عروة بن الزبير رضي الله عنهما
بسم الله الرحمن الرحيم
رب اشرح لي صدري ويسر لي امري
هو عروة بن الزبير بن العوام, وأبوه ( أحد العشرة المبشرين بالجنة , وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأول من سلّ سيفا في الاسلام) وأمه الطاهرة المطهرة ذات النطاقين السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين, وخالته أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها, وجدة أبيه السيدة صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها عمة النبي صلى الله عليه وسلم
وكما ورد في كتب السِّيَرْ, أنه وبالقرب من الركن اليمانى جلس أربعة فتيان , كرام الحسب والنسب هم
عبدالله بن الزبير،واخويه مصعب وعروة وعبد الملك بن مروان
وكعادة الأحاديث التي تدور بين الفتيان بمثل هذه السن لا اخرج عن أحلام المستقبل, ثم ما لبث أن قال أحدهم : ليتمنى كل منا على الله ما يُحب
فقال عبدالله بن الزبير :أمنيتى أن أملك الحجاز وأنال الخلافة
وقال أخوه مصعب :أما أنا فأتمنى أن أملك العراقين فلا ينازعنى فيهما منازع.
وأما عبد الملك بن مروان فقال:إذا كنتما تقنعان بذلك فأنا لاأقنع إلا بأن أملك الأرض كلها وأن أنال الخلافة بعد معاوية
وسكت عروة بن الزبير فلم يقل شيئا , فالتفتوا إليه وقالوا:وأنت ماذا تتمنى يا عروة؟
فقال بارك الله لكم فيما تمنيتم من أمر دنياكم, أما أنا فأتمنى أن أكون عالما عاملا يأخذ الناس عنى كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وأحكام دينهم وأن أفوز فى الآخرة برضى الله وأحظى بجنته
وتدور الأيام دورتها ويحقق كل مُتمني منهم أمنيته, واذا بعبد الملك بن مروان تؤول اليه الخلافة بعد موت أبيه, وتجتمع عليه كلمة المسلمين, فيبايعوه كخليفة بعد موت أبيه, أما عبد الله بن الزبير فيُبايع له أيضا بالخلافة كأمير على مكة المكرمة خلفا ليزيد بن معاوية.
فيحكم الحجاز ومصر واليمن وخراسان والعراق ثم يـُقتل عند الكعبة غير بعيد من المكان الذى تمنى فيه ما تمنى على يد الحجاج بن يوسف الثقفي والذي صلبه على جدار الكعبة وكان له من العمر سبعون عاما, والحجاج لمن لا يعلم كان يعمل تحت أمرة عبد الملك بن مروان حاكم المدينة المنورة, على حين مصعب بن الزبير يتولى أمرة العراق بعد مقتل أخيه
عبدالله ويقتل هو الآخر دون ولايته
أما عروة بن الزبير موضوع بحثنا فهو من اختار العلم على المنصب والولاية
ولد عروة لسنة واحدة قبل مقتل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعام واحد, أي سنة 22 للهجرة المباركة, فى بيت من أعز بيوت المسلمين شأنا وأرفعها مقاما
ولكى يحقق عروة أمنيته التى تمناها عند الكعبة المعظمة أكبّ على طلب العلم , واغتنم البقية الباقية من الصحابة رضوان الله عليهم, فطفق يؤمُهم فى بيوتهم ويُصلى خلفهم ويتتبـَّع مجالسهم , وروى عن على بن أبى طالب وعبد الرحمن بن عوف وزيد بن ثابت وأبى أيوب الأنصارى وأسامة بن زيد وعبدالله بن عباس والنعمان بن بشير رضوان الله عليهم أجمعين
وأخذ كثيرا عن خالته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها, حتى غدا أحد فقهاء المدينة السبعة الذين يشهد المسلمون لهم فى دينهم
وقد جمع عروة بين العلم والعمل فكان صواما فى الهواجر, قواما فى العتمات, رطب اللسان دائما بذكر الله،وكان إلى ذلك عاكفا على تلاوة كتاب الله عزوجل, فكان يقرأ ربع القرآن كل نهار نظرا فى المصحف, ثم يقوم به الليل تلاوة عن ظهر قلب
ولقد ظل عروة بن الزبير رضي الله عنه للمسلمين منارة هدى ودليل فلاح ودعاية خير طوال حياته
ولقد اهتم كثيرا بتربية أولاده خاصة , وسائر أبناء المسلمين عامة , ومن ذلك أنه دأب على حض بنيه على طلب العلم, إذ كان يقول لهم يا بنىِ تعلموا العلم فإنكم إن تكونوا صغار قوم فعسى الله أن يجعلكم بالعلم كبرائهم ؛ثم يقول:وا سؤاتاه هل فى الدنيا شىٌ أقبح من شيخ جاهل
كما كان يدعوهم إلى عد الصدقة هدية تهدى لله عز وجل فيقول:
يا بنى لا يهدين أحدكم إلى ربه ما يستحى أن يهديه إلى عزيز قومه فإن الله تعالى أعز الأعزاء و أكرم الكرماء وأحق من يختار له
احدى وسبعون عاما عاشها عروة بن الزبير رضي الله عنهما , مترعة بالخير , حافلة بالبر مكللة بالتقى, ولما جاءه الأجل أدركه وهو صائم, ولقد ألح عليه أهله أن يفطر فأبى
لقد نال عروة شطر أمنيته المتعلق بأن يكون عالم عامل يأخذ الناس عنه دينهم , ونتمنى على الله الكريم الذى حقق امنيته فى الدنيا , أن يكمل له شطرها فى الآخرة بالرضى عنه والفوز بجنته سبحانه وتعالى.
فرضي الله عن عروة ووالديه وجده وخالته وجدة أبيه وأخوية عبد الله ومصعب وعن كافة الصحابة وصلى الله وسلم وبارك على من رباهم
04-24-2012, 05:14 PM
عروة بن الزبير رضي الله عنهما
رد: عروة بن الزبير رضي الله عنهما
