قيم تربوية من مواقف مأثورة
___ كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إذا نهى الناس عن أمر، دعا أهله فقال: إني نهيت الناس عن كذا و كذا ، و إنما ينظر الناس إليكم نظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتم وقع الناس، و إن هبتم هاب الناس ، و إنه و الله لا يقع أحد منكم في شيء نهيت عنه، إلا أضعف له العقوبة لمكانه مني .
___ أراد عبد الله ابن عمر أن يختبر مدى أمانه أحد الرعاه ، فلما رأى راعياً و معه شياه فقال له : بعني هذه الشاة و خذ ثمنها ، يريد أن يمتحنه . قال له : ليست لي . قال له : قل لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب . قال : ليست لي . قال له : خذ ثمنها . قال له : و الله إنّي لفي أشدُّ الحاجة إلى ثمنها ، و لو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب لصدَّقني فإنِّي عنده صادقٌ أمين ، و لكن أين الله ؟
___ و رأى الخليفة عمر بن عبدالعزيز في يد ولد من اولاده خاتماً قيمة فَصّه ألف درهم فأقسم عليه أن يبيعه و يجعل ثمنه في بطن ألف جائع، وأن يتخذ مكانه خاتماً ينقش عليه" رحم الله امرأ عرف قدره "
___ و قال أبو محمد سهل بن عبد الله بن يونس التستري : كنت و أنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل، فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار. فقال لي يوماً: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ ... فقلت: كيف أذكره؟
قال: قل بقلبك عند تقلبك في فراشك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك. الله معي ، الله ناظر إليّ ، الله شاهدي . ... فقلت ذلك ليالي ، ثم أعلمته.
فقال: قل في كل ليلة سبع مرات.... فقلت ذلك ثم أعلمته.
فقال: قل ذلك كل ليلة إحدى عشرة مرة. ... فقلته، فوقع في قلبي حلاوته، فلما كان بعد سنة، قال لي خالي : احفظ ما علمتك ، و دم عليه إلى أن تدخل القبر، فإنه ينفعك في الدنيا و الآخرة. فلم أزل على ذلك سنين ، فوجدت لذلك حلاوة في سري . ثم قال لي خالي يوماً : يا سهل ، من كان الله معه ، و ناظراً إليه ، و شاهده، أيعصيه؟! إياك و المعصية! فكان ذلك أول أمره، وروى أن عمره كان إذ ذاك ثلاث سنين ما فوقها.
و تجدر الإشارة أن أبو محمد سهل بن عبد الله المعروف بأسم سهل ابن عبد الله حفظ القرآن كاملاً في سن 6 أو سبع سنين ، و لما كبر أصبح أحد علماء المسلمين ومن أعلام التصوف السني في القرن الثالث الهجري، وصفه أبو عبد الرحمن السلمي بأنه " أحد أئمة الصوفية وعلمائهم و المتكلمين في علوم الإخلاص و الرياضيات و عيوب الأفعال" ، أصله من "تستر" أحد مدن محافظة خوزستان الموجودة حاليًا في إيران. سكن البصرة و عبادان مدة. و تُوفي كما قيل سنة: ثلاث وثمانين و مائتين و قيل: ثلاث وسبعين و مائتين.
من أقواله
• آية الفقير ثلاثة أشياء: حفظ سره، وأداء فرضه، وصيانة فقره.
• من صبر على مخالفة نفسه أوصله الله إلى مقام أنسه
• الناس نيام، فإذا انتبهوا ندموا، و إذا ندموا لم تنفعهم ندامتهم.
• شكر العلم العمل، وشكر العمل زيادة العلم.
___ قصة " بائعة اللبن" حينما أرادت الأم أن تخلط اللبن بالماء ليزداد ثمنه ، و رفضت ابنتها ذلك ، قالت أمَّها : إنَّ عمرَ لا يرانا يا بنيَّتي . فقالت ابنتها : إن كان أميرُ المؤمنين لا يرانا ، فربُّ أميرُ المؤمنين يرانا
___ قال عبد الله بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي فوقع الناس في شجر البوادي قال عبد الله ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت ثم قالوا حدثنا ما هي يا رسول الله قال فقال هي النخلة قال فذكرت ذلك لعمر قال لأن تكون قلت هي النخلة أحب إلي من كذا وكذا
قوله : ( فوقع الناس في شجر البوادي ) أي : ذهبت أفكارهم إلى أشجار البوادي ، و كان كل إنسان يفسرها بنوع من أنواع شجر البوادي و ذهلوا عن النخلة .
و في هذا الحديث فوائد : منها استحباب إلقاء العالم المسألة على أصحابه ، ليختبر أفهامهم ، و يرغبهم في الفكر والاعتناء وفيه : ضرب الأمثال و الأشباه .
و فيه : توقير الكبار كما فعل ابن عمر لكن إذا لم يعرف الكبار المسألة فينبغي للصغير الذي يعرفها أن يقولها . و فيه : سرور الإنسان بنجابة ولده ، و حسن فهمه ، و قول عمر رضي الله عنه : ( لأن تكون قلت هي النخلة أحب إلي ) أراد بذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يدعو لابنه ، و يعلم حسن فهمه ونجابته . و فيه : فضل النخل .
___ قصة ثلاث نفر الذين أغلقت عليهم الصخرة الغار
قال الإمام البخاري : حدثنا إسماعيل بن خليل أخبرنا علي بن مسهر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (( انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه ، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار ، فقالوا : إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم . فقال رجل منهم : اللَّهم كان لي أبوان شيخان كبيران ، و كنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالاً ( أي : لا أقدم في الشرب قبلهما أحداً ) ، فنأى بي طلب الشجر يوماً فلم أرح عليهما حتى ناما ، فجلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين ، فكرهت أن أوقظهما و أن أغبق قبلهما أهلاً أو مالاً فلبثت و القدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر و الصبية يتضاغون عند قدمي ( أي يصيحون من الجوع ) ، فاستيقظا فشربا غبوقهما ، اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة ، فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروج منه . فقال الآخر : اللَّهم إنه كانت لي ابنة عم كانت أحب الناس إليَّ، و في رواية : كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء ، فأردتها على نفسها فامتنعت ، حتى ألمت بها سنة من السنين فجائتني فاعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني و بين نفسها ففعلت ، حتى أذا قدرت عليها و في رواية فلما قعدت بين رجليها ، قالت : اتق الله و لا تفضن الخاتم إلا بحقه ، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إليَّ و تركت الذهب الذي أعطيتها . اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج . و قال الثالث : اللَّهم إني استأجرت أُجراء وأعطيتهم أجرهم ، غير رجل واحد ، ترك الذي له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال ، فجاءني بعد حين فقال : يا عبدَ الله أدِّ إليّ أجري ، فقلت : كل ما ترى من أجرك من الإبل و البقر و الغنم و الرقيق فقال : يا عبدَ الله لا تستهـزئ بي ! فقلت : لا أستهزئ بك ، فأخذه كله فاستقاه فلم يترك منه شيئاً . اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون .
___ قصه سمعتها في إذاعة القرآن الكريم عن أحد الصالحين تزوج و لم يتوافق مع زوجته و أراد طلاقها ، فسألوه عن السبب ، فأجاب : لا أتكلم عن عرضي ، و لما طلقها ، رجعوا إيه و سألوه عن السبب فقال لا أتكلم عن إمرأة خرجت من ذمتي ، و بعد قضاء عدتها بفترة بتزوجت فرجع الناس إليه ليسألوه ، فأجاب : ما لي و زوجة غيري .... هذه القصة توضح ليس فقط صفة الرجولة بل أنه ليس منافق فالمنافق فالمنافق إذا خاصم فجر