بسم الله الرحمن الرحيم
العُجب بالنفس مرض خطير يُفضي إلى الكبر والذي بدوره يُفضي إلى طلب الزعامة والرياسة وحب الظهور.. والعُجب بالنفس والكِبر مرضان خطيران يُصيبان القلب ويسيطران عليه ويتحكمان فيه ويتولد عنهما الكثير من الأمراض، ويكفيه خطورة أن مَن اتصف بهما لا يدخل الجنة "لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" صحيح مسلم ح(247).
وكذلك فإن الله تعالى يصرفه عن الطاعة وعن الهداية يقول تعالى ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ (الأعراف: من الآية 146).
فالشخص المُعجب بنفسه قلما يرضخ للحق ويرضى به، وكثيرًا ما يزدري الآخرين ويستحقرهم ويُقلل من شأنهم يقول صلى الله عليه وسلم "الكبر بطر الحق وغمط الناس".
والكبر والعُجب بالنفس صفتان ذميمتان لا ينبغي لمسلم عادي، فضلاً عن داعية يحمل راية الدعوة أن يتصف بهما.
ولعل أخطر ما في الكبر والعُجب بالنفس من نتيجة هو إحساس صاحبه بالأولوية المطلقة للتصدر للمسئولية والقيادة والإلحاح في طلبها والحرص عليها، وقد يُبتلى الصف ببعض النماذج بدرجاتٍ متفاوتةٍ من تمكن المرض، فالبعض قد رأى في قدراته وإمكاناته، وبذله وتضحيته، ومواهبه، وعطاءاته للدعوة الأحقية في التصدر للقيادة وتحمل المسئولية والحرص عليها بل وطلبها في بعض الأحيان.
وهناك صنف قد اتخذ من اجتهاده في العبادة، وحرصه عليها، وتميزه بطاعاته واجتهاده فيها، بابًا للتعالي على من حوله فبدأ ينظر لهم من عليّ، ووضع نفسه في برجٍ عالٍ ينقُد من حوله ويتهمهم بالنفاق، وأنهم يقولون ما لا يفعلون، ويظن أنه هو الصواب دائمًا وأن غيره على خطأ، فلا يقبل النصح من الآخرين، أو التوجيه منهم.....
عن أبو موسى الأشعري- رضي الله عنه- قال: دخلتُ على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي، فقال أحدهما: يا رسول الله أمِّرنا على بعض ما ولاك الله عز وجل، وقال الآخر مثل ذلك. فقال: "إنا والله لا نولي هذا العمل أحدًا سأله أو أحدًا حرص عليه" (متفق عليه).
قال أبو حمزة الكسائي أحد القراء المشهورين: صليت بالرشيد فأعجبتني نفسي!!، فأخطأت في آية ما أخطأ فيها صبي قط!!
أردت أن أقول «لعلهم يرجعون» فقلت: لعلهم يرجعين..
قال: فو الله ما اجترأ هارون أن يقول لي اخطأت، ولكن لما سلمت قال: يا كسائي: أي لغة هذه؟
قلت: يا أمير المؤمنين، قد يعثر الجواد. قال: اما هذه فنعم.
اللهم أرزقنا الاخلاص في القول والعمل
وجنبنا الرياء والعجب وأرزقنا حسن الخاتمة ياذا الجلال والاكرام