السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قدوتنا في كل شئوننا وفى كل أحوالنا هو سيدنا رسول الله الذي أمرنا بأن نقتدي به الله نحن نحاول أن نتابعه في ظاهر الصلاة ونحاول أن نتابعه في ظاهر الصيام ونحاول أن نتابعه في أعمال الحج والزكاة الظاهرة لكن معظمنا أسقط الجانب الإنساني الذي كان عليه النبي ولم يتابعه في ذلك
الجانب الإنساني هو الأساس في إصلاح المجتمعات وهو الذي يقول الله له ولنا في شأنه {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} آل عمران159
كيف كان حاله مع الخلق ومع أهله ومع أزواجه ومع أولاده ومع جيرانه ومع المسلمين أجمعين صغيراً كبيراً نساءً ورجالاً؟ كيف كان يتعامل مع هؤلاء؟ تقول السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها في ذلك {لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَلا صَخَّابًا فِي الأَسْوَاقِ وَلا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ}[1]
ويقول سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه {لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم سَبابا وَلا فَحَّاشًا وَلا لَعَّانًا}[2]
لم يكن يعامل أحداً قط بالشدّة وإنما بالرحمة وباللين وبالمودة فأين نحن من ذلك ولم يكن لسانه يتحدّث إلا بالكلم الطيب لا يخرج منه سبٌ ولاشتمٌ ولا لعنٌ ولا فُحشٌ ولا غيبةٌ ولا نميمةٌ ولا وقيعةٌ ولا كلمة سيئة لأحدٍ من المسلمين
بمن نقتدي جماعة المسلمين في حياتنا؟ بمن نتأسى في كلامنا ومعاملاتنا مع أهلينا وأزواجنا وجيراننا وإخواننا؟ هل نحن نعمل بقول الله {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}الأحزاب21
أم نسينا ذلك وتناسينا عن ذلك وكلٌ يمشي على هواه وأصبحت الألسن التي تقول (لا إله إلا الله) والتي تقرأ كتاب الله والتي تصلّي بين يدي الله بمجرد أن يخرج من الصلاة يسُب هذا ويشتم هذا ويلعن هذا ويكذب على هذا ويغتاب هذا
مع أن هذا ليس هدى النبي ولا أصحابه الكرماء ولا أتباعه الحكماء الذين أسعدهم الله بالدنيا في إتباعهم في الجانب الإنساني لخير النبيين وإمام المرسلين صلّوات ربى وتسليماته عليه نحن نحتاج أجمعين إلى أن ننظر إلى قول رب العالمين الذي أمر النبي أن يخاطبنا به في كتابه المبين {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ }الكهف110
يعني اتبعوني في البشرية اتبعوني في المشي اتبعوني في طريقة الكلام اتبعوني في التعامل مع الأنام اتبعوني في كل الأمور البشرية حتى في الأكل والشرب والمنام فإنَّ إتباعه صلي الله عليه وسلم يستوجب محبة الملك العلام {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} آل عمران31
الذي يتبع حبيب الله في كل ما ذكرناه يحبه الله والذي يحبه مولاه يا هناه يستجيب له الدعاء ويحقق له الرجاء ويكشف عنه كل بلاء ويجعله دوماً في الدنيا في خير ورخاء ويجعله في الآخرة مع السعداء يوم العرض والجزاء بمصاحبة سيد الرسل والأنبياء ويتفضّل عليه بعد ذلك بأن يكون جاره في جنة النعيم لأنه تابع النبي الرءوف الرحيم صلي الله عليه وسلم ولذلك قال الله لنا {وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}النور54
إذا أطعناه في ذلك اهتدينا لأصلح الطرق للعيش في الدنيا واهتدينا إلى أصّح الأسباب التي تُفتح بها كل كنوز الخير من الكريم الوهاب واهتدينا لأصّح الأمور التي نعيش بها في الدنيا في سرور وحبور
وإذا خالفنا هذا الهدى النبوي الكريم - مع أننا نصلي ونصوم ونقوم لله بالطاعات - فقد قيل: يا رسول الله إِنَّ فُلانَةَ تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ، وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ {لا خَيْرَ فِيهَا هِيَ فِي النَّارِ}[3]
وحذَّرنا الله من مخالفة هذا النبي فلا يخالفه إلا شقي فقال الله تعالى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }النور63
كل الفتن التي نحن فيها الآن وكل العذابات من عذاب الأمراض وعذاب الغلاء وعذاب البلاء وعذاب الشقاق وعذاب النفاق وعذاب الخلافات بين الناس سببها الأساسي هو مخالفة النبي وعدم الإتباع للنبي وعدم العمل بكتاب الله العلي على نهج النبي
تحدَّث النبي صلي الله عليه وسلم عما نحن فيه الآن فقال {أَلا إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ فَقُلْتُ: مَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا كَانَ قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ الَّذِي لا تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ وَلا تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسِنَةُ وَلا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ وَلا يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ وَلا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا{إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هَدَى إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[4]
[1]سنن الترمذي ومسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان [2] صحيح البخاري ومسند الإمام أحمد والبيهقي [3] أخرجه الحاكم في مستدركه والإمام احمد في مسنده والبيهقي في شعب الإيمان وإسحاق بن راهويه في سنده والبخاري في الأدب المفرد [4] سنن الترمذي والدرامي ومسند الإمام أحمد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...1&id=94&cat=15
منقول من كتاب [الأشفية النبوية للعصر]
اضغط هنا لتحميل الكتاب المنقول منه الموضوع مجاناً