لم تكن تراني او تعرف انني كنت انظر اليها
والى ابتسامتها وهي جالسة في تلك الطاولة التي كانت تجمعها مع اخوتها واقاربها تنتظر
مجيء العشاء بالمطعم الميمون . كنت جالس في تلك الزاوية المنعزلة البعيدة ارتشف كأس
الحرمان والوحدة استمع الى مقطوعة موسيقية لم اكن اتوقع في تلك الليلة وفي ذلك المطعم ان هناك انسانة سوف
تأتي جمعت كل الصفات التي تمنيتها موجهة بسهم قاتل قادر ان يخترق حاجز الصوت بسرعته
الفائقة والوصول الى مشاعري دون حواجز او اذن مسبق . كان الشيء الأجمل والأعذب هي
ابتسامتها ونظراتها البراقة التي تحكي الطفولة والبرائه محصورة في نطاق الأسرة ومن معها
بالخصوصية والشموخ والعزة والكرامة والثفة بالنفس . كنت اصارع مشاعري واخاطب عقلي
هل علي ان اكون جري ء بأتخاذ القرار والذهاب اليها لألقاء التحية وتوضيح مشاعري لها ام
اجلس واكتفي بالنظر اليها . كانت الثواني والدقائق تمر كلمح البصر وانا اعيش صراع النفس
التي لم تتوقف بالأنجذاب المنسجم والمتقارب مع تصرفاتها وتكوينها العقلي المنسجم مع كل
امنياتي وخلقي . لقد تعبت من حدة التفكير في تلك اللحظة بين خوف وحيرة ويأس وقلة
المعرفة بمن كان يجلس معها على تلك الطاولة العائلية المستطيلة يحمل بشرة سوداء تؤكد انة
ربما صديق لتلك العائلة المتزاحمة بالجلوس او ربما صديق دراسة . كانت لحظة الم حقيقية
تحرق مشاعري واذناي التي لا تسمع صوتها وهي تضحك وتتكلم مع صديقاتها او ربما اخواتها
الأنيقتين بلبسهما وقصات شعرهن الجميلتين والمتواضعة لجنسيهما .كانت هي الوحيدة التي
تنير بنورها وجمالها وروحها وابتسامتها ذلك المكان القريب مني والذي دار في ذهني
بالتواجد فيه ان اطلب لها اهداء عبارة عن اغنية كلاسيكية تتسم بالهدوء والمعنى عسى ان
يتيح ذلك الهدوء فرصة تسمع تلك الأغنية واسمع صوتها وهي تتحدث عسا ان اعرف او
اتعرف على اللغة التي تتحدثها ومن أي بلد جائت . بعد تلك الوهلة حضر مدير المطعم يسألني
بكل لطف ان كنت اريد العشاء او غير ذلك فقلت لة انا لااستطيع ان أأكل شيء الأن قال لي
لمذا ؟ قلت لة وانا ابتسم بدمعة حزن من الذي يستطيع ان يأكل ويملؤ بطنة وقلبة محروم من
الطعام الحقيقي لقلبة . نظر الي وقال مذا تقصد بتلك الكلمات ؟ بعدها عرفت اني وحيدا من
بداية الوقت ومن بداية طفولتي لا احد يريد ان يفهم ما يجول في خاطري وعقلي وقلبي وكل
شيء يتعلق بحياتي ، قمت بدفع تلك الفواتير المسجلة على طاولتي وحسابي وطاولات وحساب
طلبات الزبائن بالمطعم وارجعت النظر الى امنيتي ومهجة قلبي وقرة عيني وصوت التنهاد
والحزن يدب في صدري وفي اذان من كان يجلسون من حولي كي يكتشفو ما اصابني من
هوس وحالة هستيرية لاتبعد عن التفكير بالأنتحار يتحكم في قلبي الذكر بالمعوذاة والرضى
بالقسمة والنصيب . دفعت الحساب وحملت نفسي الى خارج المطعم واناأبكي و افكر بتلك الفتاة
حاملا في قلبي الغبطة لذلك الشخص الذي كان يجلس بجانبها مرتسم بملامح وجهه البهجة
والأمل والطموح وحب الحياة ،كانت اقدامي هي التي تسيرني بالمشي حتى يعود العقل والفكر
الى الطريق الصحيح بوجهتي الى المكان الذي اقطن فية . لم يكن في خاطري ونفسي سوى
حبات من حبوب البنادول أأكلها واضع رأسي على وسادة العمر البائس و المحروم بفراش
مملوء بالأحباط واليأس بدنيا اصبحت كالسجن المغلق للأبد ،،