حوار ***** مع رجل
]
كنت ذات مرة في إحدى الغابات
التي تتمتع بأجواء حباها الله
بالنسيم العليل والمناظر الخلابة
فراودتني غريزة الإنسان الفطرية
وهي حب الإستطلاع إلى ما وراء
هذا الأشجار والمسطحات الخضراء
فمشيت ومشيت مرة اذهب لليمين
ومرة للشمال ومرة انحني ومرة اقفز
حتى لاح لي وميض رجل قد شاب
واحدودب ظهره ولحيته مخضبة ففزعت
فقلت: السلام عليك يا رجل..!؟
فلم يجبني
فقلت من أنت:
فقال وهو مازال مطرقا :
أنا المدينة من في الكون يجهلني *** و من درى عني و ما شغلا
قلت:
لابد وأن للحديث معك متعة
فأخرجت من جيبي ورقة وقلت
هل تسمح بأن أجري معك لقاء خفيف كرقة هذا النسيم..
وبدأت أطرح عليه الأسئلة :
قلت: حدثنا..فقط حدثنا ؟
قال:
وما من يد إلا ويد الله فوقها *** ولا ظالم إلا سبيلى بظالم
قلت: أيهما أفضل العلم أم العقل؟
قال:
عِلم العِليم وعقل العاقل إختلفا *** أي الذي منهما أحرز الشرفا
فالعلم قال أنا أحرزت غايته *** والعقل قال أنا الرحمن بي عرفا
فأفصح العلم إفصاحا وقال له *** بأينا الله في فرقانه إتصفا
فبان للعقل أن العلم سيده *** فقبّل العقل رأس العلم وانصرفا
قلت: لقد أطلت في الإجابة كثيرا...
قال: كان لابد من التفنيد
قلت: ما رأيك في محاسن الأخلاق؟
قال:
تلك المكارم لا قعبان من لبن *** شيبا بماء فعاد بعد أبوالا
قلت: ما رأيك فـ الذي يريد النجاة وهو يلعب بالنار؟
قال:
ترجوا النجاة ولم تسلك مسالكها***إن السفينة لا تمشي على اليبسِ
قلت:
أراك وحدك وكأن الناس قد هجروك؟
قال:
أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا *** ليوم كريهة وسداد ثغر
قلت:
صف لي عظمة الخالق؟
قال:
تأمل في نبات الأرض وانظر *** إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصـات *** بأحداق هي الذهب السبيك
على كثب الزبرجد شاهدات *** بأن الله ليس له شريــكُ
قلت: آراك متعب ؟
قال:
أشكوا اللذين أذاقوني مودتهم *** حتى إذا أيقظوني للهوى رقدوا
واستنهضوني فلما سرت منتصبا *** بثقل ما حّملوني منهم قعدوا
قلت ما رأيك في النساء؟
قال:
إن النساء شياطين خُلقنا لنا *** نعوذ بالله من شر الشياطينا
قلت: ماذا ؟؟
قال:
إن النساء رياحين ٌ خلقنا لكم *** فلكم يشتهي شم الرياحينا
قلت: يبدوا أن سمعي في الغابات بدأ يضعف
فما رأيك فالذي لا يتزود بالإيمان الروحي ؟
قال:
تزود للذي لابد منه *** لأن الموت ميقات العباد
أترضى أن تكون رفيق قوم *** لهم زاد وأنت بغير زاد
قلت:
هل من الممكن أن يتكرر السلف الصالح ؟
قال:
حلف الزمان لايأتين بمثلهم *** حنثت يمينك يا زمان فكفرِ
قلت:
ما حال التقوى من الإنسان؟
قال:
إذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى *** تجرد عريانا ولو كان كاسيا
فخير الناس المرء طاعة ربه *** ولاخير فيمن كان لله عاصيا
قلت:
صف لي الصبر؟
قال:
الصبر كالصِبر مر في مذاقته *** لكن عواقبه أحلى من العسل
قلت:
ما رأيك في الناس ؟
قال:
الناس صنفان: موتى في حياتهم *** وآخرون ببطن الأرض أحياء
قلت:
هل الصمت أفضل من الكلام؟
فصمت
قلت: تكلم
قال:
تكلم واسرد ما استطعت فإنما *** كلامك حي والسكوت جماد
فإن لم تجد قولا سديد تقوله *** فصمتك عن غير السداد سداد
قلت:
إني أفتخرت بحسبي ماذا تقول؟
قال:
إذا افتخرت بآباء لهم حسب *** قلنا صدقت ولكن بئس ما ولدوا
قلت:
بمن يجب أن نقتدي؟
قال:
كن كالصحابة في زهد وفي ورع *** القوم هم مالهم في الناس أشباه
عباد ليل إذا جن الظلام بهم *** كم عابد دمعه في الدجى أجراه
قلت: ما رأيك في الكِبر؟
قال:
تواضع تكن كالبدر لاح لناظر *** على سطحات البحر وهو رفيع
ولا تكن كالدخان يعلو بنفسه***على صفحات الجو وهو وضيع
قلت: هل ينفع الجميل..في الجماد ؟
قال:
اصنع جميل ولو في غير موضعه *** فلن يضيع جميل أينما زرع
إن الجميل وان طال الزمان به *** فليس يحصده إلا الذي زرعه
تقبلوا إهدائي / صــــــلاح شاهين