السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يدخل الناس النار من ثلاثه ابواب
قال الحافظ ابن القيم،دخل الناس النارمن ثلاثة أبواب،
أولاّ،باب شبهة أورثت شكاً في دين الله،ثانياّ،وباب شهوة أورثت تقديم الهوى
على طاعته ومرضاته،ثالثاّ،وباب غضب أورث العدوان على خلقه، انظر،الفوائد (ص105)قال أبو إبراهيم الرئيسي،غفر الله له،باب
الشبهة،لم يبعث الله رسولاً إلا وأنكر الشك في الله، فقد قال تعالى(قَالت رسلهم أفي الله شك)وهذا استفهام معناه الإنكار،أي لا شك في
توحيد الله، وقد فطر الله الخلق وجبلهم على الإقرار بربوبيته سبحانه، لذلك قال تعالى(ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض
وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكونَ) وقال(ولئن سألتهم من نزل منَ السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله
قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون)وبما أن الله هو الرب الأوحد وهو خالق السماوات والأرض بلا شك، فهو المستحق للعبادة وحده
لا شريك له فلا يجوز إلا الإستعانة بالله والإستغاثة به، ولا يجوز دعاء ما دون الله، قال تعالى(ولئن سألتهم من خلق السماوات
والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكَات
رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون)باب الشهوة،إن الشهوة تورث الهوى،ولم يسمى الهوى بالهوى إلا لأنه يهوي بصاحبه في
المهالك، وقد قيل بأنه كلما ضعفت الشهوة قلت المعاصي، لذلك وعد الله الشاب الذي نشأ في عبادة اللّه أن يظله في ظله يوم لا ظل
إلا ظله، وخص الله الشباب بهذا الفضل لكون الشهوة تغلب عليهم فتبعث على متابعة الهوى، وإن ملازمة العبادة مع ذلك أشق وأدل
على غلبة التقوى وقوته،فوقى نفسه من المعاصي بكسر الشهوة وحفظ الجوارح في الدنيا وفي الآخرة من النار، لأنه يقمع الهوى
ويردع الشهوات التي هي من أسلحة الشيطان،ولا توجد فتنة إلا وطرقت إما باب الشبهة أو باب الشهوة وأصل كل منهما من تقديم
الرأي على الشرع ، وهذا بيانهما،أولاّ،فتنة الشبهات،
وهذا النوع أشتهر به أهل البدع إذ إنهم لم يبتدعوا إلا لاشتباه
الحق عليهم بالباطل، وهذه الفتنة من قلة العلم والبصيرة سيما إذا قارنه نوع هوى،ولا تدفع هذه الفتنة إلا بكمال البصيرة والقين،
ثانياّ،فتنة الشهوات،وهذا النوع أشتهر به المترفين من العلمانيين وأصحاب الفن الساقط،وهذه الفتنة إنما تدفع بكمال العقل والصبر
والدين،والغضب يصدر عنه من قبيح القول ما يوجب الندم عليه عند السكون، والإنفعال ما دام موجوداً،فنار الغضب تتأجج
وتتزايد، فيحرك الشيطان الغضب ويبعث إليه ليردي الآدمي ويغويه ويبعده عن نعمة اللّه ورحمته،لذلك لما طلب رجلاً من
النبي،صلى الله عليه وعلى آله وسلم،أن يوصيه قال،صلى الله عليه وسلم (لا تغضب، فردد مراراً، قال،لا تغضب)فقال الرجل،ففكرت
حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، فإذا الغضب يجمع الشر كله، رواه البخاري والإمام أحمد بتمامه،فلم يزده،صلى الله
عليه وسلم،في الوصية على لا تغضب مع تكراره الطلب، وهذا دليل ظاهر في عظم مفسدة الغضب وما ينشأ منه،
فتنة الشهوات،وقد جمع سبحانه بين ذكر الفتنتين في قوله(كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالاً
وأولاداّ فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم)أي،تمتعوا بنصيبهم من الدنيا وشهواتها، والخلاق هو النصيب المقدر،ثم قال(وخضتم
كالذي خاضوا)فهذا الخوض بالباطل وهو الشبهات،
فأشار سبحانه في هذه الآية إلى ما يحصل به فساد القلوب
والأديان، من الاستمتاع بالخلاق،والخوض بالباطل،فالأول،
هو البدع وما والاها،والثاني،فسق الأعمال،وأصل كل فتنة،وهو
من تقديم الرأي على الشرع،والهوى على العقل،فالأول،أصل فتنة الشبهة،والثاني، أصل فتنة الشهوة،كيفية دفع الفتنتين،ففتنة
الشبهات تُدفع باليقين،وفتنة الشهوات تُدفع بالصبر،جمع بينهما في قوله(وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)فتواصوا بالحق الذي
يدفع الشبهات،وبالصبر الذي يكف عن الشهوات،في مسند أحمد وصحيح البخاري،من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال،قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات،ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات)
فبكمال العقل والصبر تُدفع فتنة الشهوة،وبكمال البصيرة واليقين تُدفع فتنة الشُبهة،
اللهم لا تجعلنا من أهل الشبهات ولا من أهل الشهوات،وإجعلنا من أهل الصبر والعزم،
اللهم أمين.