السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مُضل له
ومن يضلل فلا هادى له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء
وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً "
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً"
أما بعد :
أحبتى فى الله
تحية طيبة مباركة من عند الله
لازال حديثنا مستمر مع سلسلة خواطر فى طريق الدعوة لدين الله
و نحن اليوم بإذن
الله و عونه سنكمل طريق الخواطر
و خاطرة اليوم بعنوان
عقبات على طريق الدعوة لدين الله
أحبتى فى الله
إن طريق الدعوة طريق الأنبياء والمرسلين وطريق العلماء العاملين ،
والدعاة الصادقين ليس طريقاً هينا لينا
ولا مفروشاً بالزهور والورود والرياحين
كلا
إنه طريق وعر شاق طويل ملئ بالعقبات
مخضب بالدماء محفوف بالابتلاء
ومن الحكمة قبل أن نواصل السير على هذا الطريق
أن نكون على بصيرة تامة بوعورته ومشقته وعقباته الكثيرة
لنعد له الزاد الحقيقى الذى يناسبه ،
حتى لا ننزلق فى أى منعطف من المنعطفات
أو نصطدم بعقبة من العقبات التى ستعترض طريقنا،
ولا أدرى بأيها أبدأ ، لاسيما وقد اجتمعت !!
وأهم هذه العقبات – فى نظرى – ما يلى:
أولا : عقبة أعداء الإسلام فى الخارج والداخل
ثانيا : الهزيمة النفسية أمام تحديات الغزو الفكرى
ثالثا: كثرة أهل الباطل وظهورهم ، وقلة أهل الحق وابتلاؤهم
رابعا : حب الدنيا وكراهية الموت
خامسا : اتباع الهوى
أحبتى فى الله
ولا شك أن الحديث عن هذه العقبات طويل بطول المعركة !!
ولكننى سأحاول اختصاره فى هذه السطور ،
ولنبدأ بالحديث عن العقبة الأولى
العقبة الأولى
أعداء الإسلام فى الخارج والداخل
وهى من أخطر العقبات التى ستعترضنا وبشدة على طول الطريق
فإن الإسلام منذ أن بزغ فجره وأشرق نوره ، فى أرض الجزيرة ،
وهو مستهدف من قبل أعدائه الذين لا يتفقون على شئ ،
قدر إتفاقهم على القضاء على الإسلام و إستئصال شأفة المسلمين !
ولم يدعو سبيلا إلا وسلكوه للوصول إلى أهدافهم الخبيثة
ومن أهم هذه السبل ما يلى:
أولا: القضاء على الحكم الإسلامى متمثلا فى الخلافة :
إنهم قد نجحوا بالفعل فى القضاء على الخلافة الإسلامية
وفصل الدين عن الدولة فى أوائل هذا القرن التاسع عشر
على يد العميل الخائن لدينه ولأمته كمال أتاتورك فى معاهدة الذل والعار
معاهدة لوزان عام 1922م
وكانت بنود هذه المعاهدة التى اشترطها
ووضعها "كرزون" وزير خارجية انجلترا
هى كما يلى:
أولا: إلغاء الخلافة الإسلامية إلغاءً تاماً
وطرد الخليفة العثمانى السلطان عبد الحميد ، رحمه الله تعالى
خارج الحدود ومصادرة أمواله
ثانيا: إعلان علمانية الدولة أى "فصل الدين عن الدولة"
ثالثا: أن تضمن تركيا تجميد وشل حركة جميع العناصر الإسلامية الباقية
رابعا: أن يستبدل الدستور العثمانى القائم على الإسلام بدستور مدنى وضعى بحت
ووقع المعاهدة عن دولة الخلافة المهزومة العميل الخائن "عصمت إينونو"
الذى أعلن هو وأستاذه فى الخيانة – أتاتورك – قولتهما الخطيرة:
"إننا سنطيح برأس كل خليفة يحاول أن يدخل أنفه فى أمور الدولة أو يفكر فى ذلك"
وواصل المجرم أتاتورك فصول جريمته بدقة وإحكام ففى عام 1925م
أصدر قانونا يقضى بإلغاء الزى الإسلامى واستبداله بالزى الغربى ووجوب لبس القبعة
التى كانت رمزا أجنبيا واستبدال تحية الإسلام (السلام عليكم ورحمة الله)
بخلع القبعة أو بالانحناء كما يفعل أربابه الغربيون !!
ولم يكتف بهذا المسخ الماحق للهوية الإسلامية ،
ففى عام 1928م أصدر قانونا أخر
يقضى بإلغاء تدريس العلوم الشرعية
وأن يرفع الآذان باللغة التركية وليس بالعربية !!
وتسوية المرأة بالرجل فى الميراث ، وإلغاء نظام تعدد الزوجات ،
واستبدال الحروف العربية بالحروف اللاتينية
وألغى يوم الجمعة كعطلة رسمية
وجعل بدلا منه "يوم الأحد" !!
ولم يترك فرضا من فروض الولاء والطاعة لأسياده وأربابه الغربيين
إلا وقدمه راكعا ساجدا ذليلا مهانا
وهكذا رفعت مظلة الخلافة وتمزقت الأمة وتشتت شملها
ولا زال يتمزق بدن الأمة
ولا حول ولا قوة إلا بالله !!
ثانيا: القضاء على القرآن الكريم
لأنه مصدر عز الأمة وشرفها وهو الذى حول المسلمين فى أرض الجزيرة
من رعاة للغنم و الأبل إلى سادة وقادة لجميع الأمم !!
يوم أن كان كتاب الله جل وعلا- كتاب حكم وتشريع
لا كتاب ثقافة وتسلية !!
وتمائم وأحجبة !!
لذا فلم يدخر أعداؤنا وسعا فى القضاء عليه ،
لا على آياته أو كلماته أو حروفه ...
كلا ،
فالذى تولى حفظه هو الله جل وعلا
قال سبحانه :
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )
وما حفظه الله تعالى لا يمكن لأحد على وجه الأرض أن يضيعه البتة
ولكن بالحيلولة بينه وبين واقع المسلمين وتحويله إلى أحجبة وتمائم
أو إلى مجرد كتاب يقرأ فقط
لا إلى كتاب حكم وتشريع يجب على الأمة أن تنفذ أوامره أمرا أمرا ،
وحكما حكما ،
وتكليفا تكليفا
وأن تبتعد عن نواهيه ،
نهيا نهيا ،
وتحذيرا تحذيرا،
وأن تقف عند حدوده حدا حدا
وها هو المنصر الصليبى الحقود "كاتلى" يقول:
"يجب أن نستخدم القرآن – وهو أمضى سلاح فى الإسلام
ضد الإسلام نفسه حتى نقضى عليه تماما ،
يجب أن نبين للمسلمين أن الصحيح فى القرآن ليس جديدا وأن الجديد ليس صحيحا
ويقول المنصر الصليبى "وليم جيفورد بالكراف" :
"متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب ،
يمكننا حينئذ أن نرى العربى يتدرج فى طريق الحضارة الغربية بعيدا عن محمد وكتابه"
بل وأعلنها "جلاد ستون" رئيس وزراء انجلتراسابقا
أعلنها صريحة فقال:
"ما دام هذا القرآن موجودا فى أيدى المسلمين
فلن تستطيع أوربا السيطرة على الشرق ولا أن تكون هى نفسها فى أمان"
ويقول نفسه فى إحدى خطبه
"إن هناك أربع عقبات أمامنا للقضاء على الإسلام
وهى: المصحف والكعبة والأزهر وصلاة الجمعة"
ولكن
( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )
ثالثا : تشويه وتحريف التاريخ والفكر الإسلامى
لفصل المسلم عن تاريخه المجيد ، وماضيه المشرق ولتشكيكه فى انتمائه ،
ولمسخ هويته ، ولزعزعة عقيدته
وللوصول إلى ذلك نشطوا نشاطا كبيرا جدا
فى إحياء الأفكار الهدامة التى تشوه صفحة التاريخ والفكر الإسلامى الناصعة البياض
ومن هذه الأفكار الخطيرة التى روجوا لإنتشارها
ما يلى:
- إحياء الفكر الوثنى الإلحادى
- إحياء الفكر الفلسفى فى جانب التوحيد
والدعوة إلى وحدة الوجود والحلول والاتحاد والإشراق وغيرها
- إحياء الفكر الشعوبى الباطنى الخبيث وتجديد التفسير للقرآن الكريم من خلاله
- إحياء فكر القرامطة
- إحياء الفكر المعتزلى
- تزييف كتابة التاريخ الإسلامى
وغيرها من مؤامرات التشويه والتشكيك
لإخراج المسلم عن دينه فى النهاية من حيث يدرى أو لا يدرى
**
فهذا هو هدفهم الكبير الذى عبر عنه الخبيث زويمر
"المنصر الحقود" الذى يقول:
"إن للتبشير بالنسبة للحضارة الغربية مزيتين
مزية هدم ،
ومزية بناء
أما الهدم فنعنى به: انتزاع المسلم من دينه ولو بدفعه إلى الإلحاد ،
وأما البناء فنعنى به: تنصير المسلم – إن أمكن – ليقف مع الحضارة ضد قومه
رابعا: القضاء على وحدة المسلمين
وتمزيق صفهم ، وتفتيت دولهم ،
وبث روح التناحر والتنازع على الحدود ،
وإحياء روح العنصرية الجاهلية البغيضة لا بين الشعوب الإسلامية وبعضها فحسب
بل وبين أبناء الشعب الواحد ليظلوا متفرقين ضعفاء لا وزن لهم ولا تأثير
وما نراه اليوم خير شاهد على ما نقول ****!!
ويجسد هذه المعانى المنصر الصليبى "لورانس براون"
فيقول:
"إذا اتحد المسلمون فى إمبراطورية عربية
أمكن أن يصبحوا لعنة على العالم وخطرا
أو أمكن أن يصبحوا أيضاً نعمة له
أما إذا بقوا متفرقين فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير"
خامسا: الدعوة إلى الإباحية المطلقة لهدم الأسرة المسلمة وتدمير الأخلاق
وفى إحدى البروتوكولات الصهيونية اتضح هذا السم الزعاف
اذ يقولون
"يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق فى كل مكان ، فتسهل سيطرتنا
و يقولون إن "فرويد" منا وسيظل يعرض العلاقات الجنسية فى ضوء الشمس
لكى لا يبقى فى نظر الشباب شئ مقدس ،
ويصبح همه الأكبر وإرواء غرائزه الجنسية وعندئذ تنهار أخلاقه"
وأخيرا وليس بآخر
فإن من مخططاتهم الخبيثة وأهدافهم الكبيرة
القضاء على الدعوة الإسلامية التى بدأت تتنزل فى كل بقاع العالم
كتنزل حبات الندى على الزهرة الظمأى
ولكن (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)
هذا كله بإيجاز شديد عن العقبة الأولى
التى تزداد خطورة بوجود عملاء لهؤلاء الأعداء بداخل الصف المسلم
يتكلمون بألسنتنا ويلبسون ثوب الإسلام ،
ليضللوا أبناءه بأفكارهم الملحدة ودعاويهم الباطلة
وبعد
فيا أيها الدعاة الكرام هذه هى العقبة الأولى
التى ستعترض مسيرنا المبارك على طريق الدعوة الطويل الشاق
ولا شك أن تشخيص الداء هو نصف الدواء
وهذا يحتاج منا زادا عظيما لمواصلة السير بإذن الله
وهذا هو ما سنوضحه فى الخواطر المقبلة بإذن الله تعالى
فلنتعرف عليها فى الخاطرة القادمة
و يبقى للحديث بقية نكمله فى الحلقة القادمة مع خاطرة بعنوان
عقبات على طريق
الدعوة الجزء الثانى
اللهم انى قد بلغت اللهم فاشهد
اللهم انى قد بلغت اللهم فاشهد
اللهم انى قد بلغت اللهم فأشهد
و آخر دعوانا ان الحمد لله
سبحانك اللهم بحمدك نستغفرك و نتوب اليك
و السلام عليكم و رحمة
الله و بركاته
الرحيل