه النهايه لاسطوره الجيش الذى لا يقهر ثم تلي تلك الاحداث بشهر اغراق المدمره ايلات فى 21اكتوبر1967م وتدميرها وقتل 47رجلا من بحارتها ال200وجرح91اخرين
يتوقف سيادته عن السرد لالتقاط الانفاس وشرب جرعه ماء لتجفيف حلقه والذى حتما ما جفت مع شده انفعاله وحاله الحماس التى تزداد معه كلما واصل فى سرد سخونه الاحداث ليعود بعدها مستدركا برؤيه عامه عن هذه المرحله قائلا:
وتمر الفتره من 5يونيو 1967م الى توقيت وقف اطلاق النيران فى 8اغسطس 1970م بمراحل نشاط قتالى واخرى بهدوء نسبى وتعددت الاراء فى اسلوب تقسيم هذه المرحله ولكن من وجهه نظرى كقائد ميدانى عايش كل هذه المراحل اقرر انه منذ فتره ما بعد 5 يونيو1967 م قررت القياده المصريه ازاله اثار العدوان وترجمه هذا عسكريا بتحرير الارض بالقوه وهذا القرار يتطلب اعاده تنظيم القوات وتسليحها وتدريبها مع تثبيت عقيده القتال فى قلب وعقل كل ضابط وجندى حتى يمكن رفع الكفاءه القتاليه لجميع التشكيلات المصريه على اسس سليمه.
وكان جدار الخوف الذى اقامته الدعايه الاسرائيليه وساعدتها الظروف المختلفه منذ حمله فلسطين عام 1948م ثم اثناء الجوله الثانيه من الاعتداءات فى عام 1956م ثم فى هذه الايام "يتذكرها سيادته باسى ومراره وضحا جليا من الدمعه التى تجاهد وتحارب للفرار من بين جفونه الا ان كبرياؤه يمنعها ونجح فى ذلك ومع ذلك يصفى باهذب اسلوب لديه بالايام النحس" من يونيو1967م مازال قائما ولابد من ازالته وتدمير اثاره ونقله الى البر الشرقى .
وتعيش بعد ذلك القوات المسلحه فتره التقاط للانفاس بالصبر والرباط فقد كان العدو يشعرنا بالاستخفاف ولم تمض ايام قلائل حتى كانت معركه راس العش وغيرها من معارك والتى كانت رغم بساطتها الا انها اذاقت العدو المتعجرف طعم الهزيمه ومراره الخسائر فى الارواح ولم تمض الا ايام قليله على انتصاراته وجاء عام 1968م بشروق شمس الامل وتشقق جدار الخوف وتداعيه ثم سقوطه بغير رجعه ومع بدايه عام 1969م بدات قواتنا باقامه جدار الرعب شرقا وفى قلب شعب العدو وتم تصعيد العمليات الحربيه والحصول على اسرى من العدو لاول مره وكانت حرب الارهاق الحقيقى مع بدايه عام 1970م والتى استمرت حتى8اغسطس من نفس العام والتى جعلت الرئيس عبد الناصر يدعو القاده والرؤساء والمستشارين السوفييت الى اجتماعات قمه يتساءل فيها هل نستطيع الاستمرار فى حرب الارهاق ؟والى متى ؟ لانها سلاح ذو حدين.
وتتوالى بعد ذلك الاحداث وكل يوم تعود ثقه رجالنا بانفسهم شيئا فشيئا بان ما حدث لم يكن عن خطا منهم او تقصير انما كانوا ضحيه لاخطاء ما قبل 1967م ولم يكونوا ابدا من اسبابها او احد هذه الاخطاء
وتبدا القوات المسلحه فى اوائل عام 1968م خطوات التدريب العملى على عبور الموانع المائيه بوحدات فرعيه ثم بوحدات وتشكيلات اكبر ويعتبر بدايه التدريب على العبور خطوه هامه فى رفع معنويات الضباط والجنود الذين شعروا بجديه العمل وان يوم الحسم ورد الاعتبار والكرامه قد اقترب وانه قادم لا محاله سواء طال الزمن ام قصر باذن الله .
كل هذا وبالتزامن مع التفكير الواقعى بان مرحله الدفاع لابد منها وانها يمكن ان تطول لانه لا يمكن العبور الا بعد الاستعداد الكامل له وهذا الاستعداد لم يكن تدريبيا فقط وانما استعداد مادى ومعنوى وسياسى واستراتيجى وتعبوى وتكتيكى وكذلك استعداد الشعب الذى وقف ورائنا كحائط صد منيع وله دور بارز فى المعركه لا يقل ابدا عن دورنا على الجبهه ولا يمكن انكاره وكذلك استعداد مرافق الدوله .
وكنوع من خطوات الشحن المعنوى للرجال زار الرئيس جمال عبد الناصر الوحدات والقيادات المقاتله خلال شهر مارس 1968م واجتمع بعدد كبير من القاده والضباط لمعرفه مشاكلهم الخاصه وبحث المشاكل العامه على التوازى معها والحقيقه ان كثيرا من المشاكل كانت تجد الحل على المستوى الاعلى .
وكانت الاشتباكات مستمره مع العدو بالمدفعيه وبالهاونات والدبابات واعمال القناصه كانت عاملا مساعدا على رفع معنويات الرجال وبدات اعمال التجهيز الهندسى واعداد المواقع والتحصينات للوقايه وتقليل الخسائر.
ويستمر سقوط وتحطم جدار الخوف نتيجه عمليات الدفاع النشط والدوريات واستخدام وسيله السد النارى ضد طيران العدو المنخفض مع استمرار التدريب والمشروعات المختلفه والرمايه بكل انواع الذخيره والتطعيم للمعركه والحقيقه انه قد شاركنا فى هذه الاعمال المستشارون السوفييت الذين وزعوا على الوحدات للمعاونه فى التدريب ورفع الكفائه القتاليه .
ولما عاود العدو ضرب مدينتى السويس والاسماعيليه بالمدفعيه الثقيله كان رد الفعل المصرى هو اجلاء اهالى مدن القناه الرئيسيه الى مناطق تهجير داخل الوطن ثم قام رجال الكوماندوز الاسرائيلى باعمال تخريبيه ضد بعض الاهداف الاستراتيجيه فى عمق مصر بهدف الازعاج واجبار القياده المصريه على اعاده توزيع القوات وتخفيف قوات الجبهه .
وقبل نهايه عام 1968م بدأت القوات المصريه تنتقل الى مرحله الدفاع الايجابى النشط واستنزاف قوه العدو ومعداته لاعاده الثقه بالنفس ورفع الكفاءه القتاليه لقواتنا وبسبب هذا و اشتداد حرب الاستنزاف اضطرت اسرائيل لتطوير عقيده عسكريه اسرائيليه جديده مناسبه للتعامل مع هذا الموقف قادها الجنرال حاييم بارليف رئيس الاركان الاسرائيلى بزياده حجم قواته فى سيناء وزياده التحصينات الدفاعيه .
وفى اغسطس 1968م زارنا السيد انور السادات والذى كان وقتها يشغل منصب نائب رئيس الجمهوريه وبالتبعيه كان نائب القائد الاعلى للقوات المسلحه وفى اثناء الاجتماع الذى عقده مع ضباطى فى قياده الفرقه الثالثه المشاه والتى كانت تحت قيادتى فى ابى سلطان ساله احد الضباط قائلا :" سياده النائب نحن هنا فى الجبهه فى حاله تاهب مستمره وقتال لا ينتهى ومعرضين للموت فى كل لحظه ونسمع اذاعات القاهره فى اغانى ركيكه وخليعه وبعيده كل البعد عن جو المعركه تصور لنا عدم الاهتمام بنا وحتى فى اثناء نزولنا للاجازات نجد الناس فى عالم اخر غير عالمنا فلماذا لا نبدا فى تعبئه الشعب للقتال ليشعروا بنا ويحسوا بما نحن فيه من متاعب" ورد عليه السيد انور السادات ردا حكيما اعجبنى وكان يوجه حديثه الينا جميعا :"شوفوا يا اولادى اذا حشدنا وعبأنا الناس للقتال اليوم ولم نحارب غدا ماذا نفعل؟ حانعمل زى حكايه الديب والغنم..نحشد ولا نحارب مره بعد اخرى سيفقد الناس الثقه فينا"
والحقيقه انها حكمه وقلت لنفسى لعله سيكون يوما رئيسا للجمهوريه "وهو ما كان بالفعل بعد هذا المجلس بعامين" ويتذكر هذا الحديث وما دار فيه.
بعدها كلفت القياده العامه للقوات المسلحه الفرقه الثالثه مشاه( لم تكن قد اصبحت فرقه ميكانيكيه بعد ) بقيادتى بتطوير عمليات الدفاع النشط الى اغارات ليليه على موقع العدو فى الدفرسوار لاختبار قدره الدفاعات الاسرائيليه وكشف خطط نيرانها ومعرفه اسلوب العدو فى الدفاع والهجمات المضاده وايضا كجزء من الخطه الكامله للهدم النهائى لجدار الخوف وبناء جدار الثقه ...وتم التخطيط لهذه العمليه واختيار القوه التى ستنفذ العمليه وبدأنا فى تدريبهم على واجباتهم تدريبا واقعيا فى منطقه جهزنا فيها نموذجا لموقع العدو فى الدفرسوار وكان وقت الاستعداد هو اول اكتوبر1968م ...وبالفعل تم تنفيذ العمليه ليله3اكتوبر1968م وعبرت القوه المخصصه للاقتحام قناه السويس فى قاربين من المطاط تحت ستر قوه خصصت للتامين والوقايه بالاضافه الى مواقعنا الدفاعيه على الضفه الغربيه وبدات القوه الاقتحام فى صمت تام ونجحت فى عبور القناه والوصول الى الشاطئ الشرقى ثم التفت خلف موقع العدو كما هو مخطط لها واقتحمت الموقع مستخدمين القنابل اليدويه ونيران البنادق سريعه الطلقات ، واخذت العدو على حين غره واستمر الاشتباك لفتره 5دقائق تقريبا ثم انسحبت القوه الى الضفه الغربيه وفقدنا فى هذه العمليه 8شهداء .
ومع الاسف لم نستطع تقدير خسائر العدو على حقيقتها ولم تتمكن القوه من الاستيلاء على وثائق العدو ولكنها كانت تجربه رائده تم تحليل نتائجها واستخلاص الدروس المستفاده منها والتى جعلتنا نغير كثيرا فى اسلوب اقتحام مثل هذه المواقع الحصينه وعموما فقد كانت بادره خير لقواتى التى كانت فى اشتياق للعبور شرقا وقتل العدو الغاصب.
فى هذه الاثناء وضعت القياده العامه للقوات المسلحه الخطه العامه للدفاع عن الجمهوريه ونوقشت هذه الخطه ثم استقرت اوضاعها وبدانا فى التنفيذ حسب المهام المحدده لها ولضمان السريه الى حد ما وتم تغيير ارقام التشكيلات بالجبهه وتعديل الاسم الكودى للخطه.
وبدا عام 1969م بتطوير التجهيزات الهندسيه باستخدام المعدات الميكانيكيه وتمكنا من انشاء مواقع تبادليه وهيكليه للاسلحه والمعدات ولبعض المواقع الهامه والقيادات واعطى وزير الحربيه لقاده الجيوش سلطات تكسر الروتين فى سبيل امن القوات والمعدات والاسلحه وقال :لن اعترض على اى اجراء يتم من قائد الجيش شخصيا يعود على الوزير بتكاليف ولكن هدفها وقايه"
وقتها كنت قد توليت قياده الجيش الثانى الميدانى على طول خط المواجهه الشمالى من بورسعيد شمالا حتى حدود فايد جنوبا وهى النقطه التى يتسلم فيها منا الرايه الجيش الثالث الميدانى .
واستمرارا لمسلسل استنزاف قدرات العدو وقواته وفى نفس الوقت تحطيما لروحه المعنويه قمت بالتحضير والتنسيق والتنفيذ لعمليات استنزافيه ضمن الخطه العامه للقوات المسلحه لهذا الغرض ومن هذه العمليات: