الفوز الحقيقى
إن الفوز في الدنيا محفوف بالمكاره , ومعرًّض للنقص والزوال والنسيان , فالغنى يتبعه فقر , والقوة يتبعها ضعف , والصحة يتبعها مرض , والشباب يتبعه عجز وهرم , والحياة نفسها لا تدوم ...
أما الفوز الحقيقي فهو ما يكون عند الموت , وفي القبر , وعند سؤال الملكين , وعند الحشر والنشر والصراط وتطاير الصحف [فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ]
انظروا _أُُُُخَوانى واخواتى _ إلى الفائز , كيف ينادى فرحاً مسروراً : لقد أخذت كتابي بيميني , وهذه علامة فوزى وسعادتي الدائمة , اقرءوا هذا الكتاب أيها الناس , لقد كنت على يقين من مجىء هذا اليوم , ومن وقوفي هذا الموقف , ولذلك فقد عملت له ألف حساب , وهذا هو الجزاء : [فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ] .
وعلى الجانب الآخر يقف الخاسرون النادمون , الذين ضيَّعوا أعمارهم هباءً ولم يقدموا شيئاً ليوم الميعاد [وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ] .
ولذلك فقد كان الجزاء من جنس العمل :[
خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ ] .
أعلمتم – أخوانى واخواتى من الفائز؟ استمع إلى قوله تعالى [فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ]
فالفوز في النجاة من النار... الفوز في دخول الجنة مع الأبرار .. وما أعظم الفارق بين أهل الجنة وأهل النار .. بين أهل النعيم وأهل الجحيم .. بين الناجين والهالكين .. بين الفائزين والخاسرين .. أولئك في الجنة يأكلون ويشربون .. ويلعبون ويمرحون .. وأولئك يعذبون ويضربون .. ويصرخون ويجأرون .. فهل يستويان مثلاً؟ قال تعالى [لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ].